خطة متكاملة لترميم الأضرحة التاريخية بالقاهرة للاستفادة منها سياحياً

تشمل تطوير الخدمات والمرافق والطرق والميادين المؤدية إليها

مرفق صورة مسجد السيدة زينب (الشرق الأوسط)
مرفق صورة مسجد السيدة زينب (الشرق الأوسط)
TT

خطة متكاملة لترميم الأضرحة التاريخية بالقاهرة للاستفادة منها سياحياً

مرفق صورة مسجد السيدة زينب (الشرق الأوسط)
مرفق صورة مسجد السيدة زينب (الشرق الأوسط)

في خطوة تستهدف تنشيط السياحة الدينية في القاهرة التاريخية، تواصل مصر تنفيذ مشروع لترميم وتجديد مقامات وأضرحة آل البيت وتطوير الطرق والميادين المؤدية إليها، لتسهيل الزيارة على السياح الذين يتوافدون على زيارتها سنويا خصوصاً من الدول الإسلامية في شرق آسيا.
ويحظى المشروع باهتمام على مستوى الرئاسة المصرية، حيث عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعا أول من أمس، «لمتابعة موقف ترميم وتجديد مقامات وأضرحة آل البيت، خصوصاً أضرحة سيدنا الحسين، والسيدة نفيسة، والسيدة زينب، موجهاً بأن يتم تطوير الأضرحة بشكل متكامل، يشمل الصالات الداخلية بالمساجد وما بها من زخارف معمارية، وعلى نحو يتناغم مع الطابع التاريخي والروحاني للأضرحة والمقامات». بحسب تصريحات السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية.
وأوضح الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «أضرحة آل البيت والأضرحة التاريخية في مصر، لها قيمة دينية ومعمارية وأثرية وتاريخية، حيث تتميز بطرزها المعمارية المميزة، وزخارفها الجميلة، كما تعكس حضارة مصر الإسلامية، وتشير إلى مكانتها التاريخية والتي جذبت آل البيت إليها في العصور السابقة»، واصفا اهتمام الرئيس السيسي بهذه الأضرحة بأنه «فكرة إنسانية جميلة تعيد لمصر مجدها التاريخي، كما تعيد لهذه الأضرحة رونقها الذي كاد يندثر»، لافتا إلى أن «هذه أول مرة نشهد فيها اهتماما على المستوى الرئاسي بهذا التراث الإنساني».
وهذه ليست المرة الأولى التي يناقش فيها الرئيس السيسي موضوع ترميم الأضرحة فقد عقد عدة اجتماعات لهذا الغرض، بحسب بيانات الرئاسة المصرية، التي أشارت من قبل إلى دور طائفة البهرة في ترميم أضرحة آل البيت، في أعقاب لقاء الرئيس السيسي والسلطان مفضل سيف الدين، سلطان طائفة البهرة بالهند، في يونيو (حزيران) الماضي، والتي أشاد الرئيس السيسي خلالها «بدور سلطان البهرة في ترميم وتجديد مقامات آل البيت وعدد من المساجد المصرية التاريخية، وآخرها ترميم أضرحة السيدة نفيسة، والسيدة زينب، وسيدنا الحسين، لتتكامل مع جهود الدولة الحالية في تطوير المناطق المحيطة بتلك الأضرحة والمواقع الأثرية بالقاهرة الفاطمية والتاريخية».
وفي لقاء سابق عام 2018 مع الرئيس السيسي تحدث سلطان البهرة عن «جهود الطائفة في ترميم المساجد الأثرية، والاهتمام الذي توليه لصيانة مساجد آل البيت في مصر، والمشروع الذي كانت تنفذه وقتها لترميم ضريح السيدة نفيسة وتجديد مقصورة المقام بالكامل، معلنا تبرعه بمبلغ 10 ملايين جنيه لصندوق تحيا مصر»، بحسب الرئاسة المصرية.
ويرى الكسباني أن «تطوير وترميم أضرحة البيت لا يعتبر فقط اهتماما بالتراث الإنساني والتاريخي لمصر بل يعد خطوة مهمة لتنشيط للسياحة الدينية»، مشيرا إلى أن «منطقة القاهرة التاريخية ومصر القديمة والإمام الشافعي غنية بالأضرحة والمقامات الدينية التي تجتذب سياحا من مناطق متعددة خاصةً دول شرق آسيا، وعادة ما يواجه هؤلاء السياح عقبات وصعوبات خلال الزيارة بسبب عدم توافر الخدمات السياحية وتأهيل الطرق المؤدية لهذه المزارات».
وأضاف الكسباني أن «مصر تعمل الآن على تطوير الشوارع والميادين المؤدية لهذه المزارات وتوفير وسائل مواصلات إليها، والفنادق مما سيسهل الزيارة السياحية ويجذب المزيد من السياح».
ووجه محمود الشريف، نقيب السادة الأشراف في مصر، في بيان صحافي، الشكر للرئيس السيسي على اهتمامه بتطوير الأضرحة وترميمها لتحويلها إلى تحف معمارية قيمة، وجعلها أكثر جذبا للزائرين، مما يعيد إلى تلك المساجد والأضرحة مريديها من جديد.
وأكدت رئاسة الجمهورية في بيانها أن مشروع ترميم وتطوير أضرحة آل البيت سيتضمن «تطوير الخدمات والمرافق المحيطة بمواقع الأضرحة، بما في ذلك الطرق والميادين والمداخل المؤدية لها».
الاهتمام بالسياحة الدينية لا يقتصر على القاهرة فقط حيث بدأت وزارة السياحة والآثار منذ عامين تنفيذ مشروع ترميم وحماية القباب الأثرية لمقابر الصحابة بقرية البهنسا بمحافظة المنيا، إلى جانب تطوير مسار العائلة المقدسة في مختلف أنحاء الجمهورية.


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».