ألغام الحوثيين تحصد أكبر عدد من المدنيين اليمنيين خلال شهر

جانب من العمليات التي ينفذها المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)
جانب من العمليات التي ينفذها المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)
TT

ألغام الحوثيين تحصد أكبر عدد من المدنيين اليمنيين خلال شهر

جانب من العمليات التي ينفذها المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)
جانب من العمليات التي ينفذها المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام)

لم تترك الميليشيات الحوثية في كل المناطق التي وصلت إليها في اليمن جريمة إلا ارتكبتها ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الإنسانية، مستهدفة الأحياء والقرى والطرق عبر ألغامها التي نثرت الأشلاء في كل اتجاه، ونشرت رائحة الدم في كل مكان، حيث حصدت خلال الشهر الماضي أكبر عدد من الضحايا، وفق ما أكده «المرصد اليمني للألغام».
منذ الانقلاب على الشرعية، أصبحت الدماء والدموع والأشلاء والمقابر والأجساد المبتورة التي تجوب الشوارع إما زاحفة أو متكئة على عصي الإعاقة أو المعتمدة على الكراسي المتحركة مشاهد رائجة في كل المناطق التي وصلت إليها الميليشيات الحوثية بسبب كثافة الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها. وتحكي الصور اليومية التي يوزعها المشروع السعودي مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، والبرنامج اليمني للتعامل مع الألغام، قصصاً من المآسي التي طالت الأطفال قبل الكبار والمدارس والمساجد قبل المزارع والطرقات.
في هذا السياق، أكد مدير عام مشروع «مسام» أسامة القصيبي أنه تم تدمير أكثر من 15 ألف لغم وعبوة ناسفة من مناطق حريب و‫عسيلان و‫بيحان وعين فقط، وأن حجم الكارثة كبير جداً، وأن المشروع يقوم بجهد كبير لحماية المدنيين من الألغام، فيما أظهرت إحصائية لـ«المرصد اليمني للألغام» أن أعلى معدل للضحايا المدنيين الذين سقطوا بألغام الحوثيين سجل خلال الشهر الماضي.
المرصد وصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بأنه كان مأساوياً من حيث حصيلة الضحايا الذين قضوا بالألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية في طول البلاد وعرضها، حيث أحصى مقتل وإصابة 73 مدنياً ومن خبراء نزع الألغام، كأعلى حصيلة على الإطلاق خلال شهر واحد. وذكر أن من بين الضحايا 30 قتيلاً، و35 جريحاً من المدنيين، إضافة إلى 6 قتلى وجريحين اثنين من المهندسين العاملين في مجال نزع الألغام والعبوات الناسفة.
ومع توضيح المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن عن التطور المقلق لمهارات وتقنيات الميليشيات الحوثية في صناعة الألغام والعبوات الناسفة، وعن أنها كانت السبب في مضاعفة الخسائر البشرية في صفوف المدنيين وخبراء نزع الألغام في الآونة الأخيرة، أكد «المرصد اليمني» المعني بتوثيق ضحايا زراعة الألغام في البلاد، أن معظم الضحايا سقطوا في المناطق التي استعادتها القوات الحكومية حديثا من الميليشيات في محافظات شبوة والحديدة ومأرب، حيث تسببت الألغام والعبوات الناسفة خلال الشهر الماضي بتدمير وإعطاب خمس مركبات مدنية، وثلاث دراجات نارية، وبنفوق نحو 25 رأساً من الماشية.
وخلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي، فبراير (شباط)، ذكر المرصد أن ‏ثلاثة أطفال قُتلوا في محافظة الحديدة، حيث قُتل الأول ويدعى حسين مطيوف (12 عاماً) بانفجار صاعق متفجر في قرية العكش بمديرية حيس جنوب المحافظة الواقعة في غرب اليمن، كما قتل الطفلان محمد مجهصي ومحمد عيسى بانفجار لغم أثناء رعيهما الأغنام في قرية الجروبة، بمنطقة المجيلس التابعة لمديرية التحيتا جنوب المحافظة ذاتها.
وسجل المرصد مقتل المزارع حمود سيف (61 عاما)، وزوجته ولاية قائد (58 عاماً)، عندما انفجر بهما لغم أرضي أثناء قيامهما بحرث مزرعتهما بالقرب من منزلهما في قرية «الكرب» بمنطقة اليوسفين التابعة لمديرية القبيطة، شمال محافظة لحج.
وبحسب «المرصد»، قُتِل خبيران في نزع الألغام وهما أحمد الظاهري، ومراد صالح، وأصيب ثالث في «شرك خداعي»، أثناء عملهم في نزع ‫الألغام، ضمن مشروع «مسام» بمنطقة «العقد» بمديرية حيس جنوب محافظة الحديدة. ويقول علي الريمي، قائد الفريق التاسع ‫في مشروع «مسام»، إن العبوات الناسفة التي تعامل معها الفريق في ‫مديريتي بيحان و‫عسيلان هي عبوات ذكية مزودة بتقنيات التحكم عن بُعد، وكذلك كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وأن فريقه نزع خلال الأسبوعين الماضيين 195 لغماً مضادا للدبابات، و139 عبوة ناسفة و58 لغماً مضاداً للأفراد.
وذكر الريمي أن الألغام والعبوات الناسفة تم نزعها من عدة مناطق حيوية، أهمها وادي النقوب، وحيد بن سبعان، الخيضر، ومزرعة السعدي في مديرية عسيلان، بالإضافة إلى منطقة مبلقة ومفرق الدهولي وشعب ضحيان بمديرية بيحان. ‏من جهته، قال الأمين العام للمجلس المحلي بمديرية ‫عسيلان الشيخ أحمد محسن كردة إن فريق «مسام» يبذل جهوداً كبيرة تمكن من خلالها من إعادة فتح الطرق الرئيسية لأبناء المديرية، وتأمين المدارس والطرق المؤدية إليها، وبفضل تلك الجهود تمكن الأهالي من العودة إلى منازلهم، وعاد أيضاً الطلاب إلى مدارسهم.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».