المناعة الطبيعية بعد الإصابة بـ«أوميكرون» لا تحمي من المتغيرات

سكان جاكرتا في إندونيسيا إبان تفشي «أوميكرون» في يناير (رويترز)
سكان جاكرتا في إندونيسيا إبان تفشي «أوميكرون» في يناير (رويترز)
TT

المناعة الطبيعية بعد الإصابة بـ«أوميكرون» لا تحمي من المتغيرات

سكان جاكرتا في إندونيسيا إبان تفشي «أوميكرون» في يناير (رويترز)
سكان جاكرتا في إندونيسيا إبان تفشي «أوميكرون» في يناير (رويترز)

في الأشخاص غير الملقحين، توفر الإصابة بمتغير «أوميكرون» من فيروس «كورونا المستجد»، القليل من المناعة على المدى الطويل ضد المتغيرات الأخرى، وفقاً لبحث جديد أجراه باحثون في معهد «غلادستون» وجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، ونُشر مؤخراً في مجلة «نيتشر».
وفي التجارب التي أُجريت على الفئران وعينات الدم من متبرعين مصابين بـ«أوميكرون»، وجد فريق البحث أن متغير «أوميكرون» لا يؤدي إلا إلى استجابة مناعية ضعيفة، وفي الأفراد الذين تم تلقيحهم، ساعدت هذه الاستجابة، رغم ضعفها، على تعزيز الحماية الشاملة ضد مجموعة متنوعة من متغيرات «كوفيد – 19»، ومع ذلك، في أولئك الذين لم يتلقوا تطعيماً سابقاً، فشلت الاستجابة المناعية في توفير حماية واسعة وقوية ضد المتغيرات الأخرى.
وتقول ميلاني أوت، مديرة معهد غلادستون لعلم الفيروسات، المؤلفة الرئيسية المشاركة بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الرسمي للمعهد، بالتزامن مع نشر الدراسة: «في السكان غير الملقحين، قد تكون الإصابة بأوميكرون مكافئة تقريباً للحصول على حقنة واحدة من اللقاح، فهي توفر القليل من الحماية ضد كوفيد – 19، لكنها ليست واسعة للغاية». وتضيف جينيفر دودنا، الباحثة المشاركة بالدراسة، أن «هذا البحث يؤكد أهمية البقاء على اطلاع دائم بالتطعيمات الخاصة بك، حتى لو كنت قد أصبت سابقاً بمتغير (أوميكرون)، حيث من المحتمل أنك لا تزال عرضة لإعادة العدوى». ومع انتشار متغير «أوميكرون» حول العالم في أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022، سرعان ما تصاعدت الأدلة على أنه يسبب أعراضاً أقل حدة من «دلتا» والمتغيرات الأخرى المثيرة للقلق.
ومع ذلك، لم يكن العلماء متأكدين في البداية من سبب ذلك، أو كيف يمكن لعدوى أضعف أن تؤثر في المناعة طويلة المدى ضد «كوفيد – 19». وتقول إيرين تشن، الباحثة المشاركة بالدراسة: «عندما ظهر متغير أوميكرون لأول مرة، تساءل الكثير من الناس عما إذا كان يمكن أن يعمل بشكل أساسي كلقاح للأشخاص الذين لا يرغبون في الحصول على اللقاح، مما يؤدي إلى استجابة مناعية قوية وواسعة المفعول». وللعثور على الإجابة، قام فريق الباحثين أولاً بفحص تأثير «أوميكرون» في الفئران، بالمقارنة مع السلالة الأصلية من «كورونا المستجد» ومتغير «دلتا»، وأدى «أوميكرون» إلى أعراض أقل بكثير في الفئران.
ومع ذلك، تم اكتشاف الفيروس في خلايا مجرى الهواء، وإن كان بمستويات أقل، وبالمثل، كان «أوميكرون» قادراً على إصابة الخلايا البشرية المعزولة، ولكنه يتكرر بدرجة أقل من المتغيرات الأخرى. ثم قام الفريق بتوصيف الاستجابة المناعية الناتجة عن عدوى «أوميكرون» في الفئران المصابة به، ورغم الأعراض الأكثر اعتدالاً، لا يزال الجهاز المناعي ينتج الخلايا التائية والأجسام المضادة التي تُرى عادة استجابة لفيروسات أخرى. وتقول نادية روان، الباحثة المشاركة بالدراسة: «لقد أوضحنا في هذه الدراسة أن الإمراضية المنخفضة لأوميكرون ليست لأن الفيروس لا يمكن أن يترسخ، وهذا يترك أسباباً أخرى قد تفسر سبب اختلاف أوميكرون عن المتغيرات الأخرى من حيث الأعراض والمناعة، بما في ذلك التكاثر الأقل المرئي مع أوميكرون أو أنواع الأجسام المضادة التي يولدها الجهاز المناعي استجابة للفيروس».
ولقياس مدى فاعلية الاستجابة المناعية ضد «أوميكرون» بمرور الوقت، جمع الباحثون عينات دم من الفئران المصابة بسلالة الفيروس الأصلية أو متغير «دلتا» أو «أوميكرون»، وقاسوا قدرة الخلايا المناعية والأجسام المضادة على التعرف على خمسة فيروسات مختلفة، وهي السلالة الأصلية، ومتغيرات «ألفا»، و«بيتا»، و«دلتا»، و«أوميكرون».
لم يكن الدم المأخوذ من الحيوانات غير المصابة قادراً على تحييد أي من الفيروسات، وبمعنى آخر، منع قدرة أي من الفيروسات على نسخ نفسها. ويمكن للعينات المأخوذة من الحيوانات المصابة بالسلالة الأصلية أن تحيد «ألفا»، وبدرجة أقل «بيتا» و«دلتا»، لكن ليس «أوميكرون». ويمكن للعينات المأخوذة من الفئران المصابة بالدلتا أن تحيد «دلتا» و«ألفا»، وبدرجة أقل «أوميكرون» و«بيتا».
ومع ذلك، فإن الدم من الفئران المصابة بـ«أوميكرون» لا يمكن إلا أن يحيد متغير «أوميكرون». وأكد الفريق هذه النتائج باستخدام دم من عشرة أشخاص غير محصنين أصيبوا بـ«أوميكرون»، ولم تكن دماؤهم قادرة على تحييد المتغيرات الأخرى، وعندما اختبروا الدم من 11 شخصاً غير محصنين أصيبوا بـ«دلتا»، تمكنت العينات من تحييد «دلتا»، كما شوهد في الفئران، والمتغيرات الأخرى بدرجة أقل.
وعندما كرروا التجارب على الدم من الأشخاص الذين تم تلقيحهم، كانت النتائج مختلفة، حيث أظهر الأفراد الذين تم تطعيمهم بالعدوى المؤكدة من «أوميكرون» أو «دلتا» القدرة على تحييد جميع المتغيرات المختبرة، ما يمنح حماية أعلى. ويقول تشارلز تشيو، أستاذ في الأمراض المعدية، الباحث المشارك في الدراسة: «عندما يتعلق الأمر بالمتغيرات الأخرى التي قد تتطور في المستقبل، لا يمكننا التنبؤ بالضبط بما سيحدث، ولكن بناءً على هذه النتائج، أعتقد أن الأشخاص غير المحصنين الذين أصيبوا بـ(أوميكرون) لن يتمتعوا بقدر كبير من الحماية، ولكن على العكس من ذلك، من المرجح أن يتمتع الأفراد الذين تم تلقيحهم بحماية أوسع ضد المتغيرات المستقبلية، خصوصاً إذا كان لديهم عدوى اختراق».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.