القضاء التونسي يمنع الغنوشي من السفر في قضية «الاغتيالات السياسية»

راشد الغنوشي (غيتي)
راشد الغنوشي (غيتي)
TT

القضاء التونسي يمنع الغنوشي من السفر في قضية «الاغتيالات السياسية»

راشد الغنوشي (غيتي)
راشد الغنوشي (غيتي)

استنكرت حركة النهضة التونسية قرار القضاء، أول من أمس، حظر السفر على 34 شخصاً في قضية تتعلق باغتيال معارضين سياسيين، وعلى رأسهم رئيس الحركة راشد الغنوشي، مؤكدة أنها لم تتلقَّ أي إعلام بصدور قرار منع السفر في حقه، وأن الغنوشي لا ينوي السفر للخارج، رغم ما تلقاه من دعوات كثيرة للمشاركة في أكثر من تظاهرة دولية، ومنها منتدى دافوس الأخير، بصفته رئيساً للبرلمان التونسي.
ويقاضى المتهمون بتهم التستر، والحصول على ملفات وأدلة تدين أشخاصاً في عملية اغتيال المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، وقد فتحت السلطات القضائية التحقيق في هذه القضية في يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي القضية التي باتت تعرف في الأوساط السياسية التونسية بـ«الجهاز السري» للحركة حينما كانت تقود الحكم بعد انتخابات 2011. وحرّكت أحزاب معارضة من تيار اليسار هذه القضية ضد النهضة بعد اتهامها بإدارة هذا الجهاز بشكل سري وباختراق أجهزة الدولة والتورط في اغتيالات سياسية، وهو ما ظلت تنفيه الحركة باستمرار.
وخلف قرار المحكمة، أمس، جدلاً واسعاً بين مؤيدي «النهضة» ومنافسيها من الأحزاب اليسارية، التي تتهم قيادات «النهضة» بالضلوع في عمليات الاغتيال السياسي، وتسفير الشباب التونسي إلى بؤر الإرهاب. وفي هذا السياق، قال عبد المجيد بلعيد، شقيق القيادي اليساري شكري بلعيد الذي اغتيل في السادس من فبراير (شباط) 2013، إن منع السفر على الغنوشي و33 آخرين «يمثل بداية شفاء القضاء التونسي... ومؤشراً إيجابياً لتحقيق العدالة، لكنه لا يعد كافياً، إذ من الضروري التأكد من مواصلة بقية الإجراءات القانونية».
من ناحيتها، طالبت مباركة عوينية، أرملة القيادي محمد البراهمي، بمنع سفر المطلوبين في ملف الجهاز السري، الذي لا يزال محل متابعة من قبل القضاء التونسي، ومراقبة تحركاتهم، ودعت الجهات الرسمية لاتخاذ إجراءات صارمة حتى لا يغادروا التراب التونسي.
يذكر أن هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، اللذين تعرضا للاغتيال خلال فترة حكم حركة النهضة، سبق أن أكدت في مناسبات كثيرة أن ملف الجهاز السري للحركة تم تقسيمه إلى ستة ملفات «بهدف تشتيت الحقيقة، وإنهاك الجهود التي تبذلها هيئة الدفاع». كما اتهمت هشام الفراتي، وزير الداخلية السابق، وعدداً من القيادات الأمنية بـ«التواطؤ وإبطاء الكشف عن ملف الجهاز السري» للحركة.
في المقابل، أكدت حركة النهضة، أمس، أن الغنوشي «يبقى على ذمة القضاء العادل والمستقل في كل وقت وحين، لإيمانه بأن ملف الجهاز السري المزعوم مُركب ومُلفق»، من قبل ما وصفتها بـ«هيئة الخراب وتزييف الحقائق»، في إشارة إلى هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي. كما حذرت من «الضغوط المتواصلة على الجهاز القضائي من قبل الرئيس قيس سعيد التي تنتهك بلا هوادة السلطة القضائية»، على حد قولها. كما أكدت «النهضة» أن ما تتعرض له هو «عملية ممنهجة لإلهاء الرأي العام، وصرفه عن الاهتمام بالمشاغل الحقيقية، وحدة الأزمة السياسية والاقتصادية، وواقع الاحتقان الاجتماعي، والتغطية على العجز عن تحسين الأوضاع المعيشية».
على صعيد آخر، أكدت «اللجنة الأوروبية للديمقراطية عن طريق القانون»، المعروفة باسم «لجنة البندقية»، في تقرير صدر أول من أمس، حول تنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات، أن هذا القانون «غير متطابق مع دستور 2014، ومع الأمر الرئاسي 117 لسنة 2021، ولا مع المعايير الدولية»، وهو ما خلف جدلاً سياسياً واسعاً حول مستقبل خارطة الطريق، التي أعلنها الرئيس خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقالت اللجنة، التي تعد أهم جهاز استشاري لدى مجلس أوروبا حول القضايا الدستورية، في ردها على طلب مستعجل من بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، حول مدى تطابق قرارات الرئيس سعيّد بخصوص تنظيم استفتاء وتنقيح القانون المحدث لهيئة الانتخابات مع الدستور والإطار التشريعي، إنّ إلغاء المرسوم 22 لسنة 2022 المنقّح لتركيبة هيئة الانتخابات ضروري من أجل شرعية ومصداقية أي انتخابات أو استفتاء في تونس.
وأورد التقرير أنه بقطع النظر عن مدى شرعية إجراء تنقيحات على الدستور خارج الأطر المنصوص عليها في دستور 2014، أو الجزء المفعّل منه، فإنّه «ليس من الواقعية في شيء تنظيم استفتاء يتمتّع بالمصداقية والشرعية، في غياب قواعد واضحة وموضوعة مسبقاً، وفي غياب نصّ الدستور الجديد الذي سيطرح على الاستفتاء».
وفي حال رفض الدستور المقترح، فإن دستور 2014 سيبقى ساري المفعول إلى غاية تنقيح محتمل من البرلمان الجديد، مع ضرورة تكليف التركيبة السابقة لهيئة الانتخابات بالإشراف على الاستفتاء.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

أكبر حزب معارض يدعو إلى «وقف التسيير الأحادي لشؤون الجزائر»

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
TT

أكبر حزب معارض يدعو إلى «وقف التسيير الأحادي لشؤون الجزائر»

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)

دعا حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض في الجزائر، إلى ما وصفه بـ«وضع حد للتسيير الأمني والأحادي لشؤون البلاد، والانخراط في عملية إصلاحات كبرى، قادرة على ضمان الديمقراطية السياسية، والتنمية الاقتصادية والازدهار الاجتماعي»، حسب ما أورده تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، اليوم السبت. وقال الأمين الوطني الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، يوسف أوشيش، خلال دورة استثنائية للمجلس الوطني، السبت، إنه «بات من الضروري تغيير المقاربات في ظل التغيرات الجيوستراتيجية الكبرى، التي يشهدها العالم»، داعياً إلى «تحديد مشروع وطني واضح وطموح، وإشراك جميع القوى الحية في البلاد فيه».

وأضاف أوشيش موضحاً أن ذلك يتم عبر «تبني وتشجيع الحوار، مع الاستعداد الدائم لتقديم التنازلات، وتشكيل التوافقات من أجل الحفاظ على البلاد، وتعزيز وحدتها وتماسكها». واستطرد ليؤكد أن الاستقرار الحقيقي «لن يتحقق إلا من خلال تسيير سياسي حكيم، يعتمد على بناء إطار ديمقراطي، قادر على بعث الثقة وحماية المصلحة العليا للأمة. فهذا هو الحصن الأقوى ضد كل محاولات تقويض سيادتنا وتهديد وحدتنا الترابية».

يوسف أوشيش خلال حملته للانتخابات الرئاسية (حملة المترشح)

في سياق ذلك، ذكر أوشيش أن التسيير الأمني لشؤون المجتمع، بحجة الحفاظ على النظام العام، لن يؤدي إلا إلى «إضعاف أسس المجتمع الجزائري، وتغذية مناخ الشك، والخوف والانقسام، إذ تعلمنا التجارب أن سياسات الغلق تولد التوترات، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى أزمات اجتماعية وسياسية أكثر خطورة». وعلق أوشيش، المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية التي جرت بتاريخ السابع من سبتمبر (أيلول) الماضي على الأحداث المتسارعة في سوريا، بالقول: «يجب أن تشكل درساً لنا، وتذكرنا بحقيقة ثابتة غير قابلة للتأويل، وهي أن قوتنا تكمن في وحدتنا، ومدى قدرتنا على بناء منظومة قوية ومستقلة، تمكننا من حماية أنفسنا من هذه التحولات الجيوسياسية الكبرى الماثلة أمام أعيننا»، داعياً مسؤولي البلاد وجميع القوى الحية في المجتمع إلى تعزيز المؤسسات، وتطوير الاستقلالية الاستراتيجية، وضمان الاستقرار والسلم الداخلي من خلال حوكمة عادلة، شاملة ومسؤولة، مع «الانخراط في ورشة كبيرة للسيادة والقدرة الدائمة على التكيف».

وانتقد أوشيش ما وصفه بـ«نقاشات سامة وخبيثة»، مؤكداً أنه «تقع على عاتق السلطة مقاومة كل الإغراءات السلطوية، كما تقع أيضاً على عاتق المجتمع بأسره محاربة شياطين الانقسام والتفرقة»، معتبراً أن إقالة محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، «لا تعد ذا أثر كبير، ما لم تعقبها إعادة نظر في القوانين العضوية، وفي النصوص المؤطرة للحياة السياسية بصفة عامة، وللعملية الانتخابية بصفة خاصة، لإضفاء المصداقية على العملية الانتخابية، ولاستعادة الثقة فيها، وضمان مشاركة مواطناتية فعلية».