النمو الاقتصادي في الصين مهدد مع انتشار «كوفيد-19» وإجراءات الإغلاق

صينيون ينتظرون خارج مخبز لشراء الخبز بعد تخفيف القيود نسبياً في شنغهاي (رويترز)
صينيون ينتظرون خارج مخبز لشراء الخبز بعد تخفيف القيود نسبياً في شنغهاي (رويترز)
TT

النمو الاقتصادي في الصين مهدد مع انتشار «كوفيد-19» وإجراءات الإغلاق

صينيون ينتظرون خارج مخبز لشراء الخبز بعد تخفيف القيود نسبياً في شنغهاي (رويترز)
صينيون ينتظرون خارج مخبز لشراء الخبز بعد تخفيف القيود نسبياً في شنغهاي (رويترز)

تهدد الكلفة المتزايدة لسياسة «صفر كوفيد» التي تتبناها الصين لمحاربة جائحة كورونا بعرقلة الهدف المحدد لنمو الناتج المحلي الإجمالي، كما يقول محللون، فيما تشهد سلاسل الإمداد أزمة مستمرة وتواجه الموانئ تأخيرات، مع بقاء مدينة شنغهاي مغلقة.
وكان النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم يتباطأ في النصف الأخير من العام الماضي مع تراجع سوق العقارات والإجراءات التنظيمية، ما دفع المسؤولين إلى تحديد أدنى هدف سنوي للناتج المحلي للعام 2022 منذ عقود.
لكنّ محللّين قالوا لوكالة الصحافة الفرنسية إنه سيكون من الصعب تحقيق الهدف المتمثل في 5.5 في المائة مع الطلب من السكان البقاء في المنزل وهو أمر أدى إلى تعليق الإنتاج وتوقف نمو الإنفاق الاستهلاكي في المدن الرئيسية.
وتوقع خبراء من 12 مؤسسة مالية أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي 5 في المائة للعام بأكمله. وهم يتوقعون نسبة 4.3 في المائة للربع الأول، أعلى بقليل من 4 في المائة المسجلة في الأشهر الثلاثة السابقة.

وقال جين ما رئيس الأبحاث الصينية في معهد «إنستيتيوت أوف إنترناشونال فاينانس» إن «الاقتصاد الصيني شهد بداية جيدة في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) مع قيود أقل على الطاقة وتعافي الطلب المحلي (...) وتحفيز مالي وصادرات مرنة». لكنّ ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس في مارس (آذار) وإجراءات الإغلاق التي فرضت لكبح انتشاره «عطلت سلاسل الإمداد والنشاطات الصناعية بشكل كبير»، كما أضاف.
وتوقّع المحللون أن يؤدي تفشي فيروس كورونا إلى عكس المكاسب التي تم تحقيقها في وقت سابق من العام.
وحذّرت شركات صناعة السيارات هذا الأسبوع من اضطراب شديد في سلاسل الإمداد وربما حتى وقف الإنتاج تماما إذا استمر الإغلاق في شنغهاي.
وقال رئيس الوزراء لي كه تشيانغ هذا الأسبوع إنه يجب تعزيز الدعم الحكومي واستخدام أدوات بما فيها خفض نسبة متطلبات الاحتياطي للمصارف، من أجل مساعدة القطاعات المتضررة بالفيروس.
ومن المدن الرئيسية الأخرى التي تضررت من انتشار الفيروس فيها شينتشين، مركز الصناعات التكنولوجية، التي فرض عليها إغلاق تام لمدة أسبوع تقريبا في مارس.
مع اكتشاف إصابات بـ«كوفيد-19» في عشرات المدن، واصلت بكين العمل بموجب استراتيجية «صفر كوفيد» التي تتضمن القضاء على البؤر عند ظهورها فيما تُجرى فحوص جماعية وتُعزل الحالات الإيجابية.
وأدى ذلك إلى فرض قيود صارمة على التنقل في شنغهاي منذ أسبوعين تقريبا فيما يسجل المركز المالي عشرات الآلاف من الإصابات يوميا، معظمها بدون أعراض.

وتضم شنغهاي أهم ميناء للحاويات في العالم. وبينما تستمر عمليات الإنتاج، تؤدي القيود المفروضة على السفر بين المدن ونقص عدد سائقي الشاحنات، إلى عرقلة نقل البضائع.
وقال جوليان إيفنز-بريتشارد كبير الاقتصاديين الصينيين في مجموعة «كابيتال إيكونوميكس» المالية في تقرير حديث إن التدفق اليومي لمركبات الشحن على طول الطرق السريعة «ضعف بشكل كبير» منذ بداية أبريل.
وواجهت سلطات شنغهاي انتقادات لسماحها بارتفاع عدد الإصابات بالوباء وعدم تمكّنها من ضمان وصول إمدادات الطعام الطازج إلى جميع السكان.
وأشار تومي تشي المسؤول في مصرف «أو سي بي سي بنك» إلى أن «شنغهاي درس، والحكومات المحلية في أجزاء أخرى من الصين قد تصبح أكثر استجابة للاضطرابات المحلية». وقال «إذا أرادت الإغلاق، فستحاول فرضه مبكرا وليس لاحقا».
من جانبها، قالت دان وانغ كبيرة الاقتصاديين في مصرف «هانغ سنغ بنك تشاينا» إن الضوابط في المدن الساحلية الأخرى ستبقى مشددة. وأضافت «ليس مستبعداً أن نرى عشرات أو حتى أكثر من ثلاثين مدينة مغلقة في الوقت نفسه. الكلفة الاقتصادية ستكون مرتفعة جدا».


مقالات ذات صلة

فيصل بن فرحان يناقش التطورات اللبنانية مع نظيريه الفرنسي والأميركي

الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يستقبل نظيره الفرنسي جان نويل بارو في الرياض (واس)

فيصل بن فرحان يناقش التطورات اللبنانية مع نظيريه الفرنسي والأميركي

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، التطورات على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال لقائه في مكتبه بالرياض السفير الفرنسي لودوفيك بوي (وزارة الدفاع السعودية)

وزير الدفاع السعودي والسفير الفرنسي يناقشان الموضوعات المشتركة

ناقش الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي مع لودوفيك بوي سفير فرنسا لدى المملكة، الاثنين، عدداً من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (الخارجية السعودية)

«الإليزيه»: 4 ملفات رئيسية في اتصال الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي

4 ملفات رئيسية في الاتصال الهاتفي بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي: الوضع في غزة والحل السياسي والتصعيد الإقليمي (ولبنان) والعلاقة الاستراتيجية.

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج من اللقاء بين الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والوزيرة الفرنسية (واس)

تعزيز التعاون الثقافي السعودي - الفرنسي

بحث الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع نظيرته الفرنسية رشيدة داتي، الثلاثاء، في سُبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات الثقافية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال لقائه المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي في ميونيخ بألمانيا (واس)

أوضاع غزة تتصدر محادثات وزير الخارجية السعودي في ميونيخ

تصدرت تطورات الأوضاع في قطاع غزة محادثات الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع مسؤولين من فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)

«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)

خفّض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس؛ استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين، وأسهمت في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

وكعادته، يكتسب اجتماع «الاحتياطي الفيدرالي» أهمية؛ حيث يترقبه المستثمرون والأسواق لمعرفة مقدار الخفض الذي سيطال الفائدة لما تبقى هذا العام والعام المقبل، لكن أهميته هذه المرة كانت مضاعفة، كونها تأتي غداة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي أفضت إلى فوز الجمهوري دونالد ترمب، المعروف بانتقاداته للسياسة النقدية المتبعة عموماً، ولرئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، خصوصاً.

ونقلت «سي أن أن» عن مستشار كبير لترمب أنه من المرجح أن يسمح الأخير لباول بقضاء بقية فترة ولايته التي تنتهي في مايو (أيار) 2026، بينما يواصل سياسته في خفض أسعار الفائدة.

وجاء خفض 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.5 في المائة - 4.75 في المائة، بعدما خفّض في سبتمبر (أيلول) الماضي سعر الفائدة بمقدار بواقع 50 نقطة أساس.

وبعد نتائج الانتخابات، عزز المستثمرون رهاناتهم على الأصول التي تستفيد من فوز المرشح الجمهوري، أو ما يعرف باسم «تجارة ترمب»، التي تستند إلى توقعات بنمو اقتصادي أسرع، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تضخم أعلى.

وقفزت عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل بنحو 20 نقطة أساس، في حين سجلت الأسهم الأميركية مستويات قياسية، وارتفع الدولار.

وقد باتت تحركات «الاحتياطي الفيدرالي» المستقبلية غامضةً بعد الانتخابات؛ نظراً لأن مقترحات ترمب الاقتصادية يُنظر إليها، على نطاق واسع، على أنها قد تسهم في زيادة التضخم.

كما أن انتخابه أثار احتمالية تدخل البيت الأبيض في قرارات السياسة النقدية لـ«الاحتياطي الفيدرالي»؛ حيث صرّح سابقاً بأنه يجب أن يكون له صوت في اتخاذ قرارات البنك المركزي المتعلقة بسعر الفائدة.

ويُضيف الوضع الاقتصادي بدوره مزيداً من الغموض؛ حيث تظهر مؤشرات متضاربة؛ فالنمو لا يزال مستمراً، لكن التوظيف بدأ يضعف.

على الرغم من ذلك، استمرّ إنفاق المستهلكين في النمو بشكل صحي، ما يُثير المخاوف من أن خفض سعر الفائدة قد لا يكون ضرورياً، وأن القيام به قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مفرط، وربما إلى تسارع التضخم من جديد.

وفي هذا الوقت، ارتفع عدد الأميركيين الذين قدّموا طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي، ما يشير إلى عدم وجود تغييرات ملموسة في ظروف سوق العمل، ويعزز الآراء التي تشير إلى أن الأعاصير والإضرابات تسببت في توقف نمو الوظائف تقريباً في أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، إن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية ارتفعت 3 آلاف طلب لتصل إلى 221 ألف طلب، معدَّلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في 2 نوفمبر (تشرين الثاني).

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 221 ألف طلب للأسبوع الأخير، وفق «رويترز».

وتباطأ نمو الوظائف بشكل حاد في الشهر الماضي؛ إذ ارتفعت الوظائف غير الزراعية بواقع 12 ألف وظيفة فقط، وهو أقل عدد منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020.