ليبيون يخشون «فوضى سياسية» بعد انتهاء مهلة «خريطة الطريق»

سياسيون تحدثوا عن سيناريوهات ما بعد 22 يونيو

جانب من المحادثات الليبية التي استضافتها القاهرة الأسبوع الماضي (البعثة الأممية)
جانب من المحادثات الليبية التي استضافتها القاهرة الأسبوع الماضي (البعثة الأممية)
TT

ليبيون يخشون «فوضى سياسية» بعد انتهاء مهلة «خريطة الطريق»

جانب من المحادثات الليبية التي استضافتها القاهرة الأسبوع الماضي (البعثة الأممية)
جانب من المحادثات الليبية التي استضافتها القاهرة الأسبوع الماضي (البعثة الأممية)

عززت الانقسامات السياسية في ليبيا التساؤلات وزادت من المخاوف حول مستقبل السلطة بالبلاد بعد تاريخ 22 يونيو (حزيران) وهو موعد انتهاء خريطة الطريق الأممية التي نتجت عن «ملتقى الحوار السياسي»، وبالتبعية انتهاء مهمة حكومة «الوحدة» المنبثقة عنه.
بعض السياسيين الليبيين يرون امتلاك البعثة الأممية في ليبيا الحل لهذا المأزق بالنظر إلى ما تم إنجازه بمباحثات القاهرة بين فريقي مجلسي النواب والأعلى للدولة، لكن هناك من يستبعد حدوث أي تطور مهم خلال المدة المتبقية على حلول هذا الموعد ويتوقعون مزيداً من الفوضى السياسية، ويرجعون ذلك لغياب التوافق المحلي والدولي الساعي لإيجاد حل حقيقي.
وفي هذا السياق قال عضو مجلس النواب الليبي، رمضان شمبش، إن عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» متشبث بالسلطة رغم انتهاء صلاحية حكومته في الـ24 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي يبرر موقفه بعدم وجود سلطة منتخبة يسلم لها مهامه.
وأوضح شمبش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الدبيبة يتحدث عن إجراء انتخابات في شهر يونيو المقبل؛ ولكن للآن لا توجد ملامح على الأرض تبرهن مصداقية ما يطرحه»، متابعاً: «الجميع يدرك أن إجراء الانتخابات خلال تلك الفترة المتبقية أمر ليس سهلاً على الإطلاق لأسباب عدة في مقدمتها الأوضاع الأمنية».
وأكمل: «مع تجاوز هذا الموعد سوف تستمر الأوضاع على ما هي عليه دون جديد، في ظل وجود حكومتين الأول في طرابلس، والثانية بقيادة باشاغا في سرت».
وحول الطرح المتداول بإيجاد حكومة ثالثة مصغرة تحظى بالشرعية والتوافق بعيداً عن خلافات حكومتي الباشاغا والدبيبة، قال شمبش: «هذا الحديث متداول إعلامياً، ولكن لم يتم طرحه علينا خلال اجتماعات القاهرة التي استضافت وفدي مجلسي النواب والأعلى للدولة للنقاش حول المسائل الدستورية الأسبوع الماضي والتي تركزت على مناقشة المواد الخلافية بمسودة الدستور».
عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس، لم يبتعد بدوره عن الطرح السابق بتوقع استمرار الوضع على ما هو عليه دون تغيير، «خصوصاً في ظل تمسك البعثة الأممية بأن تكون هي البوابة الوحيدة لطرح أو تنفيذ أي حل للأزمة الليبية».
وقال كرموس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» البعثة رفضت الاعتراف بشرعية حكومة «الاستقرار» رغم كونها نتاج توافق ليبي - ليبي محض بين مجلس الأعلى للدولة والبرلمان، وحصولها أيضاً على ثقة الأخير، ودعت بالمقابل المجلسين للانخراط باجتماعات حول المسار الدستوري احتضنتها بالقاهرة على مدار جولتين حتى الآن، وفيما يتعلق بالاتجاه لحكومة ثالثة مصغرة، قال هذا «طرح سياسي وقد لا يجد طريقه للتطبيق، ففي الشرق والجنوب سيتم التمسك بحكومة باشاغا».
وتابع: «أما العاصمة فقد باتت تحت سيطرة الدبيبة الذي نجح في استقطاب أغلب التشكيلات المسلحة وعدد من الشخصيات السياسية داخلها، وبالتالي سيرفض المقترح من قبل هؤلاء؛ ولن يصعب على الدبيبة حينذاك تصوير الأمر كأنه رفض شعبي، ويستمر بالسلطة».
وقلل كرموس مما يطرحه البعض حول وجود ضغط دولي على محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، قد يؤدي إلى إجباره على التوقف عن دعم حكومة الدبيبة والتشكيلات المسلحة بالعاصمة بالأموال، وهو ما قد يدفع الدبيبة لتسليم السلطة، وقال: «الكبير حريص على الإبقاء على الدبيبة بموقعه على رأس السلطة التنفيذية، فهو لا يضمن أن يأتي رئيس حكومة جديد يتطلع للحد من نفوذه كمتصرف أوحد بأموال الدولة الليبية دون أي رقابة».
بدوره توقع وكيل وزارة الخارجية الأسبق، حسن الصغير، عدم حدوث أي تغير مهم قبل حلول موعد انتهاء خريطة الطريق أو بعد تجاوزه، وقال: «حين نتطرق للحديث عن أزمة السلطة، لا بد أن نوجد البديل المقنع للداخل أولاً ثم الخارج وهذا البديل غير موجود حتى اللحظة».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الانتخابات مستبعدة بسبب الانقسام السياسي واجتماعات القاهرة لم تقترب من النقاط الملغمة التي تتفجر عندها التوافقات»، لافتاً إلى أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» فايز السراج استمر خمس سنوات بالحكم «رغم أنه لم يحظ بتنسيق كبير مع التشكيلات المسلحة بالعاصمة على غرار ما يحظى به الدبيبة حالياً، ما يتوقع معه بقاء الرجل لأمد طويل».
أما زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة «جونز هوبكنز» الليبي حافظ الغويل، فيرى بالمثل أنه من الصعب التعويل على التوافق المعلن باجتماعات القاهرة لإحداث تغيير بالمشهد قبل الـ22 من يونيو المقبل. وقال الغويل لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتوقع قيام المجلسين بالتوقيع على شهادة وفاتهما بأنفسهما عبر دعم إجراء الانتخابات».
وكانت المستشارة الأممية قد أعلنت أن اجتماعات اللجنة المشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة بالقاهرة توافقت مبدئياً حول 137 مادة بالأبواب المتعلقة بالحقوق والحريات وأيضاً البابين الخاصين بالسلطة القضائية والتشريعية باستثناء عدد قليل من المواد، وانتهى الغويل بالقول: «للأسف ليبيا قد تستمر بالفوضى بغض النظر عن أي مسار سياسي تقوم به الأمم المتحدة أو الأطراف الليبية أو حتى واشنطن».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.