آلة كمان من عصر هوليوود الذهبي تستهدف سعراً قياسياً بمزاد

من ماركة «ستراديفاريوس» مصنوعة في سنة 1714

آلة كمان من سنة 1714 تعدّ أول آلة كمان «ستراديفاريوس» منذ ما يسمى العصر الذهبي للكمان تُطرح في مزاد علني خلال عقود (نيويورك تايمز)
آلة كمان من سنة 1714 تعدّ أول آلة كمان «ستراديفاريوس» منذ ما يسمى العصر الذهبي للكمان تُطرح في مزاد علني خلال عقود (نيويورك تايمز)
TT

آلة كمان من عصر هوليوود الذهبي تستهدف سعراً قياسياً بمزاد

آلة كمان من سنة 1714 تعدّ أول آلة كمان «ستراديفاريوس» منذ ما يسمى العصر الذهبي للكمان تُطرح في مزاد علني خلال عقود (نيويورك تايمز)
آلة كمان من سنة 1714 تعدّ أول آلة كمان «ستراديفاريوس» منذ ما يسمى العصر الذهبي للكمان تُطرح في مزاد علني خلال عقود (نيويورك تايمز)

بيعت آلات الكمان النادرة - التي كانت مملوكة لفنانين بارزين أمثال فريتز كريسلر، وجاشا هيفيتز، ويهودي مينوهين - بصفة خاصة خلال السنوات الأخيرة بما قد يصل إلى 20 مليون دولار. وكانت الآلات التي يعزفون عليها تحمل أسماءها الخاصة، مثل «إيرل أوف بلايموث» ستراديفاريوس، الذي يشار إليه الآن أيضاً باسم «إكس - كريسلر» لكي تلمع سمعته، وغموضه، وترتفع قيمته السوقية.
هل يمكن لكمان «توشا سيدل» أن يستغل السحر التسويقي نفسه - رغم أن شهرته جاءت في الغالب من هوليوود بدلاً من قاعة الحفلات الموسيقية؟
سوف يعرف الموسيقيون وهواة جمع المقتنيات قريباً. بعد جولة عالمية جارية حالياً، فإن الكمان «سيدل» الذي امتلكه وعزف عليه، والمسمى بـ«دافنشي» وهو من ماركة «ستراديفاريوس» من سنة 1714، سيباع بواسطة دار تريسيو للمزادات على الإنترنت، فبي مزاد يستمر من اليوم 18 مايو (أيار) إلى 9 يونيو (حزيران) المقبل. إنه أول كمان «ستراديفاريوس» منذ ما يسمى بالعصر الذهبي للكمان الذي سيُطرح في مزاد علني خلال عقود.
خلافا لمعظم الآلات الموسيقية، فإن آلات الكمان من ماركة «ستراديفاريوس» اكتسبت مع الوقت أسماء شهرة، بعضها خيالي إلى درجة ما، مثل «الجمال النائم». وقد أطلق الفنان الشهير نيكولو باغانيني على كمانه الخاص مسمى «إل كانوني». ولا علاقة تربط بين الكمان «دا فينشي» وبين الفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافينشي. وفي تكتيك تسويقي، قام تاجر ببيع ثلاثة من كمان «ستراديفاريوس» في عشرينات القرن العشرين بعد أن أطلق عليها تسميات رسامين مشهورين من عصر النهضة: بالإضافة إلى «دافينشي»، و«تيشيان» و«مايكل أنغلو».
يعد الكمان نفسه بطبيعة الحال أهم عامل في تحديد قيمته، حيث تعدّ الآلات التي صنعتها عائلات ستراديفاري، وأماتي، وغوارنيري، من عائلات عصر النهضة هي الأعلى سعراً بين أقرانها. وحالة الكمان من أهم الشروط الأخرى. وكذلك هوية أصحابها السابقين - أي المنشأ.
قليلون الذين يعرفون اسم سيدل اليوم. لكنه كان ناجحاً للغاية في عشرينات القرن العشرين، حتى أنه تمكن من شراء ألمان المشهور باسم «دافينشي» بقيمة 25 ألف دولار (أكثر من 400 ألف دولار اليوم)، وهي الصفقة التي ظهرت على الصفحة الأولى من صحيفة «نيويورك تايمز» في السابع والعشرين من أبريل (نيسان) سنة 1924. قال سيدل، إنه في ذلك الوقت لن يقايض الكمان «بمليون دولار»، واعتبره أثمن ممتلكاته، مضيفاً «إن نغماته تتراوح بين القوة والجمال المتميزين».
كان سيدل معروفاً للغاية في شبابه، حتى أن الملحن الموسيقي جورج غيرشوين كتب أغنية كوميدية عنه وعن ثلاثة من نظرائه اليهود الروس: «ميشا، ساشا، توشا، ياشا». («نحن أربعة عازفين ثلاثة») ولد سيدل وهيفيتز كلاهما في أوكرانيا، وكلاهما درس في سانت بيترسبرغ مع المعلم البارز ليوبولد أوير، وهاجر كلاهما إلى الولايات المتحدة بعد اضطرابات الثورة الروسية. وكان حفلهما الموسيقي الأول في قاعة كارنيغي في خلال أشهر من بعضهما بعضاً؛ مما أثار موجة من استحسان النقاد.
تلقى «ألبرت آينشتاين» دروساً في الكمان من «سيدل»، وقاما معاً بأداء «كونشرتو باخ المزدوج» من أجل جمع التبرعات. وكان شعر رأسيهما كثيفاً وجامحاً بصورة صادمة؛ مما عزز من صورة كاريكاتير الموسيقار ذي الشعر الطويل، مثل فرانز ليزت.
وقد استقر سيدل وهيفيتز في لوس أنجليس، حيث ازدهرت صناعة السينما ومهّدت الطريق لنجاح سيدل.
وبحلول ثلاثينات القرن العشرين، كان مُحاطاً بحشد من المنفيين اليهود من ألمانيا النازية وأوروبا التي مزقتها الحرب. وكان من بينهم الملحنون إيغور سترافينسكي، وأرنولد شونبرغ، وإريك فولفغانغ كورنغولد.
لعب سيدل دور عازف الكمان الرئيسي في العديد من أفلام كورنغولد ذائعة الصيت، والتي تضمنت فيلم «حلم ليلة منتصف الصيف»، و«مغامرات روبن هود» (الذي فاز كورنغولد عنه بجائزة الأوسكار)، و«أنتوني أدفيرس» (ديتو). سجل الرجلان معزوفات الكمان والبيانو في فيلم كورنغولد بعنوان «مبالغة كبيرة للاشيء»، مع الملحن الذي يعزف على البيانو.
وقد سعى المخرجون والملحنون الموسيقيون إلى استخلاص نبرة سيدل الدافئة والثرية. لقد كان مشرف الحفلة الموسيقية لأوركسترا باراماونت الفخمة، وعزف منفرداً على آلة الكمان في فيلم «ساحر أوز» الشهير، فضلاً عن فيلم «إنترميزو» من إنتاج ديفيد سلزنيك، وفيه يقع عازف كمان شهير (أداء ليزلي هوارد) في حب مرافقته (إنغريد بيرغمان).
كتب آدم باير، عازف الكمان والصحافي، في مقال منشور سنة 2017 لمنتدى «أميركان سكولار» الأدبي «الربط إلى حد كبير بين مشاهد الحب أو تصوير الأشخاص الأقل حظاً في الأفلام - أو أي مشهد يثير الشفقة أو المشاعر القوية - مع صوت الكمان، يعود بدرجة كبيرة إلى سيدل». (درس أستاذ باير في الكمان مع سيدل وأصر على أن يستمع تلاميذه إلى تسجيلات من عروض سيدل).
مع أن سيدل معروف أكثر بعمله السينمائي، فقد عزف أيضاً الموسيقى الكلاسيكية القياسية؛ إذ كان يعزف منفرداً مع الأوركسترا، ويجول بين مختلف الفعاليات. وفي ثلاثينات القرن العشرين، كان يستمع إليه الملايين من مستمعي الراديو كمخرج موسيقي، وعازف منفرد متكرر مع أوركسترا «سي بي إس» السيمفوني. وفي سنة 1934، كان له بث أسبوعي خاص على شبكة «برنامج توشا سيدل». (توجد تسجيلات عدة على «يوتيوب» تُظهر صوته الثري، بما في ذلك تسجيل «بويمي» لإرنست شاوسون لسنة 1945، مع أوركسترا «هوليوود باول» بقيادة ليوبولد ستوكوفسكي).
ومع تلاشي العصر الذهبي لهوليوود، تخلت الاستوديوهات عن الأوركسترا الداخلية، معتمدين بدلاً من ذلك على العازفين المستقلين. وعندما تقدم سيدل في العمر، أصيب بحالة عصبية مرضية أدت تدريجياً إلى الإقلال من عزفه. وانتهى المطاف بعازف الكمان الشهير البارز إلى العمل ضمن مجموعة العازفين في فرقة بأحد مسارح لاس فيغاس، وذلك قبل تقاعده في مزرعة أفوكادو بولاية كاليفورنيا. ثم وافته المنية سنة 1962، بعمر يناهز 62 عاماً، وكان كمانه هو أثمن ما يملك من مقتنيات.
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

حرائق لوس أنجليس: مشاهير هوليوود يفتحون خزائن ملابسهم للمتضررين

الولايات المتحدة​ رجل يرتدي قناعاً لحمايته من الدخان أثناء استعادة ملابس أطفاله من منزله الذي دمرته النيران في لوس أنجليس (أ.ب)

حرائق لوس أنجليس: مشاهير هوليوود يفتحون خزائن ملابسهم للمتضررين

تفاعل عدد من الممثلات مع مبادرة أطلقتها وكيلة العقارات الشهيرة جينا كوبر، على خلفية حرائق الغابات التي دمرت أجزاء من لوس أنجليس هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق صورة تظهر الدمار الذي طال منزل أنتوني هوبكنز (بيج سيكس)

مَن النجوم الذين تضررت منازلهم مع انتشار حرائق لوس أنجليس؟

تتواصل الحرائق في الاشتعال والتوسع في لوس أنجليس بالولايات المتحدة التي غطى سماءها دخان كثيف، إذ لا تزال النيران خارج السيطرة في هذه المدينة الكبيرة.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق الكاتبة والمخرجة والمنتجة والممثلة أنجلينا جولي والممثل والمنتج براد بيت خلال حفل في هوليوود، كاليفورنيا 5 نوفمبر 2015 (أ.ف.ب)

بعد 8 سنوات... أنجلينا جولي وبراد بيت يتوصلان إلى تسوية طلاق

توصلت أنجلينا جولي وبراد بيت لتسوية طلاق، وفقاً لما ذكره محاميها الاثنين مما وضع حداً واضحاً لواحدة من أطول حالات الطلاق وأكثرها إثارة للجدل في تاريخ هوليوود.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق ذهبٌ لا يفقد قيمته (غيتي)

مونيكا بيلوتشي ستقلّل نشاطها السينمائي لترى ابنتيها تكبران

لمونيكا ابنتان رُزقت بهما على كبر من شريكها السابق الممثل والمنتج الفرنسي فنسان كاسيل، تُدعيان ديفا وليوني. وقد حرصت على أن تولدا في العاصمة الإيطالية روما...

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق ترتكز في عملها على عناصر النوم والرياضة وطبيعة المهنة (أنجي قصابية)

المُشرفة على غذاء نجوم هوليوود تكشف لـ«الشرق الأوسط» عن أسرار سلفستر ستالون الصحّية

تنصح أنجي قصابية بالإكثار من شرب المياه وتناوُل الأطعمة المحتوية على الزيوت الطبيعية، مثل الأفوكادو والطحينة. أما النوم، فلا يجب الاستهتار به...

فيفيان حداد (بيروت)

مصر: ضحية جديدة تُصعّد حملة مكافحة التنمّر ضد الأطفال

وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)
وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)
TT

مصر: ضحية جديدة تُصعّد حملة مكافحة التنمّر ضد الأطفال

وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)
وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)

في حادث مأساوي بمحافظة الإسكندرية (شمال مصر)، تخلصت طفلة (11 عاماً) في المرحلة الابتدائية بالتعليم من حياتها، بعد أن تعرّضت إلى ضغوط نفسية بسبب تعرضها للتنمر من زميلاتها في المدرسة، حسبما ذكرت في رسالة تركتها لأسرتها، وفق وسائل إعلام محلية وحملات «سوشيالية» تدعو لمكافحة التنمر ضد الأطفال.

وكشف أقارب أسرة الطفلة ووسائل إعلام مصرية عن أن الطفلة التي تدرس في الصف السادس الابتدائي بإحدى المدارس الخاصة في محافظة الإسكندرية سقطت من الطابق الثامن بمنزلها على الأرض مفارقة الحياة.

وانتشرت حملات على «السوشيال ميديا» تطالب بمكافحة التنمر ضد الأطفال، واستعادة الحملات القديمة التي أطلقتها في السابق وزارة التربية والتعليم مع المجلس القومي للطفولة والأمومة بالتعاون مع «يونيسيف».

ويرى الأستاذ في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، أن «مواجهة التنمر مسؤولية جماعية وليست فردية، يجب أن يشترك فيها الجميع؛ الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام وحتى صناع الدراما»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه العوامل هي التي تشكّل بدايات التكوين لدى الأطفال وتعلمهم القيم والمبادئ التي ينشأون عليها ومن ثمّ يمكن أن يتحوّل بعضهم لمتنمرين ويسقط آخرون ضحيتهم».

وكانت مصر قد أطلقت حملة مجتمعية تحت عنوان «أنا ضد التنمر» عام 2018، شارك فيها عدد من الفنانين مثل يسرا وأحمد حلمي ومنى زكي، تضمّنت حملات تلفزيونية ولافتات دعائية في الشوارع والميادين بمناطق متنوعة، للتوعية ومكافحة ظاهرة «التنمر بين طلاب المدارس».

واستهدفت الحملة التوعية بأخطار الظاهرة، وذكرت وزارة التربية والتعليم، في بيان لها خلال إطلاق الحملة الجديدة، أن «الدراسات العالمية تشير إلى أن 8 من طلاب المدارس الثانوية يغيبون يوماً واحداً في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من الذهاب إلى المدرسة تجنباً للتنمّر».

في حين ترى الخبيرة الحقوقية هبة عادل، رئيسة مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، أن «حادث انتحار الطفلة نتيجة التنمر ليس مجرد حادث فردي، بل هو إنذار يدق ناقوس الخطر بشأن ازدياد حوادث التنمر بين الأطفال»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «معالجة هذه الظاهرة تبدأ من الالتزام بتطبيق القانون، وتعزيز دور المؤسسات التعليمية في بناء بيئة آمنة، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ضحايا التنمر. فيجب أن تكون العدالة حاضرة لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي، وحماية حقوق الأطفال في عيش حياة كريمة وآمنة».

قانون العقوبات المصري، وبالتحديد المادة 309 مكرّر (ب)، يصف التنمر بالجريمة التي يعاقب عليها بالحبس والغرامة. وفي حالة وقوع التنمر على طفل أو من قبل أشخاص في موقع مسؤولية، مثل المعلمين أو أولياء الأمور، تُشدّد العقوبة لتصل إلى السجن لمدة لا تقل عن سنة وغرامة تصل إلى 100 ألف جنيه، وفق الخبيرة الحقوقية.

وأضافت: «رغم تجريم التنمر لا تزال وقائع تنمر كثيرة غير مبلغ عنها ولا تصل لجهات إنفاذ القانون، إذ إن مقاومة التنمر لم تحظَ بالقبول المجتمعي الذي تستحقه، ورغم وجود مسؤولية قانونية على المؤسسات التعليمية لحماية الأطفال وتوفير بيئة آمنه لهم، فلا يزال هناك تقصير كبير في توفير الرعاية والحماية الكافيتين للأطفال».

ووفقاً لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل في القانون 126 لسنة 2008، تتحمل المدرسة جزءاً من المسؤولية القانونية إذا ثبُت تقصيرها في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الطفل الضحية من التنمر.

وإلى جانب الحملات المجتمعية المكافحة للتنمر سواء من المؤسسات المعنية أو الحملات «السوشيالية»، توضح رئيسة مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة أنه «من الواجب على الأسر والمؤسسات التعليمية تنظيم جلسات توعية للأطفال حول تجريم التنمر وأشكاله وعقوباته القانونية وعواقبه الوخيمة».