فيلم «أبو صدام»... الهروب من الواقع إلى «بطولات خيالية»

محمد ممدوح حصل على جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي عن دوره في هذا الفيلم
محمد ممدوح حصل على جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي عن دوره في هذا الفيلم
TT

فيلم «أبو صدام»... الهروب من الواقع إلى «بطولات خيالية»

محمد ممدوح حصل على جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي عن دوره في هذا الفيلم
محمد ممدوح حصل على جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي عن دوره في هذا الفيلم

تعد «أفلام الطريق» إحدى «الثيمات» الشهيرة في عالم السينما عالمياً وعربياً، لكنها تتميز بصعوبة شديدة، نظراً لطبيعتها الخاصة. أنت هنا تتحدث عن بطل أو اثنين في رحلة على الطريق السريع بين المدن تتخللها عدة استراحات عابرة، وبالتالي يكون «موقع التصوير» واحداً لا يتغير في معظم مشاهد العمل ما يفرض على الممثلين والمخرجين تحدياً من نوع خاص، إذ يجب ألا يتسلل الملل للمشاهدين، ولا يحد ثبات الحيز المكاني من حيوية وتدفق القصة.
إلى هذه النوعية ينتمي فيلم «أبو صدام» الذي يعرض حالياً بدور العرض المختلفة بمصر، ضمن موسم «رأس السنة» السينمائي، فهو يحكي قصة سائق شاحنة نقل ثقيل، يذهب في رحلة عمل من مدينة الدلنجات إلى بعض منتجعات الساحل الشمالي، الذي تقطنه فئة مرفهة ناعمة، تبدو مناقضة تماماً لشخصية السائق المغرقة في العنف والخشونة.
اختار الخيال الشعبي المصري اسماً دالاً لهذه النوعية من الشاحنات العملاقة هو «تريلا» تعبيراً عن ضخامتها ووحشيتها، وهو ما يبدو أنه انعكس على شخصية السائق «أبو صدام» الذي يمتلك مواصفات جسمانية خاصة، فهو شديد الطول والضخامة معاً، حتى أنه يطلق على نفسه لقب «ملك الطريق».
يختار «أبو صدام» مساعداً له أو «تباعاً» اسمه «حسن»، إنه شاب صغير يضطر إلى الاستماع طوال الوقت إلى بطولات السائق المزعومة وعلاقاته النسائية المتوهمة، وقدراته الخارقة في الإطاحة بأعتى الرجال في المعارك الكبرى، خلف هذا القناع من الأكاذيب، تتبدى الصورة الحقيقية لأبو صدام باعتباره شخصاً هشاً من الداخل، مهزوماً في الحياة، يعاني من مشكلات في علاقته الخاصة بزوجته.
يخرج السيناريو الذي كتبه محمود عزت من الطريق السريع والأحاديث بين البطلين عبر عدد من «الحبكات» الفرعية، حيث تنشأ أزمة مع إحدى نقاط التفتيش الأمنية، ويشتبك «أبو صدام» في معركة مع ضابط شرطة، كما يشارك البطلان في أحد الأفراح، ويتعرفان على راقصة جميلة لتأخذ الأحداث مساراً مختلفاً، وتصبح النهاية غير متوقعة.
أجاد الفنان محمد ممدوح في تجسيد شخصية «أبو صدام» على نحو لافت، حتى بدا وكأنه سائق شاحنة بالفعل، لذلك لم يكن مفاجئاً حصوله على جائزة «أحسن ممثل» عن هذا الدور من مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأخيرة، فيما بدا النجم الشاب أحمد داش مقنعاً في دور «التباع حسن»، بحذره وتوجسه تجاه السائق، فهو لا يريد أن يغضبه، كما لا يبدو مقتنعاً بمعظم حكاياته، وغزواته المزعومة. ويحسب للمخرجة نادين خان، ابنة المخرج الكبير الراحل محمد خان، تصديها لشريط سينمائي ينطوي على هذا النوع من التحديات، خصوصاً أنها تجربتها الأولى في الأفلام الروائية الطويلة، فلم تلجأ إلى «الخلطة» الشهيرة التي يعتبرها صناع السينما «مضمونة»، وتتمثل في نوعية «اللايت كوميدي» مع مطرب شهير أو كوميديان شعبي، وأغانٍ جديدة، مع أكبر عدد من وجوه الحسناوات على الشاشة.
من ناحيته، يؤكد الفنان محمد ممدوح، أنه تحمس للعمل بمجرد قراءة القصة التي كتبتها المخرجة نادين خان والنقاش معها، فالعمل ينطوي على تحديات مثيرة ومختلفة، ولا يسير في «سكة» الشائع والمكرر.
ويضيف ممدوح في تصريح خاص إلى «الشرق الأوسط»، قائلاً: «شخصية أبو صدام أرهقتني في الإعداد لها، حيث كان يجب عليّ تعلم قيادة الشاحنات في مختلف الأوقات ليلاً ونهاراً، ورغم أن الأمر كان صعباً في البداية، إلا أنه سرعان ما أصبح ممتعاً». ويستطرد بطل الفيلم قائلاً: «الأهم من قيادة (التريلا) فهم العالم السري لسائقي النقل الثقيل على الطرق السريعة، فهم يقضون أياماً عديدة على الأسفلت ويطبخون داخل الشاحنة، ولديهم قواعد صارمة مثل عدم تناول المشروبات الساخنة داخل كابينة القيادة، وقد استعنت بعدد منهم في الواقع حتى يمنحوني سر هذا العالم ويطلعوني على خباياه».


مقالات ذات صلة

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

يأتي فيلم «سعود وينه؟» بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي.

«الشرق الأوسط» (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.