تقرير دولي: سوء التغذية يعصفُ باليمنيات في حجة والحديدة

ربع الأطفال دون سن السادسة مصابون بالهزال

تقليص المساعدات الغذائية في اليمن قاد إلى تفاقم أزمة سوء التغذية (الأمم المتحدة)
تقليص المساعدات الغذائية في اليمن قاد إلى تفاقم أزمة سوء التغذية (الأمم المتحدة)
TT

تقرير دولي: سوء التغذية يعصفُ باليمنيات في حجة والحديدة

تقليص المساعدات الغذائية في اليمن قاد إلى تفاقم أزمة سوء التغذية (الأمم المتحدة)
تقليص المساعدات الغذائية في اليمن قاد إلى تفاقم أزمة سوء التغذية (الأمم المتحدة)

ذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن معدل انتشار سوء التغذية الحاد في محافظتين تخضعان لسيطرة الحوثيين ارتفع بشكل مهول هذا العام، ووصل إلى 68 في المائة مقارنة بـ64 في المائة خلال العام الماضي، وقالت إن وقف برنامج الأغذية العالمي المساعدات المتعلقة بسوء التغذية في تلك المناطق فاقم من هذه المعاناة.

وبيّنت المنظمة، في تقرير حديث، أن أعداد النساء المصابات بسوء التغذية تزايد بشكل مطرد خلال العامين الماضيين، ففي عام 2021، وجد أن 51 في المائة من النساء اللاتي تم إدخالهن للحصول على رعاية الأمومة في مستشفى عبس بمحافظة حجة، يعانين من سوء التغذية، بينهن 4 في المائة يعانين من سوء التغذية الحاد الوخيم.

النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

وفي عام 2022 ارتفعت هذه النسبة، وفق التقرير، إلى 64 في المائة، مع 6 في المائة يعانين من سوء التغذية الحاد الوخيم، غير أنه وبحلول فبراير (شباط) الماضي، سجلت المنظمة «نسبة مهولة بلغت 68 في المائة من النساء اللاتي أدخلن إلى قسم الولادة»، ووجد أنهن يعانين من سوء التغذية.

وحسب ما ذكرته «أطباء بلا حدود»، فإن استمرار الصراع، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وتدهور القوة الشرائية، وتناقص توزيع المساعدات الغذائية، بما فيها تعليقها في شمال اليمن، ومحدودية الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، كلها أسباب تؤدي إلى تفاقم أزمة سوء التغذية في هذا البلد الذي أنهكته الحرب التي أشعلها الحوثيون في عام 2014.

صورة مماثلة

في محافظة الحديدة اليمنية المجاورة لمحافظة حجة من جهة الجنوب، ذكرت «أطباء بلا حدود» أن الصورة مماثلةٌ، حيث وجد أن نسبة النساء اللاتي أدخلن «مستشفى القناوص للأمومة والطفولة»، ويعانين من سوء التغذية عام 2023، كانت 47 في المائة، غير أن هذه النسبة ارتفعت إلى 49 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

ونبه التقرير إلى أن الإصابة بسوء التغذية بين الأمهات يؤثر على الأطفال أيضاً، إذ إن «ولادة الأمهات اللاتي يعانين من سوء التغذية يمثل خطراً واضحاً لجعل أطفالهن عرضة لسوء التغذية.

يعاني 24 % من الأطفال اليمنيين الذين أدخلوا مستشفى عبس من سوء التغذية (الأمم المتحدة)

ووفق هيلير باتو، وهو طبيب أطفال تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في «مستشفى عبس»، فإن النساء الحوامل المصابات بسوء التغذية يتعرضن لخطر أكبر لحدوث مضاعفات أثناء الحمل والولادة، كما أن المرأة التي تعاني من سوء التغذية معرضة بشكل كبير لخطر إنجاب طفل يعاني من سوء التغذية، كما سيكون من الصعب عليها إرضاع طفلها طبيعياً.

وشدد باتو على ضرورة سد فجوة التمويل في البرامج التغذوية وزيادة الوعي حول أهمية الرضاعة الطبيعية لمعالجة أزمة سوء التغذية بين الأمهات والأطفال، حيث تتعرض النساء الحوامل المصابات بسوء التغذية لمخاطر أعلى أثناء الحمل والولادة، وأهمها نقص الحديد أو فقر الدم.

وقال إنه، ومن خلال برنامج التغذية الخاص بـ«أطباء بلا حدود» في مديرية عبس، تبين أن 24 في المائة من جميع الذين وصلوا المستشفى في عام 2023 أطفال تقل أعمارهم عن 6 أشهر.

زيارة المنازل

في محاولة للكشف عن النساء والأطفال المصابين بسوء التغذية والحيلولة دون تفاقم حالتهم، أكدت منظمة «أطباء بلا حدود» أن العاملين معها في مجال الصحة ينزلون إلى المنازل مباشرة في محافظة الحديدة اليمنية لقياس محيط منتصف الذراع لدى الأطفال والنساء الحوامل والأمهات الجدد، وإحالة كل من تظهر عليهم علامات سوء التغذية إلى أقرب مركز صحي يقدم خدمات في التغذية العلاجية.

ومع ذلك أفاد العاملون في مجال الصحة المجتمعية بوجود تحديات تواجه ضمان استمرارية علاج النساء الحوامل والأمهات الجدد المصابات بسوء التغذية، حيث توجد فجوات كبيرة في مثل هذه البرامج في المراكز الصحية الإقليمية.

وأكد التقرير أنه وبعد أكثر من عقد من النزاع والأزمة الاقتصادية المشتدة، فقد الكثير من الناس في اليمن سبل عيشهم. وأدت معدلات التضخم المرتفعة إلى انخفاض القوة الشرائية للناس، بحيث لم يعد بإمكانهم شراء ما يكفي من الطعام.

منظمة إغاثية كويتية توزع مساعدات لليمنيين في مأرب (أ.ف.ب)

وحسب «أطباء بلا حدود» فقد أدى التراجع في عمليات توزيع المساعدات الغذائية، بما في ذلك تعليق برنامج الأغذية العالمي لبرنامج المساعدات الغذائية العامة في شمال اليمن، إلى تفاقم الوضع المتردي أساساً. وفي الوقت نفسه، فإن حصول الناس على الرعاية الطبية محدودٌ للغاية بسبب قلة مرافق الرعاية الصحية الأساسية العاملة وارتفاع تكلفة النقل.

ونبه التقرير إلى أن عدم حصول النساء الحوامل على رعاية ما قبل الولادة وبعدها، يؤدي إلى عدم اكتشاف العلامات المبكرة لسوء التغذية. كما لا تدرك نساء كُثر أن الرضاعة الطبيعية قادرة على تقليل خطر سوء التغذية بين أطفالهن والمضاعفات المرتبطة به.

وشددت المنظمة على أنه وفي ضوء القصور المدوي في تمويل الجهات المانحة الذي يشهده اليمن، فإن من الضروري أن يطبق نهج مستهدف، مع التركيز على الفئات الأشد حاجة، تحديداً الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والأمهات.


مقالات ذات صلة

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

العالم العربي الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها، خلال الأيام الأخيرة، فراراً للمئات من المجندين ممن جرى استقطابهم.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رجل مؤيد للحوثين يحمل صاروخاً وهمياً خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يستهدفون قاعدة عسكرية إسرائيلية بصاروخ فرط صوتي

كشف العميد يحيى سريع المتحدث العسكري باسم «الحوثيين» في اليمن، اليوم (الجمعة)، إن الجماعة استهدفت قاعدة نيفاتيم الجوية بجنوب إسرائيل بصاروخ.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

عقدت الحكومة اليمنية اجتماعاً استثنائياً لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولويتها وبرنامجها في الإصلاحات وإنهاء الانقلاب الحوثي واستكمال استعادة الدولة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي 59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

كشف تقرير حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

قال رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

«الشرق الأوسط» (عدن)

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
TT

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها خلال الأيام الأخيرة، فراراً لمئات المجندين ممن جرى استقطابهم تحت مزاعم إشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وتركزت عمليات الفرار للمجندين الحوثيين، وجُلهم من الموظفين الحكوميين والشبان من معسكرات تدريب في مدينة صنعاء، وفي أماكن أخرى مفتوحة، في مناطق بلاد الروس وسنحان وبني مطر وهمدان في ضواحي المدينة.

جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وتحدّثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فرار العشرات من المجندين من معسكر تدريبي في منطقة جارف جنوب صنعاء، وهو ما دفع وحدات تتبع جهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة بشن حملات تعقب وملاحقة بحق المئات ممن قرروا الانسحاب من معسكرات التجنيد والعودة إلى مناطقهم.

وذكرت المصادر أن حملات التعقب الحالية تركّزت في أحياء متفرقة في مديريات صنعاء القديمة ومعين وآزال وبني الحارث، وفي قرى ومناطق أخرى بمحافظة ريف صنعاء.

وأفادت المصادر بقيام مجموعات حوثية مسلحة باعتقال نحو 18 عنصراً من أحياء متفرقة، منهم 9 مراهقين اختطفوا من داخل منازلهم في حي «السنينة» بمديرية معين في صنعاء.

وكان الانقلابيون الحوثيون قد دفعوا منذ مطلع الشهر الحالي بمئات المدنيين، بينهم شبان وأطفال وكبار في السن وموظفون في مديرية معين، للمشاركة في دورات تدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة استعداداً لإشراكهم فيما تُسميه الجماعة «معركة تحرير فلسطين».

ملاحقة الفارين

يتحدث خالد، وهو قريب موظف حكومي فرّ من معسكر تدريب حوثي، عن تعرُّض الحي الذي يقطنون فيه وسط صنعاء للدَّهم من قبل مسلحين على متن عربتين، لاعتقال ابن عمه الذي قرر الانسحاب من المعسكر.

ونقل أحمد عن قريبه، قوله إنه وعدداً من زملائه الموظفين في مكتب تنفيذي بمديرية معين، قرروا الانسحاب من الدورة العسكرية بمرحلتها الثانية، بعد أن اكتشفوا قيام الجماعة بالدفع بالعشرات من رفقائهم ممن شاركوا في الدورة الأولى بوصفهم تعزيزات بشرية إلى جبهتي الحديدة والضالع لمواجهة القوات اليمنية.

طلاب مدرسة حكومية في ريف صنعاء يخضعون لتدريبات قتالية (فيسبوك)

ويبرر صادق (40 عاماً)، وهو من سكان ريف صنعاء، الأسباب التي جعلته ينسحب من معسكر تدريبي حوثي أُقيم في منطقة جبلية، ويقول إنه يفضل التفرغ للبحث عن عمل يمكّنه من تأمين العيش لأفراد عائلته الذين يعانون شدة الحرمان والفاقة جراء تدهور وضعه المادي.

ويتّهم صادق الجماعة الحوثية بعدم الاكتراث لمعاناة السكان، بقدر ما تهتم فقط بإمكانية إنجاح حملات التعبئة والتحشيد التي تطلقها لإسناد جبهاتها الداخلية، مستغلة بذلك الأحداث المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

وكان سكان في صنعاء وريفها قد اشتكوا من إلزام مشرفين حوثيين لهم خلال فترات سابقة بحضور دورات عسكرية مكثفة تحت عناوين «طوفان الأقصى»، في حين تقوم في أعقاب اختتام كل دورة بتعزيز جبهاتها في مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها بدفعات منهم.

وكثّفت الجماعة الحوثية منذ مطلع العام الحالي من عمليات الحشد والتجنيد في أوساط السكان والعاملين في هيئات ومؤسسات حكومية بمناطق تحت سيطرتها، وادّعى زعيمها عبد الملك الحوثي التمكن من تعبئة أكثر من 500 ألف شخص.