الجزائر تصعِّد لهجتها ضد إسبانيا لدعمها «الحكم الذاتي في الصحراء»

TT

الجزائر تصعِّد لهجتها ضد إسبانيا لدعمها «الحكم الذاتي في الصحراء»

عبَّر رئيس «مجلس الأمة» الجزائري صالح قوجيل، الذي يعد دستورياً الرجل الثاني في الدولة، عن استغرابه مما سمَّاه «الانحراف المفاجئ لموقف إسبانيا تجاه القضية الصحراوية العادلة»، بعد إعلان مدريد دعمها مشروع الحكم الذاتي المغربي في الصحراء. وترفض الجزائر المشروع، وتطالب باستفتاء لتقرير المصير بالصحراء، بدلاً عنه.
واستنكر قوجيل، في بيان أمس: «الدعم المريب لمسعى استعماري موسوم من خلال المواثيق والشرعية الدولية، ما يعد جنوحاً وانحيازاً غير مقبول ضد قضية صنفتها الأمم المتحدة كآخر مستعمرة في أفريقيا... وأقرت حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره».
وأكد قوجيل أن «تماهي الحكومة الإسبانية مع الطروحات المغربية، يعد منافياً للواقع على الأرض وللأعراف ومفاهيم القانون الدولي، الرافضة لكل أشكال الاستعمار والهيمنة»؛ مشيراً إلى أن «هذا الموقف يطرح علامات استفهام حول المقاصد الحقيقية لهذا التحول المشبوه الذي تُقايَض فيه المصالح بحق الشعوب في تقرير مصيرها». وشجب «مواقف متواطئة شبيهة حدثت عام 1975 (انسحاب إسبانيا من الصحراء)... تتحمل إسبانيا المسؤولية التاريخية والسياسية والمعنوية، من أجل محو آثارها الوخيمة على الشعب الصحراوي وعلى المنطقة كلها، منذ ما يزيد عن 4 عقود ونصف».
ودعا قوجيل إلى «التمكين لصوت الحكمة، من خلال إعلاء صوت الحق الذي جسدته المواثيق الدولية لا سيما منها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكدت فيه أنه لم يثبت لديها وجود روابط قانونية، من شأنها أن تؤثر على تطبيق القرار 15/14 المتعلق بتصفية الاستعمار في الصحراء، وعلى الخصوص تطبيق مبدأ تقرير المصير، من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة سكان الصحراء».
وناشد أعضاء البرلمان الإسباني «الحفاظ على شرف البرلمانات ومصداقية الأداء البرلماني الإنساني، من خلال العمل على استدراك ومراجعة هذا الموقف المؤسف وغير المألوف، في تعاطي إسبانيا مع الملف الصحراوي».
وتلقت الحكومة الجزائرية باستياء بالغ الموقف الإسباني، وأعلنت أول من أمس، استدعاء سفيرها في مدريد من أجل التشاور، بأثر فوري، وهذا عقب تصريحات صدرت عن أعلى السلطات الإسبانية تشكل تحولاً مفاجئاً في موقفها بخصوص ملف الصحراء، حسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية.
وعبرت الجزائر عن اندهاشها من التصريحات التي صدرت عن أعلى السلطات الإسبانية، بخصوص ملف الصحراء، وتفاجأت بهذا التحول المفاجئ.
من جهته، ذكر حزب «جبهة التحرير الوطني»، القوة السياسية الأولى في البلاد، في بيان، أن «الموقف الإسباني خيانة تاريخية، ويتعارض بصفة مطلقة مع قرارات الشرعية الدولية، داعياً الحكومة الإسبانية إلى مراجعة موقفها الجديد، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية لإيجاد حل سياسي عادل ودائم، يكفل حق تقرير المصير لشعب الصحراء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».