كيف يمكن مساعدة الأطفال على التعامل مع أخبار الحرب؟

موظفة بقسم حالات الطوارئ تحمل طفلة لاجئة على الحدود الرومانية الأوكرانية في سيريت (أ.ب)
موظفة بقسم حالات الطوارئ تحمل طفلة لاجئة على الحدود الرومانية الأوكرانية في سيريت (أ.ب)
TT

كيف يمكن مساعدة الأطفال على التعامل مع أخبار الحرب؟

موظفة بقسم حالات الطوارئ تحمل طفلة لاجئة على الحدود الرومانية الأوكرانية في سيريت (أ.ب)
موظفة بقسم حالات الطوارئ تحمل طفلة لاجئة على الحدود الرومانية الأوكرانية في سيريت (أ.ب)

إذا كنت ممن يعتقدون أن التقارير الإخبارية المتعلقة بالحرب في أوكرانيا مخيفة، فلنتخيل للحظة ما يمكن أن يشعر به الأطفال عندما يشاهدون اللقطات التلفزيونية التي تظهر بها الدبابات والجنود والمباني التي تعرضت للقصف.
وقد غمرت المستجدات الإخبارية بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، تطبيقات «تيك توك» و«إنستغرام» والتدوينات الصوتية (بودكاست)، وغيرها من الوسائط والمنصات الإلكترونية، التي كثيراً ما يستخدمها الأطفال والمراهقون.
ومن الممكن أن تكون فكرة الحرب مزعجة بالنسبة للأطفال. وفي حال كنت والداً لطفل صغير، فمن الممكن أن تجد نفسك مضطراً لشرح مواضيع معقدة وكئيبة لطفلك.
ومن جانبهم، يقول خبراء الإعلام وعلماء نفس الطفل، إن الأطفال حتى سن العشرة أعوام يستطيعون بالكاد فهم تلك القضايا التي تهم البالغين من تلقاء نفسهم، ومن المؤكد أنهم سيحتاجون إلى المساعدة من أجل التعامل مع ما يحدث.
وتبحث بعض وسائل الإعلام عن طرق لعمل أخبار خاصة للأطفال، وإبلاغهم بشأن الصراعات بطريقة تساعدهم على الشعور بالمشاركة في النقاش، وعدم الشعور بالصدمة.
إلا أن البحث عن مصادر إعلامية صديقة للأطفال ليس كافياً، حيث يوصي خبراء الإعلام أيضاً بضرورة عدم إخفاء الآباء آراءهم الخاصة أثناء محادثاتهم مع الأطفال. فمن المهم أن يقوموا بدلاً من ذلك بمتابعة الأخبار أثناء وجود الأطفال، وأن يكون هناك رد فعل صريح لكل من الآباء وأطفالهم على التقارير الإخبارية.
وفي الوقت نفسه، يقول خبراء تنمية سلوك الأطفال من حملة «شاو - هين» الألمانية المعنية بتحسين تعامل الأطفال مع وسائل الإعلام، إن الآباء يجب عليهم ألا يتركوا أنفسهم ينجرفون في مشاعرهم الخاصة.
ولن يؤدي ذلك إلا إلى تخويف الأطفال، ولا سيما عندما يدركون أن الأشخاص الذين من المفترض عليهم أن يعتنوا بهم هم أنفسهم في حيرة مما يحدث في العالم.
ويقول خبراء علم نفس الطفل في «هيئة الخدمات الصحية الوطنية» ببريطانيا، إنه من الضروري شرح الموقف بأكبر قدر ممكن من العقلانية والصراحة.
وجدير بالذكر أن الطفل دائماً ما يشعر بأنه يرغب في أن يتم التعامل مع مشاعره على محمل الجد، وذلك بغض النظر عن عمره. فبدلاً من مجرد تهدئة روعه أو حزنه، يجب على الآباء أن يسألوا الطفل: «ما الذي يحزنك تحديداً؟».
ويشار إلى أن هذا الشعور بالقلق على الطفل من جانب أحد الوالدين فقط سيؤدي إلى شعور الطفل بنوع من الراحة. وسيكون من الضروري جداً توفير مساحة آمنة ومفتوحة للأطفال من أجل التعامل مع مشاعرهم وأفكارهم خلال هذه الأوقات المضطربة.
كما يقترح الخبراء على الآباء تشجيع أطفالهم على التعبير عن مشاعرهم من خلال رسمها في صورة أو سردها في قصة.
ومن جانبها، كتبت «هيئة الخدمات الصحية البريطانية» في إرشادات للآباء الذين يتطلعون إلى مساعدة أطفالهم في التعامل مع مشاعرهم، إن «الأطفال يعبرون عن أنفسهم من خلال اللعب بالإضافة إلى الكلمات... يمكن للمرء أن يتعلم الكثير عما يشعر به الأطفال، من خلال مجرد قضاء الوقت معهم ومشاهدتهم وهم يلعبون».
ومن الممكن أن يكون مشهد رؤية طفل يقوم بممارسة ألعاب قتالية مع الدمى الخاصة به، علامة على أنه يشعر بالتوتر أو الاضطراب.
وتقول مؤسسة الصحة العقلية البريطانية في نصائحها الموجهة للآباء والأمهات، أياً كان الأمر، فإنه من الضروري ألا يحاول الآباء اللجوء للتعتيم الإخباري في المنزل، حيث إن إيقاف تشغيل التلفزيون أو عدم الاستماع إلى تقرير إخباري سريع على جهاز الكومبيوتر المحمول بمجرد دخول الأطفال، سيجعلهم شغوفين بالأمر وأكثر اهتماماً به.
ويقول خبراء الصحة العقلية، إنه إذا لم يكن هناك من يشرح لهم الأمور «فعندئذ يمكن ترك العنان لخيالهم وتخيلاتهم».


مقالات ذات صلة

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

أوروبا جنازة جندي أوكراني قتل خلال المعارك في كورسك (أ.ب)

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

سلمت موسكو جثث 502 من الجنود الأوكرانيين الذين لقوا حتفهم في المعارك ضد القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

قال مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور، إن روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا، وإن بوتين لن يتوقف عند حد تحويل أوكرانيا إلى دولة خاضعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مواطنون يشترون فاكهة بأحد المتاجر الكبرى في موسكو (أ.ب)

هل تساعد أزمة الزبدة بـروسيا في جلب السلام إلى أوكرانيا؟

سلَّطت صحيفة «تلغراف» البريطانية الضوء على انتشار سرقة الزبدة في روسيا بسبب ارتفاع الأسعار جراء الحرب، وقالت إن بعض أصحاب المتاجر الكبرى لا يعرضون ألواح الزبدة

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا تظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي أصدرها الجيش الأوكراني حطام طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد» أطلقتها روسيا قيل إنها أسقطت بالقرب من كوبيانسك في أوكرانيا (أ.ب)

تقرير: أوكرانيا نجحت في إعادة توجيه طائرات من دون طيار انتحارية إيرانية الصنع إلى روسيا

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن أوكرانيا تعلمت كيفية اختراق الطائرات من دون طيار الانتحارية الإيرانية الصنع وإرسالها مرة أخرى إلى روسيا وبيلاروسيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وزير الدفاع الروسي: العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية تتوسع بسرعة

قالت وزارة الدفاع الروسية إن وزير الدفاع، أندريه بيلوسوف، وصل إلى كوريا الشمالية، (الجمعة)؛ لإجراء محادثات مع القادة العسكريين والسياسيين في بيونغ يانغ.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».