عرضان لتأمين الكهرباء يشعلان سجالاً بين ميقاتي ووزارة الطاقة

سحبهما فياض من جلسة الحكومة الأخيرة طالباً الاستمهال لدراستهما

TT

عرضان لتأمين الكهرباء يشعلان سجالاً بين ميقاتي ووزارة الطاقة

أثار تصريح رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، عن عروض تأمين الكهرباء، جدلاً في الساحة اللبنانية، بعد إعلانه أن وزير الطاقة وليد فياض، سحب الملف من مجلس الوزراء «للمزيد من الدرس»، وهو ما دفع وزارة الطاقة للرد، رافضة الموافقة على عرضين من شركتين دوليتين في وقت «تشهد أسعار الغاز ارتفاعاً كبيراً في هذا الوقت»، فيما ينتظر لبنان استجرار الغاز من مصر «بتكلفة أقل بكثير»، حسبما قالت مصادر الوزارة لـ«الشرق الأوسط».
ودخلت الحكومة اللبنانية، أمس، مرحلة تصريف الأعمال، بعد انتهاء ولاية البرلمان الحالي، حيث تعد الحكومة مستقيلة حكماً، وتضطلع بمهمة تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وعشية دخولها مرحلة تصريف الأعمال، كشف ميقاتي أن الحكومة قررت في جلسة سابقة «التفاوض مع أربع شركات دولية هي (إنسالدو)، و(ميتسوبيشي)، و(جنرال إلكتريك) و(سيمنس) حول إمكان تزويد لبنان بالمولدات اللازمة لإنتاج الكهرباء بمعدل 24 ساعة وبصورة دائمة». وأضاف: «بالفعل قدمت شركتا (جنرال إلكتريك) و(سيمنس)، بالاتفاق مع مجموعات دولية، عرضاً لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية قبل الصيف المقبل بسعر مقبول جداً، حتى بما يتعلق بسعر الغاز لإنتاج الطاقة، ولكننا تريثنا في الأمر إلى حين إعداد دفتر شروط مناسب بطريقة شفافة ووفق القوانين المرعية».
وتابع ميقاتي: «وصلني أنا شخصياً، كما وصل إلى وزارة الطاقة، عرضان من شركتي (جنرال إلكتريك) و(سيمنس)، ويقضي كل عرض بتزويد معملي دير عمار والزهراني بألف ميغاواط طاقة على الغاز، على أن تؤمن الشركتان أيضاً الغاز اللازم لتوليد الطاقة، وبسعر مقبول جداً، نسبة إلى الأسعار العالمية».
وأضاف ميقاتي: «قررنا تكليف مكتب استشاري وضع دفتر الشروط بأسرع وقت ممكن لإجراء عملية تلزيم دولية وفق الأصول، لكن للأسف، فبعدما أرسل وزير الطاقة الطلب إلى مجلس الوزراء، تم سحبه الخميس من دون إعطاء أي تبرير إلا (للمزيد من الدرس). كذلك سحب وزير الطاقة من مجلس الوزراء الملف المتعلق بتأمين الغاز لمعمل الزهراني وفق مناقصة دولية تشارك بها شركات عالمية»، مشيراً إلى أن «هذا العرض كان سيساعد لبنان في المستقبل».
ودفع تصريح ميقاتي وزارة الطاقة للرد، وأوضحت أن الوزير فياض لم يتح له الوقت لدراسة العرض الذي وصله قبل جلسة مجلس الوزراء، وقالت إن فياض «يدرس العروض ويفاوض على أساسها، وليس بالضرورة أن يوافق تحت ضغط أن الحكومة ستتحول إلى تصريف الأعمال، في وقت يستطيع أن يأخذ وقته بالتفاوض لتوفير الأعباء على الخزينة اللبنانية، ليُصار بعدها إلى الموافقة»، في إشارة إلى إمكانية تمريره في ظل حكومة مستقيلة ضمن مرسوم استثنائي صادر عن الحكومة المستقيلة ويوقعه رئيسا الحكومة والجمهورية.
وأوضحت المصادر أن التحفظ على تزويد معمل الزهراني (الجنوب) بالغاز جاء على خلفية أن أسعار الغاز في هذا الوقت «تعد الأعلى في تاريخها»، بسبب تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وبالتالي فإن «الموافقة تعني الالتزام بدفع تكاليف باهظة على أعلى سعر، في وقت يمكن أن تنخفض الأسعار بعد فترة عند الهدوء، أو التوصل إلى تسويات دولية، ويتم اختيار التوقيت المناسب لطرح المناقصة».
وأشارت إلى أن لبنان «يتواصل مع البنك الدولي بشكل دائم للتوصل إلى حل لمعضلة استجرار الغاز من مصر، وهو سيكون بالتأكيد أقل سعراً من الأسعار المطروحة الآن عبر الشركات الأوروبية»، مشددة على أن الموافقة على هذه العروض في هذا الوقت «لا تناسب البلد وإمكانياته»، فيما «لا يرفض فياض الموافقة على عرض مدروس بأفضل الأسعار وبالتوقيت المناسب للأسعار المتأرجحة عالمياً».
وكان فياض أكد في بيان أنه سحب البند «لضرورات توافر الشروط المالية والتعاقدية الضرورية كونه عقداً بالتراضي، ليشمل تخفيض السعر، خصوصاً أنه لا يزال مرتفعاً كما وتحسين شروط الدفع»، مشدداً على أن «التفاوض لا يزال قائماً مع كهرباء فرنسا». وقال إن الحكومة «دخلت في طور تصريف الأعمال، وعلينا تجنب زيادة الأعباء المالية على الدولة قبل التأكد من الحصول على أفضل الشروط».ويعد ملف الكهرباء من أبرز الملفات الشائكة التي فشلت الحكومات المتعاقبة بإيجاد حلول لها في ظل انقطاع دائم للكهرباء يصل إلى 20 ساعة يومياً في بعض المناطق، ورفض مجلس النواب إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان أي سلفة خزينة لتمويل ثمن الفيول قبل تنفيذ الإصلاحات المرتبطة بالقطاع، وأبرزها تشكيل الهيئة الناظمة، وتنفيذ خطة للكهرباء تشمل بناء محطات على الغاز، والحد من الهدر التقني.
وفي محاولة للحد من الأزمة المتنامية منذ الصيف الماضي، وافق لبنان على عرض لاستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر الأراضي السورية، لكن العرض لا يزال ينتظر موافقة البنك الدولي على تمويل المشروع، وموافقة أميركية نهائية على إعفاء مصر والأردن من عقوبات «قيصر».
وفي ظل هذا السجال، قال النائب المنتخب أشرف ريفي، في بيان، إن ما قاله رئيس الحكومة عن سحب دفتر الشروط لتلزيم معملين لإنتاج الكهرباء بالغاز «يشكل استمراراً لجريمة كبرى ترتكب بحق اللبنانيين الغارقين في الظلام»، معتبراً أن «المسؤولية الكبرى تقع على جبران باسيل المحمي من (حزب الله)، الذي استحوذ على وزارة الطاقة منذ عام 2008 إلى اليوم، وكأنها من أملاكه الشخصية، مع كل ما مورس فيها من فشل وهدر وفساد، واللبنانيون يدفعون الثمن». وقال: «لم يعد التباكي على هذه الجريمة المتمادية مقبولاً، خصوصاً أنه يصدر عمن هم في موقع المسؤولية».
وتحدث ميقاتي، مساء أول من أمس، عن مساعي حكومته للحد من أزمة الكهرباء، واصفاً ملف الكهرباء بأنه «علة العلل» و«السبب الأساس للنزف المالي للخزينة وجيوب اللبنانيين»، لافتاً إلى تأمين «الحد الأدنى من الطاقة عبر الاتفاق مع الحكومة العراقية لتأمين الفيول، وهو اتفاق لا يزال سارياً». وأشار إلى أن مرحلة استجرار الطاقة من مصر والأردن «لا تزال مرتبطة بأمور تتعلق بالقانون الدولي وبإنجاز الاتفاقات بين لبنان والدول الثلاث لتمرير استجرار الكهرباء والغاز عبر سوريا، قبل إقرار القرض الخاص بهذه المرحلة من قبل البنك الدولي».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

عناصر من حزب البعث يسلّمون أسلحتهم الخفيفة في دمشق إلى المعارضة المسلّحة

جندي من «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (يمين) يتسلم سلاح أحد حراس الأمن السابقين بمكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
جندي من «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (يمين) يتسلم سلاح أحد حراس الأمن السابقين بمكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

عناصر من حزب البعث يسلّمون أسلحتهم الخفيفة في دمشق إلى المعارضة المسلّحة

جندي من «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (يمين) يتسلم سلاح أحد حراس الأمن السابقين بمكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
جندي من «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (يمين) يتسلم سلاح أحد حراس الأمن السابقين بمكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

في مكتب فرع دمشق لحزب البعث، أَقدمَ أعضاء في الحزب، الذي كان يتزعّمه الرئيس المخلوع بشار الأسد، على تسليم أسلحة خفيفة، اليوم الخميس، إلى عناصر في المعارضة المسلّحة التي باتت تسيطر على العاصمة.

قال ماهر سمسمية (43 عاماً)، الذي كان مديراً للشؤون الإدارية في «كتائب حزب البعث»، الذارع العسكرية للحزب الحاكم، متنفساً الصعداء: «لم نعد بعثيين». ويضيف: «كنّا مجبَرين على الانتماء (إلى الحزب). بالنسبة لهم ما لم تكن معنا، فأنت ضدنا»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

عنصر من المعارضة السورية المسلّحة يقف خارج مكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وكان الحزب، الذي حكم سوريا على مدى ستين عاماً، قد أعلن، الأربعاء، تعليق أنشطته بعد سقوط حكم بشار الأسد، الأحد، و«تسليم كل الآليات والمركبات والأسلحة» التي يملكها إلى وزارة الداخلية، على أن «توضع كل أملاك وأموال الحزب تحت إشراف وزارة المالية... ويُودَع رِيعها في مصرف سوريا المركزي».

جاء ذلك بعد ثلاثة أيام على سقوط حكم بشار الأسد وفراره إلى روسيا.

ومارَسَ الحزب سياسة الترهيب، وتحكّم بكل مفاصل الحياة، وكان المنتمون إليه بين المَحظيين القلائل الذين يحصلون على وظائف مثلاً وخدمات.

وروى سمسمية أن جميع المسؤولين عنه تواروا عن الأنظار منذ الأحد. قال: «هربوا، اختفوا فجأة».

على مدخل المكتب، وقف مسلّحون يتسلّمون الرشاشات ويكدّسونها فوق بعضها البعض.

مقاتل من المعارضة السورية أثناء مداهمة مكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال إن مهمته في الحزب كانت «استقطاب المدنيين ليجري تسليحهم ليقفوا إلى جانب الجيش السوري». وتابع: «فقدنا كثيراً من الشهداء... ذهبوا لأجل قضية لا يعرفون عنها شيئاً».

على غرار ماهر سمسمية، سلّم فراس زكريا (53 عاماً) سلاحه أيضاً. وقال الرجل، الذي كان موظفاً في وزارة الصناعة: «طُلب منّا تسليم السلاح، ونحن نؤيد هذا الأمر... نحن متعاونون لمصلحة هذا البلد».

ومِثل كثيرين غيره، روى زكريا أنه كان مرغَماً على الانتماء للحزب ليتمكّن من الحصول على وظيفة في الدولة. وأضاف: «بحكم وجودنا في هذا البلد، كان ينبغي أن نكون في حزب البعث العربي الاشتراكي لنحصل على أي عمل».

وفي عام 2012، جرى إقرار دستور جديد في سوريا ألغى الدور القيادي للحزب الحاكم، وحلّت مادة نصّت على «التعددية السياسية» محل المادة الثامنة التي تشدّد على دور الحزب «القائد في الدولة والمجتمع». لكن كان ذلك فقط على الورق.

في يوليو (تموز) 2024، فاز الحزب مجدداً بغالبية مقاعد مجلس الشعب، في رابع انتخابات مثيرة للجدل، بعد اندلاع النزاع في عام 2011.

مقاتل من المعارضة السورية يحطم لافتة في مكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

صور ممزقة

في مقرّ القيادة المركزية لحزب البعث بوسط دمشق، لم تبقَ إلا صور ممزقة لبشار الأسد، وسيارات مهجورة أمام الحزب، وأوراق مبعثرة، ومكاتب فارغة، ومسلّحون من «هيئة تحرير الشام» يقفون حراساً للمكان.

خلا المقر من جميع المسؤولين والعاملين فيه. هناك كان يجتمع بشار الأسد، الأمين العام للحزب، مع الأعضاء والقيادات.

في الباحة الخارجية، تمثال لحافظ الأسد محطّم على الأرض، وسيارات فارهة صينية الصنع يبدو أنها كانت لمسؤولين في الحزب، أُوقفت في الخارج، جرى تحطيم نوافذها وأبوابها.

في الطابق الأرضي للمبنى، لوحة على الجدار لحافظ الأسد، وابنه باسل الأسد الذي قضى في حادث سير، مع شخصيات أخرى. وهي الصورة الوحيدة لعائلة الأسد التي نجت من التمزيق والتكسير، بعد أن دخل متظاهرون ليلة سقوط حكم حزب البعث، المقرّ.

في مكتب من مكاتب المبنى المؤلف من طبقات عدّة، أوراق تكدّست في مكتبات أو تبعثرت عشوائياً على الأرض، إحداها مؤرخة في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، عبارة عن اقتراح من فرع حلب لحزب البعث لـ«طرد» رفاق بسبب «خيانتهم الوطن والحزب، من خلال تعاملهم مع العصابات الإرهابية المسلحة وقيامهم بالتدريس في مدارس ما يسمى (الائتلاف المعارض)».

تمثال محطّم للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد خارج مكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

بقيت فناجين من القهوة وقِطع خبز وطعام مكانها في غرفة أخرى من غرف المقر، وكأن من تركها غادر على عجلة.

في طابق تحت الأرض، يقول المسلّحون، الذين يحرسون المكان، الآن، إنه كان يستخدم سجناً، وقد تبعثرت هراوات وبطاقات وبزّات عسكرية على الأرض.

في مستودع خارجي، عثر المسلّحون على صناديق تحتوي على قنابل يدوية ذات صناعة روسية.

وعدد البعثيين في سوريا غير معروف.

وقال مقبل عبد اللطيف (76 عاماً) إنه كان مجبَراً على الانتماء للحزب، مضيفاً أنه عضو في حزب البعث منذ أن كان في المدرسة. وتابع: «لو سار حزب البعث بشكل صحيح، لكانت البلاد بخير».

وأضاف: «في الستينات، كان حزب البعث حقيقياً... البعث الحقيقي الذي نعرفه هو اشتراكية ومحبة والكبير مثل الصغير، هذا ما نعرفه عن حزب البعث الاشتراكي لا الإقطاعي».