«العودة إلى مصر»... صور المحروسة بعدسات القرن الـ19

معرض يوثق زيارة الإمبراطور البرازيلي بيدرو الثاني للقاهرة

الإمبراطور وزوجته خلال زيارتهما للأهرامات
الإمبراطور وزوجته خلال زيارتهما للأهرامات
TT

«العودة إلى مصر»... صور المحروسة بعدسات القرن الـ19

الإمبراطور وزوجته خلال زيارتهما للأهرامات
الإمبراطور وزوجته خلال زيارتهما للأهرامات

يوثق المعرض «العودة إلى مصر» الذي يستضيفه مركز الجزيرة للفنون بالزمالك حاليا، معالم وشكل الحياة في القاهرة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عبر صور نادرة التقطت على هامش زيارتي الإمبراطور البرازيلي دوم بيدرو الثاني (الأولى في عام 1871، والثانية في عام 1876).
هذا المعرض الاستثنائي، والذي يستمر حتى 2 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يتم تنظيمه احتفالاً بمرور 150 عاما على رحلة الإمبراطور البرازيلي إلى «مصر المحروسة» كما كانت تلقب في بضع الأدبيات، ويضم المعرض 92 صورة فوتوغرافية، إضافة إلى 11 لوحة إرشادية.
وتؤرخ هذه الصور لزيارة الإمبراطور التاريخية إلى «المحروسة»، وتشمل منطقة الأهرامات والمباني الأثرية والمساجد بقلب القاهرة، والنيل، وواقع البشر والحياة في تلك الحقبة الزمنية في مصر، والتقطت هذه الصور بواسطة عدد من المصورين الفوتوغرافيين المعروفين من فرنسا والبرازيل أمثال أنطونيو بيتو، وباسكال سيبا، اللذين رافقا الإمبراطور وزوجته خلال زيارتهما لمصر.
ويضم المعرض 3 قاعات متنوعة، القاعة الأولى تبرز صور الزيارة الأولى التي قام بها الإمبراطور لمصر عام 1871، وزار خلالها كلا من القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية، فيما تضم القاعة الثانية سجل الرحلة الثانية في عام 1876، وهي رحلة استغرقت 40 يوما قادت الإمبراطور لاستكشاف صعيد مصر وكنوز ضفاف نهر النيل، وتنفرد القاعة الثالثة بعرض «سلايت» لـ500 صورة تتضمن الرحلتين».
ووفق أنطونيو باتريوتا سفير البرازيل بالقاهرة، فإن الإمبراطور بيدرو الثاني كان أول رئيس دولة في الأميركتين يقوم بزيارة رسمية لمصر، مشيراً إلى أن المعرض فرصة للتمعن في الدور السياسي للإمبراطور الذي كان ينظر إليه كشخصية مثيرة للاهتمام، وكان شغوفا بدراسة التاريخ والحضارات واللغات، فقام بدراسة ما يقرب من 12 لغة من بينها العربية والإغريقية، كما كان من المهتمين بالتصوير الفوتوغرافي، إضافة إلى قيامه بترجمة كتاب «ألف ليلة وليلة» مع مدرسة للغة العربية، وقد تولى حكم البرازيل لمدة نصف قرن، وفي مصر كون صداقة مع الخديوي إسماعيل، والعاملين بالآثار المصرية.
واعتبرت فرناندة منصور رئيس الشؤون الثقافية بسفارة البرازيل المعرض كنزاً حقيقياً لأنه يقدم صورا عالية الدقة كانت بحوزة الإمبراطور وتعتبر هذه الصور جزءا من مجموعة كاملة منحها الإمبراطور للمكتبة العامة في العاصمة البرازيلية رويو دي جانيرو عام 1898، المدرجة تحت قائمة «ذاكرة العالم» بمنظمة اليونسكو، فيما وصف دكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية معرض «العودة إلي مصر» بالتفرد والتشويق ويعد توثيقا مهما للحياة في مصر بسبعينات القرن الـ19 ويعكس صورة من الحب والإخاء بين ثقافتي مصر والبرازيل.

الإمبراطور في المطرية
وخلال زيارته الأولى لمصر قام الإمبراطور بزيارة حي المطرية بالقاهرة، حيث امتطى جملا وارتدى الملابس المصرية التقليدية، وكما يقول في مذكراته التي دونها في 6 نوفمبر 1871: «كنت في هوليوبوليس (التي يرجع تاريخها إلى قدماء المصريين والكتاب المقدس) وزرت مسلة سونسرت قبل عصر موسى، وقبل أن أغادر المكان جمعت أوراقا من شجرة جميز جميلة يطلقون عليها شجرة مريم، حيث يروى أن السيدة العذراء مريم استراحت في ظلها أثناء رحلتها لمصر، اليوم شعرت بحرارة الشمس ولكن أثناء عودتي كان الجو لطيفا فتمشيت في حديقة شبرا التي أسسها محمد علي، إنها أجمل ما رأيت على ضفاف النيل».
وفي الإسكندرية زار الإمبراطور المعهد المصري الذى أنشأه نابليون بونابرت، وكان الرئيس الفخري للمعهد في ذلك الوقت عالم المصريات أوجست مارييت صديق الإمبراطور، كما التقى بالقنصل الفخري للبرازيل الذي كان مسؤولاً عن بناء كنيسة القديس بطرس وهي الكنيسة الوحيدة في الشرق التي ترفع العلم البرازيلي.
بدوره، ثمّن السفير صلاح الدين عبد الصادق، مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين بالخارج هذا المعرض الاستثنائي، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «إن المعرض يمثل قيمة غالية ومدهشة لصوره الواضحة رغم بدائية آلات التصوير في ذلك الوقت، لكنها التقطت بعدسات مصورين بارعين». لافتاً إلى أن «المعرض يمثل جسراً عمره 150 سنة بين البرازيل ومصر من الناحية الحضارية والثقافية، فهذا المعرض الذي يعتمد على مقتنيات إمبراطور البرازيل الذي زار مصر مرتين، أتاح لنا التعرف على كثير من المواقع المصرية قبل قرن ونصف القرن».


مقالات ذات صلة

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف «أول وأكبر مرصد فلكي» في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.