جبايات حوثية متعددة تجبر أسواق مدينة إب على الإغلاق

TT
20

جبايات حوثية متعددة تجبر أسواق مدينة إب على الإغلاق

دفعت الجبايات الحوثية غير القانونية التجار في محافظة إب اليمنية (170 كم جنوب صنعاء) إلى مواصلة احتجاجهم وإغلاق محالهم لليوم العاشر على التوالي، بعدما فرضت عليهم الميليشيات إتاوات متعددة لدعم المجهود الحربي، تارة تحت مسميات زيادة إيجارات الأوقاف ورسوم البناء والتشييد وتارة أخرى «لدعم القدس».
وبحسب ما أفاد به تجار في المحافظة ذات الكثافة السكانية المرتفعة، فإن الاستمرار في إضراب أصحاب المحلات التجارية في أسواق المدينة رافقه تنفيذ مظاهرات ووقفات احتجاجية رفضاً لما أسموه فرض أوقاف الميليشيات بإيعاز من القيادي الحوثي بندر العسل جبايات جديدة لا تتناسب مع أوضاعهم الصعبة التي يعيشونها حالياً.
ولفتت المصادر إلى أن العشرات من أصحاب المحال والمواطنين المستأجرين من الأوقاف في إب نفذوا خلال الأيام الماضية مظاهرات احتجاجية جابت شوارع في المحافظة بالتزامن مع إيقاف كافة أنشطتهم التجارية للضغط على الجماعة لوقف تعسفاتها ضدهم وإقالة المدعو العسل المنتحل لصفة مدير أوقاف إب الذي فرض عليهم زيادة مجحفة في الإيجارات زادت من حجم معاناتهم.
وأكدت المصادر أن تلك المظاهرات قوبلت بردات فعل حوثية عنيفة، إذ عمد مسلحو الجماعة قبل يومين إلى تفريق المتظاهرين بالقوة واعتقال نحو 25 شخصاً ممن شاركوا فيها وقاموا بإيداعهم السجن.
وعلى صعيد استمرار التعسف الحوثي بحق التجار والسكان في إب، شكا عديد من التجار وملاك المحلات لـ«الشرق الأوسط» مما وصفوه بـ«تغول مشرفي الجماعة» الذين قالوا إنهم «يهددون باعتقالهم إذا رفضوا دفع الأموال التي قررتها الجماعة لصالح مجهودها الحربي واستمرار عملياتها العسكرية».
وأفاد بعض التجار بأن حملات الميليشيات التي طالت وما زالت الكثير منهم تحت ذرائع ومسميات عدة تأتي في سياق حملات الجماعة السابقة التي تستهدف التجار ورجال المال بشكل عام، والمواطنين البسطاء الباحثين عن لقمة العيش لسد رمق جوع أسرهم على وجه الخصوص.
وفي مديرية الظهار وسط مدينة إب ذكرت المصادر المحلية أن الانقلابيين وعبر ما يسمى بـ«جبهة الإمداد والتموين» غير الرسمية فرضوا نسبة 15 في المائة من قيمة كل رخصة بناء تدفع لصالح ما أطلقت عليه الجماعة «نصرة القدس» وهي ذريعة حوثية كثيراً ما تستغلها الجماعة لتحويلها إلى أداة لنهب أموال ومدخرات اليمنيين.
إلى ذلك تحدث مواطنون لـ«الشرق الأوسط»، عن فرض الجماعة قبل أيام جبايات جديدة عليهم أثناء قدومهم لبعض المكاتب الحكومية في المحافظة للحصول على معاملات رخص بناء تمثلت بفرض زيادة جديدة فوق الزيادة السابقة التي بلغت 500 في المائة تحت مسمى «دعم القدس».
وكان ناشطون في محافظة إب تداولوا قبل أيام صوراً قالوا إنها لسندات حوثية صادرة عما تسمى بـ«جبهة الإمداد والتموين» وعليها شعار «القدس أقرب... الحملة الشعبية لدعم فلسطين»، تظهر مدى استغلال الجماعة ومضيها في مسلسل ابتزاز ونهب اليمنيين باسم القضية الفلسطينية.
ومع استمرار تغاضي قادة الجماعة في إب عن كل ما يحدث من انتهاكات وتعسفات متكررة بحق السكان في المحافظة و22 مديرية تابعة لها، ومواصلة تسخير كل إمكاناتها وطاقتها في جباية مزيد من الأموال على حساب معاناة اليمنيين، توقع الناشطون أن يكون هناك تصعيد ضد حملات الابتزاز، وصولاً إلى الإضراب الشامل، وإغلاق جميع المحلات في المحافظة وفي كافة المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية.
وكانت الجماعة، حليف إيران في اليمن، شنت على مدى الأشهر القليلة الماضية حملات بطش وابتزاز ممنهجة أسفر بعضها عن اعتقال العشرات من كبار التجار وملاك المحال التجارية في إب وفق ذرائع باطلة. وتحدثت حينها مصادر محلية في إب عن تدخل الغرفة التجارية وأعضاء من المجلس المحلي في إب لإقناع عناصر الجماعة بإطلاق سراح التجار المعتقلين؛ حيث أفرجت عنهم الجماعة عقب ثلاثة أيام من الاعتقال في سجونها الخاصة.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.