100 رجل دين يؤكدون من الرياض على التسامح

«القيم المشتركة بين الأديان» يبلور رؤية حضارية لتعزيز الوسطية

محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلقي كلمته في الملتقى أمس (الشرق الأوسط)
محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلقي كلمته في الملتقى أمس (الشرق الأوسط)
TT

100 رجل دين يؤكدون من الرياض على التسامح

محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلقي كلمته في الملتقى أمس (الشرق الأوسط)
محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلقي كلمته في الملتقى أمس (الشرق الأوسط)

أكد نحو 100 عالم ورجل دين من مختلف العالم على التشديد على كرامة الإنسان والمساواة العادلة بين البشر وعمق المشتركات الإنسانية مع التركيز على وجوب تفهم الخصوصيات الدينية والثقافية وعدم الإساءة لأتباعها، وإنما يجري الحوار حولها لإيضاح ما يلزم إيضاحه كما هو أدب الإسلام في الإيضاح والبيان.
وشدد محمد بن عبد الكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي في كلمته خلال ملتقى القيم المشتركة بين الأديان، الذي نظمته الرابطة في الرياض أمس الأربعاء، على رفض أي تأويل خاطئ أو متعمد يقوض التعايش بين أتباع الأديان، ممن يتشاركون الوجود والمسؤولية عن سلام العالم وانسجام مجتمعاته، وأضاف: «المشاركون في هذا الملتقى لا يقدمون أنفسهم كممثل لأي آيديولوجية أو الترويج لأي سياسة خاصة، وجاءوا من بلدان صديقة وشقيقة، يتواصلون مع بعضهم في أجواء من الاحترام والمحبة والتقدير والتعاون من أجل صالح الجميع»، مطالباً بضرورة تجنب التشدد في المواقف أو التقلب فيها من أجل أهداف مرحلية ومخادعة.
فيما قال البطريرك برثلماوس الأول، بطريرك القسطنطينية المسكوني وروما الجديدة، إن الواجب على الجميع تكريس عمله من أجل الحوار والتقارب لبناء جسور التواصل بين مختلف أتباع الثقافات والديانات والشعوب، وتعزيز السلام والتضامن حول العالم، لحماية الكرامة الإنسانية، مضيفاً أن دور الدين لا يرتبط فقط بمخاوف الإنسان، بل بهوية الشعوب والحضارات، منوهاً بأن الدين حافظ على مختلف الإنجازات الثقافية وصيانة القيم الإنسانية، مما يحتم التعاون للالتزام بالسلام، وهو نتيجة لنضال وتضحية وصبر، بالاعتماد على الاحتياطي المتوفر في تراث الأديان لصناعة السلام.
وأضاف البطريرك المكسوني أن «أفضل الطرق للوصول إلى السلام والتسامح، هو الحوار الصادق والاحترام المتبادل، ووجودنا هنا، يدعم هذه المساهمات، لتطوير الثقة المتبادلة، وتصحيح أخطاء بعض المفكرين المعاصرين ممن قلل من حيوية الأديان وأثرها الهائل في تثبيت السلام ونفي المتطرفين»، مؤكداً أن الانفتاح على الآخرين لا يهدد الهويات، بل يعززها ويرسخها أكثر.
وركز المشاركون في الملتقى على بلـورة رؤيـة حضاريـة لترسـيخ قيـم الوسـطية فــي المجتمعــات البشــرية، وتعزيــز الصداقــة والتعــاون بيــن الأمم والشــعوب، ويشارك في الملتقى قــادة الأديــان حــول العالم مــن المســلمين، واليهود والمســيحيين والهنــدوس والبوذييــن وغيرهــم مــع مشــاركة قيادات فكرية مؤثرة.
وتضمَنت فعاليات المؤتمر كلمات لعدد من القيادات الدينية والفكرية المشاركة، إلى جانب عرض مرئي عن دور القيادات الدينية في تعزيز قيم السلام والوئام، فضلاً عن حلقات حوار لمشاركة وجهات النظر من التقاليد الدينية حول موضوع المنتدى.
وشهد الملتقى حلقات نقاشية، تناولت عدداً من الموضوعات المتصلة بقضايا الحوار والتسامح والتواصل بين الأديان والثقافات، ومن ذلك موضوع «الكرامة الإنسانية» التي ناقشت المساواة العادلة بين البشر وعمق المشتركات الإنسانية مع التركيز على وجوب تفهم الخصوصيات الدينية والثقافية وعدم الإساءة لأتباعها، وإجراء الحوارات الجادة حولها.
وركزت الجلسة النقاشية الثانية على تفكيك مفهوم الصراع الحتمي للحضارات وصدامها، وتعزيز قيم الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب لصالح الجميع، تحت شعار: «أسرة إنسانية واحدة تتعارف وتتفاهم وتتعاون مع إيضاح الحق للجميع».
فيما تناولت ثالث جلسات الملتقى، موضوع «الوسطية وتفهم الآخرين» وراهنت على فطرية القيم الإنسانية ودورها في تكوين شخصية الاعتدال وتفهم التنوع بين البشر وعدم تحويلها إلى خوف وكراهية وصراع وإنما إلى حوار وتفاهم وتعاون لصالح الجميع. وحظي الملتقى، بحوارات مفتوحة حول المبادرات المقدمة، قبل عقد الجلسة الختامية، وتلاوة البيان الختامي مشتملاً على إعلان القيم الإنسانية المشتركة على ضوء مخرجات ومداولات الملتقى وتوافق الجميع.
من جهته، أكد عبد الوهاب بن محمد الشهري الوكيل للاتصال المؤسسي برابطة العالم الإسلامي، أن الملتقى ينطلق في ضوء أهداف الرابطة المشمولة بنظامها الأساسي ولوائحها الخاصة بها، ترسيخاً لدورها العالمي كمنظمة دولية مستقلة غير حكومية تُعنى بنشر قيم الإسلام الداعية لخير الإنسانية، ومن ذلك التعاون مع الجميع حول تعزيز المشترَكات الإنسانية من أجل عالم أكثر تعاوناً وسلاماً، ومجتمعات أكثر تعايشاً ووئاماً، منطلقاً من أرض المملكة العربية السعودية، أرض الإشعاع والتواصل الإسلامي والإنساني.
وشدّد الشهري على أن الملتقى جاء على أساس متين من تعاليم ديننا العظيم الداعي للحوار والتعاون، ولا سيما في دائرة المشتركات الجامعة التي تكفل التعايش الأمثل في عالمنا لكل التنوع الإنساني، الذي في ضوئه تمَّ إيجاد المنظومة الدولية الحديثة تحت مظلة الأمم المتحدة، مشتملة على منظمات وهيئات وبرامج عالمية يلتقي حولها الجميع، ومن بينها منظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، التي أسهمت فيها الدول الإسلامية من خلال علمائها ومفكريها بدورٍ فاعلٍ.
وأكد الشهري على أن حضور الملتقى «قادة دينيون مستقلون تماماً عن أي توجهات تخرج عن الإطار الديني»، مشدداً على أن رابطة العالم الإسلامي في هذا الصدد لا تتعامل مع أي أهداف آيديولوجية أو سياسة أياً كانت، كما هو نهجها، وكما الواجب في أمثال هذه اللقاءات التي يتعين أن تكون خالصة من أي أهداف غير هدفها السامي المعلن.


مقالات ذات صلة

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

يوميات الشرق جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

بعد أكثر من خمس سنوات من أعمال ترميم واسعة، كشفت كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية باريس عن هيئتها الجديدة للعالم اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

اختتم مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) اجتماعاته في الرياض، أمس، بالموافقة على 35 قراراً حول مواضيع محورية تسهم في الحد من تدهور الأراضي ومكافحة الجفاف.

وحقَّقت الدول في «كوب 16» تقدماً ملحوظاً في وضع الأسس لإنشاء نظام عالمي لمكافحة الجفاف مستقبلاً. كما تم التعهد بتقديم أكثر من 12 مليار دولار.

وأكَّد رئيس الدورة الـ16 للمؤتمر، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة ختامية، التزام المملكة مواصلةَ جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. وأعرب عن تطلُّع المملكة لأن تُسهمَ مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة في هذا الصدد.