تونس تنتظر الانطلاق الرسمي لمفاوضات {النقد الدولي}

وسط توجس حول التوافق الداخلي

بقيت المحادثات بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي حبيسة المباحثات التقنية والتطمينات (رويترز)
بقيت المحادثات بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي حبيسة المباحثات التقنية والتطمينات (رويترز)
TT

تونس تنتظر الانطلاق الرسمي لمفاوضات {النقد الدولي}

بقيت المحادثات بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي حبيسة المباحثات التقنية والتطمينات (رويترز)
بقيت المحادثات بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي حبيسة المباحثات التقنية والتطمينات (رويترز)

لم تكن التصريحات المتتالية التي أعلنتها سهام نمسية وزيرة المالية التونسية حول إيجابية المحادثات الأولية مع صندوق النقد الدولي، كافية لانطلاق المفاوضات بين الطرفين بصفة رسمية حول القرض المزمع الحصول عليه بقيمة 4 مليارات دولار، وبقيت المحادثات حبيسة المباحثات التقنية وتطمينات الصندوق واستعداده لدعم الاقتصاد التونسي.
وينظر صندوق النقد إلى الرفض المتواصل الذي أبداه الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) وعدم القبول بأي إجراءات من شأنها أن تمس الوضع الاجتماعي والاقتصادي للتونسيين، خصوصاً على مستوى الدعم الموجه لعدد من المنتجات الاستهلاكية الأساسية والتأثير السلبي على وضعية الإجراء في علاقة بتجميد كتلة الأجور ومنع الانتدابات في القطاع الحكومي وخصخصة كبرى المؤسسات العمومية التي تعاني من مديونية مرتفعة.
وتوقع عدد من خبراء الاقتصاد والمالية أن يتمسك اتحاد الشغل بموقفه، وهو ما سيكون له تأثير كبير على فتح أبواب التفاوض للحصول على القرض الذي تحتاجه البلاد لضخه في الميزانية التي تعاني من ثغرة مالية كبرى. وفي هذا الشأن، أكدت جنات بن عبد لله الخبيرة الاقتصادية على مرور نحو ثلاثة أسابيع على اجتماعات الربيع السنويّة لصندوق النقد والبنك الدوليين، واللقاءات التي عقدتها كل من وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي ووزير الاقتصاد والتخطيط وتأكيد الطرف التونسي على الالتزام بتنفيذ برنامج الإصلاحات الذي تعتزم الحكومة التونسيّة وضعه قيد التنفيذ بالتشاور مع شركائها الاجتماعيين بهدف استعادة صلابة الماليّة العمومية وتحقيق التوازنات المالية الكبرى وتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلّي، وعلى الرغم من ذلك، لم يعلن الصندوق عن موعد لانطلاق المفاوضات بشكل رسمي. وأشارت بن عبد الله إلى أن هذا التردد قد يخفي توجساً ومخاوف ويقتضي مزيداً من التوضيحات من الجانب التونسي حول برنامج الإصلاحات وضرورة جر الأطراف الاجتماعية إلى طاولة التفاوض الداخلي وتجاوز الخلافات المعلنة بين الحكومة واتحاد الشغل.
وكان جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد، قد أشار منذ نحو أسبوعين إلى استكمال النقاشات مع الحكومة التونسية ومع البنك المركزي التونسي، قائلاً: «ليس هناك أي شك من وجود تقدم في النقاشات وتوجد محاور أساسية في الخطة الإصلاحية وهي محاور جيدة، ويجب الآن استكمال النقاش بين فريق الصندوق والسلطات التونسية للوصول إلى ما يفيد المجتمع التونسي ويؤمن الاستقرار الاقتصادي ويمكن البلاد من النهوض، وهذا الأمر يتطلب إصلاحات، وصندوق النقد الدولي مستعد لذلك، كما أن تونس في حاجة أيضاً إلى دعم أصدقائها بالمنطقة أو في العالم»، على حد تعبيره. ومن جانبها، كانت سهام نمسية وزيرة المالية التونسية قد أشارت إلى أن مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي كان إيجابياً، وأن «المحادثات الأولية مع الصندوق كانت إيجابية، وأن تونس في انتظار إعلان صندوق النقد الدولي عن الانطلاق الرسمي للمفاوضات».
كما أعربت المصادر ذاتها عن أملها في «إبرام الاتفاق مع هذا الصندوق، خصوصاً أنه تم اعتماده عند إعداد قانون المالية (المتعلق بسنة 2022) لاستكمال حاجيات البلاد من التمويلات لدعم التوازنات المالية العمومية»، على حد تعبيرها.
وكشفت نمسية عن التزام الحكومة التونسية بكل تعهداتها الحالية والسابقة من منطلق «الإيمان بتواصل الدولة»، مبرزة أن تونس ستسدد خلال شهر مايو (أيار) الحالي، قروضاً تبلغ قيمتها أكثر من 3.5 مليار دينار تونسي (نحو 1.197 مليار دولار)، وبينت أن الحكومة ملتزمة بسداد قروض تونس وبتأمين صرف الأجور وكل المصاريف التي تتعهد بها الدولة من تحويلات اجتماعية ومصاريف دعم.


مقالات ذات صلة

الرئيس التونسي يعول على الفوسفات لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

الاقتصاد الرئيس التونسي يعول على الفوسفات  لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

الرئيس التونسي يعول على الفوسفات لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

حضّ الرئيس التونسي قيس سعيّد، على ضرورة تنشيط قطاع إنتاج الفوسفات، معتبراً أن من شأن ذلك تمكين اقتصاد بلاده من التعافي من دون اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية. وقال سعيّد، خلال إشرافه على مجلس الأمن القومي في مقطع فيديو نشرته الرئاسة ليل الأربعاء الخميس، إن تنشيط إنتاج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي في محافظة قفصة (وسط البلاد الغربي) «يمكن أن يمثل جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة حتى لا نقترض من الخارج، وتتعافى الدولة التونسية والاقتصاد». واعتبر الرئيس التونسي أن تراجع عجلة الإنتاج في هذا القطاع الحيوي «وضع غير مقبول، خصوصاً أن نوعية الفوسفات بتونس من أفضل ما يوجد في العالم، ويجب

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي الاتحاد الأوروبي يناقش توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس

الاتحاد الأوروبي يناقش توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس

تناقش دول الاتحاد الأوروبي في اجتماع لمجلس الشؤون الخارجية، ملف توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس، في ظل تفاقم موجات تدفق المهاجرين غير الشرعيين؛ ولمنع الانهيار المالي الذي سيزيد في تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تونس. وتتقدم كل من إيطاليا وفرنسا قائمة الدول الأوروبية الداعمة للملف التونسي، في حين تعمل دول أخرى على ربط المساعدات المالية «بالعودة إلى المسار الديمقراطي، واحترام الحقوق والحريات، وإيقاف موجة الاعتقالات» التي طالت كثيراً من رموز المعارضة للمسار السياسي الذي يقوده الرئيس التونسي قيس سعيّد. وتدافع رئيسة الوزراء الإيطالية بحماس، عن الدعم العاجل للملف التونسي لمنع تفاقم الأزمة ا

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا مصرع 4 مهاجرين وفقدان 23 في حادثي غرق قبالة سواحل تونس

مصرع 4 مهاجرين وفقدان 23 في حادثي غرق قبالة سواحل تونس

لقي أربعة مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء مصرعهم وفُقد ثلاثة وعشرون في حادثي غرق، يومي (الجمعة) و(السبت) قبالة سواحل تونس، فيما تم إنقاذ 53 آخرين، وفق ما أفاد متحدث باسم محكمة صفاقس (وسط شرق) وكالة الصحافة الفرنسية. بذلك ترتفع حصيلة حوادث الغرق إلى سبعة منذ بداية مارس (آذار)، وفق تعداد للوكالة الفرنسية. وأسفرت هذه الحوادث قبالة السواحل التونسية عن مصرع أو فقدان أكثر من 100 شخص.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مفوض أوروبا للشؤون الاقتصادية يبحث في تونس حل الأزمة المتفاقمة

مفوض أوروبا للشؤون الاقتصادية يبحث في تونس حل الأزمة المتفاقمة

قال باولو جنتيلوني، المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، خلال زيارته إلى تونس أمس (الاثنين) إن المفوضية الأوروبية «لا تزال مصممة على دعم الشعب التونسي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة» التي تمر بها البلاد، مؤكداً أن زيارته شكلت أيضاً فرصة لإعادة التأكيد على «التزام الاتحاد الأوروبي بقيم الديمقراطية وسيادة القانون». في المقابل، ورداً على تصريحات بوريل وبعض قادة أوروبا الذين حذروا من حالة الانهيار التي باتت تتهدد الاقتصاد التونسي، دعت وزارة الخارجية التونسية الاتحاد الأوروبي إلى «تفهم خصوصية الوضع ودقته، واعتماد خطاب مسؤول وبنّاء، يعكس حقيقة الواقع في تونس»، كما دعت إلى تثمين ما تم تحقيقه في إطار ال

المنجي السعيداني (تونس)
الاقتصاد البنك الدولي يعلق التعاون مع تونس «حتى إشعار آخر»

البنك الدولي يعلق التعاون مع تونس «حتى إشعار آخر»

علّق البنك الدولي «حتى إشعار آخر» محادثاته بشأن التعاون المستقبلي مع تونس، بعد الاعتداءات التي شهدتها ضد مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، في أعقاب خطاب ندّد فيه الرئيس قيس سعيّد بـ«جحافل المهاجرين غير النظاميين». وقال رئيس البنك ديفيد مالباس، في مذكرة بعثها إلى الموظفين، واطّلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية مساء الاثنين، إنّ خطاب سعيّد تسبّب في «مضايقات بدوافع عنصرية وحتى حوادث عنف»، وإنّ المؤسسة أرجأت اجتماعاً كان مبرمجاً مع تونس حتى تنتهي من تقييم الوضع. وعاد مئات المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلدانهم من تونس؛ خوفاً من موجة عنف إثر تصريحات الرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«توتال إنرجيز» تقرر تعليق التعامل مع «أداني» الهندية بسبب اتهامات الرشاوى

المقر الرئيسي لشركة «توتال إنرجيز» في منطقة الأعمال لا ديفونس غربي باريس (أ.ف.ب)
المقر الرئيسي لشركة «توتال إنرجيز» في منطقة الأعمال لا ديفونس غربي باريس (أ.ف.ب)
TT

«توتال إنرجيز» تقرر تعليق التعامل مع «أداني» الهندية بسبب اتهامات الرشاوى

المقر الرئيسي لشركة «توتال إنرجيز» في منطقة الأعمال لا ديفونس غربي باريس (أ.ف.ب)
المقر الرئيسي لشركة «توتال إنرجيز» في منطقة الأعمال لا ديفونس غربي باريس (أ.ف.ب)

قالت شركة النفط الفرنسية الكبرى «توتال إنرجيز» إنها ستوقف مساهماتها المالية في استثمارات مجموعة «أداني» بعد لائحة الاتهام التي صدرت الأسبوع الماضي.

وتمتلك «توتال» حصة 20 في المائة في «أداني للطاقة الخضراء» (Adani Green Energy ) ولديها مقعد في مجلس إدارة الشركة الهندية.

وقالت الشركة في بيان لها: «إلى أن يتم توضيح الاتهامات الموجهة لأفراد مجموعة أداني وعواقبها، لن تقدم (توتال إنرجيز) أي مساهمة مالية جديدة في إطار استثماراتها في مجموعة شركات أداني».

وأضافت: «لم تكن (توتال إنرجيز) على علم بوجود تحقيق في مخطط الفساد المزعوم».

واتهم المدعون العامون الأميركيون يوم الخميس ثمانية أشخاص - بمن فيهم قطب الأعمال الهندي غوتام أداني وابن أخيه ساغار أداني والرئيس التنفيذي السابق لشركة «أداني للطاقة الخضراء» - بتقديم وعود ثم مدفوعات غير سليمة لمسؤولين هنود في الفترة ما بين يوليو (تموز) 2021 و2024 للحصول على مزايا تجارية.

واشترت الشركة الفرنسية حصتها في «أداني للطاقة الخضراء» في يناير (كانون الثاني) 2021 - بعد أن فازت الشركة الهندية بما كان آنذاك أكبر طلبية طاقة شمسية في العالم، وقبل أشهر فقط من مزاعم بدء المدفوعات للمسؤولين.

وتمتلك «توتال» أيضاً حصة 37.4 في المائة في شركة «أداني توتال للغاز المحدودة»، بالإضافة إلى حصة 50 في المائة في ثلاثة مشاريع مشتركة للطاقة المتجددة مع شركة «أداني للطاقة الخضراء».

وقد تم الدخول في اثنين من هذه المشاريع المشتركة بعد أن قدم مكتب التحقيقات الفيدرالي مذكرات تفتيش على ساغار أداني وصادر أدلة تتعلق بشركة «أداني للطاقة الخضراء».

وصفت شركة «توتال إنرجيز» الهند بأنها سوق رئيسية لتطوير كل من أعمالها في مجال الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة. وقد أدت موجات الحر الشديد وارتفاع النشاط الاقتصادي إلى نمو توليد الكهرباء في الهند بمعدل حوالي 8 في المائة سنوياً في المتوسط بعد عام الجائحة 2020-2021، وهو ما يفوق نمو الطلب على الطاقة في كل الاقتصادات العالمية الكبرى.

وقد وصفت الشركة الفرنسية مراراً وتكراراً علاقتها مع مجموعة «أداني» بأنها «تحالف استراتيجي» - 25 في المائة من محفظة «توتال» التشغيلية للطاقة المتجددة تأتي من حصصها في أصول «أداني» لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.

ويقدر المحللون انكشاف «توتال إنرجيز» المالي على شركات «أداني» بما يتراوح بين 4-5 مليارات دولار، أو حوالي 3 في المائة من رأس المال المستخدم.