ما مدى دقة تواريخ انتهاء الصلاحية على المنتجات الغذائية؟

موظفة تقف إلى جانب منتجات غذائية داخل متجر في بكين (إ.ب.أ)
موظفة تقف إلى جانب منتجات غذائية داخل متجر في بكين (إ.ب.أ)
TT

ما مدى دقة تواريخ انتهاء الصلاحية على المنتجات الغذائية؟

موظفة تقف إلى جانب منتجات غذائية داخل متجر في بكين (إ.ب.أ)
موظفة تقف إلى جانب منتجات غذائية داخل متجر في بكين (إ.ب.أ)

يعلم كثير من الأشخاص أن التخلص من الطعام ربما يكون خطأً نرتكبه يومياً أحياناً. يتجه نحو 40 في المائة من المواد الغذائية المنتجة في أميركا إلى مكبّ النفايات أو تُهدَر هذه الأطعمة بطريقة أخرى. في كل عام، تقوم الأسرة الأميركية المتوسطة برمي طعام بقيمة تتراوح بين 1653 دولاراً و2275 دولاراً، وفقاً لتقرير لموقع «فوكس».
وتعاني الولايات المتحدة الأميركية من مشكلة هدر الطعام. لكن نادراً ما نكون واضحين بشأن كيفية ترجمة ذلك إلى الطريقة التي نعالج بها الطعام في الثلاجة. ماذا يمكنك أن تفعل عندما ينتهي تاريخ صلاحية طعام ما؟
على ما يبدو؛ تعدّ تواريخ انتهاء الصلاحية التي نراها على العديد من الأطعمة خاطئة تماماً. وجد الباحثون أن تواريخ «انتهاء الصلاحية» - التي نادراً ما تتوافق مع انتهاء صلاحية الطعام أو فساده - هي في الغالب «عشوائية ومربكة». بعبارة أخرى؛ هي ليست تواريخ انتهاء الصلاحية الحقيقية على الإطلاق. وسوء فهم الجمهور مساهم رئيسي في كل الأزمات التالية: الطعام المهدر، والإيرادات المهدرة، ودخل الأسرة المهدر، وانعدام الأمن الغذائي.
وتشرح الشيف والصحافية ومؤلفة كتب الطهي تامار أدلر: «في حالة عدم وجود معلومات عن الطهي، يفترض الناس أن أي معلومات حصلوا عليها يجب أن تكون أهم المعلومات... جزء كبير من المشكلة هو أن معظمنا لا يعتقد حقاً أننا قادرون على تحديد ما إذا كان الطعام لا يزال صالحاً أم لا».
وقالت أدلر: «من الصعب حقاً أن تتخيل أنه من المفترض أن تثق بأنفك وفمك... أضف ذلك إلى ثقافة الراحة والرأسمالية الجشعة».

* كل ما تفترضه حول التواريخ قد يكون خطأً

هناك حقيقتان حيويتان تجب معرفتهما حول ملصقات تواريخ الصلاحية على الأطعمة: ليست موحدة. ولا علاقة لها بسلامة الغذاء تقريباً.
بدأت تواريخ انتهاء الصلاحية في الظهور لأول مرة في العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، حيث ابتعد المستهلكون الأميركيون بشكل متزايد عن التسوق في متاجر البقالة الصغيرة والمزارع وتوجهوا إلى محلات السوبر ماركت، مع وجود العديد من الخيارات المعبأة والمنسقة. في البداية، قام المصنعون بطباعة رمز التاريخ على العلب والعبوات لصالح أصحاب محلات البقالة، كي يصبح لديهم دليل إرشادي حول موعد تعبئة مخزونهم. لم يتم تصميم الملصق للمستهلكين. ولكن نظراً لأن المتسوقين أرادوا شراء الطعام الطازج على الرف، بدأ الأشخاص في نشر كتيبات تقدم دليلاً حول ما قد تعنيه تلك التواريخ.
وبعد ذلك، بدأ المنتجون - برؤية أن المتسوقين يريدون بالفعل معرفة تلك التواريخ السرية - تضمين تواريخ أكثر وضوحاً للقراءة على العبوات، مع اليوم والشهر والسنة. لقد رأوا أنها نعمة تسويقية؛ كانت وسيلة لجذب المستهلكين والإشارة إلى أن طعامك كان طازجاً ولذيذاً. لقد أحبها المستهلكون، وأصبحت تسميات «التاريخ المفتوح» شائعة. لكن كان هناك القليل من الاتساق حولها.
وبينما بذلت الحكومة الفيدرالية بعض المحاولات التي بدأت في السبعينات لسن تشريعات من شأنها توحيد ما تعنيه هذه العلامات في جميع أنحاء البلاد، إلا إنها فشلت.
وقد لا تطلب ولاية معينة وضع تواريخ انتهاء صلاحية؛ وقد تفرض ولاية أخرى أن يكون الملصق الموجود على الحليب له تاريخ 21 يوماً بعد التعبئة؛ بينما قد تربط ولاية ثالثة المنتج نفسه بتاريخ يمتد إلى 14 يوماً فقط.
علاوة على ذلك؛ قد لا تكون هذه التواريخ متسقة عبر العلامات التجارية للمنتج الغذائي نفسه؛ زبدة الفول السوداني، على سبيل المثال، أو مربى الفراولة، وفقاً للتقرير. ويعود السبب في ذلك إلى أنه لا يُقصد بها حقاً الإشارة إلى متى يكون الطعام أكثر أماناً.
وأشار الخبراء إلى أن معظم الأطعمة المعلبة تبقى صالحة تماماً لأسابيع أو أشهر بعد التاريخ الموضوع عليها، وقد تستمر البضائع المعلبة والمجمدة سنوات، بحسب ما كشفه التقرير.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».