بخطوات حاسمة لا ينقصها الإصرار، دخلت الليبيتان ليلى بن خليفة والدكتورة هنيدة المهدي ماراثون الانتخابات الرئاسية المُرتقبة، ضمن سباق محموم يتنافس فيه 96 مرشحاً محتملاً، آملتين في إحداث تغيير بالبلاد التي تعاني اضطرابات سياسية، وفتح الطريق أمام المرأة الليبية التي ظلت تعاني تسلط آيديولوجيات فكرية قللت من فرصها في تقدم الصفوف.
وتقدمت ليلى، التي تنتمي إلى العاصمة طرابلس (46 عاماً)، وتترأس حزب «الحركة الوطنية»، بأوراقها ترشحها لخوض غمار انتخاب أول رئيس ليبي في تاريخ البلاد، في مجتمع لا يزال تسيطر على بعض مدنه أفكار تحدّ من وصول المرأة للمناصب السيادية في ظل تسيد الرجال للمشهد العام. لذلك ترى بن خليفة أن «إحداث التغيير في ليبيا ليس بالأمر الهين لكنه يحتاج إلى قدر من العمل والمثابرة كي تخرج البلاد من كبوتها وتدخل مرحلة الاستقرار».
تمتد جذور المرشحة المحتملة ليلى موسى بن خليفة إلى مدينة زوارة بغرب ليبيا، التي يتحدث جُل مواطنيها الأمازيغية، وتعد واحدة من الحالمين برئاسة ليبيا، على الرغم من صعوبة المنافسة لاعتبارات عديدة، لكنها تُهوّن من ذلك بقولها: «نحن يكمل بعضنا بعضاً ونسعى لبناء المجتمع، وهناك كثير من الرجال يدعمونني. أنا أحلم بتغيير ليبيا، ولديَّ رؤية للسياسة الخارجية أريد أن أنفذها إذا ما انتُخبت». وتشغل خمس سيدات ليبيات مناصب وزارية في حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، من بينهن المحامية والناشطة نجلاء منقوش التي تتولى حقيبة «الخارجية والتعاون الدولي»، وربما كانت هذه الخطوة، غير المسبوقة في تاريخ ليبيا، هي التي قللت اندهاش الليبيين من إقدام ليلى وهنيدة على الترشح.
وعلى الرغم من ذلك، كشفت بن خليفة عن بعض الصعوبات التي واجهتها للحصول على الـ5 آلاف تزكية المطلوبة كشرط للترشح، وقالت إنها تمكنت من تحقيق هذا الشرط بمساعدة واسعة من الرجل والنساء، معتمدة في ذلك على رصيدها في العمل الاجتماعي طوال السنوات الماضية، ورأت أنه «لا يوجد من يضمن فوزه في الانتخابات، والصندوق هو الفيصل».
وسبق لليلى المشاركة في عدة ورشات تدريبية بوصفها مدربة إعلامية قبل أن تتولى رئاسة الحزب السياسي، وكانت من المُطالبات خلال الفترة السابقة باستصدار قوانين تضمن تمثيلاً عادلاً للمرأة في المناصب السياسية.
وخلال الأعوام التي تلت رحيل الرئيس معمر القذافي عن الحكم عام 2011 سقطت نساء عدة ضحايا إفساح المجال العام أمام المرأة الليبية، وتوسيع مشاركتها في النشاط الاجتماعي، وأبرزهن المحامية سلوى بوقعيقيص، إحدى مؤسسات المجلس الوطني الانتقالي التي قتلها مسلحون مجهولون في 25 يونيو (حزيران) 2014 بمنزلها بمنطقة الهواري (شرق)، والناشطة انتصار الحصائري التي اُغتيلت رمياً بالرصاص وعُثر على جثتها وجثة قريبة لها في صندوق سيارتها في العاصمة طرابلس. كما لم تتوقف سلسلة التصفيات «على الهوية السياسية والمجتمعية» عند الحصائري وبوقعيقيص؛ فبعد ثلاثة أسابيع من مقتل الأخيرة اُغتيلت أيضاً فريحة البركاوي عضوة (المؤتمر الوطني العام) عن مدينة درنة أمام الجميع؛ بسبب ما عُدّ «إدانتها لمقتل بوقعيقيص».
أما المرشحة المحتملة الثانية فهي هنيدة المهدي التي تتفق مع ما ذهبت إليه ليلى بن خليفة، وهي باحثة في التنمية البشرية، وتشغل مدير عام مركز «فيرست كير» للتدريب، وهي تؤكد أنها تودّ أن تُنهي ليبيا مرحلة الفوضى والصراع بإجراء انتخابات، ومن ثم الوصول إلى الاستقرار والأمن.
وسبق لهنيدة، وهي في العقد الرابع من عمرها، إطلاق مبادرة وخطة للتنمية في المناطق الجنوبية في ليبيا، كما تبنت استراتيجية لتنمية ذوي القدرات الخاصة، وهي تطالب جميع المرشحين «بقبول نتيجة الانتخابات لأنه لا صوت يعلو فوق صوت الصندوق».
وبعيداً عن اعتبار أن حظوظ ليلى وهنيدة ليست كبيرة للمنافسة في هذه المعركة الانتخابية، بسبب وجود شخصيات بارزة، إلا أن كثيرين يرون أنهما قد أحدثتا بهذا الترشح «خرقاً في جدار تحيز المجتمع للرجل، وحرمان النساء من المشاركة في العمل السياسي والاجتماعي لعقود طويلة».
وسبق لنائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني، توجيه دعوة للمرأة الليبية إلى تقدم الصفوف في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، كي يصبح في البلاد «أغلبية نسائية، ورئاسة دولة نسائية».
ليلى وهنيدة... سيدتان تمهدان «طريق الحُكم» أمام الليبيات
ليلى وهنيدة... سيدتان تمهدان «طريق الحُكم» أمام الليبيات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة