مهرجانات الموسم تقررها أفلام الافتتاح

بدأها «كان» وتستمر حتى «نيويورك»

«أمهات موازيات» يفتتح «فينيسيا»
«أمهات موازيات» يفتتح «فينيسيا»
TT

مهرجانات الموسم تقررها أفلام الافتتاح

«أمهات موازيات» يفتتح «فينيسيا»
«أمهات موازيات» يفتتح «فينيسيا»

سيبقى مثيراً للجدل موضوع كيف يختار أي من المهرجانات الكبيرة فيلم الافتتاح؟ ما هي العناصر والمبررات التي تتداخل في عملية اختيار الفيلم الذي سيدشّن دورة المهرجان المقبل؟ لماذا هذا الفيلم وليس سواه؟
دخل بنا مهرجان «كان» موسم المهرجانات الواقع في النصف الثاني من كل عام، التي عادة ما كانت تبدأ بمهرجان لوكارنو السويسري. الذي حدث هو أن إدارة المهرجان الفرنسي لم تستطع إطلاق الدورة الـ74 في موعدها في الشهر الخامس من هذا العام (بسبب وباء كورونا طبعاً) مما استدعى تأجيلها إلى مطلع هذا الشهر كما بات معلوماً. المهرجانات الأخرى التي ستكرُّ كالدومينو في هذه الفترة تنقسم إلى قسمين: مهرجانات عالمية كبيرة ومهرجانات أقل عالمية، لكنها مهمّة على أكثر من نطاق. في القائمة الأولى لوكارنو وكارلوفي فاري وفينيسيا وسان سابستيان وتورونتو ونيويورك. في القائمة الثانية نجد مهرجانات مثل لندن وساراييفو ودوفيل وقرطاج والجونة ثم مراكش والقاهرة ومونتريال. ستُضاف لهذه المهرجانات الدورة الأولى من مهرجان البحر الأحمر - في ديسمبر (كانون الأول) المقبل - وحسب حجم نجاحه سيتم تحديد انتمائه وسط هذه المهرجانات في قائمتيها.

- اعتبارات
اختيار مهرجان ما للفيلم الذي سيفتتح الدورة يقوم على عدد من الاعتبارات والشروط. فيلم الافتتاح عليه أن يحدث صدى كبيراً على ثلاثة أصعدة: السينمائيون المحترفون والنقاد والإعلاميون والجمهور داخل البلد الذي يُقام المهرجان فيه. على أهمية الجمهور المحلي إلا أنه المستقبِل البريء في هذه الحالة. لا يقرر لكن الإدارة تتخوى أن يُثير اختيارها قبولاً لديه.
الاعتبارات مبنية على عدة قواعد. مثلاً أن يكون الفيلم المختار عرضاً عالمياً أوّلاً (برميير). هذا مهم كأهمية استقبال المهرجانات الكبرى أفلاماً لم تعرض بعد حول العالم. اعتبار ثانٍ، أن يكون منتمياً إلى مخرج مشهود له بالمكانة. إذا تعذّر ذلك أن يكون الفيلم منتمياً إلى إنتاج كبير بقضية موازية في كبرها. وجود نجوم معروفين في الفيلم أمر يُساعد لكنه ليس أمراً حاسماً في الاختيار. كذلك بات يُفضل أن يكون الفيلم ناطقاً بالإنجليزية لكن هذا أيضاً ليس شرطاً. قيمة الفيلم وعناصره الإنتاجية (الميزانية وما توفّره من إمكانات، الإخراج، التصوير، الكتابة إلخ…) تبقى أساسية في كل الأحوال. بات مستحدثاً أن يستطيع الفيلم المختار للافتتاح برمجة نفسه بعد ذلك في عروض عالمية أو أن يترك أثراً كبيراً لكي يبلغ ترشيحات الأوسكار. في هذا الشأن يقود مهرجان فينيسيا بعدد الأفلام التي شقّت طريقها من العروض الأولى التي تمّت فيه إلى حفل الأوسكار في أي من مسابقاته. فهناك ما لا يقل عن 16 فيلماً انتقلت من فينيسيا إلى مسابقات الأوسكار المختلفة من عام 2014 حتى العام الماضي. من بينها أفلام حققت الأوسكار فعلاً مثل «بيردمان» و«لا لا لاند» و«روما» و«نومادلاند» في العام الماضي. السبب في أن المهرجانات الرئيسية الأولى حول العالم (يمكن ضم برلين وصندانس اللذين يُقامان في مطلع كل سنة) باتت تتسابق لإدخال أفلامها منافسات الأوسكار هو أن ذلك سيدعمها إعلامياً وبالتالي سينمائياً، من حيث عدد الذين يختارون هذا المهرجان دون ذاك على أمل الوصول منه إلى ترشيحات الأوسكار أو الأوسكار نفسه.
في كل الأحوال فإن اختيار المهرجانات للأفلام التي ستفتتح دوراتها يضعنا على مشارف تلك المهرجانات وما ستعرضه من أعمال. من دون أن ننجرف للحديث عن كل الأفلام التي سيشهدها كل مهرجان على حدة (بعضها ما زال يُضيف أفلاماً حين كتابة هذا الموضوع) فإن أفلام الافتتاح تم تعيينها في خمسة مهرجانات هي لوكارنو، كارلوفي فاري، فينيسيا، تورونتو ونيويورك. لكن مهرجان سان سابستيان لم يُعلن فيلم افتتاح دورته الـ69، تُقام من 17 إلى 25 سبتمبر (أيلول).

- لوكارنو
بعد «كان» يتقدّم مهرجان لوكارنو السويسري الخاص بالأفلام التي ينجزها مخرجون جدد (وإن كان يعرض خارج المسابقة أفلاماً مختلفة) مهرجانات الموسم الكبرى. تنطلق دورته الرابعة والسبعين ما بين 4 و14 أغسطس (آب) المقبل. والفيلم الذي قام باختياره هو «بَكيت» (Beckett) والاختيار هنا مثير بحد ذاته. هو الفيلم الأول لفرنديناندو سيتو فيلومارينو الذي عمل مساعداً للإيطالي لوكا غوادانينو على فيلم «تستطيع أن تناديني باسمك» (2017) الذي قام بإنتاج هذا الفيلم. وكان فيلومارينو قصد مهرجان لوكارنو (يُقام على سفوح الألب السويسري) سنة 2010 بفيلم قصير عنوانه Diarchia («إسهال»).
ما هو مثير هو أن الفيلم من تمويل «نتفلكس» المنفتحة الآن على المهرجانات وبعض العروض السينمائية، خصوصاً إذا ما ارتبطت باحتمالات الأوسكار. هذا الفيلم يحتوي على هذه الشروط علاوة على أنه ناطق بالإنجليزية ومن بطولة جون ديفيد واشنطن وأليسا فيكاندر وفيكي كريبس. حكايته تجمع بين الترفيه والسياسة: بَكيت (واشنطن) كان في رحلة سياحية في اليونان عندما تعرّض لحادثة اكتشف فيها أن هناك من يريد قتله لأسباب تتعلق بوجود مؤامرة سياسية داخل اليونان.

- كارلوفي فاري
وفي العشرين من الشهر ذاته (أغسطس- آب) يتقدّم المهرجان التشيكي كارلوفي فاري بنخبته من الأفلام (32 فيلماً لم يسبق لها أن عرضت في أي مهرجان آخر). دوره الخامسة والخمسين تستمر حتى الثامن والعشرين منه.
الفيلم الذي تم اختياره للمناسبة عنوانه «زاتوبك» لديفيد أوندريشك. فيلم سيرة لحياة إميل زاوبك الفائز بأربع ميداليات ذهبية في الركض. تنطلق الأحداث في خريف 1968 بوصول لاعب آخر فائز بالذهبيات هو الأسترالي رون كلارك الذي يصل إلى براغ (في الحقبة الشيوعية) لمقابلة زاتوبك والتعرّف إليه. مثل هذه الأفلام تبقى عادة محجورة في عروضها المحلية والمهرجان لديه قائمة مثيرة للأفلام التشيكية التي يعرضها خلال الدورة.
نلاحظ أن السينما التشيكية كان لها مهرجانها الخاص الذي كان مناسبة لدعوة النقاد الأجانب إلى بودابست للتعرّف عليها. هذا المهرجان توقّف عندما حلمت السينما التشيكية برقعة أكبر على خارطة الإنتاج بدعوة الأميركي أندي فاينا للإشراف على تحويل هذا الحلم إلى حقيقة، لكنه أخفق ثم توفي قبل عامين.

- فينيسيا
في الأول من سبتمبر، يأتي دور مهرجان فينيسيا، بدورته الثامنة والسبعين، لكي يخطف الأضواء من كل مهرجان آخر هذا العام. ما بين الأول والحادي عشر من الشهر يُطلق مسيرته بفيلم الإسباني بدرو ألمودوفار «أمهات موازيات» (Parallel Mothers). هناك القليل مما يمكن استطلاعه حول القصّة ذاتها، لكن المخرج الإسباني صوّر الفيلم خلال وباء «كورونا» (ما زال نشطاً في ربوع إسبانيا) مع بطلته المفضّلة بينيلوبي كروز في دور واحدة من ثلاث نساء حاملات (أنيتا سانشيز غيجون، التي كانت فاز بجائزة أفضل ممثلة في سان سابستيان والممثلة الجديدة ميلينا سميت).
ما نعرفه عن الفيلم هو أنه يدور حول الأمومة، بطبيعة الحال. لكن عوض منحها الصورة الحانية والإيجابية التي شاهدناها في فيلمين سابقين له (هما «كل شيء عن أمّي» و«ألم ومجد») يتناول هنا حكاية ثلاث نساء ربما أقل من مثاليات.
في تصريحه قال المودوفار إنه وُلد هنا ويعود إلى حيث وُلد. بكلماته: «ولدت سينمائياً في فينيسيا سنة 1983. وبعد 38 سنة أعود إليه. لا أستطيع شرح الشعور بالبهجة والشرف، وكم يعني لي هذا التقدير». ورد ألبرتو باربيرا، رئيس المهرجان، على تحية المخرج بالقول: «أنا ممتن لبدرو ألمودوفار لسماحه لنا بعرض الفيلم في الافتتاح». هذه عودة مرحّب بها جداً للمخرج الإسباني الذي كان تسلم سنة 2019 جائزة «الأسد الذهبي للإنجاز»، وهي فرصة سارعت شركة صوني بيكتشرز كلاسيكس لاحتوائها، حيث ستعمد إلى عرضه تجارياً في الولايات المتحدة قبيل إغلاق ترشيحات الأوسكار.

- تورونتو ونيويورك
قبل أن ينتهي مهرجان فينيسيا من إطلاق محتويات دورته من الأفلام بيومين، يبدأ مهرجان تورونتو عروض دورته الثالثة والأربعين من التاسع إلى الثامن عشر من سبتمبر. هذا المهرجان الكندي هو أحد أهم مهرجانين في شمالي القارة الأميركية (الثاني صندانس) والفيلم الذي اختاره للمناسبة عنوانه «العزيز إيفان هانسن» (Dear Evan Hansen) من بطولة بن بلات وكاتلين دَفر مع دور مساند لجوليان مور. الفيلم للمخرج ستيفن تشوبسكي والنوع موسيقي: سيرة حياة مُصاب بمرض عصبي يتحدّى مشاكله وأحداثاً مضنية التأثير في حياته (من بينها حادثة انتحار لصديقة له) لكي ينجز أحلامه ويعيش سعيداً. الفيلم من توزيع يونيفرسال التي ستأمل أن ينتهج «العزيز إيفان هنسن» الطريق ذاتها التي أوصلت «لا لا لاند» لبعض أوسكارات العام. وفي أعقاب تورونتو (وبموازاة سان سابستيان) ينطلق مهرجان نيويورك السينمائي في دورته التاسعة والخمسين. هذا المهرجان المهم الذي يقيمه «مركز لينكولن فيلم سنتر» سيحتل الرقعة ما بين الرابع والعشرين من سبتمبر إلى العاشر من أكتوبر (تشرين الأول).
‫الفيلم الذي اختاره للافتتاح يتبع سلسلة نجاحات المهرجان في اختياراته في السنوات القليلة الماضية. إنه الفيلم الجديد لجووَل كووَن والأول له من دون شقيقه إيتن كووَن وعنوانه «تراجيديا ماكبث» (عن مسرحية ويليام شكسبير طبعاً). الفيلم مزيّن ببعض أهم نجوم اليوم ومن بينهم دنزل واشنطن في دور ماكبث، كما فرنسيس مكدورماند وبرندن غليسون.‬


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».