مصاعد القاهرة العتيقة الرائعة... مشاهد حب وخوف

مصعد شندلر داخل عمارة في الزمالك (نيويورك تايمز)
مصعد شندلر داخل عمارة في الزمالك (نيويورك تايمز)
TT

مصاعد القاهرة العتيقة الرائعة... مشاهد حب وخوف

مصعد شندلر داخل عمارة في الزمالك (نيويورك تايمز)
مصعد شندلر داخل عمارة في الزمالك (نيويورك تايمز)

عندما تعيش في وسط القاهرة حيث تلتقي الواجهات الأوروبية والمصرية جنباً إلى جنب لتعكس فخامة قديمة باهتة تتوسطها ميادين مزدحمة بالسيارات وواجهات محال مرقعة تعلوها لافتات متنافرة، ستجد حتماً أنّ هذا المناخ يساعد على تنمية قدر من التعايش بين الضوضاء والوقار المتمثل في العقارات العتيقة وما تحويه من مصاعد أصابتها الشيخوخة.
كانت هاجر محمد شجاعة بما يكفي لتحدي الضوضاء والتعامل مع العقارات العتيقة، لكنها لم تكن تجرؤ على تحمل المصاعد التي أصابتها الشيخوخة.
على مدى أشهر، عاشت هاجر (28 عاماً) وسط المدينة في وقت سابق من العام الحالي، وقد استسلمت لهواجس استخدام المصعد العتيق أكثر من غيرها في كثير من الأحيان، وأكثر من غالبية الناس في القرن الواحد والعشرين.
يرجع السبب في ذلك جزئياً إلى رهابها من المصاعد العتيقة، حيث تساعد مقصوراتها المصنوعة من الخشب اللامع والزجاج على رؤية الكابلات المعلقة بوضوح من داخل الكابينة المعدنية. كان المصعد يرتفع، لكنه يأبى النزول في الكثير من الأحيان من دون مساعدة من لوحة الأزرار في الخارج. أهمل السكان في الصيانة حتى توقف المصعد عن العمل تماماً. وحتى لو أُصلح، فإنه سينزل فقط حتى الطابق الثاني.
لكن المبنى يتمتع بموقع استراتيجي وسط المدينة. وكانت هاجر تسكن الطابق السادس. قالت هاجر، باحثة الدكتوراه في علم الاجتماع «نحن نعيش الآن في الطابق السادس في مبنى بلا مصعد. الأمر مرهق، لم أدرك قيمة هذا المصعد إلا عندما اختفى».
في وسط القاهرة هناك القليل من الأشياء التي يمكن التخلص منها نهائياً، خاصة أن هناك آثاراً ومقابر قديمة مبنية من أجزاء فُككت من بقايا معالم أقدم، وقد تجد حتى كراسي مدعمة بأطراف صناعية وقد جلس عليها حراس العقارات على كل رصيف تقريباً.
ينطبق الأمر نفسه على المصاعد العتيقة في المدينة وقطع فن الديكور على طراز Fin de - siècle الرائعة من العصر الذي صاغ فيه المهندسون المعماريون الأوروبيون شوارع القاهرة، وملا الكوزموبوليتانيون مقاهيها، وتنافست المدينة مع لندن وباريس على الثروة والبريق. فعلى الرغم من أنّ بعض المصاعد قد استبدلت بأخرى حديثة، فإنه لا يوجد إحصاء دقيق للعشرات، إن لم تكن مئات المصاعد التي ترتفع في تلك المباني لعقود، وفي بعض الحالات لأكثر من قرن.
في هذا الصدد، قال محمد حسن، كبير المهندسين في «شركة الإسماعيلية»، التي تعمل على إعادة تأهيل المباني القديمة في وسط القاهرة «الحقيقة أنها لا تزال تعمل حتى الآن، إنها معجزة».
يعود الفضل في بقاء بعض المصاعد على حالها وجمالها إلى أصحاب العقارات الذين يرونها قطعاً مركزية وسط العقار. يفتقر الملاك الآخرون إلى الوسائل أو ربما الإرادة لاستبدالها، ويرجع السبب في ذلك جزئياً إلى ما يسمى بنظام الإيجار القديم الذي يحكم نحو ربع إجمالي الإيجارات في القاهرة، مما يسمح للمستأجرين بدفع لا شيء تقريباً - بمتوسط 3 دولارات شهرياً - لسنوات متتالية.
يرتفع المصعد الكلاسيكي القديم من خلال عمود مفتوح في وسط المبنى، وهو قفص معدني متقن يفصله عن السلالم الرخامية البالية التي تلتف حوله في شكل حلزون على طول الطريق. المرايا منتشرة في كل مكان، والمقاعد الصغيرة المدمجة المصنوعة من الجلد ستجدها مفاجأة سارة.
لا تزال غالبية المصاعد تحمل اللوحة النحاسية الأصلية لصانعيها (توقف غالبيتهم عن العمل)، جنباً إلى جنب مع تعليمات السلامة (غالباً ما تكون محفورة بالفرنسية) ورقم هاتف مكون من خمسة أرقام للاتصال في حالة الصعوبات (أرقام لم تعد تعمل). وهناك شعور آخر يميل الناس إلى ربطه بمثل هذه المصاعد وهو حبس أنفاسهم في كل مرة يرتجف فيها أحد هذه المصاعد خلال رحلة الصعود، وكذلك الارتدادات الطفيفة عند الوصول، مما يجعل من الصعب عدم التفكير في آليات العملية برمتها.
من المفهوم أنّ بعض سكان القاهرة يفضلون استخدام الدرج. فربما سمعوا بعض قصص الرعب. ومع ذلك، فإن معدل الحوادث - حسب الروايات المتناقلة - يبدو منخفضاً.
قبل أن تتحرك المصاعد، يجب على الراكب إغلاق الأبواب الخارجية من ثمّ الداخلية بعناية فائقة، وهي ميزة أمان وإن كانت غير مريحة. وإذا نسي شخص ما إغلاق الأبواب بشكل صحيح، فيجب على المستخدم التالي أن يصعد السلم. وإذا دفع شخص ما الأبواب عن طريق الخطأ حتى في منتصف الطريق، فإن المصعد يتجمد في مكانه.
تحظي المصاعد بدعم الكثير من المدافعين، ليس لمظهرها فحسب، بل لاستمرار وجودها الذي يدل على جودة التصنيع. وهناك ميزة أخرى أنك إن تعثرت ستتمكن من الاستغاثة بمن حولك، وسيمكنك استنشاق هواء نقي وسيمكنك حتى الصراخ طلباً للنجدة أو التسلق بنفسك.
تعليقا على كل تلك المزايا، قالت هناء عبد الله (68 عاماً)، «ما يهمني هو قدرتي على التنفس». كانت هناء تشير إلى تلك المرات النادرة التي انقطعت فيها الكهرباء عن أحد مصعدي «شندلر» الأصلية في 1 شارع مظلوم، وهو مبنى من الطراز الباروكي الجديد من طراز «آرت ديكو» الذي يعود لعام 1928، مضيفة «ما يهمني هو أنّه إذا تعطل المصعد، يمكن لشخص ما أن يحضر لي كرسياً - ويمرره إلى الكابينة عبر الفتحة. ويمكنني الجلوس هناك بقية اليوم».
شأن العديد من سكان القاهرة القادرين على تحمل تكاليفها، انتقل ورثة السكان الأثرياء إلى مجتمعات الضواحي التي استقطبت العديد من السكان وثرواتهم من وسط القاهرة. تقاعد زوج هناء قبل 18 عاماً بسبب اعتلال صحته ولم يُستبدل. (الآن لم يعد هناك سوى عدد قليل من المباني التي تستخدم عمالا لضغط أزرار المصاعد). الطريف أن هناء الآن تستخدم عمود المصعد لتجفيف عناقيد الثوم والبصل الطازج للاستفادة من تدفق الهواء الشديد.
لكن عقار «1 شارع مظلوم» لا يزال بخير لأنّ المصعدين لا يزالان يعملان، فيما باتت غيرها من المصاعد في حالة يرثى لها نتيجة لإهمال المالك ومشاحنات المستأجرين حول رسوم الصيانة التي تكون ضئيلة في غالبية الأحيان لدرجة أن السكان الذين يدفعون تلك الرسوم يشفرون نظام المفتاح لإجبار الضيوف على الصعود بالسلالم.
بدأت الحكومة في تجميل الواجهات، وشركة «حسن علام» متخصصة في ترميم المباني في وسط المدينة. لكن المصاعد تجاوزت عمر غالبية صانعيها - ولا يزال لدى «شندلر» مكتب في القاهرة، لكنّها توقفت عن تصنيع قطع غيار الموديلات العتيقة منذ سنوات - وعندما تحدث أضرار جسيمة أو يكل السكان من كثرة مشاكلها، فإنّ البعض يستسلم للبدائل الحديثة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.