شكوك حول قدرة الحراك المدني على تحقيق «خرق كبير» في الانتخابات النيابية

على رغم هزيمة {أحزاب السلطة} في الجامعات والنقابات

فوز الحراك المدني اللبناني بالانتخابات النقابية قد لا ينعكس في الانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)
فوز الحراك المدني اللبناني بالانتخابات النقابية قد لا ينعكس في الانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)
TT

شكوك حول قدرة الحراك المدني على تحقيق «خرق كبير» في الانتخابات النيابية

فوز الحراك المدني اللبناني بالانتخابات النقابية قد لا ينعكس في الانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)
فوز الحراك المدني اللبناني بالانتخابات النقابية قد لا ينعكس في الانتخابات البرلمانية (أ.ف.ب)

يعوّل الكثير من اللبنانيين على نتائج انتخابات مجالس الجامعات ونقابات المهن الحرة التي يحقق فيها أخيراً أشخاص محسوبون على انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 انتصارات على حساب مرشحي السلطة، باعتبار أنّ هذه الانتصارات بمثابة مؤشر لتغير في مزاج اللبنانيين سينعكس حتما على نتائج الانتخابات النيابية المقررة العام المقبل، إلّا أن هذا الأمر ليس واقعيا حسب ما يرى خبراء نظرا للفرق بين طبيعة المعركتين.
وكانت لائحة «النقابة تنتفض» المحسوبة على المجتمع المدني، نالت 72 في المائة من أصوات المقترعين في نقابة المهندسين يوم الأحد الماضي، مقابل اللوائح المدعومة من أحزاب في السلطة، وفاز المهندس عارف ياسين المحسوب على المجتمع المدني، في الانتخابات.
ويضم ائتلاف «النقابة تنتفض» عدداً كبيراً من المجموعات والقوى التي انبثقت عن انتفاضة 17 أكتوبر 2019 لاختيار نقيب للمهندسين و10 أعضاء. وشارك في الاستحقاق 8842 مهندسا من أصل نحو 48 ألف ناخب يحق لهم الاقتراع.
وتأتي هذه النتيجة في نقابة المهندسين بعد فوز لوائح المجتمع المدني في انتخابات نقابة المحامين في 2019 وفي مجالس عدد من الجامعات الخاصة ولا سيما جامعة القديس يوسف قبل أشهر.
ويرى المحلل السياسي والأستاذ الجامعي مكرم رباح أنّ التعاطي مع نتائج انتخابات الجامعات والنقابات على أنها ستنعكس على الانتخابات النيابية، مؤشر خطير يجب التنبه له، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «انتخابات النقابات والجامعات مختلفة كليا عن الانتخابات النيابية، بدءا بموضوع طريقة العمل والتحضير لها وصولا إلى التحالفات المطلوبة، هذا فضلا عن أن انتخابات النقابات تعكس مزاج نخب معينة وطبقة وسطى ولا تعكس مزاجا عاما».
ويرى رباح أنّ الانتخابات النيابية تحتاج إلى أحزاب سياسية وماكينات انتخابية ومقومات غير متوافرة في المعارضة الحالية للسلطة والتي ستكون عرضة للانقسام في الانتخابات المقبلة، لأنّ النقاط السياسية الاختلافية التي تغاضت عنها في تحالفات النقابات كموضوع سلاح «حزب الله» مثلا «ستبرز في الانتخابات النيابية»، لافتا إلى أنّ هذه السلطة «تمتلك كلّ شيء وتقود انتخابات تعرف نتائجها سلفاً من خلال القانون الذي تفصله على قياسها مرورا بالتحالفات وصولا إلى أنها تملك الجهات التي تراقب الانتخابات».
وفي حين يرى رباح أنّ اللبنانيين يبحثون وفي ظلّ الأزمات الحالية التي يعانون منها على بديل آخر غير السلطة، يشير إلى أنّ الناس «تنتخب من تعرفه»، لذلك «كان من استطاع خرق لوائح السلطة في الانتخابات الماضية هو النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان، مع الإشارة إلى أنّ أي تراجع في نسب التصويت يصب دائما في مصلحة السلطة».
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فاز «النادي العلماني» في جامعة القديس يوسف (اليسوعية) بأكبر عدد من الكليات والمقاعد في انتخابات الجامعة الطلابية في بيروت، إذ حصد 85 مقعداً من أصل 101 وحقق فوزاً في جميع الكليات التي ترشّح فيها وعددها 12 كلية. وجاء ذلك بعد تحقيق النادي العلماني فوزاً بانتخابات الجامعة الأميركية في بيروت. وقبلها، فاز مرشح المجتمع المدني ملحم خلف في انتخابات نقابة المحامين التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 على حساب المرشحين المدعومين من أحزاب السلطة.
وسلطت تلك النتائج الضوء على تغير المزاج العام تجاه أحزاب السلطة في لبنان، وقدرة المستقلين غير المنضوين في الأحزاب والتيارات السياسية على اجتذاب أبناء «الطبقة الوسطى» بشعارات غير طائفية وغير سياسية.
وترى الأستاذة المساعدة في الجامعة الأميركية في بيروت كارمن جحا أنّ نتائج انتخابات الطلابية ونقابة المحامين ومؤخرا المهندسين «تؤشّر إلى وجود مواطنين يريدون التغيير ويبحثون عن أشخاص يمثلونهم خارج الأحزاب التي حكمت طوال السنوات الماضية»، معتبرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنّ «هناك مواطنين باتوا مصرين على التغيير وعلى محاسبة السلطة ولا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) والذي يعد لحظة مفصلية ما قبله ليس كما بعده بالنسبة إلى معظم اللبنانيين».
وتشير جحا إلى أنّ هناك مجموعات كبيرة من خارج السلطة ناشطة وتعمل وتحضّر لمعركة الانتخابات النيابية وكلها أمل بالتغيير، «لكنّ الموضوع ليس كبسة زر ولا سيما أن المعركة هي ضدّ أحزاب موجودة في السلطة، ويمكن أن يتوقّع منها المواطن أي شيء، إلّا أنّ هذا لا يغيّر بما بات ثابتا وهو أنّ لبنان دخل مرحلة جديدة وأنّ التغيير بات حتميا والمسألة مسألة وقت ليس أكثر».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.