ليبرلاند... دويلة الحرية التي صممتها زها حديد في «ميتافيرس»

المهندس المعماري غير المقيد بالميزانيات أو قوانين سلامة البناء يمكن أن يقكر بحرية أكبر (مكتب زها حديد)
المهندس المعماري غير المقيد بالميزانيات أو قوانين سلامة البناء يمكن أن يقكر بحرية أكبر (مكتب زها حديد)
TT

ليبرلاند... دويلة الحرية التي صممتها زها حديد في «ميتافيرس»

المهندس المعماري غير المقيد بالميزانيات أو قوانين سلامة البناء يمكن أن يقكر بحرية أكبر (مكتب زها حديد)
المهندس المعماري غير المقيد بالميزانيات أو قوانين سلامة البناء يمكن أن يقكر بحرية أكبر (مكتب زها حديد)

امتلكت «جمهورية ليبرلاند الحرة» كل مظاهر القومية عندما جرى إطلاقها في عام 2015. أسس الدويلة الصغيرة السياسي التشيكي التحرري فيت جيدليكا على مساحة ثلاثة أميال مربعة من الأرض الواقعة بين كرواتيا وصربيا وكان لها علمها الخاص الذي حمل شعار النبالة، ونشيدها الوطني الخاص وعملتها الرقمية الخاصة.
بالطبع، استندت شرعية تلك الدويلة إلى محتوى ورد في تخيلات من مصادر متنوعة وأشخاص مفتونين بمبادرة جيدليكا الجريئة.
في يناير (كانون الثاني)، كشفت ليبرلاند عن تصاميمها المقترحة الأكثر إبهاراً والأكثر إقناعاً حتى الآن. فمن خلال عمله مع باتريك شوماخر، المهندس والمصمم بشركة «Zaha Hadid Architects»، صور فيت جيدليكا دويلته على أنها جنة تشفير مستقبلية من خلال مدينة ذات وجود حقيقي على منصة «ميتافيرس» حيث حمل شعاره التجاري صورة لقاعة الجمعية الوطنية، وبازار NFT الصاخب، وأبراج مكتبية، جميعها جرى تنفيذه بأسلوب هندسي حديث.
وعندما التقينا في قاعة التجمع الافتراضية في «ليبرلاند»، من خلال منصة «ميتافيرس»، قال جيدليكا: «لقد حان الوقت لتحويل الأفكار إلى شيء أكثر واقعية. من المهم أن نظهر للعالم أننا جادون بشأن بدء التنمية في ليبرلاند. فهي ليست بيئة لعبة». وقال شوماخر، الذي كان يدير شركة زها حديد منذ وفاة المهندسة اللامعة في عام 2016 من أوائل المؤيدين لـ«ليبرلاند»: «إن مستوى العرض الواقعي وإحساس الواقع الذي تحصل عليه مهم جداً بالنسبة لنا»، مكرراً العبارة ذاتها، «إنها ليست بيئة لعبة». النماذج ثلاثية الأبعاد عبارة عن مخططات لبيئة «ميتافيرس» في «ليبرلاند»، بمساحة أرض متواضعة، ويشير شوماخر هنا إلى أن «ليبرلاند» أكبر من الدويلة ذات السيادة في موناكو.


بعض التصميمات المستقبلية (مكتب زها حديد)

رؤية زها حديد للمهندسين المعماريين في ليبرلاند اجتذبت رؤية جيدليكا لدولة بديلة بنفس الجماهير المحبطة التي قد تستثمر في عملة «بيتكوين» وأشكال العملات المشفرة الأخرى. ويذكر أن «ليبرلاند» لديها حالياً 7 آلاف مواطن إلكتروني و780 ألف طلب من أشخاص يرغبون في العيش بها. ويقول شوماخر: «نحن ننمو، خاصة العام الماضي، ويستعد الناس لفترة الانهيار المالي الذي سيكون الشيء التالي بعد الإغلاق. أعتقد أن هناك إدراكاً لحقيقة أن ثمة شيئاً جديداً قادماً».
ولأن الأمل الذي يراود الطامحين في بناء دولة جديدة هو الحصول على اعتراف دولي، قال جيدليكا: «لقد عقدنا صفقة مع هايتي وحصلنا على اعتراف أرض الصومال قبل عامين. كنت في الواقع في زيارة رسمية إلى السلفادور عندما أعلنوا عن مدينة بيتكوين الخاصة بهم - وهو مشروع آيديولوجي يشبه ليبرلاند».
لكن لكي تخلف ليبرلاند جنوب السودان كأحدث دولة ناشئة في العالم، يدرك جيدليكا أنه يحتاج إلى المزيد من الدعم من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حيث يقول: «نحن ندفع علاقاتنا إلى الأمام»، مشيراً إلى موقع ليبرلاند الذي تم إنشاؤه مؤخراً داخل مبنى مجاور لمكتب الأمم المتحدة في جنيف.

- المهندسون المعماريون في «ميتافيرس»
بالنسبة لشوماخر، فقد عزز عمله في مشروع «ليبرلاند» شعوره بأن المهندسين المعماريين في العالم الحقيقي، بما في ذلك الشركات الناشئة، يجب أن يشاركوا في بناء «ميتافيرس» خلال مراحلها الأولى. استطرد شوماخر قائلاً إن المهندسين المعماريين، غير المقيدين بالميزانيات، أو قوانين سلامة البناء يمكن أن يجرؤوا على التفكير في بحرية أكبر. ويشرح قائلاً: «إن سجل إدارة مواقع البناء الكبيرة ليس مطلوباً هنا. فالتركيز الأكبر هنا منصب على كفاءة للتصميم».
يتنبأ شوماخر بأن «ميتافيرس» سوف تفتح عصراً ذهبياً لما يعرف بالبارامترية - أسلوب بناء رائد يعتمد على خوارزميات الكومبيوتر التي حددت مهنة حديد وإرثها الهندسي. ويجادل قائلاً: «يمكن أن يكون لكل مؤسسة ما يعرف بـ«mirror space»، أو المرايا العاكسة، (تقنية تسمح بالتحكم في طاقة الشمس سواء بالزيادة أو النقصان) في ميتافيرس. نحن المهندسين المعماريين يمكننا تلبية تلك الاحتياجات».


يتنبأ باتريك شوماخر الذي يدير مكتب زها حديد عقب وفاتها بأن «ميتافيرس» سوف تفتح عصراً ذهبياً لما يعرف بالبارامترية - أسلوب بناء رائد يعتمد على خوارزميات الكمبيوتر (مكتب زها حديد)

- حل التدفق
يشهد الشريك المؤسس لـ«ميتافيرس» ورئيس قسم التكنولوجيا، جيمس لوبيز فيلغاس، الذي عمل عن كثب في مشروع ليبرلاند، على فوائد الاستفادة من المهندسين المعماريين المدربين في بناء عوالم افتراضية، إذ يقول: «تختلف رؤيتهم عن مصمم الألعاب لأن المهندسين المعماريين يهتمون بكيفية تفاعل الناس مع مساحات الأرض الفضاء وكيف يتدفقون من خلالها، وهم الأقرب لتحقيق ذلك على أرض الواقع».
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا سانيا أميتي المسؤولة في حزب الخضر الليبرالي (أ.ب)

مسؤولة محلية سويسرية تعتذر بعد إطلاق النار على ملصق ديني

قدمت عضوة في مجلس مدينة سويسرية اعتذارها، وطلبت الحماية من الشرطة بعد أن أطلقت النار على ملصق يُظهِر لوحة تعود إلى القرن الرابع عشر لمريم العذراء والسيد المسيح.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
شؤون إقليمية كنعاني خلال مؤتمر صحافي في طهران (الخارجية الإيرانية)

إيران ترد على «مزاعم» اختراقها الانتخابات الأميركية

رفضت طهران ما وصفتها بـ«المزاعم المتكررة» بشأن التدخل في الانتخابات الأميركية، في حين دعت واشنطن شركات تكنولوجيا مساعدة الإيرانيين في التهرب من رقابة الإنترنت.

يوميات الشرق الملياردير الأميركي بيل غيتس (رويترز)

بيل غيتس يقرّ بأن لا حل لمشكلة المعلومات المضلِّلة

يقول غيتس لشبكة «سي إن بي سي» إن «المعلومات المضللة هي المشكلة التي تم تسليمها إلى الجيل الأصغر سناً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».