شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

الطيب قال من ماليزيا إن مؤسسات غربية اتهمت الإسلام زوراً بأنه «دين العنف»

شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)
شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)
TT

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)
شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

قال شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، إن «مأساة شعب فلسطين، هي مأساة العرب والمسلمين والعالم الحر، وهي (جريمة إبادة جماعية) تجاوزت بشاعتها كل الحدود»، وأكد أن مؤسسات غربية اتهمت الإسلام زوراً بأنه «دين العنف».

ولفت إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي، لو تُركت ولم تواجه بالفقه الصحيح والعلم الخالص، وأن الحل الأنجع لانحسار تلك الظاهرة هو التمسك بخاصية الأمة الإسلامية الكبرى، وهي الوسطية». جاء حديث شيخ الأزهر على هامش زيارته للعاصمة الماليزية كوالالمبور، الجمعة.

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي يسعى الوسطاء في قطر ومصر بدعم أميركي لإنجاز اتفاق هدنة، لكن جهودهم باءت بالفشل حتى الآن إثر تمسك إسرائيل وحركة «حماس» بمواقفهما. ودعت مصر مجدداً، مساء الخميس، إلى «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مع استمرار الجهود الدولية لدخول أكبر كميات من المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة». كما أكدت «ضرورة الضغط على إسرائيل لفتح مزيد من المعابر الإسرائيلية مع القطاع في إطار تحمل مسؤولياتها بوصفها القوة القائمة بالاحتلال».

فلسطينيون نازحون بسبب القصف الإسرائيلي على قطاع غزة يطبخون في مخيم الخيام المؤقت بمنطقة المواصي (أ.ب)

وزار الطيب، رئيس مجلس حكماء المسلمين، الجمعة، «مركز القرآن الكريم» بدار القرآن بالعاصمة الماليزية كوالالمبور. وقال إن القرآن الكريم نزل ليعلن احترام الإنسان، ويؤكد تكريمه وتفضيله على سائر المخلوقات، ويفتح أمامه آفاق العلم وأبواب المعرفة دون حدود، ويدفعه للتفكير والنظر والبحث والتأمل، بعدما حرر فيه عقله من أغلال الجهل والجمود والتقليد، والاتباع الأعمى بغير حجة ولا دليل، مضيفاً أن «القرآن الكريم لا يزال يتعرض للحملات المضللة في عصرنا هذا من بعض أقلام ينتمي أصحابها إلى الإسلام، ممن يؤمنون بالمذاهب الأدبية النقدية في الغرب، خصوصاً ما يسمى الهيرمينوطيقا»، لافتاً إلى أن تلك المذاهب «تقوم على قواعد من صُنع هؤلاء، ومنها إلغاء كل حقيقة دينية فوقية، والتمسك بالذاتية الإنسانية بوصفها مصدراً أوحد للمعرفة، وأن الإنسان وحده قادر على أن يمتلك الحقيقة، وهو وحده معيار الحق والباطل، ومقياس كل حقيقة، ولا توجد سلطة تعلو عليه أو على العالم».

ويقوم شيخ الأزهر بجولة لجنوب شرقي آسيا تضم ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا، بناءً على عدد من الدعوات الرسمية التي قدمتها الدول الثلاثة.

الطيب خلال زيارته إلى «مركز القرآن الكريم» بدار القرآن جاكيم بالعاصمة الماليزية (مشيخة الأزهر)

وأكد الطيب خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها جامعة «العلوم الإسلامية الماليزية» بمناسبة منحه الدكتوراه الفخرية في دراسات القرآن الكريم والسنة الشريفة، الجمعة، أن «السبيل العلمي الذي يضمن تأسيس روح الوحدة بين المسلمين واستمرارها، هو النهج التعليمي الوسطي المنفتح الذي لا يعرف الإقصاء، ولا شيطنة المخالفين، ولا الإدانة الجاهزة لمذاهب إسلامية تلقتها جماهير الأمة بالقبول، ولا تزال تستمسك بها».

وأضاف: «كُتب علينا نحن المسلمين في الآونة الأخيرة أن نوضع جميعاً - بإسلامنا ونبينا الكريم - في قفص الاتهام من قبل مؤسسات غربية سياسية ودينية، واتُّهم الإسلام زوراً وبهتاناً - أو جهلاً - بأنه دين العنف والتطرف والسيف والحرب، وهي تهم قديمة بالية، كنا نظن أن العقل الغربي المعاصر قد تخطاها بعدما توافرت لديه الحقائق والوثائق العلمية والتاريخية الشاهدة على زيف هذه الادعاءات». وأوضح أنه قد بُذلت جهود ومحاولات كثيرة من أجل توضيح الحقيقة على الجانبين؛ الغربي والإسلامي، لكنها «لم تؤت ثمارها المرجوة لعقبات كثيرة أهمها، عقبة التعميم المعيب من بعض الغربيين الذين يعممون أحكامهم المسيئة على الإسلام والمسلمين، انطلاقاً من تصرفات فئة شاردة، انحرفت بفهم الإسلام؛ إما إلى حرفية شديدة الانغلاق والتزمُّت، وإما إلى عنف مسلح اتخذته أسلوباً في التعبير ومنهجاً في الحوار».

جانب من حضور احتفالية «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

وأشار شيخ الأزهر إلى أن بعض المسلمين في الشرق لم يتخلصوا من هذا العيب حين وضعوا الغرب كله في سلة واحدة، ونظروا إليه على أنه «شر مُستطير وعدو متربص بالإسلام والمسلمين تجب مواجهته، وتحين الفُرص لتحجيم آثاره قدر المستطاع».

وعبَّر عن أمله في أن تكون «هبَّة شباب الجامعات الأوروبية والأميركية لنصرة القضية الفلسطينية في غزة تُسهم بشكل كبير في تجاوز هذه العقبة، وتكشف لنا عن منابع الخير في نفوس الأحرار في العالم».

ومنحت جامعة «العلوم الإسلامية الماليزية» الدكتوراه الفخرية في دراسات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لشيخ الأزهر، حيث سلمه إياها ولي العهد، تونكو علي رضاء الدين، ولي عهد ولاية نجري سمبيلان بماليزيا، بحضور رئيس وزراء ماليزيا، داتؤ سري أنور إبراهيم، ورئيس الجامعة، محمد رضا وحيدين.


مقالات ذات صلة

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)

مصر: «العاصمة الإدارية» تنفي بناء قصر الرئاسة الجديد على نفقة الدولة

أكد رئيس مجلس إدارة شركة «العاصمة الإدارية الجديدة» أن «خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية عند بناء القصر الجديد».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

صفقة سلاح أميركية جديدة لمصر تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

أعلنت الحكومة الأميركية أنها وافقت على بيع معدات عسكرية لمصر تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة يوسف ندا قيادي بـ«الإخوان المسلمين»

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة يوسف ندا قيادي بـ«الإخوان المسلمين»

يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)
يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب بالبلاد، عن عمر ناهز 94 عاماً.

وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه.

وانضم ندا لجماعة «الإخوان» عام 1947، وتخرَّج في كلية الزراع، بجامعة الإسكندرية، في بداية الخمسينات، واعتُقل مع كثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1954، وفقاً لما ذكرت وسائل إعلام محلية.

و بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب الجماعة عام 1956 بعد أن أُفرج عنه، وفي عام 1960 قرَّر نقل نشاطه المالي من مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا ومنها إلى النمسا، وتوسَّع نشاطه بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينات بأنه «ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط».

داخل منزله في إيطاليا (وسائل إعلام سويسرية)

وبعد ثورة سبتمبر (أيلول) عام 1969 في ليبيا، فرَّ ندا إلى اليونان ومنها إلى سويسرا، وأسَّس شركات اقتصادية عدة تعمل لحساب الجماعة، كما كان له دور بارز في تمويل أنشطتها، واتُّهم في مصر ودول عدة بأنه أحد داعمي الإرهاب.

أسس ندا «بنك التقوى» في جزر البهاما مع القيادي بالإخوان غالب همت في عام 1988، وكان أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، واستطاع البنك تحقيق مكاسب كبيرة في سنواته الأولى، ما دفع يوسف ندا إلى أن يكون شخصية بارزة في عالم الاقتصاد والمال في أوروبا.

قوائم الإرهاب

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر، وأعدت الإدارة الأميركية تقريراً أدرجت فيه اسم يوسف ندا في «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، ورغم أن مجلس الأمن شطب اسمه من الداعمين للإرهاب بناءً على طلب سويسري، فإن الإدارة الأميركية رفضت شطبه من «القوائم السوداء».

وفي أبريل (نيسان) 2008 أحاله الرئيس المصري الراحل حسني مبارك إلى المحاكمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابياً، وذلك قبل أن يصدر الرئيس الراحل محمد مرسي عفواً عاماً عنه في 26 يوليو (تموز) 2012.

وفي منتصف الشهر الحالي، أُدرج ندا على قائمة الكيانات الإرهابية في مصر لمدة 5 سنوات، وكانت الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت في عددها الصادر 15 ديسمبر (كانون الأول)، حكم محكمة الجنايات الدائرة الثانية «جنائي بدر»، بإدراج 76 متهماً على قائمة الكيانات الإرهابية، لمدة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة القرار في طلب الإدراج رقم 8 لسنة 2024 قرارات إدراج إرهابيين، و3 لسنة 2024 قرارات إدراج كيانات إرهابية، والمقيدة برقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا، حيث قررت المحكمة إدراج 76 متهماً، على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، بينهم يوسف مصطفى علي ندا.