الميكروبات والإنسان: مناوشات على جبهة البرد

«اللياقة البدنية» لها الفضل في «اللياقة المناعية»

الميكروبات والإنسان: مناوشات على جبهة البرد
TT

الميكروبات والإنسان: مناوشات على جبهة البرد

الميكروبات والإنسان: مناوشات على جبهة البرد

ما الذي نحتاجه لتعزيز الاستعداد المناعي مع حلول موسم البرد والإنفلونزا في زمن الوباء؟
هذا الموسم هو ذلك الوقت من العام الذي نحتاج فيه إلى بعض التذكير بأننا بتنا نعيش في عالم ميكروبي. إذا كان هناك أي عزاء لظهور موسم البرد والإنفلونزا الذي أدى إلى تفاقم وباء «كوفيد19»، فهو أن موسم البرد الحالي يتوج عامين من التركيز المكثف على طرق تقوية الدفاعات المناعية ضد فيروسات الجهاز التنفسي.

فيروسات والتهابات
تشير الأبحاث إلى أن 15 في المائة من نزلات البرد الشائعة، مثل «كوفيد19»، ناتجة عن فيروس «كورونا». وفي حين أن فيروسات «كورونا» المسببة للبرد قابلة للانتقال مثل «كوفيد19»، فإنها تفضل الجهاز التنفسي العلوي بدلاً من الاستقرار في أعماق الرئتين. غير أن الضرر الذي يحدث يكون قصير الأجل.
من ناحية أخرى؛ نظراً إلى أن فيروسات «كورونا» تنتشر باستمرار في جميع أنحاء العالم، جنباً إلى جنب مع 200 من الفيروسات التنفسية الأخرى، فإن فيروسات «كورونا» تميل إلى معاودة إصابة ضحاياها. وشأنها شأن جميع أنواع العدوى، فإنها تثير استجابة مناعية تنتج الالتهاب بسرعة. وهذه الاستجابة تعمل خلال اندفاعها لمواجهة الغزاة على صب المواد السامة في دورة الجهاز الدموي. وبقدر ما هو جزء من الدفاع المناعي، فإن الالتهاب في النهاية عملية مدمرة. وهو اضطراب معروف في الوظيفة العقلية ويعدّ متورطاً في كل مرض عقلي.
أول وأسرع الأدوات اللاعبة التي تصل إلى موقع الإصابة هي «مكونات الجهاز المناعي الفطري (innate immune system)»؛ أي «المناعة الطبيعية» أو «المناعة الخَلقية»، وهذا الجهاز المناعي المتأصل يوجد هناك في انتظار الانقضاض على أي مسبب للمرض، ليجعل بقاء الإنسان لائقاً مناعياً؛ أمراً حتمياً.

لياقة مناعية
يعود الفضل في «اللياقة المناعية» إلى «اللياقة البدنية»، وتساهم العوامل نفسها لنمط الحياة في كليهما. ويحافظ النشاط البدني المنتظم على المناعة، وكذلك الحال بالنسبة للنظام الغذائي الصحي، خصوصاً النظام الذي يغذي «ميكروبيوم الأمعاء» بكثير من الألياف والمواد النباتية.
يلعب عدد من المغذيات الدقيقة المحددة أدواراً مهمة أيضاً. ففيتامينات «سي» و«دي» والزنك المعدني من أهمها. وقد توصلت دراسات متعددة إلى أن كلا الفيتامينين يساهم في الوظيفة المناعية بعدد من الطرق المحددة وغير المحددة. علاوة على ذلك؛ فإن أوجه القصور في هذه المغذيات الدقيقة تظهر باستمرار بين أولئك الذين ينتهي بهم الأمر إلى العدوى.
> فيتامين «سي»: يُعرف فيتامين «سي» منذ فترة طويلة بأنه مكافح للعدوى. وبصفته مضاداً للأكسدة؛ فهو لا يقوي الحاجز المخاطي ضد الغزو فحسب؛ بل يعزز أيضاً من القدرة القتالية لـ«الخلايا الحبيبية المتعادلة»، أو «العدلات (neutrophils)»، وغيرها من الخلايا المناعية الفطرية التي تندفع إلى مكان الإصابة. وهو أيضاً ينشط خلال الموجة الثانية من الدفاع المناعي؛ أي رد الفعل من نظام المناعة المكتسب أو المتكيف، التي تتشمل إنتاج خلايا «بي» و«تي» التي تستهدف مستضدات معينة. وهذه هي القوات التي تخلق ذاكرة مناعية لغزو مسببات الأمراض في المستقبل.
رغم أن فيتامين «سي» أحد المغذيات الدقيقة الأساسية، فإن 46 في المائة من البالغين الأميركيين لا يتناولونه بشكل كافٍ، فوفقاً لـ«المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية»، لا يؤدي نقص فيتامين «سي» إلى زيادة قابلية الإصابة بالعدوى فحسب؛ بل إن العدوى بدورها تدفع إلى زيادة كبيرة من متطلبات مستويات فيتامين «سي».
يعدّ الحفاظ على مستويات كافية من فيتامين «سي» في الأنسجة لدرء العدوى أمراً واحداً، حيث تشير الدراسات إلى أن تناول مكملات فيتامين «سي» بانتظام يمكن أن يمنع التهابات الجهاز التنفسي وغيرها من الالتهابات. فمحاربة العدوى النشطة قضية أخرى، مما يضاعف من حالة التحصين.
> فيتامين «دي»: فيتامين «دي»؛ الذي يُصنع عندما تصيب الشمس الجلد، عنصر غذائي له مجموعة متزايدة باستمرار، ويشارك في العديد من أجهزة الجسم؛ بما في ذلك الدماغ. ولا تزال أهميته بالنسبة لجهاز المناعة غير معروفة تماماً؛ لكن كل خلية في الكتيبة المناعية تقريباً بها مستقبلات لفيتامين «دي» والقدرة على استقلابه.
حتى وقتنا الحالي، وُجد أن فيتامين «دي» يحفز إنتاج المواد التي تعمل مضادات حيوية للجسم، وتقتل مسببات الأمراض. لكن قد يكون هذا مجرد بداية لها. وقد عُثر على مستويات منخفضة من الفيتامين بانتظام بين أولئك الذين يعانون من التهابات الجهاز التنفسي وغيرها. وهناك علاقة عكسية بين عدوى الجهاز التنفسي العلوي ومستويات فيتامين «دي» في الدم.
سواء أكان فيتامين «دي» يمنع العدوى أم لا، فقد ثبت أنه يخفف من شدة المرض، حيث إنه يضع قيوداً على إنتاج المستجيبات الداعمة للالتهابات. وقد أدى ذلك إلى تدريب الانتباه إليه أثناء الوباء، حيث يرتبط الالتهاب الجامح بأخطر عواقب «كوفيد19»، كما أنه يجعل حالة فيتامين «دي» لدى الأميركيين مقلقة. وقد وجدت الدراسة ذاتها أن 95 في المائة من البالغين الأميركيين يحصلون على كميات غير كافية من المغذيات.

الزنك والأعشاب
> الزنك: يتخذ معدن الزنك منهجاً مختلفاً تجاه المناعة؛ حيث يجري توفيره للنظام الغذائي الأميركي بشكل أساسي من اللحوم الحمراء، فهو يساهم في المناعة الفطرية والتكيفية. ويحفز المعدن المستجيبات المناعية الأولى للتوجه إلى موقع الإصابة، وبمجرد وصوله، يمنع الالتهاب من الانتشار خارج نطاق السيطرة. ومن دون الزنك، تصبح الاستجابة المناعية مفرطة الحماس ومدمرة للأنسجة، فالزنك يؤثر أيضاً على نشاط الخلايا التائية للمناعة التكيفية؛ حيث يجري تخصيصها لاستهداف مستضدات معينة على مسببات الأمراض الغازية.
من المعروف أن نقص الزنك يزيد من قابلية الإصابة بالعدوى؛ فوفقاً للدراسة، فإن 15 في المائة من الأميركيين لا يتناولون كميات كافية من الزنك. ويقدر الباحثون أن 40 في المائة من كبار السن يعانون من نقص تام، وتؤخذ مكملات الزنك على شكل أقراص استحلاب، لتقصير مدة نزلات البرد. لكن الحكم بشأن قدرتها على درء نزلات البرد تماماً لم يصدر بعد.
> عشب وقائي: هناك نبات «البلسان (elderberry)»، وهو ليس من المغذيات؛ بل هو علاج تقليدي لأمراض الجهاز التنفسي الفيروسية، وقد زاد «كوفيد19» من الاهتمام به. تعدّ ثمرة شجرة «السمبوسك»، أو البلسان، غنية بمضادات الأكسدة؛ ففي إحدى التجارب السريرية العشوائية، حدّ ذلك النبات من مدة وشدة نزلات البرد بين المسافرين جواً. لكن كيف يمكن أن يعمل بالضبط؟ سؤال لا يزال من دون إجابة واضحة.
كلما زاد عدد العلماء الذين يستقصون جهاز المناعة؛ زاد التعقيد. لكن تبقى حقيقة بسيطة أمام أعيننا: غالباً ما تحتاج المناعة إلى دَفعة لتكون جاهزة لعدد كبير من الميكروبات الموسمية التي تعمل على مهاجمتنا.

* مجلة «سايكولوجي توداي»
- خدمات «تريبيون ميديا»



تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)
تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)
TT

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)
تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

وحسب موقع «ساينس آليرت» العلمي، فقد أُجريت الدراسة على 20 مشاركاً بمتوسط ​​عمر 23 عاماً، تمت مطالبتهم بالخضوع لجلسة يومية مدتها 5 دقائق في «غرفة التحفيز بالتبريد»، وهي غرفة تشبه «الساونا»، ولكن درجة حرارتها تكون على النقيض منخفضة للغاية؛ حيث قد تصل إلى «-90 درجة مئوية».

واستمرت التجربة لمدة 5 أيام.

وخلال الليل، تم تزويد المتطوعين بمجموعة متنوعة من أجهزة استشعار الدماغ والقلب لمراقبة النشاط البيولوجي وقياس جودة النوم. كما طُلب منهم الإجابة عن استبيان في اليوم التالي حول نومهم.

بالإضافة إلى زيادة مدة النوم وجودته، وجد الباحثون أيضاً تحسّناً في الحالة المزاجية للمشاركين، وانخفاضاً في مستويات القلق لديهم. وكانت الفوائد ملحوظة بصفة خاصة بالنسبة إلى النساء.

وقال عالم الحركة أوليفييه دوبوي من جامعة مونتريال في كندا، الذي شارك في الدراسة: «لم تكن استجابات النساء والرجال متطابقة. وهذا يشير إلى أنه يجب تعديل جرعة البرد وفقاً للجنس، على الرغم من أن هذا يتطلّب مزيداً من الدراسات».

إلا أن الباحثين أقروا ببعض القيود على دراستهم، من بينها قلة حجم العينة، وعدم توصلهم إلى السبب الذي يربط بين البرد الشديد وتحسين جودة النوم، مؤكدين الحاجة إلى دراسات مستقبلية لتوسيع هذه النتائج.

وسبق أن وجدت الدراسات السابقة أن التحفيز بالتبريد لكامل الجسم يمكن أن يهدّئ القلب بعد ممارسة التمارين، ويقلّل الالتهاب، ويحسّن الصحة العامة.