هل يؤدي انسحاب «فاغنر» إلى «فراغ» في أفريقيا؟

جانب من عمليات مجموعة «فاغنر» في ليبيا، 13 يوليو 2020 (أفريكوم)
جانب من عمليات مجموعة «فاغنر» في ليبيا، 13 يوليو 2020 (أفريكوم)
TT

هل يؤدي انسحاب «فاغنر» إلى «فراغ» في أفريقيا؟

جانب من عمليات مجموعة «فاغنر» في ليبيا، 13 يوليو 2020 (أفريكوم)
جانب من عمليات مجموعة «فاغنر» في ليبيا، 13 يوليو 2020 (أفريكوم)

بالتزامن مع حملة تجنيد روسية واسعة للمتطوعين السوريين للقتال في أوكرانيا، تسري معلومات، منذ أيام، عن انسحابات لمقاتلين من «مجموعة فاغنر» الأمنية من مناطق انتشارهم الحالية، في دول مثل ليبيا وسوريا، بهدف نشرهم في منطقة دونباس التي تقول روسيا إنها الهدف الأساسي لـ«العملية العسكرية» التي أطلقتها في أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي. ويمكن أن يؤدي انسحاب «فاغنر» من مناطق انتشارها في أفريقيا إلى «فراغ» وخلط لأوراق كثير من النزاعات التي تقول دول غربية إن روسيا تتدخل فيها عبر شركتها الأمنية الخاصة.
وتواترت المعلومات عن انسحابات لـ«مجموعة فاغنر» منذ 25 مارس (آذار) الماضي، عندما أبلغ مسؤول أميركي صحيفة «نيويورك تايمز» أن هذه المجموعة الأمنية لا تكتفي بسحب قوات من ليبيا بهدف نشرها في شرق أوكرانيا، بل تسحب أيضاً قطعاً مدفعية ودفاعات جوية ورادارات كانت تستخدمها في ليبيا، كاشفاً أن القوات المسلحة الروسية تدعم عملية الانسحاب هذه من خلال توفير طائرات شحن عسكرية تتولى نقل المقاتلين والتجهيزات.
وبعد ذلك بثلاثة أيام (في 28 مارس)، أكدت وزارة الدفاع البريطانية، في تقريرها الاستخباراتي اليومي الخاص بالحرب في أوكرانيا، أن «الشركة الأمنية الروسية الخاصة، مجموعة فاغنر، تقوم بالانتشار في شرق أوكرانيا»، مضيفة أن «من المتوقع أن تنشر (المجموعة) أكثر من ألف فرد من المرتزقة، بينهم قادة كبار، لتسلم عمليات قتالية». وزادت: «نظراً للخسائر الكبيرة ولجمود الاجتياح إلى حد كبير، اضطرت روسيا - على الأرجح - إلى إعطاء الأولوية لنشر عناصر فاغنر في أوكرانيا على حساب عملياتها في أفريقيا وسوريا».
وفي حين تمتنع بريطانيا عن الخوض في تفاصيل أكثر بخصوص كيفية ترجمة هذا «التغيير في الأولويات» على الأرض، سواء في القارة السمراء أو سوريا، فإنها تعتبر أن «استخدام (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) المرتزقة في أوكرانيا يُعد علامة جديدة على يأسه المتزايد» بعد تعثر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كما قال مسؤول غربي لـ«الشرق الأوسط». ولفت المسؤول إلى إجراءات جديدة اتخذتها بريطانيا ضد «مجموعة فاغنر» الأسبوع الماضي، إذ شملتها سلسلة عقوبات فرضتها وزارة الخارجية على أثرياء روس (أوليغارش) ومجموعات روسية مختلفة.
في المقابل، تقول ناطقة باسم القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (أفريكوم)، رداً على استفسار من «الشرق الأوسط»، إن القيادة الأميركية «على اطلاع على التقارير» التي تفيد بانسحاب قوات «فاغنر» من مناطق انتشارها الحالية بهدف إشراكها في القتال في شرق أوكرانيا. لكن الناطقة رفضت اعتبار أن «انسحاب المجموعة الأمنية الروسية فاغنر سيخلق فراغاً» في أفريقيا، مضيفة: «مرتزقة فاغنر تم ربطهم بعمليات عنيف رهيبة ضد المدنيين وبارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في العديد من الدول الأفريقية. أينما حلت فاغنر عدم الاستقرار يتبعها».
ويأتي موقف الناطقة في إطار سياسة باتت معتادة من «أفريكوم» هدفها تسليط الضوء على ما يعتبره الأميركيون «مساوئ» تنتج عن التدخلات الروسية في دول أفريقية، على غرار ليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. وعلى رغم النفي الأميركي، فإن هناك إمكانية حقيقية لنشوء «فراغ» إذا ما انسحبت قوات «فاغنر» من بعض الدول الأفريقية، على غرار مالي، فهذه الدولة تعاني منذ سنوات نشاطاً كبيراً لمجموعات مسلحة على غرار تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد أدت استعانة المجلس العسكري الحاكم بالمجموعة الأمنية الروسية، قبل نحو عامين، إلى تدهور كبير في العلاقة مع الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا التي قلصت إلى حد كبير مشاركتها في الحرب ضد الجماعات المتشددة. وبالتالي، فإن انسحاب «فاغنر» اليوم من مالي، إذا ما حدث فعلاً، يمكن أن يؤدي إلى ترك الجيش المالي وحده في المواجهة ضد «القاعدة» و«داعش».
أما في ليبيا، فإن انسحاب «فاغنر» لا يُعتقد أنه يمكن أن يترك تأثيراً كبيراً على مجريات الواقع على الأرض، إذ إن جبهات القتال بين قوات شرق البلاد وغربها «جامدة» منذ ربيع عام 2020 عندما وضعت مصر «خطاً أحمر» يمتد من سرت إلى الجفرة يُمنع على قوات غرب ليبيا، المدعومة من تركيا، أن تتقدم نحوها. وتنتشر قوات «فاغنر» في سرت والجفرة من بين مناطق ليبية أخرى، ولكن ليس واضحاً في الحقيقة ما إذا كانت قد انسحبت بالفعل من هناك أو قلصت انتشارها.
وفي جمهورية أفريقيا الوسطى باتت مجموعة «فاغنر» الحليف الأساسي منذ سنوات لنظام الرئيس فوستان أرشانج تواديرا. ويواجه نظام الحكم في هذه الدولة اضطرابات منذ ما لا يقل عن 20 عاماً، وتحكم قواته في العاصمة بانغي لكن سلطته شبه غائبة عن الأقاليم التي تنتشر فيها جماعات مسلحة. ولجأ الرئيس تواديرا إلى «مجموعة فاغنر» منذ عام 2017 عندما عجزت قوات سلام أرسلتها الأمم المتحدة عن مساعدة الحكومة على التصدي لجماعات المتمردين. ولا يكتفي الروس حالياً بدعم حكومة بانغي أمنياً، بل يقدمون المشورة في القضايا السياسية والاقتصادية أيضاً.


مقالات ذات صلة

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.