«آي ميديا» تحط في بيروت متوجة بأربع جوائز

سليمان البسام وحلا عمران على خشبة «مسرح المدينة» لليالٍ ثلاث

TT

«آي ميديا» تحط في بيروت متوجة بأربع جوائز

تحط مسرحية «آي ميديا» رحالها، على خشبة «مسرح المدينة» في بيروت، بعد أن حصدت جائزة أفضل ممثلة في المسابقة الرسمية لـ«مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي» نالتها السورية حلا عمران، وثلاث جوائز رئيسية في «أيام قرطاج المسرحية». فقد فاز مخرج العمل وكاتبه الكويتي سليمان البسام بجائزة أفضل نص مسرحي، والفنانة حلا عمران بجائزة أفضل ممثلة، وإيريك سواييه بجائزة أفضل سينوغرافيا.
وبيروت ستكون فاتحة جولة عربية للمسرحية، حيث ستعرض لثلاث ليالٍ متوالية، 28 و29 و30 الجاري. وهي مواعيد لا تفوّت لمحبي المسرح، بعد شحّ طال بسبب الجائحة، وكل الأزمات المتتالية التي عاشها لبنان.
يستوحي العمل مسرحية يوربيديس التراجيدية اليونانية «ميديا»، التي كتبت في الأصل، استناداً إلى أسطورة جاسون وميديا. وهي عن امرأة ساحرة، تخرج أقدارها الصعبة، من نفسها عنفاً استثنائياً خارقاً. فهي تعيش غريبة ودخيلة على مجتمع يمارس عليها أقسى أنواع الظلم ويدفعها إلى انتقام شرس. رغم أنّها تقتل أخاها وتقطّع جثته كي تتمكن من الزواج من حبيبها جاسون، فإن جاسون هذا بعد أن يهربا معاً إلى موطن جديد، يتركها وحيدة غريبة مع أطفالهما الثلاثة، ليتزوج من ابنة الملك كريون، طمعاً في المال والجاه. لكن ميديا، لا تلبث أن تحضّر لانتقام رهيب من زوجها، بأن تدمّر المدينة، وتقتل أطفالها الذين يعلق عليهم والدهم آمالاً كباراً.
على خشبة سليمان البسام، لا تبتعد ميديا كثيراً عن نسختها اليونانية في العمق، وإن تدثرت بأردية الحداثة واستخدمت وسائل التواصل. فهي امرأة، مثقفة، مسيسة، مهاجرة إلى مدينة ساحلية غريبة اسمها كورينثيا؛ تستقبل موجات اللاجئين الهاربين، في الوقت الذي يخضع نظامها العلماني إلى تحوير وتشويه، من خلال تأجيج العنصرية وإثارة النعرات والعمل على الأجندات الشعبوية لحاكمها كريون.
أما زوج ميديا، جاسون فيختار الطلاق منها والزواج من ابنة حاكم كورينثيا، كما في الأسطورة. ميديا مع أطفالها في مدينة غريبة، مصدومة بغدر الزوج، وتداعياته، وحال البلاد الموجودة فيها. كل المظالم تؤدي بها إلى الثأر بقتل أبنائها. وهذا الوضع السوريالي الفائق التراجيدية، يفتح الأبواب أمام المخرج - الكاتب ليطلق العنان لتجليات الشعر والغناء واللعب؛ بحيث يخلق فضاء على الخشبة يتحرر فيه من قيد القصة الأصلية. ونجد ميديا تطلق تغريداتها التي تتحول إلى صرخات إنسانية تضامنية مع اللاجئين، وهي تحشُّد لانتفاضة وخيمة العواقب بمجرد وصولها إلى مخيماتهم على حواف كورينثيا. «أنا ميديا أقول لكم اليوم، إضرابي عن الطعام مستمر إلى أن تنالوا حقوقكم». امرأة غاضبة تبحث عن ضمير كورينثيا الغائب، وهي تقول للاجئين المهدورة حقوقهم: «أنتم من ميديا وميديا منكم». وتلعب الفنانة السورية المقيمة في فرنسا حلا عمران، دورها في المنافحة من أجل النازحين، كأنّها بالفعل منهم، فليس أقرب منها إلى فهم هذه المأساة التي ضربت شعبها.
ويأتي دور الموسيقى مندعماً في الحوارات، مكملاً للحكاية، وليس دخيلاً عليها، بفضل «فرقة التنين» وعازفيها اللبنانيين عبد قبيسي وعلي حوت. أمّا الأغنيات العربية فهي للدكتور عبد الله عيسى السرحان.
سليمان البسام إضافة إلى كتابة النص وإخراجه يلعب عدة أدوار في العمل، دور المؤلف الموجود على الخشبة، والزوج الغادر جاسون، والملك كريون. فيما يلعب التونسي أسامة جامعي دور أغاديز.
كان يفترض لهذا العمل أن يقدم على شكل أوبرالي ضخم ويخضع لعملية إنتاجية كبيرة قبل ظهور فيروس كورونا الذي أوقف البروفات في مراحلها الأخيرة. الدخول في الحجر، وما صاحبه من تأمل وعودة إلى الذات، وتعفف عن كل فائض، جعلت البسام يعدل عن فكرته، ويفضّل عليها بالتشارك مع حلا عمران، هذه الصيغة التراجيدية، الغنائية ذات السينوغرافيا المتقشفة التي وضعها الفرنسي إيريك سواييه. فقد قرر البسام تبسيط وتعميق مفاهيم العناصر المقدمة على خشبة المسرح. كما أنّ الزمن الطويل الذي مرّ خلال التدريبات أعطى فرصة لفريق العمل، لفهم الشخصيات بعمق أكبر وإدراك علاقتها بالواقع. فربّ ضارة نافعة، وجاء التأخير في صالح العمل، إن لجهة تغيير القالب المسرحي، أو توثيق عرى الممثلين بشخصياتهم.
وعن تكوين فريق العمل يقول البسام إنّه لطالما اعتمد في أعماله على خلق فرق مشتركة من بلدان عربية ومن الغرب ومزج عناصر من خلفيات وتجارب مسرحية متعددة ومختلفة بما يخدم العرض ويصب في بوتقة إيصال رسالته. فالمخرج الكويتي يعمل من منطلق «أن لا هوية وطنية للمسرح بل هوية فنية مطلقة عابرة للحدود».
و«آي ميديا»، هي واسطة العقد في ثلاثية مسرحية، يعمل عليها المخرج منذ أربع سنوات. وهي أعمال تستلهم خطوطها الرئيسية الكتابية من نصوص قديمة، تراجيدية عنيفة، بطلاتها نساء. قدم المسرحية الأولى مستلهمة من ملحمة مدينة «أور» السومرية التي تعرضت لخراب يقارب الفناء. و«آي ميديا» هي المسرحية الثانية، فيما يتحفظ المخرج على اسم آخر حلقات الثلاثية، التي يبدو أنّه بدأ العمل عليها.
وتساعد هذه الملاحم القديمة بإسقاطها على مآسي الحاضر، على تعميق البحث في أسرار النفس الإنسانية، والنبش في طبقاتها النفسية، والشعورية، خاصة حين يتشارك فريق العمل مجتمعاً في البحث والاجتهاد لتقديم الأفضل.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».