سلسلة من المؤتمرات الدولية استعداداً لقمة غلاسكو المناخية

51 بلداً في لندن و200 في باريس من أجل الحد من تفاقم الحرائق والفيضانات

احتجاجات أمام البرلمان البريطاني أمس لحث وزراء البيئة المجتمعين في لندن على اتخاذ خطوات جريئة تجاه المناخ (إ.ب.أ)
احتجاجات أمام البرلمان البريطاني أمس لحث وزراء البيئة المجتمعين في لندن على اتخاذ خطوات جريئة تجاه المناخ (إ.ب.أ)
TT

سلسلة من المؤتمرات الدولية استعداداً لقمة غلاسكو المناخية

احتجاجات أمام البرلمان البريطاني أمس لحث وزراء البيئة المجتمعين في لندن على اتخاذ خطوات جريئة تجاه المناخ (إ.ب.أ)
احتجاجات أمام البرلمان البريطاني أمس لحث وزراء البيئة المجتمعين في لندن على اتخاذ خطوات جريئة تجاه المناخ (إ.ب.أ)

زادت موجات حر وجفاف قياسية وفيضانات ضربت ثلاث قارات في الأسابيع الأخيرة الضغوط من أجل اتخاذ تدابير حاسمة. وفي ظل هذه الكوارث الطبيعية، تبددت الشكوك التي كانت سائدة إلى أن تداعيات المناخ هي مشكلات الغد. وقالت المسؤولة عن ملف المناخ في الأمم المتحدة باتريسيا إسبينوزا في بيان: «على مدى سنوات حذرنا من أن كل ذلك كان ممكناً، كل ذلك كان قادماً». إذ تغير العالم منذ آخر تقييم شامل صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عام 2014 بشأن الاحترار العالمي في الماضي والمستقبل.
وبدأت نحو 200 دولة مفاوضات عبر الإنترنت الاثنين للمصادقة على تقرير علمي للأمم المتحدة سيؤسس لقمم مرتقبة خلال الخريف تعنى بمهمة تجنيب العالم كارثة مناخية على نطاق الكوكب.
وقال رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس لـ700 مندوب عبر تطبيق «زوم»، إن «التقرير الذي ستضعون اللمسات الأخيرة عليه سيكون مهماً جداً على الصعيد العالمي». وقال إن تقييم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ «أساسي جداً لنجاح مؤتمر غلاسكو حول المناخ في نوفمبر (تشرين الثاني)». واجتمع وزراء البيئة وممثلو 51 دولة يومي الأحد والاثنين في لندن لهذا الغرض لإجراء مناقشات تُعد حاسمة لنجاح مؤتمر غلاسكو باسكوتلندا. وناقش الاجتماع الذي تشارك فيه الولايات المتحدة والصين والهند «القضايا الرئيسية التي سيتم حلها في القمة». وتريد لندن من الاجتماع غير الرسمي والمغلق تشجيع «المحادثات الصريحة» حتى يتمكن مختلف الأطراف من إيجاد حلول لتحقيق تقدم خلال القمة.
إذ أعلن رئيس الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف البريطاني ألوك شارما أن «الوزراء يجب ألا يخافوا من إبراز نقاط الخلاف مع الحفاظ على روح التعاون»، معرباً عن أمله في أن يعمل هذا الاجتماع على «مناقشة حلول ملموسة» و«التوصل إلى رؤية موحدة». وأضاف «نحن نواجه فترة خطيرة يمر بها كوكبنا والطريقة الوحيدة لنا للحفاظ على مستقبله هي أن تتبع الدول المسار نفسه... كوزراء مسؤولين عن مكافحة الاحتباس الحراري، نحن نحمل ثقل العالم على أكتافنا». كما تعقد مجموعة العشرين قمة مهمة على جدول أعمالها ملف المناخ في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وفي عتبة أخرى منذ التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تم عام 2015 تبني اتفاق باريس الذي حدد هدفا جماعيا يقضي بالحد من درجة حرارة الأرض لتكون عند مستوى يتجاوز مستويات أواخر القرن التاسع عشر بـ«أقل بكثير» من درجتين مئويتين.
ورفع التلوث الكربوني الناجم عن إحراق الوقود الأحفوري وتسرب الميثان والزراعة الحرارة بـ1.1 درجة مئوية حتى الآن فيما تزداد الانبعاثات مجددا بعدما توقفت لمدة وجيزة على خلفية تدابير الإغلاق التي فرضها (كوفيد)، بحسب الوكالة الدولية للطاقة.
وكشف تقرير خاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عام 2018 عن مستوى الدمار الذي قد يتسبب به ارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجتين مئويتين بالنسبة للبشرية والكوكب.
وقال الأستاذ في جامعة ماينوث بيتر ثورن الذي كان من أبرز الشخصيات التي صاغت تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لوكالة الصحافة الفرنسية إن 1.5 درجة مئوية «باتت الهدف بحكم الأمر الواقع». ووفق حسابات العلماء، يتعين خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 50 في المائة بحلول العام 2030 وأن تنتهي تماما بحلول 2050 لتبقى درجة حرارة الأرض ضمن نطاق 1.5 درجة مئوية. وقالت إسبينوزا إن «الحقيقة هي أننا لسنا على مسار تحقيق أهداف اتفاق باريس للحد من الاحترار المناخي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن». وأشارت إلى أن الاتجاهات الحالية سترتفع درجة الحرارة أكثر من ضعف ذلك. كما أن العلم نفسه شهد تغييرات في السنوات السبع الأخيرة.
وقال خبير المناخ روبرت فاوتارد، الكاتب البارز أيضا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ومدير معهد بيار - سيمون لابلاس: «لدينا اليوم نماذج أفضل للتوقعات المناخية وعمليات رصد أطول مع مؤشر أوضح بكثير إلى التغير المناخي».
على سبيل المثال، تمكن تجمع «إسناد الأحوال الجوية العالمية» بعد أيام قليلة من موجة الحر الشديدة التي اجتاحت كندا وغرب الولايات المتحدة الشهر الماضي، من التوصل حسابيا إلى أن حدوثها كان أمرا مستحيلا تقريبا لولا الاحترار الذي تسبب به الإنسان. وبناء على أبحاث منشورة، قد يتوقع التقرير الذي تجري مراجعته الأسبوع الحالي (حتى وفق السيناريوهات المتفائلة) «تجاوزا» مؤقتا لهدف 1.5 درجة مئوية. كما سيكون هناك تركيز على أحداث بـ«احتمال ضئيل وخطر كبير» مثل ذوبان الصفائح الجليدية التي قد ترفع منسوب مياه البحار بأمتار وتآكل التربة الصقيعية المحملة بغازات الدفيئة. وقال مدير معهد الأنظمة العالمية في جامعة إكستر تيم لنتون إن «التفاعلات التي تضخم التغيير أقوى مما اعتقدنا ولربما نقترب من نقطة تحول ما».
- فيضانات في لندن وحرائق في سردينيا
علقت الحافلات والسيارات الأحد في شوارع لندن بعدما غمرتها مياه الفيضانات جراء عواصف متكررة ضربت العاصمة البريطانية. وقال رئيس بلدية لندن صديق خان على تويتر إن خدمة الطوارئ في المدينة تواجه «فيضانات كبيرة». وأضاف أن كل وسائل النقل العام تأثرت، محذرا الناس من سلوك الطرق التي تشهد فيضانات، سواء كان سيرا أو بواسطة سيارات. وأصدر مكتب الأرصاد الجوية تحذيرا في مدينة لندن والمقاطعات المحيطة بها. وحذر المكتب من خطر حدوث صواعق وفيضانات، مع توقع هطول ألأمطار. وغادر سائقو سيارات في شمال شرقي لندن مركباتهم تحت المطر الغزير. وأعلنت الشرطة أنها «تتعامل حاليا مع فيضانات عدة في المناطق الشرقية»، محذرة من غمر المياه للأنفاق والمستديرات.
وفي سياق متصل قالت المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي سيرسل طائرات لمكافحة حرائق الغابات في سردينيا استجابة لطلب من إيطاليا للمساعدة في وقف الحرائق التي اجتاحت مناطق من الجزيرة مما أدى إلى إجلاء مئات الأشخاص. وقالت هيئة الحماية المدنية الإيطالية إن سبع طائرات تعمل بالفعل في المنطقة. وقالت المفوضية الأوروبية إن حرائق الغابات اجتاحت منطقة مونتيفيرو بوسط غرب الجزيرة بسبب موجة حارة مع إجلاء 355 شخصا واحتراق أكثر من 9880 فدانا.


مقالات ذات صلة

السعودية... قمة «الكوكب الواحد» تحدد مسارات تعزز قرارات الاستثمار المناخي

الاقتصاد مقر انعقاد مؤتمر «أطراف الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر (كوب 16)» في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية... قمة «الكوكب الواحد» تحدد مسارات تعزز قرارات الاستثمار المناخي

حددت القمة السنوية السابعة لرؤساء «مجموعة العمل الدولية لصناديق الثروة السيادية (الكوكب الواحد)»، المقامة في الرياض اليوم الثلاثاء، مسارات عمل رئيسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد انطلق اليوم الأول من «كوب 16» بالرياض بحضور لافت ومميز من صناع السياسات ورواد الأعمال (كوب)

الاتحاد الأوروبي: التصحر وتدهور الأراضي والجفاف تحديات عالمية تتطلب تحركاً عاجلاً

أوضح الاتحاد الأوروبي أن التصحر وتدهور الأراضي والجفاف تُمثل تحديات عالمية تتطلب تحركاً عاجلاً ورفع مستوى الحلول العملية، لمواجهة تلك الظواهر التي تؤدي إلى…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته الافتتاحية في «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 00:41

السعودية تطلق «شراكة الرياض العالمية» بـ150 مليون دولار للتصدي للجفاف

أعلنت السعودية إطلاق «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف» بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة لدعم هذه الجهود.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.