مقتنيات نادرة بالمتاحف المصرية توثّق تطور «كرسي الولادة»

صُنع من الأحجار في زمن الفراعنة ثم الأخشاب لاحقاً

كرسي الولادة في متحف جاير أندرسون (الشرق الأوسط)
كرسي الولادة في متحف جاير أندرسون (الشرق الأوسط)
TT

مقتنيات نادرة بالمتاحف المصرية توثّق تطور «كرسي الولادة»

كرسي الولادة في متحف جاير أندرسون (الشرق الأوسط)
كرسي الولادة في متحف جاير أندرسون (الشرق الأوسط)

ما زالت المتاحف المصرية تواصل الكشف عن كنوزها ومقتنياتها الأثرية النادرة، والتي تتقاطع من آن لآخر مع موضوعات تاريخية تثير الكثير من التساؤلات، من بين هذه القطع التي تربط الماضي بالحاضر، مجموعة من المقتنيات توثق لتاريخ الولادة، وكيف كانت تتم منذ عهد الفراعنة، وطقوسها الخاصة عبر عصور مختلفة، أبرزها نماذج متنوعة لـ«كرسي الولادة» الذي كانت تجلس عليه المرأة خلال وضع المولود، وكان الكرسي يُصنع من الحجر في العصر الفرعوني، ثم تطور في عصور لاحقة ليُصنع من الخشب، كما كشفت بعض القطع المعروضة بعدد من المتاحف أن مهنة القابلة أو كما تسمى في مصر حالياً «الداية» كانت موجودة منذ العصر الفرعوني.
خصص متحف جاير أندرسون «بيت الكرتيلية» بالقاهرة، غرفة خاصة ضمن قاعات عرضه سماها «غرفة الولادة» يعرض فيها 5 نماذج متنوعة لـ«كرسي الولادة» تُبرز تطوره خلال العصر الإسلامي يرجع أغلبها إلى عهد الدولة العثمانية، ويكون الكرسي عبارة عن شكل مستطيل، ويتكون من ‏جلسة ترتكز من الأمام على هيئة كوابيل خشبية مثبتة في الأرجل الركنية المستطيلة الشكل والتي تستند على ‏حلية خشبية كروية، وتضم الجلسة في مقدمتها تجويفاً على هيئة حدوة الفرس، ويزدان ظهر الجلسة من ‏أسفل بصف من البرامق الخشبية المخروطية تعلوها قوائم خشبية مستطيلة خالية من الزخارف، ويعلوها لوح ‏خشبي مستطيل به في الغالب نقش كتابي يمثل أدعية أو آيات قرآنية‎.
ويرتبط «كرسي الولادة» بمظاهر وعادات شعبية مصرية ما زال بعضها موجوداً في الوقت الراهن، وفق ابتسام عبد الواحد مدير متحف جاير أندرسون «بيت الكريتلية»، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «كرسي الولادة كان يًصنع خصيصاً لتناسب مقاساته جسم الزوجة ووزنها، كما أن جودته وتصميمه يعكس المكانة الاجتماعية والقدرة المادية، وكان الزوج يقوم قبيل موعد الولادة بالتجول بالكرسي في أرجاء المنزل وأمامه، ثم يضعه أمام باب البيت كي يعرف الجيران أنهم في انتظار مولود».
وتعود فكرة «كرسي الولادة» إلى العصر الفرعوني، حيث كان يُصنع من الحجر من دون ظهر، ثم تطور في عصور لاحقة ليصبح له ظهر ومسندان، واستُبدل بالحجر الخشب، ويضم الكثير من المتاحف المصرية نماذج متنوعة توثق للولادة ومهنة القابلة «الداية»، منها كرسي خشبي بمتحف الطب المصري الذي يقع داخل مقر كلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة في حي المنيل.
وتوثق اللوحات الجدارية على جدران المعابد لمظاهر وعادات تاريخية فرعونية ترتبط بالولادة، منها منظر منحوت على جدران معبد كوم أمبو بمدينة أسوان «جنوب مصر» يصوّر امرأة تجلس على كرسي ولادة حجري وتضع قدميها على قطعة حجرية منفصلة. بينما يعد أقدم النماذج التي توثق لعملية الولادة، نقش على جدران معبد دندرة بمحافظة قنا «جنوب مصر» يصوّر سيدة حاملاً تجلس «القرفصاء» وتُظهر إحدى النساء تسندها من الظهر، بينما تقف أخرى أمامها تستقبل المولود.
ويعرض المتحف القومي للحضارة بمنطقة الفسطاط بالقاهرة، لوحة تصويرية تظهر فيها سيدة على كرسي الولادة وحولها الربّات الحاميات، وهي مجموعة من الآلهة المصرية القديمة أشهرها حتحور «ربة الأمومة» والتي كان يتم تصويرها على هيئة بقرة. وتوثق الكثير من البرديات ومنها البردية الطبية «إيفروس» لمهنة القابلة «الداية» وهي مهنة نسائية تعود للعصر الفرعوني، حيث تقوم بعملية الولادة، كما تتولى رعاية الأم خلال فترة الحمل، وما زالت المهنة موجودة حتى الآن في بعض القرى المصرية رغم التقدم الطبي.
وتعد عادة «السبوع» من أبرز العادات والطقوس الفرعونية الخاصة بالولادة التي انتقلت إلى العصر الحديث، حيث تحتفل الأسرة بإكمال الطفل عمر سبعة أيام، وتشير ابتسام عبد الواحد إلى أن «طقس (السبوع) يعود للعصر الفرعوني، ويرتبط بمعتقد مصري قديم، حيث تتولى الربات الحاميات حماية الطفل الجديد، بينما تحتضن الإلهة حتحور ربة الأمومة والحب والعطاء المولود لمدة سبعة أيام لرعايته، يتم بعدها الاحتفال».


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.