مصر: ضحية جديدة تُصعّد حملة مكافحة التنمّر ضد الأطفال

طالبة في «الابتدائية» انتحرت بسبب سخرية زملائها

وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)
وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)
TT

مصر: ضحية جديدة تُصعّد حملة مكافحة التنمّر ضد الأطفال

وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)
وزارة التربية والتعليم أطلقت حملات لمكافحة التنمر (فيسبوك)

في حادث مأساوي بمحافظة الإسكندرية (شمال مصر)، تخلصت طفلة (11 عاماً) في المرحلة الابتدائية بالتعليم من حياتها، بعد أن تعرّضت إلى ضغوط نفسية بسبب تعرضها للتنمر من زميلاتها في المدرسة، حسبما ذكرت في رسالة تركتها لأسرتها، وفق وسائل إعلام محلية وحملات «سوشيالية» تدعو لمكافحة التنمر ضد الأطفال.

وكشف أقارب أسرة الطفلة ووسائل إعلام مصرية عن أن الطفلة التي تدرس في الصف السادس الابتدائي بإحدى المدارس الخاصة في محافظة الإسكندرية سقطت من الطابق الثامن بمنزلها على الأرض مفارقة الحياة.

وانتشرت حملات على «السوشيال ميديا» تطالب بمكافحة التنمر ضد الأطفال، واستعادة الحملات القديمة التي أطلقتها في السابق وزارة التربية والتعليم مع المجلس القومي للطفولة والأمومة بالتعاون مع «يونيسيف».

ويرى الأستاذ في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، أن «مواجهة التنمر مسؤولية جماعية وليست فردية، يجب أن يشترك فيها الجميع؛ الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام وحتى صناع الدراما»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه العوامل هي التي تشكّل بدايات التكوين لدى الأطفال وتعلمهم القيم والمبادئ التي ينشأون عليها ومن ثمّ يمكن أن يتحوّل بعضهم لمتنمرين ويسقط آخرون ضحيتهم».

وكانت مصر قد أطلقت حملة مجتمعية تحت عنوان «أنا ضد التنمر» عام 2018، شارك فيها عدد من الفنانين مثل يسرا وأحمد حلمي ومنى زكي، تضمّنت حملات تلفزيونية ولافتات دعائية في الشوارع والميادين بمناطق متنوعة، للتوعية ومكافحة ظاهرة «التنمر بين طلاب المدارس».

واستهدفت الحملة التوعية بأخطار الظاهرة، وذكرت وزارة التربية والتعليم، في بيان لها خلال إطلاق الحملة الجديدة، أن «الدراسات العالمية تشير إلى أن 8 من طلاب المدارس الثانوية يغيبون يوماً واحداً في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من الذهاب إلى المدرسة تجنباً للتنمّر».

في حين ترى الخبيرة الحقوقية هبة عادل، رئيسة مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، أن «حادث انتحار الطفلة نتيجة التنمر ليس مجرد حادث فردي، بل هو إنذار يدق ناقوس الخطر بشأن ازدياد حوادث التنمر بين الأطفال»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «معالجة هذه الظاهرة تبدأ من الالتزام بتطبيق القانون، وتعزيز دور المؤسسات التعليمية في بناء بيئة آمنة، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ضحايا التنمر. فيجب أن تكون العدالة حاضرة لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي، وحماية حقوق الأطفال في عيش حياة كريمة وآمنة».

قانون العقوبات المصري، وبالتحديد المادة 309 مكرّر (ب)، يصف التنمر بالجريمة التي يعاقب عليها بالحبس والغرامة. وفي حالة وقوع التنمر على طفل أو من قبل أشخاص في موقع مسؤولية، مثل المعلمين أو أولياء الأمور، تُشدّد العقوبة لتصل إلى السجن لمدة لا تقل عن سنة وغرامة تصل إلى 100 ألف جنيه، وفق الخبيرة الحقوقية.

وأضافت: «رغم تجريم التنمر لا تزال وقائع تنمر كثيرة غير مبلغ عنها ولا تصل لجهات إنفاذ القانون، إذ إن مقاومة التنمر لم تحظَ بالقبول المجتمعي الذي تستحقه، ورغم وجود مسؤولية قانونية على المؤسسات التعليمية لحماية الأطفال وتوفير بيئة آمنه لهم، فلا يزال هناك تقصير كبير في توفير الرعاية والحماية الكافيتين للأطفال».

ووفقاً لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل في القانون 126 لسنة 2008، تتحمل المدرسة جزءاً من المسؤولية القانونية إذا ثبُت تقصيرها في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الطفل الضحية من التنمر.

وإلى جانب الحملات المجتمعية المكافحة للتنمر سواء من المؤسسات المعنية أو الحملات «السوشيالية»، توضح رئيسة مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة أنه «من الواجب على الأسر والمؤسسات التعليمية تنظيم جلسات توعية للأطفال حول تجريم التنمر وأشكاله وعقوباته القانونية وعواقبه الوخيمة».


مقالات ذات صلة

شكري سرحان يعود للأضواء بعد «انتقاد موهبته»

يوميات الشرق الفنان شكري سرحان (حساب الإعلامي محسن سرحان على «فيسبوك»)

شكري سرحان يعود للأضواء بعد «انتقاد موهبته»

عاد الفنان المصري شكري سرحان الملقب بـ«ابن النيل» إلى الأضواء مجدداً بعد مرور 27 عاماً على رحيله، وذلك عقب «انتقاد موهبته»، وأن نجوميته كانت أكبر من موهبته.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس قرر القضاء تأجيل النظر في طعن على قرار الإعادة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لكل مفقود قصة (شرطة ويست مدلاندز)

صورة مشوَّشة تكشف مكان بريطانية اختفت قبل 52 عاماً

عثرت الشرطة البريطانية على امرأة اختفت قبل أكثر من 5 عقود؛ وهي على قيد الحياة، بعدما نشر أفرادها صورة مشوَّشة لها، بُعيد 52 عاماً من اختفائها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكاتب أحمد المسلماني  (حساب المركز الإعلامي للهيئة الوطنية للإعلام بفيسبوك)

مصر: ترحيب بإلغاء الإعلانات بإذاعة «القرآن الكريم»

حظي قرار «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر بإلغاء «الفواصل الإعلانية» من إذاعة «القرآن الكريم» بردود فعل إيجابية وترحيب واسع عبر تعليقات «سوشيالية».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق جيزيل بيليكو تجسِّد الكرامة (إ.ب.أ)

فرنسا تسجُن زوج جيزيل بيليكو الذي خدَّرها واغتصبها «مع غرباء» لسنوات

الزوج اعترف بجرائمه، وأقر بأنه كان يدسُّ مهدّئات في طعامها وشرابها، ممّا جعلها تفقد الوعي بالكامل، ليفعل ما يشاء بها لساعات... تفاصيل الجريمة التي هزَّت العالم:

«الشرق الأوسط» (لندن)

الأجنَّة تتحكَّم في الأمهات بـ«الريموت كونترول»

امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)
امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)
TT

الأجنَّة تتحكَّم في الأمهات بـ«الريموت كونترول»

امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)
امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)

كشف فريق من الباحثين في جامعة كامبريدج البريطانية النقاب عن آلية مدهشة يستطيع الجنين من خلالها التحكُّم في طبيعة المغذّيات التي يحصل عليها من الأم خلال فترة الحمل اعتماداً على جين معيَّن ينتقل إليه عن طريق الأب.

وفي إطار دراسة نشرتها الدورية العلمية «سِلْ ميتابوليزم» المتخصِّصة في بحوث الأيض الخليوي التي تتعلّق بعملية تحويل الغذاء إلى طاقة داخل جسم الإنسان، ونقلتها «وكالة الأنباء الألمانية»، وجد الباحثون أنّ الأجنَّة تستخدم هذا الجين للتأثير في جسم الأم من أجل الحصول على مزيد من المغذّيات خلال أشهر الحمل. ويوضح الباحثون أنّ هذه الآلية التي تشبه التحكُّم عن بُعد بـ«الريموت كونترول»، تعمل عن طريق إشارات هرمونية تنتقل من الجنين إلى الأم عبر المشيمة من أجل تغيير عملية الأيض لديها، وتوفير أفضل فرص النمو بالنسبة إلى الجنين. ويرى الفريق البحثي أنّ هذه الآلية التي يصفونها بأنها «معركة من أجل الغذاء» تتم وفق توازن دقيق نظراً لانطوائها على أهمية بالغة، ليس فقط من أجل نمو الجنين، وإنما أيضاً لسلامة الأم وصحتها الإنجابية في المستقبل.

ويؤكد الباحثون أنه في إطار هذه المعركة، يحاول الجنين التحكّم بـ«الريموت كونترول» في عملية الأيض لدى الأم للحصول على أقصى استفادة، في حين يحاول جسم الأم إحداث نوع من التوازن بين حاجاته من جهة، وتلبية متطلّبات النمو لدى الجنين من جهة أخرى؛ لذلك من الضروري أن تحصل الأم خلال الحمل على كميات كافية من الغلوكوز والدهون لتلبية حاجاتها للطاقة والحفاظ على استدامة الحمل، ثم الرضاعة لاحقاً، مع تعزيز فرصها في الإنجاب مرة أخرى.

ويوضحون أنّ المشيمة، وهي عضو يتكوَّن داخل الرحم ويربط بين الأم والجنين طوال فترة الحمل، ويحصل الجنين من خلالها على الغذاء والأكسجين اللازم للبقاء على قيد الحياة والنمو، تلعب دوراً رئيساً في هذه العملية البيولوجية؛ إذ تفرز هرمونات معيّنة للتواصل مع جسم الأم من أجل إعطاء الأولوية لنمو الجنين. وقد نجحوا خلال تجارب معملية في تعطيل الإشارة التي تنتقل عبر المشيمة لدى فئران تجارب للتحكُّم في طبيعة المغذّيات التي تنتقل من الأم إلى الجنين.

وتقول اختصاصية علوم الأجنَّة، الباحثة أماندا بيري، إنّ هذا البحث هو «أول دليل مباشر يثبت أنّ الجين الذي يحصل عليه الجنين من الأب يعطي إشارات للأم من أجل الحصول على المغذّيات التي يحتاج إليها». ويضيف أستاذ علوم الأيض الغذائي من معهد ويلكام إم أر سي البحثي التابع لجامعة كامبريدج، ميغيل كونستانسيا، في تصريح للموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصِّص في البحوث العلمية أنّ «منظومة التحكّم بـ(الريموت كونترول) لدى الجنين تعمل عن طريق الجينات، ويمكن تشغيلها أو تعطيلها وفق الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأب والأم على السواء عن طريق ما يُعرف باسم التطبُّع الجيني».

ويتابع كونستانسيا أنّ «الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأب تتّسم بالطمع والأنانية وتسعى إلى التلاعب في الموارد الغذائية بجسم الأم لمصلحة الجنين لينمو ويكون في أفضل وضع. ورغم أنّ الحمل هو عملية تعاونية إلى حدّ كبير، فإنّ ثمة ساحة كبيرة للصراع بين الأم والجنين؛ المشيمة والجينات المنسوخة تلعب دوراً رئيساً في هذا الصراع».

وتبيَّن للباحثين أنّ الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأب تهدف إلى تعزيز النمو، في حين أنّ التي يحصل عليها من الأم تسعى إلى الحدّ من نموّه وعدم استنزاف جسم الأم. وأعربت أماندا بيري عن اعتقادها بأنّ «الجينات التي يحصل عليها الجنين من الأم، وتقلّل عملية النمو، هي طريقة الأم من أجل البقاء، بحيث لا يستولي الجنين على جميع المغذّيات ويصبح كبير الحجم، مما يؤثّر في عملية الولادة، كما تعطي هذه الآلية الأم الفرصة للحفاظ على صحتها والإنجاب مرات أخرى في المستقبل».

وفي إطار التجربة، أوقف الباحثون عمل أحد الجينات المهمّة التي تنتقل إلى الجنين من الأب، ويحمل اسم «Igf2»، وهو الجين الذي يعطي الإشارات لجسم الأم لإنتاج البروتين، ويلعب دوراً رئيساً في نمو أنسجة الجنين بما فيها المشيمة والكبد والمخ. ويقول الباحث في قسم علوم وظائف الأعضاء وعلم الأعصاب بجامعة كامبريدج، وأحد المشاركين في الدراسة، خورخي لوبيز تيلو، إنه «إذا ما عُطِّل عمل هذا الجين، فإنّ جسم الأم لا ينتج كمية كافية من الغلوكوز والدهون في الدورة الدموية، وبالتالي لا يحصل الجنين على المغذّيات الكافية ولا يستطيع النمو بشكل سليم».

ووجد الباحثون أيضاً أنّ حذف جين «Igf2» من خلايا المشيمة يؤثّر في إنتاج هرمونات أخرى تنظِّم إفراز الإنسولين في البنكرياس، ويؤثّر أيضاً في استجابة الكبد والأنسجة المسؤولة عن عملية الأيض. وتقول أماندا بيري: «وجدنا أنّ الجين (igf2) يتحكّم في الهرمون المسؤول عن تقليل الحساسية تجاه الإنسولين في جسم الأم خلال فترة الحمل، أي أنّ أنسجتها لا تستطيع امتصاص الغلوكوز، ما يزيد من كمية المغذّيات المُتاحة للجنين في دورتها الدموية».

وتشير إلى أنّ الأجنَّة الذين يعانون خللاً في الجين المذكور قد يعانون نمواً مفرطاً أو قصوراً في عملية النمو داخل الرحم؛ لكنّ الباحثين لم يستطيعوا حتى الآن تحديد الجزء المسؤول داخل الجين عن توجيه الإشارات من أجل زيادة المغذّيات التي يحصل عليها الجنين من جسم أمه، مؤكدةً أنّ هذه الدراسة «تُضيء على أهمية ضبط عملية تحويل المغذّيات من الأم إلى الجنين خلال فترة الحمل من أجل الحفاظ على صحة المولود في المستقبل، فضلاً عن الدور الرئيس الذي تلعبه المشيمة في هذه العملية».