لبنانيون «يبتاعون حريتهم» بشراء جوازات سفر وإقامات أجنبية

صاحب أحد مكاتب الإقامة والحصول علي الجنسية يعرض أحد الإعلانات لجوازات السفر في بيروت (أ.ف.ب)
صاحب أحد مكاتب الإقامة والحصول علي الجنسية يعرض أحد الإعلانات لجوازات السفر في بيروت (أ.ف.ب)
TT

لبنانيون «يبتاعون حريتهم» بشراء جوازات سفر وإقامات أجنبية

صاحب أحد مكاتب الإقامة والحصول علي الجنسية يعرض أحد الإعلانات لجوازات السفر في بيروت (أ.ف.ب)
صاحب أحد مكاتب الإقامة والحصول علي الجنسية يعرض أحد الإعلانات لجوازات السفر في بيروت (أ.ف.ب)

فقدَ جاد، اللبناني الذي يعمل مديراً تنفيذياً في دبي، الأمل في إمكانية العودة إلى بلاده جراء الانهيار الاقتصادي وملّ من الانتظار طويلاً للحصول على تأشيرات لرحلات عمله، فما كان منه إلا أن دفع 135 ألف دولار لشراء جواز سفر أجنبي.
وبعد شهر واحد، تلقى طرداً يحتوي على جوازَي سفر له ولزوجته صادرَين عن جزيرة سانت كيتس ونيفيس في الكاريبي.
وبات بإمكان جاد وزوجته السفر إلى أكثر من 150 دولة، بينها أوروبا، من دون الحاجة إلى استصدار تأشيرات دخول.

وتعد الوثيقة الجديدة نقلة نوعية في حياة جاد، إذ إن مؤشر «هينلي» لجوازات السفر صنّف جواز السفر اللبناني بين الأسوأ في العالم من ناحية سهولة الحصول على تأشيرات. كما أنه بات من شبه المستحيل اليوم تجديد جواز السفر بسبب نفاد المخزون ونقص التمويل، في بلد يشهد أزمة اقتصادية خانقة منذ خريف عام 2019.
ويقول جاد، الذي طلب عدم استخدام اسم عائلته للحفاظ على خصوصيته: «قبل ثلاث سنوات، لم أكن لأتخيل أنه من الممكن أن أشتري جواز سفر. لكن الآن وجراء الوضع في لبنان ولأننا يمكننا تحمل الكلفة، قمنا أخيراً بذلك».
وأطلقت جزيرة سانت كيتس ونيفيس، التي لا يتجاوز عدد سكانها 55 ألفاً، برنامج بيع جوازات السفر بعد عام واحد فقط من حصولها على الاستقلال في 1983، ويحتل جواز سفرها المرتبة 25 على مستوى العالم، وفق مؤشر «هينلي» الذي يصنّف الجوزات حسب إمكانية الوصول التي توفرها لحامليها.
وتجذب برامج شراء الجنسيات أثرياء يتحدرون من دول تشهد أزمات أو تُفرض عليها عقوبات اقتصادية مثل العراق واليمن وسوريا وأخيراً لبنان.

ويسارع لبنانيون كثر اليوم من أصحاب الثروات، وغالبيتهم يعملون أو يستثمرون في دول خليجية أو أفريقية، إلى شراء جوازات سفر أو الحصول إلى إقامات في دول أجنبية بعدما فقدوا الأمل في خروج لبنان في أي وقت قريب من الانهيار الاقتصادي العاصف.
وتسبب الانهيار بموجة هجرة واسعة. ولأشهر عدة، لم تهدأ الطوابير التي كانت تبدأ بالتشكل عند ساعات الفجر أمام مراكز الأمن العام الذي أعلن الشهر الماضي التوقف عن إصدار جوازات سفر لأن المخزون شارف على الانتهاء.
وطلبات شراء جوازات السفر في ازدياد خصوصاً إلى جزر الكاريبي لأن باستطاعة الراغبين تحصيلها خلال أشهر قليلة مقابل مبلغ مالي من دون أن يضطروا حتى إلى زيارة بلدهم الجديد.

ويروي جاد أنه حين سافر إلى باريس للمرة الأولى بوثيقته الجديدة «نظر الموظفون في المطار إلى جواز سفري وقالوا لي إني آتٍ من (بلد جميل)».
ويضيف: «لكني في الحقيقة لم أذهب يوماً إلى هناك».
وليس جاد وحده، بل يتسوق أصدقاؤه أيضاً لاختيار «جوازات سفر من الجزر»، ومنهم من يبحث في إمكانية الاستثمار في دول أوروبية مثل اليونان والبرتغال مقابل الحصول إلى إقامة دائمة.
ويقول جاد: «ما يحصل ليس مجرد منحى عام بل إنه الحل».
وعادةً ما يكلف جواز السفر الواحد 150 ألف دولار تُدفع على شكل هبة لصندوق النمو المستدام في بلد نصب أولى إشارات المرور في عاصمته في 2018. وتبيع جزر أخرى في الكاريبي أيضاً جوازاتها مثل غرينادا وأنتيغوا وباربودا ودومينيكا.
أما في لبنان، حيث بات أكثر من ثمانين في المائة من السكان تحت خط الفقر، فقلة فقط بإمكانها شراء جوازات سفر أجنبية.

وخلال العامين الماضيين، ازدهر عمل الشركات المتخصصة في تقديم استشارات في مجال جوازات السفر، وكثرت إعلاناتهم إن كان عبر لوحات دعائية، حتى داخل المطار، أو رسائل هاتفية.
وفي 2020 حوّل زياد كركجي شركة العقارات التي يملكها إلى شركة «غلوبال باس» لاستشارات جوازات سفر. ويقول: «ازدهر عملنا بنسبة لا تقل عن أربعين في المائة بين 2020 و2021».
وجراء الانهيار الاقتصادي ثم انفجار مرفأ بيروت في 2020، ارتفع بخمسة أضعاف عدد الزبائن اللبنانيين لشركة الاستشارات السويسرية «ليغاسي» التي يعمل فيها خوسيه شارو.
وبات اللبنانيون يشكلون ربع زبائن الشركة، التي يدير شارو فرعها في بيروت.

وإن كان الزبون يرغب في حل يتيح له الحصول بسهولة على تأشيرة مستثمر في الولايات المتحدة، وفق شارو، فمن الأفضل الحصول على جنسية جزيرة غرينادا.
أما بالنسبة للراغبين بالتقاعد أو الاستقرار في الخارج، ينصحهم شارو باستثمار نحو ربع مليون دولار مقابل إقامة دائمة في اليونان أو البرتغال.
ويقول: «هذا القطاع سيواصل ازدهاره، لسوء الحظ بالنسبة للبلد ولكن لحسن حظنا نحن». ويضيف أن اللبنانيين «يشترون حريتهم».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الجولاني: وضع سوريا «لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة»

قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع المكنى أبو محمد الجولاني (أ.ف.ب)
قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع المكنى أبو محمد الجولاني (أ.ف.ب)
TT

الجولاني: وضع سوريا «لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة»

قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع المكنى أبو محمد الجولاني (أ.ف.ب)
قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع المكنى أبو محمد الجولاني (أ.ف.ب)

ندد قائد «هيئة تحرير الشام» التي تولت السلطة في سوريا بعد سقوط بشار الأسد، السبت، بتوغل القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد، مع تأكيده أن الوضع الراهن «لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة».

و قال أحمد الشرع، المعروف بأبو محمد الجولاني، السبت، إن إسرائيل تستخدم ذرائع واهية لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه أوضح أنه ليس معنياً بالدخول في صراعات جديدة، حيث تركز البلاد على إعادة البناء بعد نهاية عهد بشار الأسد.

ويقود الشرع جماعة هيئة تحرير الشام التي أطاحت بالأسد من السلطة الأسبوع الماضي، مما أنهى حكم عائلة الأسد التي حكمت البلاد بقبضة من حديد على مدار خمسة عقود.

وعقب الإطاحة بالأسد دخلت إسرائيل منطقة منزوعة السلاح داخل سوريا تم إنشاؤها بعد حرب 1973، وسيطرت على الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق حيث استولت على موقع عسكري سوري لا يوجد به أحد.

ونفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية السورية، وقالت إنها لا تنوي البقاء هناك ووصفت التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وأدانت عدة دول عربية منها السعودية والإمارات والأردن ما أسمته استيلاء إسرائيل على منطقة عازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع في حديث نشره موقع تلفزيون سوريا الإلكتروني المؤيد للمعارضة، إن «الحجج الإسرائيلية باتت واهية ولا تبرر تجاوزاتها الأخيرة"، مشيراً إلى أن الإسرائيليين «تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح، مما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة».

وأكد الشرع، القائد العام لإدارة العمليات العسكرية، أن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى نزاعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وأكد أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».

وفيما يتعلق بروسيا التي ساعد تدخلها العسكري قبل عقد تقريباً على ترجيح كفة الميزان لصالح الأسد ومنحت اللجوء للرئيس المخلوع في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال الشرع إن علاقاتها مع سوريا يجب أن تخدم المصالح المشتركة، مشيراً إلى أن «المرحلة تتطلب إدارة حذرة للعلاقات الدولية».