مصر: مقبرة «زوسر الجنوبية» تستقبل زوارها بعد إغلاقها 15 عاماً

اكتُشفت عام 1928 ويبلغ عمقها نحو30 متراً

سياح أجانب يزورون المقبرة الجنوبية لزوسر عقب افتتاحها
سياح أجانب يزورون المقبرة الجنوبية لزوسر عقب افتتاحها
TT

مصر: مقبرة «زوسر الجنوبية» تستقبل زوارها بعد إغلاقها 15 عاماً

سياح أجانب يزورون المقبرة الجنوبية لزوسر عقب افتتاحها
سياح أجانب يزورون المقبرة الجنوبية لزوسر عقب افتتاحها

بدأت مقبرة زوسر الجنوبية في منطقة سقارة الأثرية بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) في مصر، استقبال زوارها للمرة الأولى منذ 15 عاماً عقب انتهاء مشروع ترميمها الذي بدأ عام 2006. وفتحت المقبرة، التي تقع على عمق يقدر بنحو 30 متراً تحت الأرض، أمس، أبوابها للزوار الذين أصبح بمقدورهم رؤية أحد الأجزاء المهمة للمجموعة الجنائزية للملك زوسر، الذي حكم مصر في الفترة من 2627 إلى 2648 قبل الميلاد، أي قبل أكثر من 4 آلاف عام.
وتتكون المقبرة من جزأين، الجزء العلوي، وهو عبارة عن مبنى كالمصطبة مشيد من الحجر الجيري وبه إفريز مزين بأفاعي الكوبرا، أما الجزء السفلي فهو منحوت في الصخر على عمق يصل إلى نحو 30 متراً، يتم الوصول إليه عبر سلم حجري يؤدي إلى باب منحوت في الصخر أيضاً، ثم ممر يؤدي إلى باب المقبرة والممرات الداخلية المؤدية إلى مستوى فراغات المقبرة التي تحوي لوحات جدارية مزينة بالفيانس الأزرق، وفق الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.
وتوجد آراء متعددة حول الغرض من وجود المقبرة الجنوبية، بعضها تقول إنها تخص إحدى الزوجات الرئيسيات للملك، أو أنها كانت مخصصة لحفظ المشيمة الملكية أو الأعضاء الداخلية للملك (الرئتان والمعدة والأمعاء والكبد)، بعد تحنيطه، في حين يرى عالم المصريات الفرنسي الشهير جان فيليب لوير، صاحب النصيب الأكبر من أعمال الحفائر في مجموعة زوسر الهرمية وإعادة بنائها وترميمها على مدار 70 عاماً من حياته، أنها كانت تمثل مقبرة رمزية للملك تعادل المقبرة الملكية في أبيدوس بمحافظة سوهاج، حسب موقع وزارة السياحة والآثار.
ويؤكد الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المقبرة الجنوبية هي بمثابة الماكيت المصغر الذي استخدمه الوزير إمحتب، في بناء هرم سقارة المدرج»، مشيراً إلى أن «المقبرة تقريباً بالشكل نفسه الذي بنيت عليه المجموعة الهرمية لزوسر، والمساحة نفسها الموجودة أسفل الهرم المدرج».
وللمقبرة مكانة رمزية، حسب عبد البصير، حيث «تقع في الناحية الجنوبية، ممثلة صعيد مصر، بينما يقع الهرم المدرج في الناحية الشمالية»، في إشارة إلى أن زوسر حاكم مصر العليا والسفلى، موضحاً أن «المقبرة الجنوبية ربما تكون قد استخدمت في دفن المشيمة الملكية». وتتميز المقبرة بحجر الفيانس الأزرق الذي يزين جدرانها، وهي واحدة من العناصر المهمة للمجموعة الجنائزية للملك زوسر، واكتشف المقبرة عالم الآثار الإنجليزي سيسيل مالابي فيرث عام 1928، وهو من أطلق عليها هذا الاسم، نظراً لوقوعها في الجهة الجنوبية الغربية من المجموعة الجنائزية، وتوجد بالمقبرة بئر في نهايته غرفة دفن، بها تابوت ضخم من الجرانيت الوردي تماثل غرفة الدفن في الهرم المدرج، كما توجد ممرات ودهاليز طويلة عديدة زينت جدرانها بأبواب وهمية تحمل صورة الملك وألقابه، وزينت الجدران بقطع من الفيانس الأزرق.
وداخل المقبرة يوجد عدد من الممرات السفلية، يحتوي أحدها على ثلاثة أبواب وهمية يحمل كل منها نقشاً للملك زوسر في احتفال «حب سد»، وهو اليوبيل الملكي الذي كان يحتفل فيه بجلوس الملك على العرش، وتجديد شباب الملك وشرعيته في تولي الحكم، حيث تصور المناظر الملك زوسر وهو يرتدي لحيته المستعارة والتاج الأبيض لمصر العليا، وفقاً لموقع وزارة السياحة والآثار.
وشمل مشروع الترميم الذي بدأ عام 2006 الدراسات الهندسية والجيوتقنية والجيوبيئية والأثرية للمقبرة، حيث تم تنفيذ أعمال ترميم الممرات السفلية وتدعيم الحوائط، والأسقف، وإزالة الشروخ، وتثبيت بلاطات الفيانس لاستكمال العناصر الداخلية للمقبرة، إضافة إلى إعادة تجميع وترميم التابوت الجرانيتي الموجود في قاع بئر الدفن، وتأهيل المقبرة للزيارة من خلال تمهيد الأرضيات وتركيب سلم يؤدي إلى البئر والمقبرة، وإضاءتها بشكل كامل، حسب العميد مهندس هشام سمير، مساعد وزير السياحة والآثار للشؤون الهندسية.
وتضمنت أعمال الترميم كذلك، فك وإعادة تركيب بلاطات الفيانس الزرقاء، التي كانت مثبتة بالمون الجبسية مما أدى إلى تساقط بعضها عبر السنين، كما تم تجميع وتركيب بلاطات الفيانس التي كانت موجودة بالمخزن المتحفي، وتقوية المونات القديمة المتبقية مكان البلاطات المفقودة، وتثبيت القشور المنفصلة من البانوهات، وفك وترميم وإعادة تركيب الأعتاب الأثرية بجميع الفراغات، وعلاج التلف الميكروبيولوجي وإزالة الأتربة التي كانت تغطي السطح، وتدعيم وتثبيت الطبقات المنفصلة من السقف، وتركيب الأرضيات الحجرية، وتدعيم الأسقف وتركيب الإضاءة. وحددت وزارة السياحة والآثار سعر تذكرة زيارة المقبرة الجنوبية بـ40 جنيهاً مصرياً للمصريين، (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري) و20 جنيهاً للطلبة المصريين، و100 جنيه مصري للأجنبي، و50 جنيهاً للطالب الأجنبي، وتشمل الزيارة السياحية مدخل المقبرة الجنوبية والبئر حتى نهايته والتابوت الحجري، في حين أُغلقت الممرات الداخلية والدهاليز أمام الزائرين.


مقالات ذات صلة

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس، عن اكتشاف «ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة» أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.