الليرة التركية غارقة في دوامة أسعار الصرف والفائدة والتضخم

إردوغان يتحدث عن مؤامرات ومضاربات

مكتب صرافة لتغيير العملات في العاصمة التركية أنقرة (أ.ب)
مكتب صرافة لتغيير العملات في العاصمة التركية أنقرة (أ.ب)
TT

الليرة التركية غارقة في دوامة أسعار الصرف والفائدة والتضخم

مكتب صرافة لتغيير العملات في العاصمة التركية أنقرة (أ.ب)
مكتب صرافة لتغيير العملات في العاصمة التركية أنقرة (أ.ب)

دخلت الليرة التركية في سباق مع تصريحات الرئيس رجب طيب إردوغان المتكررة عن خفض الفائدة ودفاعه عن السياسة الاقتصادية لحكومته التي وصفها بأنها «صعبة، لكن غير خاطئة»، وتأكيده أن تركيا تواجه مضاربات بأسعار الصرف والفائدة.
وتدحرجت الليرة التركية بقسوة في التعاملات المبكرة، أمس (الأربعاء)، ووصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند مستوى لامس 14 ليرة مقابل الدولار بعد أن كرر إردوغان دفاعه عن نموذج اقتصادي جديد يقوم على خفض أسعار الفائدة على الرغم من معدل التضخم المرتفع، الذي يقترب من 20 في المائة.
وسقطت الليرة، التي فقدت أكثر من 46 في المائة من قيمتها منذ بداية العام الحالي، إلى مستوى 13.87 مقابل الدولار، مساء أول من أمس، بالتزامن مع التعليقات التي جاءت على لسان إردوغان في مقابلة مع التلفزيون الرسمي التركي، انخفاضاً من 12.80 عن إغلاق الاثنين، لكنها أبدت أداءً ضعيفاً عند مستوى 14 ليرة للدولار في التعاملات المبكرة أمس، قبل أن يعلن البنك المركزي تدخله في الأسواق لضبط سعر الصرف.
وأعلن البنك المركزي التركي تدخله المباشر في سوق الصرف، وهو ما خفف من خسائر الليرة قليلاً وارتفعت في التعاملات المتأخرة بعد الظهيرة إلى مستوى 12.27 ليرة للدولار. وأصدر البنك، بياناً أمس، أعلن فيه عن تدخل مباشر في سعر النقد الأجنبي، مبرراً ذلك بمحاولة السيطرة على تشكل أسعار صرف غير حقيقية، ولمنح المزيد من القوة لليرة أمام الدولار واليورو.
ويشير البيان إلى أن البنك قام بضخ الدولار واليورو في الأسواق للسيطرة على ارتفاعهما المتواصل غير المسبوق.
وقال إردوغان، خلال المقابلة التلفزيونية مساء أول من أمس، إننا نواجه مضاربات بأسعار الصرف والفائدة، ونحن فقط من يمكنه التصدي لذلك، مضيفاً «كلما همّت تركيا للخروج من نظام الفائدة المرتفعة تواجه ضغوطاً بمثل هذه المضاربات والتلاعبات».
وتناول إردوغان النموذج الاقتصادي الجديد، الذي يقوم على خفض أسعار الفائدة، مؤكداً أن نظام الفائدة هو الذي يجعل الثري أكثر ثراءً، والفقير أكثر فقراً. وقال «لقد منعنا بلادنا من الانزلاق في مأزق بهذه الطريقة، ولن نسمح بذلك... نحن هنا نواجه مضاربات في أسعار الصرف، ومن ثم لا أحد غيرنا سيتصدى لذلك».
وأضاف «هناك صناديق مالية عالمية قصيرة الأجل تدخل البلاد لتحقيق أرباح عالية من الفوائد»، لافتاً إلى أن «هذه الأموال الساخنة يمكن أن تخفض سعر الصرف مؤقتاً، ولكنه ليس وضعاً مثالياً».
وتابع «هكذا وقعنا في دوامة أسعار الصرف والفائدة والتضخم، لكننا لن نستمر في ذلك، ولن نسمح لهم بإعاقة الاستثمار والإنتاج، ولن نسمح لهم بزعزعة استقرار النمو وسنخرج من هذه الدوامة». وقال إردوغان، إن «تركيا تغيرت ولم تعد تركيا القديمة، ولن تذعن للتهديدات الاقتصادية التي تتم من خلال الأسواق المالية، فاقتصادنا الحقيقي لديه القوة والقدرة على إبطال هذه التهديدات تماماً».
وأضاف «يمكننا بسهولة الوقوف ضد هذه التهديدات. لم يعد من الممكن إضعافنا ومنعنا من خلال عمليات التلاعب بالعملة. وأكدنا في مجلس الأمن القومي أننا على علم بهذه التهديدات وأننا أقوياء وعازمون على اتخاذ إجراءات ضدها».
ورأى الرئيس التركي، أن المؤشرات الأساسية للاقتصاد قوية للغاية، لافتاً إلى أن هناك من يسعون لإظهار تلك المؤشرات ضعيفة، مضيفاً «البيانات الاقتصادية لتركيا ليست ضعيفة، بل على العكس من ذلك هي في أحسن أحوالها، مضيفاً «لقد وصل بلدنا إلى نقطة يستطيع معها كسر هذه الحلقة المفرغة، ولا عودة للوراء بعد ذلك».
واعتبر أن الوقت قد حان للمستثمرين الأجانب الذين يثقون بديناميات تركيا الاقتصادية القوية للاستثمار في مشاريع طويلة الأجل، مشيراً إلى أن المستثمرين الأجانب المهمين، الذين لقد رأوا هذه الفرص التي يقدمها الاقتصاد التركي لهم، بدأوا التحرك بالفعل من أجل إقامة استثمارات واسعة النطاق بتركيا».
ولفت إلى أن هدف حكومته هو توفير قروض بقيمة 10 مليارات دولار لأكثر من 11 ألف شركة نشطة في تركيا في أقرب فرصة؛ وذلك لفتح الطريق أمام توفير 50 ألف فرصة عمل جديد.



مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
TT

مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)
الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)

تم توجيه الاتهام إلى الملياردير الهندي غوتام أداني من قبل المدعين العامين الأميريين، لدوره المزعوم في مخطط لرشوة المسؤولين الهنود بقيمة 265 مليون دولار مقابل شروط مواتية لعقود طاقة شمسية كان من المقرر أن تدر أكثر من ملياري دولار من الأرباح، مما تسبب في صدمة بجميع أنحاء تكتل الأعمال التجارية الذي يحمل اسمه.

فمن هو غوتام أداني؟

بالنسبة للعامة، غوتام أداني هو الملياردير الهندي الذي بنى تكتلاً قوياً يمتد عبر التعدين والموانئ والطاقة المتجددة. وبالنسبة لشركائه المزعومين في مخطط رشوة بمليارات الدولارات، كان يستخدم أسماء سرية بما في ذلك «نوميرو أونو».

وهو رجل أعمال من الجيل الأول رافق صعوده الهائل سلسلة من الخلافات في الداخل والخارج.

ويواجه أداني، الذي نجا من الموت بأعجوبة في عام 2008 وكان واحداً من بين كثير من الأشخاص العالقين داخل فندق تاج محل بالاس في مومباي عندما قام مسلحون بعملية قتل، مذكرة اعتقال أميركية وعقوبات جنائية بسبب تهم الاحتيال والرشوة.

وقد خسرت مجموعة شركات «أداني»، التي تتراوح بين الطاقة والمواني والسكر وفول الصويا، أكثر من 150 مليار دولار من القيمة السوقية المجمعة العام الماضي، بعد أن اتهمت مجموعة «هيندنبورغ» للأبحاث التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، مجموعته التي تحمل اسمه باستخدام الملاذات الضريبية الخارجية بشكل غير صحيح. وأنكرت المجموعة، التي استردت بعض الخسائر وتبلغ قيمتها الإجمالية الآن 141 مليار دولار، جميع هذه الادعاءات، وفق «رويترز».

وقبل أن تنخفض أسهم شركات مجموعة «أداني» العام الماضي، كان تارك الدراسة الثانوية البالغ من العمر 62 عاماً قد أصبح لفترة وجيزة أغنى شخص في العالم بعد الرئيس التنفيذي لـ«تيسلا» إيلون ماسك. ويحتل أداني الآن المرتبة الـ25 في قائمة أغنى أغنياء العالم بصافي ثروة تبلغ نحو 57.6 مليار دولار، وفقاً لمجلة «فوربس».

وفي حين تم التشكيك في مشروعات الفحم والطاقة الخاصة بالمجموعة وصفقات أخرى في بلدان مثل أستراليا وبنغلاديش، استخدم قادة المعارضة الهندية بانتظام شركة «أداني» للهجوم على حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، زاعمين محسوبيته له، بما في ذلك منح «أداني» عقد إعادة تطوير حي فقير ضخم في مومباي. وقد رفض الطرفان هذه الاتهامات.

ويوم الاثنين، عطل نواب المعارضة البرلمان الهندي للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، بينما انخفضت أسعار سندات «أداني» الدولارية إلى أدنى مستوياتها في عام تقريباً مع قيام المستثمرين والمقرضين بتقييم القضية.

أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد الصناعي الهندي غوتام أداني مطالبين باعتقاله (إ.ب.أ)

وقد نشر رئيس حزب المؤتمر المعارض الرئيسي، ماليكارجون خارغي، على منصة «إكس»: «مع بدء جلسة البرلمان، فإن الخطوة الأولى التي يجب على الحكومة اتخاذها هي إجراء مناقشة مفصلة حول ملحمة أداني التي تنطوي على إمكانية تشويه صورة الهند على الساحة العالمية».

العلاقات بين الهند وأميركا

ويعتقد كثير من الخبراء أن مزاعم الرشوة الموجهة ضد أداني، ستترك أثراً كبيراً على العلاقات الأميركية - الهندية، ما لم يقرر الرئيس المنتخب دونالد ترمب وقف الملاحقة القضائية.

وكان أداني قال بعد فوز ترمب في الانتخابات الأميركية، على منصة «إكس»، إن الرئيس الأميركي المنتخب كان «تجسيداً للمثابرة التي لا تنكسر، والعزيمة التي لا تتزعزع، والتصميم الذي لا يلين والشجاعة للبقاء مخلصاً لمعتقداته».

وفي معرض تهنئته لترمب، قال أداني الأسبوع الماضي، إن مجموعته ستستثمر 10 مليارات دولار في مشروعات الطاقة والبنية التحتية بالولايات المتحدة، دون تقديم تفاصيل سوى أن الاستثمار يهدف إلى خلق 15 ألف وظيفة.

وقال براهما شيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بمركز أبحاث السياسات في تصريح لـ«بلومبرغ»، إن لائحة الاتهام يُنظر إليها على أنها ذات دوافع سياسية في نيودلهي. وتوقع أيضاً أن يكون لها تأثير على التعاون بين الولايات المتحدة والهند والثقة المتبادلة بين البلدين ما لم تسقط إدارة ترمب المقبلة الملاحقة القضائية.

وأشار شيلاني إلى أن «الكثير سيعتمد على الكيفية التي ستسعى بها الإدارة الأميركية المقبلة لرسم العلاقة مع الهند».

من ناحية أخرى، يبدو أن كثيراً من الأشخاص الرئيسيين الذين رشحهم ترمب ليكونوا جزءاً من حكومته مؤيدون للهند. ففي العام الماضي، كان مستشار الأمن القومي الجديد لترمب، مايك والتز، ضيفاً على مودي في احتفالات يوم الجمهورية الهندية. وفي يوليو (تموز) الماضي، قدم ماركو روبيو، الذي اختاره ترمب لمنصب وزير الخارجية، مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ الأميركي لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الهند، ومعاملة الدولة الواقعة في جنوب آسيا حليفاً في حلف شمال الأطلسي مثل اليابان.

بداية حياة أداني

وُلد أداني في 24 يونيو (حزيران) 1962 في مدينة أحمد آباد بولاية غوجارات الغربية - وهي أيضاً ولاية مودي الأم - وترك الدراسة في سن 16 عاماً بعد إكماله الصف العاشر.

وأسس مجموعة «أداني» في عام 1988، وبدأ بتجارة السلع الأساسية. وقد جاء من عائلة من الطبقة المتوسطة في مجال النسيج ليكوّن ثروته، على عكس كثير من المليارديرات الآخرين الذين يرثون ثرواتهم بالوراثة.

وهو متزوج من طبيبة الأسنان بريتي أداني، ولديه ابنان هما كاران وجيت، وكلاهما يعمل في أعمال الشركة، مثل كثيرين آخرين في العائلة.

ووفقاً لشخص على دراية مباشرة بتعاملاته، فإن لديه أسلوباً «عملياً للغاية» في إدارة إمبراطوريته، وقال إنه يهدف إلى توريثها للجيل المقبل في العائلة عندما يبلغ من العمر 70 عاماً.

وصف أداني نفسه في مقابلات مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بأنه شخص خجول، وعزا ارتفاع شعبيته جزئياً إلى الهجمات السياسية التي واجهها.

المستثمرون يتخارجون

أعلنت شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال إنرجيز» في بيان يوم الاثنين، أنها أوقفت الاستثمارات الجديدة في مجموعة «أداني» بسبب اتهامات الرشوة.

موظفة تسير أمام بث رقمي في بورصة مومباي للأوراق المالية (أ.ف.ب)

وكانت خطوة «توتال إنرجيز» أول التداعيات الكبرى من تخارج الاستثمارات من المجموعة.

وتمتلك «توتال» حصة 20 في المائة في «أداني للطاقة الخضراء»، ولديها مقعد في مجلس إدارة الشركة الهندية.

كما تمتلك «توتال» أيضاً حصة 37.4 في المائة بشركة «أداني توتال للغاز المحدودة»، بالإضافة إلى حصة 50 في المائة في 3 مشروعات مشتركة للطاقة المتجددة مع شركة «أداني للطاقة الخضراء».

ويوم الثلاثاء، أعلنت «أداني للطاقة الخضراء» أنه لا يوجد أي تعهد مالي جديد قيد المناقشة مع «توتال إنرجيز».

وأضافت في بيان للبورصة، أن بيان «توتال إنرجيز» لن يكون له أي تأثير مادي على عمليات «أداني للطاقة الخضراء» أو خطتها للنمو.

وانخفضت أسهم «أداني للطاقة الخضراء» بنسبة 7 في المائة يوم الثلاثاء، لتواصل انخفاضها بنسبة 8 في المائة بعد بيان «توتال إنرجيز».

وخسرت الشركة أكثر من 9.5 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ توجيه الاتهامات الأميركية.