حميدتي وحمدوك يتعهدان دعم الانتقال وتعزيز الشراكة المدنية ـ العسكرية

رئيس الوزراء السوداني يدعو «الدعم السريع» إلى احترام القانون والديمقراطية

حميدتي وحمدوك خلال اللقاء في الخرطوم أمس (قوات الدعم السريع)
حميدتي وحمدوك خلال اللقاء في الخرطوم أمس (قوات الدعم السريع)
TT

حميدتي وحمدوك يتعهدان دعم الانتقال وتعزيز الشراكة المدنية ـ العسكرية

حميدتي وحمدوك خلال اللقاء في الخرطوم أمس (قوات الدعم السريع)
حميدتي وحمدوك خلال اللقاء في الخرطوم أمس (قوات الدعم السريع)

تعهد كل من نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي محمد حمدان دقلو «حميدتي» ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك بالعمل معاً من أجل إنجاح ما سمّاه الأخير «النموذج السوداني في الانتقال الديمقراطي»، لإنجاح الفترة الانتقالية «وتحقيق أهداف الثورة في الحرية والسلام والعدالة».
جاء ذلك لدى زيارة تفقدية قام بها حمدوك لقوات «الدعم السريع»، التقى خلالها القادة والضباط، بحضور قائد القوات «حميدتي» وعدد من الوزراء والمسؤولين في الدولة، ضمن سلسلة زيارات مجدولة للقوات النظامية لتأكيد الأسس والأهداف التي توافق عليها أطراف السلطة الانتقالية في الوثيقة الدستورية.
وقال حميدتي، في كلمته بالمناسبة، إنها «تجسد بشكل واضح وصريح معاني الشراكة ومضامينها بين طرفي الوثيقة الدستورية عسكريين ومدنيين، وتؤكد على الروح الوطنية لتخطي عقبات المرحلة المعقدة والحساسة من تاريخ البلاد». وأضاف أن المرحلة «تتطلب جهداً أكبر من الذي نقوم به الآن لرفع المعاناة عن المواطن الذي يعيش ظروفاً قاسية بحثاً عن لقمة العيش الكريمة».
وحذر من «التعقيدات والانقسامات الكبيرة في المشهد السياسي وهشاشة الأوضاع الأمنية وتنامي خطاب الكراهية والعنصرية والجهوية والقبلية، وتقسيم قوى الثورة إلى مدنيين وعسكريين». وأضاف أن «التحديات الجسيمة التي تواجهها بلادنا، تتطلب منا جميعاً من دون تركيز على تقسيم بين عسكريين ومدنيين، العمل معاً للقيام بعملية إصلاح شاملة وعميقة، بالتركيز على أهم الأولويات». وجدد استعداده للعمل المشترك «لتجاوز الخلافات الحزبية والجهوية والقبلية، ومواجهة الأخطاء بشجاعة من أجل بناء المستقبل والثقة المشتركة، والإيمان بالقيم الوطنية والمؤسسات».
وأشار حميدتي إلى الدور الذي لعبته «قوات الدعم السريع» في الثورة، بقوله إن «قوات الدعم السريع كان لها قدم السبق في انتصار الثورة المجيدة وقدمت في سبيل ذلك تضحيات كبيرة». وأكد استمرارها في حماية الوطن، رغم «الاستهداف الممنهج لها من متربصين» لم يسمهم. وقال: «سنظل على العهد الذي قطعناه لشعبنا بالمحافظة على أمنه واستقراره، وتحقيق أهداف الفترة الانتقالية في السلام الشامل وبناء دولة المواطنة، وصولاً إلى ديمقراطية حقيقية عبر انتخابات حرة ونزيهة».
بدوره، قال رئيس الوزراء في كلمته أمام القوات بالخرطوم، أمس، إن زيارته تأتي لتأكيد رغبته في مقابلة الضباط وضباط الصف والجنود في دارهم، «لأنهم يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية في حماية الوطن والشعب». وأضاف: «هذه الزيارة مواصلة لسلسلة زيارات مماثلة قمت بها للمؤسسات ذات الطابع العسكري والأمني، في إطار دعم الانتقال المدني الديمقراطي، وللتأكيد على الأسس والأهداف التي توافقت عليها كل أطراف السلطة الانتقالية وكانت الوثيقة الدستورية نتاجاً لها».
وأكد حمدوك، في كلمته للجنود، أهمية إصلاح القطاع العسكري والأمني، باعتباره «قضية مفتاحية لقضايا الانتقال كافة، ومن دونها لا يمكن حل بقية القضايا، بما فيها بناء الدولة المدنية نفسه وقيام الجيش الوطني الموحد». وقال إن «قوات الدعم السريع ذات طبيعة خاصة وأسهمت بدور إيجابي في التغيير».
وطالب «الدعم السريع» بـ«مواصلة الانحياز للشعب» بقوله إن «أعظم الجيوش في العالم هي تلك التي تنحاز إلى خيارات شعبها، وتعلمون أن الشعب السوداني في ثورته العظيمة في ديسمبر (كانون الأول) قد اختار طريق الديمقراطية والدولة المدنية، ولذا صار واجبكم الأسمى هو الحفاظ على الدستور ودعم التحول المدني الديمقراطي».
وأوضح حمدوك أن مبادرته «الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال - الطريق إلى الأمام» تضمنت دوراً محورياً للعسكريين في القضايا كافة، وأن الفصل بين العسكريين والمدنيين «وظيفي ومهني». وقال إن «قضية مثل تشكيل المجلس التشريعي يتأثر بها المدني والعسكري، وكذلك قضايا استقرار الاقتصاد والسلام وتحقق العدالة والسياسة الخارجية والسيادة الوطنية».
وجدد التأكيد على «الشراكة بين المدنيين والعسكريين» باعتبارها نموذجاً «انفرد به السودان». وقال: «البعض قد يظن أنني أكثرت من الحديث عن الشراكة بين المدنيين والعسكريين، إلا أن ترديدي لهذا الحديث يظل الغرض منه دائماً، التأكيد على أن هذه التجربة الفريدة، لا تنبع إلا من الشعب السوداني الذي له إرث وتاريخ في الثورات والتغيير وتجارب الانتقال».
وأشاد بالدعم الذي قدمه قائد «الدعم السريع» للمبادرة، واعتبره «مؤشراً على إيمانه بأهمية القيام بما ينتظره الشعب». وقال: «يجب على قوات الدعم السريع أن تفهم رسالة الفريق أول حميدتي، بأنها تقع في موضع الالتزام بمتطلبات الدولة الوطنية الديمقراطية، باحترام القوانين، وتثبيت ركائز الحكم الديمقراطي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».