من العراق وسوريا إلى تركيا وإيران... هل يخفف شتاء 2022 من وطأة الجفاف؟

سهول محافظة نينوى كانت الأكثر تضرراً بارتفاع درجات الحرارة

آثار الجفاف في منطقة الأهوار جنوب العراق في الصيف الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في منطقة الأهوار جنوب العراق في الصيف الماضي (أ.ف.ب)
TT

من العراق وسوريا إلى تركيا وإيران... هل يخفف شتاء 2022 من وطأة الجفاف؟

آثار الجفاف في منطقة الأهوار جنوب العراق في الصيف الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في منطقة الأهوار جنوب العراق في الصيف الماضي (أ.ف.ب)

شهد العراق خلال السنوات الثلاث الماضية موجة جفاف واسعة، تسببت في تراجع مساحات الأراضي المزروعة بمحاصيل الحنطة والشعير والمحاصيل الاستراتيجية الأخرى. ومع مطلع هذا الشتاء تعرَّضت مناطق في شمال البلاد لعواصف مطرية ومضية، أدت إلى سيول وفيضانات عنيفة، نتجت عنها خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وبينما ساهمت الهطولات المطرية في تغذية بعض السدود في إقليم كردستان العراق، لا تزال مناطق وسط البلاد وجنوبها وشرقها تعاني حتى الآن من قلَّة الأمطار، وسط مخاوف من تعرُّضها لسيول وفيضانات مفاجئة كما حصل في الشمال. ورغم ذلك، لا يزال الأمل قائماً في أن تساهم هطولات هذا الشتاء في سد العجز المائي الذي يُقدَّر بنحو 12 مليار متر مكعب، من أصل 53 مليار متر مكعب هي حاجة البلاد السنوية.
- الجفاف يهدد غذاء العراق
يؤدي الجفاف في العراق إلى تحوُّل مناطق زراعية شاسعة إلى أراضٍ جرداء؛ حيث تُظهر دراسات رسمية أن الصحراء أصبحت تشغل الآن نحو 40 في المائة من مساحة البلاد. كما تعاني الأراضي الزراعية من مشكلة التملُّح؛ خصوصاً في مناطق الجنوب.
وكانت سهول محافظة نينوى التي توصف بسلَّة غذاء العراق، الأكثر تضرراً من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف الماضي. فبعد أن كان إنتاجها من الحبوب خلال موسم 2020 نحو 930 طناً، انخفض في 2021 إلى 90 طناً فقط بسبب الجفاف. كما تسبب الجفاف في ارتفاع أسعار الحبوب إلى مستويات قياسية؛ إذ بلغ سعر طن القمح 520 دولاراً بعد أن كان 180 دولاراً قبل سنة، ووصل سعر طن الشعير إلى 400 دولار بينما كانت قيمته 80 دولاراً.
ونظراً لتدني مخزون العراق المائي من نهري دجلة والفرات وروافدهما، قررت وزارة الزراعة تقليص خطتها الزراعية لجميع المحاصيل الشتوية إلى النصف، بحيث تبلغ المساحة المزروعة خلال هذا الشتاء 250 ألف هكتار، بالمقارنة مع 500 ألف هكتار في شتاء 2021.
وكان إنتاج القمح في صيف 2021 قد بلغ 3.5 مليون طن، متراجعاً بمقدار 1.5 مليون طن عن الموسم السابق. وتتوقع وزارة الزراعة ألا يتجاوز إنتاج القمح في الموسم القادم 2.5 مليون طن، وهي كمية لا تكفي لتغطية حاجة البلاد من الخبز المدعوم حكومياً، الذي يستلزم 4.5 مليون طن سنوياً.
ولا تقتصر حالة الطقس الجاف على العراق فقط؛ لأن الهطولات المطرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال قليلة في موسم الشتاء الحالي، مما أعاق البَذر المبكر لزراعات الحبوب الشتوية التي سيتم حصاد نتاجها في الصيف المقبل. ولكن ما يجري في العراق يمثِّل حالة دراسية عن أثر تغيُّر المناخ وضعف إدارة الموارد المائية في تهديد الأمن الغذائي.
ويخلُص تقرير صدر مؤخراً عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديدة المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحول نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة. ويمثل النهران اللذان ينبعان من تركيا ويمران عبر سوريا، مصدراً لما يصل إلى 98 في المائة من إمدادات المياه السطحية في العراق. وكان البنك الدولي قد حذَّر العراق من أن المياه لن تصل إلى ثلث الأراضي المروية في سنة 2050، إذا ارتفعت الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة كما هو متوقع.
- استنزاف مياه تركيا
ويُلقي العراق باللائمة على دول الجوار في تراجع حصَّته من الموارد المائية السطحية. فرغم وجود اتفاقيات خاصة بمياه دجلة والفرات مع تركيا، كان آخرها في 2009، فإن هذه الاتفاقيات لم تنفَّذ بالكامل. وفي المقابل، تؤكد تركيا أنها تفي بما عليها من التزامات، وتشير إلى سوء إدارة المياه في العراق.
وفي الوقت ذاته، لا يمكن إنكار أن مشروع تركيا الكبير في الأناضول الذي يتضمن بناء 22 سداً و19 محطة كهرمائية، سيقلِّل إلى حد بعيد كمية المياه المتدفقة من نهري دجلة والفرات إلى سوريا والعراق. تركيا نفسها تعاني حالياً من الجفاف الذي طال أمده، وهي تحتفظ بالمياه خلف السدود لتلبية احتياجاتها الخاصة، بما فيها الزراعات التي تتطلب كميات كبيرة من المياه كالذرة والقطن والشمندر السكري.
ومنذ الثمانينات، شجَّعت السياسات الحكومية زراعة المحاصيل ذات العوائد المالية المرتفعة، مما جعل تركيا سابع أكبر منتج زراعي في العالم، وأحد أكبر مصادر الحبوب والفاكهة والتبغ والشاي. وبينما تساهم الزراعة في 6 في المائة من الدخل القومي، فهي توظف نحو 20 في المائة من القوة العاملة في البلاد، وتستهلك ما يقرب من 75 في المائة من المياه العذبة، وهي نسبة يحذِّر الخبراء من أنها غير مستدامة.
ويزداد الطلب على المياه بشكل متسارع في تركيا بسبب الزراعات المستنزفة للمياه، مما أدى إلى انخفاض طبقات المياه الجوفية وجفاف أنظمة أنهار بأكملها. كما لا يزال المزارعون في تركيا يستخدمون تقنيات الري القديمة، بما فيها السواقي المفتوحة وقنوات الجر المرتفعة التي تعاني من فقدان المياه بنسبة 35 إلى 60 في المائة بسبب التبخُّر والتسرُّب.
- الإفلاس المائي في إيران
ويبدو أن الحكومة العراقية مجبرة في ملف الأمن المائي على معالجة جملة من القضايا، من بينها الاضطرابات السياسية والتحديات الأمنية والأزمة الاقتصادية والخلافات مع دول الجوار. وكانت وزارة الموارد المائية العراقية قد استكملت مؤخراً جميع الإجراءات الفنية والقانونية، لرفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد سياسة المياه الإيرانية التي تتسبب في جفاف الأهوار في جنوب البلاد.
وتبلغ حصة العراق من مياه الأنهار والجداول الآتية من إيران نحو 11 مليار متر مكعب في السنة؛ لكن سلسلة طويلة من السدود تقطع المياه عن عشرات الروافد والجداول التي تعبر الحدود. وتتخذ إيران خطوات للاحتفاظ بمزيد من المياه في أراضيها؛ حيث قامت ببناء 16 سداً على نهر سيروان، أحد روافد دجلة، خلال السنوات القليلة الماضية. كما تعمل وزارة الطاقة الإيرانية منذ سنتين على مضاعفة عدد السدود في البلاد لتصل إلى نحو 400 سد، وسيكون العشرات منها عائقاً أمام وصول المياه إلى العراق.
وتملك إيران أسبابها الداخلية التي تدفعها للقيام بهذه الإجراءات، فهي تعاني أيضاً من الجفاف الشديد. وخلال موسم الشتاء الماضي، تلقَّت إيران نصف معدل الهطول المطري المعتاد. وتحصل أكثر من 8 آلاف قرية وبلدة إيرانية على مياهها من صهاريج جوَّالة، بينما أدت أزمة المياه إلى احتجاجات واشتباكات عنيفة؛ خصوصاً في محافظة خوزستان التي تحاذي محافظتي ميسان والبصرة العراقيتين. ولم تقتصر الاحتجاجات على خوزستان؛ بل طالت أيضاً مناطق كثيرة في إيران، بما فيها محافظات لوريستان وأصفهان وطهران. وترتبط قلة المياه في إيران بتغيُّر المناخ وسوء إدارة الموارد.
وفي سعيها لمواجهة العقوبات الدولية والاكتفاء ذاتياً، ضاعفت الحكومة الإيرانية نقاط استخراج المياه الجوفية بين عامي 2002 و2015، من أجل دعم القطاع الزراعي، لا سيما زراعة القمح والأرز وقصب السكر، مما استنفد المياه الجوفية وتسبب في نضوبها. ومع تناقص منسوب المياه الجوفية، ارتفعت ملوحتها على النحو الذي تسبب في تملح التربة عند استخدامها في ري الأراضي الزراعية. ورغم أن المشكلات المائية في إيران معروفة منذ 30 سنة، فإنه لا توجد خطة منهجية من شأنها زيادة الموارد المائية وتنظيم استهلاكها، مما أوصل البلاد إلى حالة «إفلاس مائي» يتجاوز فيها الطلب على المياه ما هو متاح. وسوف يستغرق الأمر أكثر من شتاء ممطر للتخفيف من نقص المياه.
- سوريا تواجه أسوأ جفاف
ولا تختلف أسباب أزمة المياه في سوريا عن تلك التي في العراق أو تركيا أو إيران، باستثناء ظروف الصراع القائمة في البلاد منذ سنة 2011؛ خصوصاً في المنطقة الشمالية الشرقية التي تعتمد في زراعتها على نهرَي دجلة والفرات. وتشهد سوريا أسوأ موجة جفاف منذ 70 سنة، وهي مشكلة تضاف إلى كثير من المشكلات التي تعصف بها.
ووفقاً لتقديرات برنامج الغذاء العالمي، يواجه 12.4 مليون سوري انعدام الأمن الغذائي؛ حيث يتلقى 4.8 مليون شخص منهم مساعدات غذائية من البرنامج. وللبقاء على قيد الحياة تتبع 90 في المائة من العائلات السورية استراتيجيات تأقلم سلبية، تشمل تقليل وجبات الطعام، وشراء كميات تقل عن الحاجة الفعلية، والاقتراض لشراء الاحتياجات الأساسية.
وتُعتبر المنطقة الشمالية الشرقية التي تخضع بمعظمها حالياً لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، مصدراً لمجمل قطن سوريا ونصف حبوبها ومعظم نفطها. ويعتمد أكثر من 5 ملايين سوري على نهر الفرات كمصدر لمياه الشرب التي تتناقص بفعل السياسات المائية التركية، وتتراجع نوعيتها بسبب التلوث الناجم عن حرَّاقات النفط البدائية والتسربات من خطوط وخزانات المشتقات في قطاع النفط.
ونتيجة ذلك، يعاني كثيرون؛ ليس فقط من قلَّة المياه المتاحة للزراعة؛ بل من عدم وجود مياه صالحة للشرب. وكما هي الحال في العراق، جفَّت الحقول والبساتين في الجزيرة السورية، كما حصل في مدينة الرقة؛ حيث يعيش نحو 400 ألف شخص؛ إذ انخفض تدفق المياه في نهر الفرات من 600 متر مكعب في الثانية إلى 200 متر مكعب فقط.
ولا يُعتبر الجفاف السبب الوحيد لنقص المياه في سوريا. فقد ساهم إهمال نُظم الري، وزيادة استخدام المياه لتشغيل المحطات الكهرمائية، والتعدِّيات على شبكات المياه والأحواض الجوفية، والاعتماد على أساليب بدائية في الري، وتملُّح التربة، والافتقار إلى التخطيط الاستراتيجي للمستوعبات المائية، في تفاقم أزمة المياه.
ويتخوَّف المزارعون ومربُّو الماشية في شمال شرقي البلاد، من تكرار سيناريو الجفاف الذي سبب لهم خسائر كبيرة في العام الماضي؛ حيث شهدت منطقة الجزيرة تراجعاً في إنتاج محاصيل استراتيجية، مثل القمح والشعير والذرة، بسبب انحباس الأمطار وتوقف جريان نهر الفرات ورافده الرئيسي نهر الخابور، كما اضطر مربُّو الإبل إلى بيع آلاف الجِمال في السوق السوداء، وتهريبها إلى البلدان المجاورة.
عبر الهلال الخصيب، من سوريا والأردن والعراق، وصولاً إلى تركيا وإيران المجاورتين، تتفاقم أزمة المياه سنة بعد سنة. ورغم الدور المؤثر للجفاف الناتج عن تغيُّر المناخ، فإن جزءاً كبيراً من المشكلة يتعلق بثقافة استهلاك المياه في منطقة اعتادت على الوفرة والخصوبة عبر مراحل التاريخ المختلفة. وقد أصبحت هذه الأزمة من التعقيد بحيث تتطلب تفاهمات داخلية وعابرة للحدود، إلى جانب مراجعة شاملة لسياسات إدارة المياه في كل بلد، وعلى مستوى الإقليم بأكمله.


مقالات ذات صلة

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات البيئية.

آيات نور (الرياض) عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية د. أسامة فقيها مع عدد من المتحدثين (الشرق الأوسط) play-circle 01:04

فقيها لـ«الشرق الأوسط»: مساعٍ سعودية لزيادة التزامات الدول بمكافحة تدهور الأراضي

أكد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية الدكتور أسامة فقيها لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تسعى ليكون مؤتمر «كوب 16» نقطة تحول تاريخية بمسيرة «الاتفاقية».

زينب علي (الرياض)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».