وزارة أميركية تفرض على أكثر من 100 ألف موظف تلقي لقاحات «كورونا»

أو الخضوع لفحوص كوفيد أسبوعيا

عبوة من لقاح كورونا في الولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)
عبوة من لقاح كورونا في الولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)
TT

وزارة أميركية تفرض على أكثر من 100 ألف موظف تلقي لقاحات «كورونا»

عبوة من لقاح كورونا في الولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)
عبوة من لقاح كورونا في الولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)

أعلنت وزارة شؤون المحاربين القدامى الأميركية أنه سيتعين على أكثر من 100 ألف موظف صحي لديها تلقي لقاحات كوفيد، ما يشكل مؤشرا على تغير موقف إدارة الرئيس جو بايدن حيال فرض التطعيم مع تفشي المتحورة دلتا الأكثر عدوى.
وتأتي الخطوة في ظل تحول أوسع إذ أعلنت كاليفورنيا ومدينة نيويورك أنه سيتعين على الموظفين الرسميين تلقي اللقاحات أو الخضوع لفحوص كوفيد أسبوعيا، فيما ذهبت كاليفورنيا أبعد ففرضت ذلك على الموظفين الصحيين في القطاع الخاص.
وقال وزير شؤون المحاربين القدامى دنيس ماكدونو في بيان أمس (الاثنين) «كلما دخل محارب قديم أو موظف من المحاربين القدامى إلى منشأة تابعة للوزارة، يستحق أن يعرف بأننا قمنا بكل ما في وسعنا لحمايته من كوفيد». وتابع «يمكننا عبر فرض (التطعيم) أن نفي بوعدنا الأساسي هذا».
وتعد وزارة المحاربين القدامى أول وكالة فدرالية تفرض التطعيم، في خطوة ترددت إدارة بايدن في القيام بها حتى الآن، حسبما أفادت وزارة الصحافة الفرنسية.
وأشار البيان إلى أن أربعة موظفين في الوزارة غير ملقحين توفوا في الأسابيع الأخيرة.
وبات حاليا لدى موظفين على غرار الأطباء وأطباء الأسنان والعيون إضافة إلى الممرضين وغيرهم مهلة ثمانية أسابيع للحصول على كامل جرعات اللقاحات.
وأشار مسؤولون في الوزارة في وقت سابق هذا الشهر إلى أن أكثر من 70 في المائة من موظفي الوكالة البالغ عددهم 300 ألف تلقوا كامل جرعات اللقاحات. وينطبق الأمر الجديد على 115 ألف شخص، بحسب موقع «ميليتاري تايمز».
وسيطبق القرار في كاليفورنيا على نحو 240 ألف موظف حكومي ومئات آلاف الموظفين الصحيين في القطاع الخاص، فيما سيتوجب الامتثال الكامل له بحلول 21 أغسطس (آب)، وفق ما أعلن مكتب حاكم الولاية غافين نيوسوم.
أما قرار نيويورك فسيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 13 سبتمبر (أيلول) وسيطبق على أكثر من 300 ألف من موظفي المدينة بمن فيهم عناصر شرطة وإطفاء ومدرسين، وفق ما أعلن رئيس البلدية بيل دي بلازيو أمس (الاثنين).
بدوره، أفاد رئيس بلدية سان فرانسيسكو لندن بريد بأنه سيتوجب على أي شخص يتم تعيينه من قبل المدينة أو المقاطعات تلقي اللقاحات قبل بدء عمله.
وتشهد الولايات المتحدة تفشيا لفيروس كورونا مدفوعا بدلتا، المتحورة الأكثر عدوى التي رصدت حتى الآن، والتي باتت مسؤولة عن أكثر من 89 في المائة من الإصابات في الولايات المتحدة، وفق التقديرات.
وبحسب موقع «كوفيد آكت ناو» لتعقب الإصابات، تسجل نحو 52 ألف إصابة يوميا بالفيروس. لكن مع تلقي 80 في المائة من المسنين كامل جرعات اللقاحات، انخفض عدد الحالات التي تستدعي النقل إلى المستشفيات والوفيات مقارنة بالموجات الوبائية السابقة.
وتلقى أكثر بقليل من 49 في المائة من سكان الولايات المتحدة كامل جرعات اللقاحات، أي أقل بكثير من 85 إلى 90 في المائة وهي النسبة التي يقدر الخبراء بأنها تؤدي إلى حصول السكان على المناعة.
وقال عميد كلية الصحة العامة في جامعة براون أشيش جا في تغريدة الأحد «وصلنا إلى 67 في المائة (مع حساب الإصابات السابقة)، لذا نحتاج إلى تلقيح المزيد» من الأشخاص. لكن يزداد الجدل حيال فرض التطعيم.
ودعت 57 مجموعة تمثل ملايين الأطباء والممرضين والصيادلة وغيرهم من العاملين في قطاع الصحة إلى جعل التطعيم إلزاميا بالنسبة لكافة الموظفين الصحيين.
وكشف تقرير نشره «ويب إم دي» مؤخراً بشأن 2500 مستشفى بأن نحو موظف صحي من أربعة لم يتلقوا اللقاحات.
وبينما تفرض المناطق الخاضعة للديمقراطيين اللقاحات إلا أن العديد من الولايات التي يقودها جمهوريون أقرت قوانين تحظر ذلك خصوصاً في المدارس.
لكن مع تسجيل العدد الأكبر من حالات كوفيد التي تستدعي النقل إلى المستشفيات والوفيات في صفوف غير الملقحين وهم في معظم الحالات محافظون سياسيا، تظهر مؤشرات الآن على أن النواب الجمهوريين يتجهون لتغيير مواقفهم في هذا الصدد.
وقال حاكم فلوريدا الجمهوري رون دي سانتيس الأسبوع الماضي «تنقذ هذه اللقاحات الأرواح».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟