مصر: اكتشاف خبيئة لمواد تحنيط فريدة في الجيزة

تعود إلى عصر الأسرة الـ26

مجموعة من المقتنيات المكتشفة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من المقتنيات المكتشفة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف خبيئة لمواد تحنيط فريدة في الجيزة

مجموعة من المقتنيات المكتشفة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من المقتنيات المكتشفة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اكتشفت البعثة الأثرية التشيكية، التابعة لـ«المعهد التشيكي لعلم المصريات» عن خبيئة لمواد التحنيط، أثناء أعمال الحفر الأثري، داخل مجموعة من آبار الدفن، التي تعود إلى عصر الأسرة 26، وتقع في الجزء الغربي من جبانة أبو صير بمركز البدرشين بمحافظة الجيزة (جنوب غربي القاهرة).
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس إن «هذه الخبيئة تم العثور عليها داخل بئر ضخمة، تبلغ قياساتها 5.3 × 5.3 متر، وعمق أكثر من 14 مترا، تحتوي على مواد للتحنيط فريدة من نوعها، تتكون من 370 إناء فخاريا كبير الحجم، مقسمة إلى 14 مجموعة تضم كل مجموعة من 7 إلى 52 إناءً. مؤكداً أن «هذه الأواني بها بقايا مواد كانت تستخدم أثناء عملية التحنيط».
وتم العثور في المجموعة العلوية من الأواني على أربعة أوان كانوبية من الحجر الجيري فارغة ومنقوش عليها نصوص بالكتابة الهيروغليفية باسم صاحبها وهو شخص يدعى «واح إيب رع - مري نيت»، ابن السيدة إرتورو، وفق وزيري.
واستخدم قدماء المصريين في عمليات تحنيط موتاهم مزيجاً معقداً من المركبات الطبيعية، مثل صمغ السكر، وشمع العسل، والدهون والراتنجات الصنوبرية وكميات متغيرة من البيتومين، ولتحليل هذه المواد يستخدم الباحثون تقنيات مختلفة للكشف عنها وتحديد أنواعها.
ووفق الدكتور ميروسلاف بارتا، رئيس البعثة التشيكية، فإن «موسم 2021 كان جزءاً من مشروع طويل الأمد، يهدف إلى الكشف عن الآثار التي تعود إلى حقبة كان المجتمع المصري القديم يبحث فيها عن وسائل جديدة لكيفية الحفاظ على الهوية المصرية الفريدة، وقد لعبت مقابر أبو صير، والتي تم بناؤها بطريقة مماثلة لهرم زوسر الشهير، أشهر ملوك الأسرة الثالثة من الدولة القديمة، دوراً رئيسياً في إظهار الثقافة المصرية الفريدة من نوعها، والتي تم التعبير عنها من قبل الحقب المصرية في تلك الفترة».
وبالتزامن مع استمرار عمل البعثة التشيكية بالموقع خلال العام الحالي، فإنها سوف تبدأ تنفيذ دراسات وتحليلات لمحتويات الأواني الفخارية بواسطة الأساليب العلمية الحديثة، وفق الدكتور محمد مجاهد، نائب مدير البعثة التشيكية.
وفي شهر أغسطس (آب) من عام 2020، تمكن سكان العاصمة التشيكية براغ، من مشاهدة كنوز مصر الفرعونية، للمرة الأولى منذ نحو 60 عاماً، من خلال المعرض الأثري «ملوك الشمس»، والذي ضم مجموعة من المقتنيات التي تم اكتشافها في منطقة أبو صير الأثرية، خلال الحفائر التي نفذها معهد التشيك للمصريات في المنطقة منذ عام 1960. وضم المعرض رأس تمثال للملك (رع - نفر - إف)، ومجموعة من التماثيل من الدولة القديمة منها تمثال لكاتب وتماثيل لكبار رجال الدولة والموظفين، ومجموعة من الأواني الكانوبية، إضافة إلى عشرة تماثيل أوشابتي من الفيانس.
وتقع منطقة أبو صير الأثرية جنوب محافظة الجيزة، على مقربة من منطقة سقارة الأثرية، واشتق اسمها من (بر أوزير) أي مقر الإله أوزيريس، وتضم مجموعة من مقابر ملوك الأسرة الخامسة وبقايا أهرامات من الطوب اللبن للملك ساحورع، ونفر - إير - كا - رع، ونفر - إف - رع، وني - أورس - رع، والتي تهدمت بشكل شبه كامل، بفعل الزمن، إضافة إلى معابد الشمس، ومن بينها معبد الشمس للملك أوسر كاف.
وأطلق العلماء على الملوك المدفونين في تلك المنطقة اسم «ملوك الشمس»، لأن أغلب أسمائهم مذيلة بـ«رع» (المعبود على شكل قرص الشمس)، وارتبط هذا اللقب بملوك الأسرة الخامسة في مصر القديمة (الفترة من 2435 - 2306 قبل الميلاد).


مقالات ذات صلة

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف «أول وأكبر مرصد فلكي» في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».