مشروع قرار من جمهوريين لتصنيف «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً

TT

مشروع قرار من جمهوريين لتصنيف «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً

أثار مشروع القرار الذي قدمه عدد من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي، لتصنيف «الإخوان المسلمين»، تنظيماً إرهابياً، نقاشات وانتقادات، من اليمين واليسار، بين من يدعم هذه الخطوة، ومن يحذر من انعكاساتها على علاقات واشنطن بعدد من الدول الصديقة والحليفة. فقد قدم ثلاثة أعضاء من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ مشروع قانون، يحث وزارة الخارجية على استخدام سلطتها القانونية لتصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية، والأعضاء هم السيناتور المتشدد تيد كروز والسيناتور جيم إينهوفي والسيناتور رون جاكسون، إضافة لعدد آخر من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين. وقال السيناتور كروز عند تقديم مشروع القانون: «لقد حان الوقت للانضمام إلى حلفائنا في العالم العربي في الاعتراف رسمياً بجماعة (الإخوان المسلمين) على حقيقتها، كمنظمة إرهابية». وأضاف «أنا فخور بإعادة تقديم مشروع القانون هذا لحث إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن على تصنيفهم على هذا النحو، وتعزيز حرب أمتنا ضد الإرهاب المتطرف». وأكد أنه «من واجبنا تحميل الإخوان المسلمين المسؤولية عن دورهم في تمويل الإرهاب والترويج له في جميع أنحاء الشرق الأوسط».
وكان السيناتور الجمهوري، تيد كروز، قد انتقد إدارة بايدن وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين من لجنة الاعتمادات بسبب تجميد مبلغ 130 مليون دولار كمساعدات خارجية لمصر، إلا إذا أفرجت القاهرة عن بعض المسجونين السياسيين من جماعة «الإخوان». وجاء انتقاد تيد كروز أثناء التصويت على تعيين المرشحة لمنصب نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بربرة ليف الثلاثاء الماضي. ووجه كروز انتقادات شديدة اللهجة للديمقراطيين متهماً إياهم بالضغط على القاهرة للإفراج عمن وصفهم بالمعادين للسامية، على حد قوله.
ويأتي ذلك قبل يومين على بدء الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر، الذي ستعقد أولى جلساته، يوم الاثنين، بمشاركة وفدين من البلدين، بقيادة وزيري الخارجية أنتوني بلينكن، وسامح شكري في واشنطن، ويستمر على مدى يومين. غير أن مشاريع القوانين هذه واجهت، ولا تزال، اعتراضات أعضاء جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء، قائلين إن تصنيف الجماعة بشكل عام، قد لا يكون مفيداً، لأنها لم تعد تنظيماً موحداً، بعدما خرج من صفوفها، سواء في مصر أو تركيا أو أي بلد آخر، قوى وشخصيات، لا توافق على خطابها وبرنامجها ومشاريعها السياسية. ومن شأن تصنيفها على هذا الشكل الإضرار بعلاقات الولايات المتحدة، مع الكثير من الدول الصديقة والحليفة، على رأسها تركيا، فضلاً عن مشاركة ممثلين عن الجماعة ليسوا مصنفين كمتطرفين، في حكومات ومجالس نيابية في دول عربية أخرى. ويرى الباحث المسؤول عن ملف تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أيكان أرديمير، أن الحركة الحالية التي يقوم بها الجمهوريون، قد تفضي إلى مبادرة وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين إدراج تنظيمات موازية أو موالية للجماعة، كما حصل بعد إدراج تنظيم حركة سواعد مصر «حسم» المصرية التي تتمركز في تركيا، إلى قائمتها للإرهاب. وهو ما يكشف مدى ازدهار المتطرفين في البيئة المتساهلة التي وفرتها أنقرة لتلك التنظيمات، وأدى إلى وضع وزارة الخزانة تركيا على «قائمتها الرمادية»، ما تسبب في متاعب سياسية واقتصادية كبيرة لأنقرة.
وسبق لكروز أن قدم في ديسمبر (كانون الأول) 2020، مشروع قرار مماثلاً، أمام مجلس الشيوخ، حين كان الجمهوريون يسيطرون على مجلس الشيوخ وفي ظل إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترمب. وتصنف دول عربية عدة تنظيم «الإخوان» باعتباره جماعة إرهابية. واعتبرت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب. كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعواه، معتبراً جماعة الإخوان «تنظيماً إرهابياً». وبدأت معركة أعضاء الكونغرس الأميركي، لتقديم مشروع قانون تصنيف جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، منذ عام 2014، ولكنها وصلت إلى أشدها في عام 2017، على يد السيناتور تيد كروز، حيث شارك مجموعة من أعضاء الكونغرس، في إعادة تقديم مشروع القانون، مستندين للدور الذي تلعبه المنظمات الإسلامية التابعة للإخوان في أميركا وتحديداً مجلس العلاقات الأميركية (كير). وسبق تيد كروز، العضو الجمهوري ميشيل باكمان التي تقدمت بموافقة سبعة نواب آخرين في يوليو (تموز) 2014 لتصنيف جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً. ومن ضمن حيثياته أن الجماعة تمول العمليات الإرهابية وتشجع نشر نسخ متطرفة من الإسلام عبر العالم، وأنها خططت لهجمات إرهابية حول العالم عبر جماعات وسيطة.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.