«المحكمة» يُكرر تجربة حشد النجوم في مدة زمنية قصيرة

الفيلم المصري يقتحم قضايا شائكة

أفيش فيلم المحكمة   -  غادة عادل في لقطة من فيلم «المحكمة» (صفحة السبكي للإنتاج الفني على «فيسبوك»)
أفيش فيلم المحكمة - غادة عادل في لقطة من فيلم «المحكمة» (صفحة السبكي للإنتاج الفني على «فيسبوك»)
TT

«المحكمة» يُكرر تجربة حشد النجوم في مدة زمنية قصيرة

أفيش فيلم المحكمة   -  غادة عادل في لقطة من فيلم «المحكمة» (صفحة السبكي للإنتاج الفني على «فيسبوك»)
أفيش فيلم المحكمة - غادة عادل في لقطة من فيلم «المحكمة» (صفحة السبكي للإنتاج الفني على «فيسبوك»)

في عام 2008، كان الوسط السينمائي المصري على موعد مع عمل بدا مفاجئاً ومدهشاً آنذاك، وهو فيلم «كباريه». وجه الدهشة تمثل أولاً في هذا الجمع الذي يكاد يكون غير مسبوق لأبطال الشريط السينمائي، حيث ضم ثمانية من النجوم، بينما أصبحت التجارب السينمائية مشهورة في مصر بفكرة «النجم الأوحد» الذي يريد الانفراد بكل شيء و«يُفصل» السيناريو على مقاسه، حسب نقاد. أيضاً كان لافتاً أن المنتج هو «السبكي» المعروف بميله للسينما التجارية التي تستهدف الربح في المقام الأول، في حين حقق العمل نجاحاً نقدياً كبيراً إلى جانب تحقيق إيرادات ضخمة في شباك التذاكر. كل هذا أغرى صناع العمل بتكرار التجربة العام التالي مباشرة عبر فيلم «الفرح»، الذي حقق هو الآخر قدراً مشابهاً من النجاح مع زيادة عدد النجوم إلى 13 نجماً.
هذا الموسم يعود صناع العمل أنفسهم (المؤلف أحمد عبد الله والمنتج أحمد السبكي) مع المخرج محمد أمين بديلاً لنظيره سامح عبد العزيز مخرج الفيلمين السابقين، لتكرار التجربة نفسها التي تعتمد على حشد أكبر عدد من النجوم داخل حيز زمني محدود للغاية، «يوم واحد هو مدة الأحداث»، وذلك عبر فيلم «المحكمة» الذي يُعرض حالياً في دور السينما المختلفة. وكما هو الحال في الفيلمين السابقين، تعتمد الحبكة على عدد من القصص المنفصلة التي سرعان ما تصبح متصلة في نهاية العمل، تدور في حيز مكاني واحد هو قاعات إحدى المحاكم، التي تضم بين جنباتها عدداً من الحكايات ذات الطابع الإنساني التراجيدي المؤثر. ولزيادة جرعة التشويق والإثارة، يُركز على عدد من القضايا الحساسة والشائكة التي يناقشها الفيلم دفعة واحدة. وعلى سبيل المثال، تصدم المتفرج قصة «قاتلة أمها» التي تجسدها الفنانة غادة عادل، والتي جاء أداؤها ناضجاً بعيداً عن الصورة النمطية القديمة لها كمجرد وجه جميل يصلح فقط لدور ثان بجوار النجم الوسيم في أفلام «كوميدي لايت». أما الفنان الشاب أحمد داش، فقد أجاد في تجسيد شخصية الشاب المستهتر، عديم الضمير، الذي اعتدى على فتاة صغيرة (تجسد دورها مايان السيد)، فيبحث والدها (النجم المخضرم صلاح عبد الله) عن العدالة المفقودة، نظراً لأن القانون يعفي المجرم من العقوبة المناسبة في قضايا هتك العرض باعتباره قاصراً لم يبلغ بعد سن الرشد (18 عاماً).
بالتوازي مع القضايا السابقة، هناك شخص ينتمي إلى جنسية غير مصرية «يجسد شخصيته الفنان فتحي عبد الوهاب» يجد نفسه متهماً بالتحرش بإحدى السيدات بعد سنوات من الإقامة في مصر، وعُرف عنه السمعة الجيدة والسلوك القويم. في مقابل ذلك، هناك مطربة فيديو كليب «تجسد شخصيتها الفنانة نجلاء بدر»، متهمة بتقديم فن يقوم على الإثارة، وتتولى هي الدفاع عن نفسها. وفي كل هذه القضايا وغيرها، ينتهي الأمر بمفاجأة مدوية، وهي أن قاتلة والدتها (غادة عادل) لجأت إلى ذلك لتخلص أمها من آلام المرض بعد إلحاح والدتها، لتصل المتفرج رسالة محددة مفادها: لا تنخدع بظاهر الأمور ولا تتعجل في إدانة الناس!
من جانبها، تؤكد الفنانة الشابة جميلة عوض - إحدى بطلات العمل - أنها تقدم في هذا الفيلم دوراً لم يسبق تقديمه من قبل، في الدراما المصرية على الأقل، مما يجعلها تشعر بالفخر، مؤكدة أن هذا الأمر ينطوي على تحد كبيرٍ لها كممثلة، كما يلقي عليها بعبء شديد ومسؤولية كبيرة. وتضيف جميلة في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن الدور يتعلق بحالة فتاة تعاني من اضطراب وخلل من نوع خاص، يعد الأول من نوعه على الشاشة.
وسبق لعوض تجسيد شخصية فتاة مصابة بمرض البهاق لأول مرة في عمل درامي ضمن أحداث مسلسل «إلا أنا»، الذي سبق وحقق ردود فعل قوية، حيث قُدمت الشخصية من منظور إنساني يثير تعاطف المشاهدين، استناداً إلى حقائق علمية وطبية تتعلق بمثل هذه النوعية من المشكلات الموجودة في المجتمعات العربية.


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».