هل تشهد سوريا تصعيداً عسكرياً من «ثلاث جبهات»؟

(تحليل إخباري)

سوريون «يشوون» القمح في بنش بريف إدلب شمال غربي سوريا في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
سوريون «يشوون» القمح في بنش بريف إدلب شمال غربي سوريا في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
TT

هل تشهد سوريا تصعيداً عسكرياً من «ثلاث جبهات»؟

سوريون «يشوون» القمح في بنش بريف إدلب شمال غربي سوريا في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
سوريون «يشوون» القمح في بنش بريف إدلب شمال غربي سوريا في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)

ثلاثة مؤشرات تدل على احتمال حصول تصعيد عسكري في أكثر من جبهة في سوريا. فالثبات في خطوط التماس بين مناطق النفوذ السورية الثلاث، المستمر منذ أكثر من سنتين، مهدد بجولات جديدة من النيران. والتهديد ليس آتياً من القوى المحلية، بل إنه قادم من الخارج، وتحديداً من الدول المجاورة لسوريا.
لقد أطلقت الحرب الروسية في أوكرانيا، بالفعل، حسابات جديدة في سوريا. فالاعتقاد بأن موسكو ستكون مشغولة عسكرياً في معاركها الميدانية والسياسية في الداخل والخارج، أطلق سباقاً إقليمياً لـ«ملء الفراغ» الروسي في ثلاثة اتجاهات.
الأول، بين إسرائيل وإيران، إذ إن طهران كثفت جهودها العسكرية والسياسية والاقتصادية باتجاه مناطق الحكومة السورية، ووقعت اتفاقات وقدمت خط ائتمان مالياً لدمشق. ونشرت ميليشياتها وتنظيمات في الأماكن التي انسحبت أو قد تنسحب منها عناصر روسية. أيضاً، وضعت عينها على فصائل سورية كانت تدعمها قاعدة حميميم، بعد تراجع التمويل والرواتب الشهرية، كما أنها صعدت من حملاتها لتقديم الأسلحة إلى فصائل سورية و«حزب الله»، عبر خطوط إمداد تقليدية وأخرى جديدة، سواء كانت برية أم جوية.
وأطلق هذا الأمر جولة جديدة من «الحرب الخفية» بين تل أبيب وطهران في سوريا. روسيا حاولت لعب دور الموازن بين المتحاربين، ولوّحت بمنظومة صواريخ «أس 300» ضد مقاتلات إسرائيلية بعد تنفيذها غارات في سوريا في 13 من الشهر الماضي، لكن لا شك في أن التوازن الذي نجحت موسكو بإدارته بين طهران وتل أبيب، هو اليوم عرضة للخروج عن السيطرة، خصوصاً إذا استعر السباق وزاد الانطباع بـ«الغرق الروسي في المستنقع الأوكراني».
الثاني، بين تركيا والأكراد. «الحرب الخفية» الإيرانية - الإسرائيلية ليست جديدة، كما هو الحال مع الجهود التركية المتكررة لـ«تقطيع أوصال» أي كيان كردي جنوب الحدود وشمال سوريا. في نهاية 2016، قايضت أنقرة التخلي عن شرقي حلب مقابل إقامة منطقة «درع الفرات» لقطع الرابط بين أكراد شرق نهر الفرات وغربه. وفي بداية 2018، شنت بضوء أخضر روسي عملية «غصن الزيتون» في عفرين، لمنع وصول الأكراد إلى مياه البحر المتوسط. وفي نهاية 2019، قطعت أوصال الكيان الكردي شرق الفرات، بإقامة منطقة «نبع السلام»، بتفهم من الرئيس دونالد ترمب.
الرئيس رجب طيب إردوغان سعى مرات عدة لإقامة «منطقة آمنة» بعمق 30 كلم على طول حدود تركيا، كما سعى لربط الجيوب التركية الثلاثة شمال سوريا. لكنه لم يحصل على دعم أميركي أو روسي. وفي بعض الأحيان، قوبلت توجهاته بتهديدات من واشنطن أو موسكو.
الآن، هناك شيء تغيّر. الحرب الأوكرانية عززت من الدور التركي. أنقرة حاجة روسية لفك العزلة الغربية من البوابة التركية، وضرورة لـ«حلف شمال الأطلسي» لقبول عضوية السويد وفنلندا. وعليه، وضع إردوغان موضوع «المنطقة الآمنة» على مائدة المفاوضات والمقايضات المباشرة وغير المباشرة، وسخن عسكرياً جيشه وفصائل سورية موالية. وفي حال انطلقت عملية عسكرية تركية جديدة، سواء شرق الفرات أو شمال حلب، فإن الخطوط العسكرية ستتغير شرق سوريا، وقد تفتح الأبواب على مصير هدنة إدلب. كما يطرح أي عمل عسكري تحديات سياسية بين أنقرة وواشنطن قبل قمة «الناتو» الشهر المقبل.
الثالث، بين الأردن وميليشيات إيرانية. لا شك أن عمان كانت بين الأكثر حماساً للتطبيع مع دمشق، على جميع المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية. فالأردن مقتنع بالواقع الجديد، وهو أن روسيا جارة والنظام باق. وكان هناك رهان على أن التطبيع سيخفف حملات المخدرات والتهريب عبر الحدود. وكان الأردن يراهن أيضاً على التمدد الروسي على حساب التوغل الإيراني. لكن الأسابيع الأخيرة شهدت تغييراً في الحسابات. وهذا ما يقوله المسؤولون الأردنيون في السر والعلن. هناك قناعة، بتراجع عسكري روسي جنوب سوريا وعلى تخوم الأردن، ومحاولة علنية لتقدم إيراني.
الجديد خروج هذا إلى العلن. الأيام الأخيرة شهدت تصريحات أردنية تتحدث عن «تصعيد محتمل» على الحدود الشمالية، وبيانات عن إحباط محاولات لتهريب المخدرات وتطبيق «قواعد اشتباك» جديدة تتضمن استخدام النيران الفوري ضد المهربين. هنا، كان لافتاً تصريح المتحدث باسم الجيش الأردني، مصطفى الحياري، لقناة رسمية، بـ«إننا نواجه حرباً على هذه الحدود. حرب مخدرات. التنظيمات الإيرانية، هذه التنظيمات هي أخطر لأنها تأتمر بأجندات خارجية وتستهدف الأمن الوطني الأردني».
المعلوم سابقاً، أن الجيش الأردني شن غارات ضد شبكات المخدرات داخل الأراضي السورية، لكنه لم يعلن عنها كي لا يصعّد مع دمشق. وأغلب الظن أن التصريحات الأردنية الأخيرة مؤشر لمرحلة جديدة من الانخراط الأردني في الصراع، ولدور محتمل قد تلعبه القاعدة الأميركية في التنف، في مثلث الحدود السورية - الأردنية - العراقية.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.