سعوديون يهزمون «التوحد» بالفن عبر 5 معارض

سعود بن فرحان لـ«الشرق الأوسط»: الرسم هو لغتهم في التواصل

إعلان مشروع {ريشة طيف} الذي يبدأ الأحد المقبل
إعلان مشروع {ريشة طيف} الذي يبدأ الأحد المقبل
TT

سعوديون يهزمون «التوحد» بالفن عبر 5 معارض

إعلان مشروع {ريشة طيف} الذي يبدأ الأحد المقبل
إعلان مشروع {ريشة طيف} الذي يبدأ الأحد المقبل

إيماناً بأن الفن وسيلة للتعافي ولغة للتواصل، تطلق جمعية «أسر التوحد» في الرياض أول مشروع من نوعه في السعودية، يحمل اسم «ريشة طيف»، ويتيح لمائة شاب وطفل من ذوي اضطراب التوحد أن يهزموا أعراض الإصابة بالرسم والألوان، عبر خمسة معارض متنقلة تجوب مختلف المناطق خلال ستة أشهر متواصلة، يبدأ أولها يوم الأحد المقبل، في مدينة الرياض.
ويوضح الأمير سعود بن عبد العزيز بن فرحان، رئيس مجلس إدارة جمعية «أسر التوحد»، أن هذا المشروع يهدف إلى تنمية المهارات الفنية التشكيلية لدى ذوي اضطراب طيف التوحد، لاستثمار طاقاتهم وقدراتهم وتمكينهم من التنفيس والتعبير عن مشاعرهم، وما يجول بداخلهم من الحاجات والرغبات والدوافع التي لا يستطيعون التعبير عنها بطرق إبداعية.
وتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «يعد الرسم واللعب بالألوان داخل اللوحات الفنية من الأمور المهمة جداً بالنسبة لذوي اضطراب طيف التوحد، فهو بمثابة لغة التواصل بين ذوي اضطراب طيف التوحد والمحيطين بهم»، مشيراً إلى أن الرسم يساعد كذلك على تنمية العضلات الدقيقة والإدراك الحسي والبصري، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتمكينهم من الخروج من العزلة إلى تنمية العلاقات الاجتماعية لديهم.
وأكد الأمير سعود أن المعارض المتنقلة المبتكرة التي تعتزم الجمعية إقامتها، تتيح الوصول إلى عامة المجتمع في جميع المناطق الخمسة، بهدف إبراز مواهب ذوي اضطراب طيف التوحد من رسومات ومنحوتات وغيرها من الفنون التشكيلية. ويضيف: «ستضم المعارض المتنقلة لكل منطقة 20 عملاً فنياً بمجمل 100 عمل فني لذوي اضطراب طيف التوحد، بالتعاون مع 100 فنان تشكيلي أتحنا لهم فرصة حقيقية لدعم ومساندة ذوي اضطراب طيف التوحد».
ويأتي تحت مظلة الجمعية 4360 أسرة على مستوى مناطق المملكة، في حين أفاد رئيس مجلس إدارة الجمعية بأن لديها العديد من المشاريع المستقبلية، منها «عيادات التوحد الرقمية»، وهي عيادة رقمية متخصصة لتشخيص اضطراب طيف التوحد، وتقدم الجلسات المساندة، بالإضافة إلى الاستشارات النفسية والاجتماعية والتربوية، وتقديم الاستشارات المسموعة والمرئية، وبشكل مجاني لمستفيدي الجمعية، ومفعلة بتقنيات الذكاء الصناعي.
يضاف لذلك مشروع «قافلة التوحد المتنقلة» الأولى من نوعها؛ التي تعنى بالتوعية والكشف المبكر لذوي اضطراب طيف التوحد على مستوى المملكة بشكل مجاني، والمكونة من مجموعة من الحافلات المصممة بشكل احترافي لتكون عيادات متكاملة مجهزة بأحدث التجهيزات والتقنيات المتطورة المدمجة في العربة.
وتعتزم الجمعية كذلك تأسيس مركز «واحة التوحد»، وهي واحة متكاملة لرعاية ذوي طيف التوحد بأنواعه المختلفة من خلال مجمع إيواء، يتمتع بإنشاءات حديثة وتجهيزات ‏متطورة تضم أحدث الوسائل الطبية والتأهيلية التي تهيئ لذوي التوحد بيئة صحية تلائم احتياجاتهم اليومية، وفقاً للمواصفات والمعايير الدولية المعتمدة، حيث يقدم المجمع الخدمات الشاملة من الرعاية الاجتماعية المؤقتة خلال ساعات محددة من اليوم (خدمة التأهيل اليومي)، أو الإيواء الكامل بما في ذلك الكسوة، والتغذية الصحية، والعناية الشخصية، وغير ذلك.
وعن مبادة التدريب وتوظيف، تتجه الجمعية لتأهيل وتدريب شباب وشابات ذوي اضطراب طيف التوحد في كافة القطاعات المختلفة، وتمكينهم من الاندماج والانخراط في المجتمع. إلى جانب تدريب العمالة المنزلية على كيفية التعامل مع ذوي اضطراب التوحد وأسرهم داخل المنزل، وكذلك تدريب القطاعات الخدمية في الجهات الحكومية والخاصة على كيفية التعامل مع ذوي اضطراب طيف التوحد وأسرهم، وأخيراً تدريب المختصين على رأس العمل من خلال دورات تدريبية مكثفة لتدريب المختصين على رأس العمل على استراتيجيات، وطرق التعامل مع ذوي اضطراب طيف التوحد داخل المنشآت التعليمية والتأهيلية.


مقالات ذات صلة

مُصابة بالتوحُّد أقوى من قدرها

يوميات الشرق إرادة الإنسان تخطُّ مساره (مواقع التواصل)

مُصابة بالتوحُّد أقوى من قدرها

أول ما خطر للشابة إيما شورز عندما تلقَّت الخبر تشخيصها بالتوحُّد، تكوين صداقات مع آخرين يعيشون الحالة عينها. أشخاص شعرت بأنهم قد يفهمونها. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التوحد هو اضطراب في نمو الدماغ منذ الطفولة (رويترز)

تلوث الهواء قد يزيد خطر الإصابة بالتوحد

كشفت دراسة جديدة عن أن تلوث الهواء يمكن أن يزيد من خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد (ASD) واضطرابات النمو العصبي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك إصابة الأم بعدوى فيروسية خلال الحمل قد تؤدي إلى إصابة الطفل بالتوحد (أ.ب)

مرض الأم خلال الحمل قد يصيب الطفل بالتوحد

توصلت دراسة جديدة إلى أن إصابة الأم بعدوى فيروسية خلال الحمل قد تؤدي إلى إصابة الطفل بالتوحد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تناول الأسماك خلال الحمل قد يقلل من احتمالية إصابة الجنين بالتوحد (أ.ب)

تناول هذا الطعام خلال الحمل قد يقلل من خطر إصابة الجنين بالتوحد

أظهرت دراسة جديدة أن تناول الأسماك خلال الحمل قد يقلل من احتمالية إصابة الجنين باضطراب طيف التوحد، بنسبة 20 %.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق النموذج الجديد للكشف المبكر عن التوحّد لدى الأطفال (معهد كارولينسكا)

الذكاء الاصطناعي يكشف التوحّد بسهولة

طوّر باحثون من معهد «كارولينسكا» في السويد نموذجاً جديداً يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنه توقّع إصابة الأطفال بالتوحّد بسهولة من خلال معلومات بسيطة نسبياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».