في مشروع يعد الأكبر من نوعه استغرق العمل عليه أكثر من عامين انتهى المتحف المصري بالتحرير مؤخراً، من ترميم وتوثيق مجموعة نادرة من التوابيت الخشبية، كانت محفوظة بمخازن البدروم والطابق الثالث، وصل عددها إلى 626 تابوتاً، يعود تاريخ بعضها إلى العصور الفرعونية واليونانية والرومانية، ويبلغ عمر بعض منها أكثر من 4500 سنة، وقد شملت أعمال الحصر والمسح الشامل والتوثيق الفوتوغرافي، من ثمّ الترميم وإصلاح مظاهر التلف، حيث يعتزم المتحف عرض مجموعات منها على الجمهور خلال الفترة المقبلة، بعضها يعرض للمرة الأولى، في حين نُقل عدد منها إلى متاحف أخرى.
شارك في المشروع فريق عمل من إدارة الترميم بالمتحف المصري في التحرير، وعدد من مختصي الآثار وأمناء المتحف، ومجموعة من الفنيين والعمال والمصورين، ممن تلقوا دورات وورشاً تدريبية ومحاضرات نظمها خبراء وعلماء آثار في طبيعة التوابيت وتاريخها وطرق الحفاظ عليها.
تعود مجموعة التوابيت الخشبية التي شملها المشروع إلى عصور مختلفة، بعضها ينتمي إلى عصر الأسرة الثالثة عام 2650 قبل الميلاد، والعصرين اليوناني والروماني، في حين يصل عمر أقدمها إلى أكثر من 4500 عام، اكتشفت في مواقع أثرية متنوعة، مثل مدينتي الأقصر والمنيا (جنوب مصر) وأخميم ومنطقة سقارة بالجيزة، ومن أبرز هذه المجموعات تلك التي اكتُشف عام 1891 في خبيئة الدير البحري بالأقصر وتعد أكبر مقبرة سليمة وجدت في مصر بالقرن الـ19، اكتشفها أوجين جريبو، مدير مصلحة الآثار المصرية ومتحف الجيزة في 31 يناير (كانون الثاني) 1891، وكانت تضم 254 تابوتاً لكهنة وكاهنات آمون من عصر الأسرة الـ21 (1070 - 945) قبل الميلاد.
ويستعد المتحف المصري لعرض مجموعات من التوابيت الخشبية التي شملها المشروع على الجمهور خلال الفترة المقبلة، في حين نُقلت مجموعة منها لعرضها بمتاحف أخرى، منها متاحف شرم الشيخ والغردقة والمطار وفق صباح عبد الرازق، مديرة المتحف المصري بالتحرير، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «المتحف سيعرض خلال الفترة المقبلة مجموعات من التوابيت الخشبية التي شملها المشروع، بعضها يعرض على الجمهور للمرة الأولى، غُلّفت وحُفظت بطريقة علمية عقب انتهاء الترميم والتوثيق الأثري والفوتوغرافي باستخدام كاميرات عالية الجودة، كما رقّمنا الملفات التي تتضمن المعلومات الأثرية والتاريخية والفنية عن كل تابوت وصوره الفوتوغرافية على أجهزة الكومبيوتر».
تجدر الإشارة إلى أنّ التابوت الخشبي عبارة عن صندوق من الخشب له غطاء، يأخذ أحياناً شكل آدمي لوجه المومياء التي كانت بداخله، أو يكون مجرد مستطيل وفق عزة فتحي، مديرة إدارة الترميم في المتحف المصري بالتحرير، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «تحوي بعض التوابيت على نقوش داخلية، أو تكون مطلية بطبقة مذهبة رقيقة من الخارج، ومعظمها مصنوع من الخشب عليه طبقة من الجسو الرقيقة، يشبه الجس أو الجبس».
ومن أبرز مظاهر التلف التي تم إصلاحها وترميمها بالتوابيت حسب فتحي، انفصال الخشب عن بعضه، بسبب التخزين لفترة طويلة والعوامل الطبيعية التي تسبب انكماش أو تمدد الأخشاب، حيث أجريت عمليات تجميع للأجزاء المتفسخة باستخدام «كويلة خشبية»، وهي وتد دقيق يشبه المسمار لكنّه مصنوع من الخشب، ويُدخل لربط أجزاء التابوت وإعادتها إلى وضعها الطبيعي. وقد لجأ خبراء الترميم إلى حشو بعض أجزاء التوابيت لعلاج الشروخ العميقة، باستخدام خليط من مادة «الميكروبالون» وهي مادة زجاجية عبارة عن بودرة ناعمة تذاب في مركب الأسيتون مع مادة كرستالية أخرى يطلق عليها «بارالويد»، وتُحشى فراغات الخشب بالخليط الذي يتميز بأنه مكون استرجاعي، بمعنى أنه يمكن إزالته في المستقبل أو استبداله بمواد أخرى أحدث.
وتشير فتحي إلى أنّ «ضعف طبقة الألوان أو تلفها كان إحدى مظاهر التلف البارزة التي عانت منها التوابيت؛ إذ أعدنا لونها الطبيعي باستخدام محلول (كلوسيل) مضافاً إليه الكحول، ويكون تركيز المحلول بنسبة 2 في المائة، ويستخدم لتقوية طبقة الألوان.
وقد تعاملنا مع جميع مظاهر التلف انطلاقاً من رؤية مدرسة الترميم بالمتحف المصري، ولم تُستبدل أي أجزاء إلّا للضرورة القصوى، بل يجب إعادة الأثر إلى حالته الأصلية عن طريق علاج وصيانة أجزائه».
المتحف المصري ينتهي من ترميم وتوثيق 626 تابوتاً نادراً
تعود إلى العصور الفرعونية واليونانية والرومانية
المتحف المصري ينتهي من ترميم وتوثيق 626 تابوتاً نادراً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة