مصر تطمح في الكشف عن كنوز سيناء الأثرية

عبر مشروع للتنقيب في 5 مواقع كمرحلة أولى

اكتشاف بقايا مبنى كان مقراً لقائد بعثات التعدين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
اكتشاف بقايا مبنى كان مقراً لقائد بعثات التعدين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تطمح في الكشف عن كنوز سيناء الأثرية

اكتشاف بقايا مبنى كان مقراً لقائد بعثات التعدين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
اكتشاف بقايا مبنى كان مقراً لقائد بعثات التعدين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد عقود طويلة من عدم الاهتمام بكنوزها الأثرية النادرة، ومعادنها النفيسة، وكهوفها وبناياتها التراثية، تعود منطقة جنوب سيناء بمصر، إلى بؤرة اهتمام الأثريين والخبراء المصريين مجدداً، عبر مشروع أثري طموح يعتمد على التنقيب عن الآثار المنسية والمدفونة وسط جبالها الشاهقة وأوديتها الساحرة، بجانب ترميم المواقع الأثرية الأخرى التي تم اكتشافها في سنوات سابقة.
ويهدف المشروع الذي تنفذه بعثة مصرية، للمرة الأولى، إلى إجراء مسح أثري وحفر وتنقيب في العديد من المواقع. وبينما تم الإعلان أخيراً عن أول اكتشافات البعثة، ستشهد الأسابيع المقبلة الإعلان عن المزيد من أسرار وكنوز أرض الفيروز ومعادنها النادرة، بحسب مسؤولي البعثة.
وأعلنت البعثة المصرية أخيراً عن أول اكتشافاتها بمنطقة جنوب سيناء، وهو عبارة عن بقايا مبنى بمنطقة وادي النصب كان يستخدم كمقر لقائد بعثات التعدين المصرية بسيناء خلال عصر الدولة الوسطى، ويقع في منطقة متميزة وسط الوادي ويتوسط مناطق تعدين النحاس والفيروز، وهو مبنى مربع الشكل يتكون من كتل حجرية ضخمة من الحجر الرملي، وهو ذو أرضية من بلاطات حجرية، ويمتد على مساحة نحو 225 متراً مربعاً، وعثر داخل إحدى غرفه على ورشة لتجهيز الفيروز تحتوي على أحجار لتشكيل وتجهيز وتنظيف الفيروز، والتي ما زالت تستخدم مثيلاتها حتى الآن، كما عثر بالمنطقة المجاورة للمبنى على ثلاث مغارات لاستخراج خام النحاس، منها مغارة على سفح جبل النصب تم تنظيفها، وبقايا ورشة لصهر واستخلاص النحاس.
وبحسب البعثة، فإن وادي النصب كان يمثل مركز عمليات تجهيز خام النحاس بجنوب سيناء، حيث توجد كميات ضخمة من خبث النحاس بالوادي، يرجح أنها تبلغ ما يوازي 100 ألف طن.
وتضم منطقة وادي النصب بجنوب سيناء بجوار المبنى المكتشف العديد من الآثار الفرعونية، منها نقش للملك مرنبتاح، ونقشان للملك أمنمحات الثالث الذي شهد عهده ذروة النشاط التعديني بسيناء، حيث يوجد 59 نقشاً بجنوب سيناء تعود لموظفين رسميين بمناطق وادي المغارة ووادي النصب وسرابيط الخادم.
البعثة المصرية بدأت عملها منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفقاً للدكتور هشام حسين، المشرف على شؤون المجلس الأعلى للآثار بجنوب سيناء، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «المشروع يأتي ضمن خطة شاملة لتنمية سيناء، ويتضمن شقين، الأول حفريات في خمسة مواقع بالمرحلة الأولى بجنوب سيناء، هي وادي ســرابيط الخــادم، وسهل المرف، ووادي النصب، وكهف الزرانيج ووادي غـرنــدل، وقد عملنا حتى الآن في موقعين وسوف ننتقل تباعاً إلى المواقع الأخرى، وستشهد الأسابيع المقبلة الإعلان عن اكتشافات أثرية عديدة بالمنطقة تعود لعصور مختلفة بدء من عصور ما قبل التاريخ، والدولة المصرية القديمة، والعصر الإسلامي».
ويشير حسين إلى أن «ما سيتم الكشف عنه من آثار وكنوز سيناء يمكنه أن يغير التاريخ، وستكون له علاقة بالجدل العلمي حول المكان الذي بدأت منه الحضارة الإنسانية، خصوصاً أن هذه أول بعثة مصرية تعمل بالمنطقة التي تشكل سجلاً يضم كل العصور، ومواقع حفريات بسيناء تعود إلى عصور ما قبل التاريخ».
وتضم سيناء معالم أثرية متنوعة تعود إلى عصور وحقب تاريخية مختلفة، وشهدت الفترة الماضية اكتشافات عديدة، منها جزء من مبنى ضخم من العصر اليوناني الروماني مشيد بالطوب الأحمر والحجر الجيري في منطقة بلوزيوم بشمال سيناء، يرجح أنه كان مقراً لمجلس الشيوخ، حيث أشارت الدراسات المبدئية أن التخطيط المعماري للمبنى ومكان إنشائه يرجحان أنه قد استخدم لعقد اجتماعات شيوخ المدينة وممثلي المواطنين إبان حكم البطالمة والرومان، كما تم الكشف أيضاً عن كهف أثري بمنطقة وادي الظلمة بداخله مجموعات متنوعة وفريدة من المناظر المنحوتة في الصخر.
بدوره، يقول الأثري الدكتور هاني أبو العزم، لـ«الشرق الأوسط» إن «كشف سيناء عن كنوزها وآثارها له أبعاد حضارية وثقافية تتجاوز حدود الاكتشافات الأثرية إلى آفاق الهوية والتطور الحضاري للبشرية، فكل قطعة سيتم اكتشافها تشكل سلسلة من الحضارة المصرية في عصور مختلفة، وفيها قطع تعود إلى أكثر من 3500 سنة قبل الميلاد، فسيناء طوال التاريخ جزء من الحضارة المصرية، وبناياتها جزء من تطور حضاري مصري، لذلك يجب تفعيل الحفريات حتى في المناطق التي عملت فيها بعثات أجنبية وخصوصاً المواقع التي عملت بها البعثات الإسرائيلية خلال احتلال سيناء، وإعادة النشر العلمي للاكتشافات بهذه المواقع».


مقالات ذات صلة

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس، عن اكتشاف «ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة» أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف «أول وأكبر مرصد فلكي» في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».