قياديون «عونيون» سابقون يخوضون الانتخابات على لوائح المعارضة

TT

قياديون «عونيون» سابقون يخوضون الانتخابات على لوائح المعارضة

تخوض مجموعة من القياديين «العونيين» السابقين الانتخابات النيابية المقبلة بالتحالف مع قوى «الثورة والتغيير» ومجموعات المعارضة، وهي تتحدث عن حظوظ كبيرة لها لتحقيق خروقات في أكثر من دائرة بوجه «منظومة السلطة» التي تعد «التيار الوطني الحر» جزءاً أساسياً منها.
وبدأت الأزمة داخل «التيار» في عام 2013 واستفحلت عام 2015 جراء ما يقول معارضو رئيس «الوطني الحر» جبران باسيل، إنها ضغوط مورست على الراغبين بالترشح لرئاسة «التيار» لتخلو الساحة لباسيل، صهر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مؤسس «التيار». وهم يرون أنه تم «تعيين» باسيل خلفاً لعون لا انتخابه ديمقراطياً، ويؤكدون أنه منذ تسلمه رئاسة التيار سعى إلى إقصاء معارضيه، ومعظمهم ممن يُعرفون بـ«القدامى والمؤسسين» الذين يعترضون على السياسة التي يتبعها بإعطاء الدور الأبرز لـ«المتمولين»، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالنيابة والتوزير، باعتبار أن قسماً كبيراً من النواب والوزراء الذين تمت تسميتهم في الحكومات المتعاقبة، كانوا حتى وقت غير بعيد لا ينتمون إلى التيار بل إلى تيارات وأحزاب أخرى.
ومنذ عام 2013، تم فصل عدد كبير من هؤلاء القياديين لمخالفتهم قرارات حزبية وانضم إليهم آخرون قرروا الاستقالة احتجاجاً على سياسة قيادة «التيار».
وتتجه «المعارضة العونية» لخوض الانتخابات في دوائر بعبدا، وعاليه، والمتن، وكسروان - جبيل، والكورة، وجزين، وعكار، وزحلة، إما مباشرةً من خلال ترشيح قياديين عونيين سابقين وإما من خلال دعم شخصيات قريبة منهم.
ومن أبرز من حسموا ترشيحهم، ابن شقيق الرئيس عون، نعيم عون، وهو أحد مؤسسي «التيار»، إضافةً للقياديين السابقين رمزي كنج، وطانيوس حبيقة، وتوفيق سلوم، وطوني أبي عقل، فيما لم يحسم أنطوان نصر الله ترشيحه بعد.
ويرى هؤلاء أنهم بخوضهم هذه الانتخابات إنما يخوضون معركة التغيير الحقيقية، كما يقولون. ويتحدث نعيم عون عن «معايير أساسية للترشيحات، أولاً أن تكون هادفة ومدروسة، تتأمن لها حظوظ النجاح وتسهم بفوز لائحة المعارضة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن بعض الترشيحات لم تُحسم نهائياً لأنها مرتبطة بظروف المعركة والتوزيع الطائفي للمقاعد. ويشير عون إلى أنهم (كمعارضة عونية) كانوا يستعدون للانتخابات المقبلة منذ عام 2018، «لعلمنا بأن البلد ككل أصبح في دائرة الخطر الوجودي وقد أتت الأحداث بعدها لتعزز وجهة نظرنا وتدفع بخططنا قدماً»، مضيفاً: «ما وصلنا إليه يتحمل فرقاء الداخل مسؤوليته بشكل أساسي وإن كانت عناصر خارجية مؤثرة في هذا المجال.. ما نطمح ونسعى إليه هو معالجة أسباب الأزمة لا العوارض».
ويشير رمزي كنج إلى أن المعركة التي يخوضونها اليوم هي بوجه السلطة القائمة، معتبراً أن «مسؤولية التيار عن الانهيار جزء من مسؤولية التركيبة السياسية، وإن كانت مسؤوليته في الفترة الأخيرة أصبحت أكبر من باقي القوى باعتبار أن لديه العدد الأكبر من أعضاء السلطة التنفيذية، وأكبر كتلة تشريعية مع الحلفاء في مجلس النواب، إضافةً إلى رئاسة الجمهورية». ويرى كنج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة في البلد مشكلة إرادة سياسية وليست مشكلة تقنية»، موضحاً رداً على سؤال، أن «مشكلة الأعداد لا قيمة لها في بلد كلبنان حيث السلطة عبارة عن مجموعة أقليات يتّحد بعضها مع بعض... وبالتالي فإن كتلة من 20 نائباً أو أكثر قادرة على أن تحقق التغيير المنشود مع توافر العناصر الخارجية المساعدة والأهم الإرادة الداخلية، باعتبار أن البلد لم يعد صالحاً للاستمرار بحالته الحالية».
أما أنطوان نصر الله فيعوّل على الدوائر المحيطة بـ«التيار» الممتعضة من أدائه والتي انكفأت ولم تشارك بالانتخابات الماضية، أو صوّتت لـ«الوطني الحر» وهي غير مقتنعة في غياب البديل، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «ومع طرحنا شخصيات تنتمي للخط التاريخي، خط السيادة والدولة بكامل مقوماتها وحيث لا شراكة بالسلاح، وهي شخصيات فاعلة وموجودة في مناطقها، نكون نقدم البديل لكل الذين لم يعودوا مقتنعين بخيارات وأداء قيادة التيار».
وفي الانتخابات النيابية الماضية عام 2018، ترشح القياديان العونيان السابقان، بسام الهاشم في جبيل وزياد عبس في الأشرفية، إلا أنهما لم يوفّقا بالفوز في الانتخابات.



سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

بينما خصصت الأمم المتحدة، حديثاً، نحو 5.4 مليون دولار لمعالجة سوء التغذية في 5 محافظات يمنية تقع مُعظمها تحت سيطرة الحوثيين، كشفت مصادر صحية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في عدة مناطق واقعة تحت سيطرة الانقلابيين.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن القطاع الصحي سجل بغضون شهرين آلاف الإصابات الجديدة بسوء التغذية الحاد والوخيم في نحو 7 محافظات، أغلبها تحت السيطرة الحوثية، وهي محافظات صنعاء والحديدة وحجة وإب وريمة وعمران وتعز.

ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)

وعبَّرت المصادر ذاتها عن قلقها إزاء الارتفاع المستمر في معدلات سوء التغذية بين الأمهات والأطفال، مرجعةً ذلك إلى استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي الحادّ الذي تكابده مئات الآلاف من الأسر التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء، وانعداماً لأغلب الخدمات، بما فيها الصحية، وتوقف الرواتب واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة.

جاء هذا متزامناً مع تأكيد مشروع كويتي إغاثي أن ما يزيد على 8 ملايين طفل وامرأة حامل ومرضع، في نحو 13 محافظة يمنية، تم تسجيلهم مع بداية العام الحالي على أنهم مصابون بسوء التغذية وبحاجة إلى تدخلات غذائية وعلاجية عاجلة منقذة للحياة، والإشارة إلى أن هناك نحو 99 في المائة من الأسر اليمنية لا تتحمل تكلفة علاج أطفالهم من سوء التغذية.

عجز عن العلاج

يتحدث عصام محمد، أحد السكان في ريف صنعاء، عن إصابة اثنين من أولاده: مرام (8 أشهر)، وإياد (3 سنوات) بسوء التغذية الحاد، حيث يعجز حتى اللحظة عن تقديم العلاج لهما.

وقال عصام، وهو عامل بالأجر اليومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن ابنته (مرام) تعاني من سوء التغذية منذ ولادتها، كما كانت تعاني زوجته أيضاً من المشكلة ذاتها أثناء فترة الحمل، إلى جانب مواجهتها صعوبة كبيرة أثناء الولادة، وذلك يعود (وفق قوله) إلى نقص حاد في الغذاء حُرِمت منه زوجته وأطفالها بالفترات السابقة، بسبب عدم تحصله على عمل يؤمِّن لهم لقمة العيش.

يمنية تحمل طفلة تعاني سوء تغذية تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في صنعاء (إ.ب.أ)

وأكد عصام أنه وعائلته المكونة من 6 أفراد لا يزالون منذ عدة أشهر يتناولون وجبات طعام خفيفة ومتواضعة، منها «الخبز والشاي» أو «الخبز والزبادي» بعيداً عن تناول أي نوع من اللحوم، مُرجِعاً سبب هذا التدهور الغذائي الذي أصاب أفراد عائلته إلى عجزه عن إيجاد فرصة عمل لتأمين الغذاء الكافي لهم.

ويُعدّ سوء التغذية في اليمن من ضمن الأسباب الأولى المؤدية إلى وفاة الأمهات، والأطفال دون سن الخامسة، كما أن هذه المشكلة الصحية قد استفحلت كثيراً بسبب استمرار تدهور النظام الصحي وتوقف المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، بحسب ما تؤكده التقارير الدولية.

ويفيد أحد العاملين الإغاثيين في صنعاء بأن عدداً كبيراً من الأطفال والنساء بمختلف المناطق تحت سيطرة الانقلابيين لا يزالون جراء الحرب المستمرة والممارسات الجائرة للجماعة محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، والخدمات العلاجية، الأمر الذي ساعد بدرجة كبيرة في ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية الحاد والوخيم بين أوساطهم.

ويحذر العامل الإغاثي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن حياة الآلاف من الأطفال والنساء في اليمن باتت على المحك، لافتاً إلى أن الأغلبية منهم يعانون من مخاطر الإصابة بسوء التغذية، وهم بحاجة إلى تدخلات طارئة من قبيل ضمان الوصول إليهم وغيرهم، وتوفير الخدمات العلاجية ومختلف المساعدات، بما فيها الغذائية، لهم.

النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

ودفعت النساء والأطفال (وهم الأكثر ضعفاً) في اليمن طيلة الأعوام الماضية التي أعقبت الانقلاب والحرب الحوثية، أثماناً باهظة جراء شدة الفاقة والحرمان المستمر من أبسط الحقوق والاحتياجات الضرورية، مع تعرض كثير منهم للإصابة بأوبئة وأمراض مختلفة، وتعرضهم بصورة يومية لسلسلة انتهاكات وتعسفات حوثية.

انعدام الغذاء

أدى التدهور المستمر للأمن الغذائي لملايين اليمنيين إلى إعلان الأمم المتحدة عن تخصيص أكثر من خمسة ملايين دولار، لمعالجة تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المديريات والمناطق الأكثر تضرراً في اليمن.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) إنه تم إطلاق التخصيص الاحتياطي الأول للصندوق الإنساني لليمن بمبلغ 5.4 مليون دولار بهدف معالجة الارتفاع المتوقع في سوء التغذية نتيجة توقف توزيع المساعدات الغذائية على الأسر الضعيفة في 5 محافظات.

أسعار المواد الغذائية أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأسر الضعيفة في اليمن (الأمم المتحدة)

ويستهدف التخصيص توفير المساعدات الغذائية العاجلة والمنقذة للحياة لما مجموعه 267 ألف شخص في 34 مديرية تابعة لمحافظات الحديدة وحجة وريمة والضالع وتعز، حيث تُعدّ من المناطق ذات الأولوية التي تُظهِر أعلى تقارب في الاحتياجات بناءً على المؤشرات متعددة القطاعات.

وسيدعم هذا التخصيص توزيع إمدادات التغذية بقيمة 20 مليون دولار، المتوفرة بالفعل لدى «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» و«برنامج الغذاء العالمي»، كما يأتي مكملاً لمنحة الاستجابة السريعة للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ البالغة 7 ملايين دولار، التي تم إطلاقها في مارس (آذار) الماضي، لكي يبدأ البرنامج عملية توزيع المساعدات الغذائية العامة، قبل موسم العجاف.

وطبقاً لبيانات المكتب الأممي، تُعد محافظة حجة اليمنية في مقدمة المحافظات المستهدفة حيث خصص لها 2.1 مليون دولار، تليها الحديدة بمليونَي دولار، ثم الضالع (503.2 ألف دولار)، وريمة (452.8 ألف دولار)، وتعز (374.3 ألف دولار). أما بالنسبة للمستفيدين فإن غالبيتهم من الأطفال وبعدد 129 ألف طفل من الجنسين، تليهم النساء بـ103.7 ألف، ثم الرجال 34.2 ألف.