حصار حرض يستنزف الحوثيين ويكبدهم مئات القتلى خلال أسبوع

رئيس الوزراء اليمني خلال لقائه السفير الفرنسي لدى اليمن في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني خلال لقائه السفير الفرنسي لدى اليمن في عدن أمس (سبأ)
TT
20

حصار حرض يستنزف الحوثيين ويكبدهم مئات القتلى خلال أسبوع

رئيس الوزراء اليمني خلال لقائه السفير الفرنسي لدى اليمن في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني خلال لقائه السفير الفرنسي لدى اليمن في عدن أمس (سبأ)

أكد رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، في تصريحات أمس (الخميس)، أن الميليشيات الحوثية رفضت خطة أممية وافقت عليها حكومته من شأنها تفادي تسرب 1.1 مليون برميل من على متن ناقلة النفط المتهالكة «صافر».
جاء ذلك في وقت تواصل فيه قوات الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية عملياتها العسكرية، لا سيما في مديرية حرض الحدودية التابعة لمحافظة حجة (شمال غرب)، حيث أكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات خسرت المئات من عناصرها خلال أسبوع من فرض الحصار على المدينة وتحرير الجبال المطلة عليها من جهة الشرق.
وبحسب المصادر نفسها، فإن الميليشيات الحوثية دفعت بتعزيزات ضخمة في مساعٍ يائسة لفك الحصار عن مقاتليها وسط المدينة، غير أن قوات الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية تصدت لتلك المحاولات، وبدأت التقدم شرقاً صوب مديريتي بكيل المير ومستبأ، حيث تتخذ منهما الجماعة منطلقاً لشن هجمات معاكسة؛ أملاً في إنقاذ عناصرها المحاصرين داخل مدينة حرض.
وكان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بث مقاطع مصورة أمس من الأجزاء الجنوبية من المدينة أثناء زيارته للقوات التي تحاول أن تتقدم بحذر إلى وسط المدينة جهتي الشرق والجنوب، بسبب المباني المفخخة وحقول الألغام المنتشرة في كل أرجاء المدينة، التي يقول الإعلام الحكومي إنها باتت بحكم المحررة.
وفي وقت سابق، قال موقع الجيش اليمني «سبتمبر نت»، إن قوات الجيش تواصل تقدمها في مدينة حرض، وسط انهيارات كبيرة في صفوف ميليشيا الحوثي التي تلوذ بالفرار.
ونقل الموقع عن مصادر ميدانية قولها «إن قوات الجيش أحرزت، تقدمات ميدانية جديدة شرق مدينة حرض، وتقدمت في سلسلة جبال الهيجة عقب هجوم شنّته على مواقع تمركز الميليشيا». كما أكدت المصادر «أن قوات الجيش قامت بتأمين معسكر المحصام، وأن مقاتلات تحالف دعم الشرعية استهدفت مواقع تعزيزات الميليشيا الحوثية في المدينة ذاتها».
وأسفرت العمليات الميدانية وضربات التحالف - وفق الموقع - «عن مصرع وجرح العشرات من عناصر الميليشيا، وتدمير آليات تابعة لها».
أما في جبهات محافظتي مأرب والجوف، فذكر الموقع العسكري، أن الميليشيات الحوثية تكبّدت عشرات القتلى والجرحى في صفوفها، بنيران الجيش، حيث شنّت القوات هجوماً عنيفاً على مواقع تمركز الميليشيا، في الجبهات الشمالية الغربية لمحافظة مأرب، تمكنت خلاله من تحرير مواقع مهمة في وادي الجفرة بمديرية مجزر، وأوقعت في صفوف الميليشيا خسائر بشرية كبيرة.
وتزامناً مع هذا التقدم، قصفت مدفعية الجيش، مواقع الميليشيا الحوثية في جبهة ملعاء جنوبي محافظة مأرب؛ مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الميليشيا، بحسب ما أورده الإعلام العسكري، في حين شنت القوات هجوما على مواقع الميليشيا في جبل الأقشع، شرق مدينة الحزم، وكبدتها خسائر في العدد والعدة.
على الصعيد السياسي، رفضت الميليشيات الحوثية أحدث خطة أممية لتفادي الكارثة المحتملة لخزان «صافر» النفطي، بحسب تصريحات نقلتها المصادر الرسمية اليمنية خلال لقاء رئيس الحكومة معين عبد الملك في العاصمة المؤقتة عدن بالسفير الفرنسي جان ماري صفا.
وأوضحت المصادر، أن عبد الملك ناقش مع السفير الفرنسي مستجدات الأوضاع والدور الفرنسي الثابت لدعم الحكومة والشعب اليمنيين، على المستوى الثنائي والأوروبي والدولي، كما تطرق إلى التحركات الأممية والدولية نحو إحلال السلام في اليمن، والمواقف الحوثية الرافضة كل الجهود ومقابلتها بمزيد من التصعيد بإيعاز من النظام الإيراني.
وفي حين ناقش اللقاء تطورات ملف ناقلة النفط «صافر» على ضوء الخطة الأممية المعدة التي وافقت عليها الحكومة ورفضتها ميليشيا الحوثي، تناول كذلك «مجالات الدعم الضرورية لمساندة جهود الحكومة في هذه الظروف، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والإنسانية ودعم سياسة الإصلاحات العامة».
وأوردت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، أن عبد الملك أشار إلى ثقة حكومته «في دعم الأشقاء والأصدقاء لجهود الإصلاحات التي تنفذها للتغلب على التحديات القائمة، خاصة في الجانب الاقتصادي، بالتوازي مع المعركة العسكرية لاستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً».
ووصف رئيس الحكومة اليمنية الزيارات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن بأنها «تعبير عن دعم المجتمع الدولي للحكومة وعملها وتعزيز آفاق الشراكة»، وقال «هناك إشارات مهمة من الأشقاء والأصدقاء والأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن الدعم الاقتصادي للحكومة، وحريصون على وجود رؤية موحدة مع الحكومة للعمل في هذا الملف».
وأوضح عبد الملك، أن حكومته «تركز في مسار الإصلاحات على القطاعات التي لها أثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، خاصة في الجوانب الاقتصادية والمعيشية والخدمية، إضافة إلى قطاعي التعليم والصحة، والعمل على بلورة مسار خاص للعمل مع المجتمع الدولي لدعم هذه الجوانب بصورة فعالة ومستدامة».
وأكد، أن موافقة حكومته على المقترح الأممي الخاص بخزان «صافر» النفطي لتفادي الكارثة الوشيكة «يقطع كل الذرائع على ميليشيا الحوثي، ويتطلب من المجتمع الدولي استخدام كل أدوات الضغط لحل المشكلة، وعدم السماح للحوثيين بمزيد من المماطلة وابتزاز المجتمع الدولي في هذا الملف».
في سياق اللقاء نفسه، نسبت المصادر اليمنية الرسمية إلى السفير الفرنسي، أنه «جدد موقف بلاده الثابت في دعم الحكومة والشعب اليمني، وحرصها على تحقيق مسار السلام تحت مظلة الأمم المتحدة»، وأنه «أكد إدانة فرنسا الشديدة لاستمرار التصعيد الحوثي واستهداف الأعيان المدنية في الإمارات والسعودية والمدنيين في اليمن».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.