مصر تستبق جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة بـ«لقاءات تحضيرية» في نيويورك

«سد النهضة الإثيوبي» يخضع لأعمال بناء على نهر النيل قبل تنفيذ المرحلة الثانية من ملء الخزان يوليو المقبل (رويترز)
«سد النهضة الإثيوبي» يخضع لأعمال بناء على نهر النيل قبل تنفيذ المرحلة الثانية من ملء الخزان يوليو المقبل (رويترز)
TT

مصر تستبق جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة بـ«لقاءات تحضيرية» في نيويورك

«سد النهضة الإثيوبي» يخضع لأعمال بناء على نهر النيل قبل تنفيذ المرحلة الثانية من ملء الخزان يوليو المقبل (رويترز)
«سد النهضة الإثيوبي» يخضع لأعمال بناء على نهر النيل قبل تنفيذ المرحلة الثانية من ملء الخزان يوليو المقبل (رويترز)

بدأ وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، زيارة إلى نيويورك، تمهيداً لحضور جلسة مجلس الأمن الدولي، بشأن قضية «سد النهضة» الإثيوبي، والمقرر عقدها يوم (الخميس) المقبل، بناءً على طلب مصر والسودان.
ويستبق شكري الجلسة المرتقبة، بعقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات المُكثفة بنظرائه الوزراء، والمندوبين الدائمين للدول الأعضاء بمجلس الأمن، والمسؤولين بالأمم المتحدة، لـ«إعادة التأكيد على الموقف المصري الثابت تجاه القضية والقائم على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر ومصالحها المائية»، وفق ما ذكره السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية.
وتُعول مصر والسودان على تدخل حاسم لمجلس الأمن الدولي في نزاعها مع إثيوبيا بشأن السد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير مخاوف من تأثيره على حصتيهما المائية.
وأرسلت مصر والسودان، منتصف الشهر الماضي، خطابين متتاليين إلى مجلس الأمن، طالبا فيه بعقد جلسة طارئة، لإيجاد مخرج للنزاع، كونه «مهدداً للأمن والسلم الدوليين»، مع إحاطته بما وصلت إليه المفاوضات، وآخرها السنة الماضية، التي جرت برعاية الاتحاد الأفريقي، وتوقفت في أبريل (نيسان) الماضي.
فيما أعلنت إثيوبيا، رفضها إحالة القضية إلى مجلس الأمن، داعية إياه إلى تشجيعهما على الانخراط في المفاوضات بقيادة الاتحاد الأفريقي.
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أكد مساء أول من أمس، أن الدولة المصرية تقدر وتتفهم متطلبات التنمية في إثيوبيا لكن يجب ألا تكون التنمية على حساب الآخرين. وشدد السيسي، عقب افتتاح قاعدة «3 يوليو (تموز)» البحرية بميناء جرجوب بالساحل الشمالي الغربي لمصر، على أن «بلاده تسعى للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم طبقاً للأعراف والثوابت الدولية»، رافضاً أن يستمر التفاوض مع إثيوبيا إلى «ما لا نهاية». وبخصوص تهديد بلاده بعمل عسكري ضد السد، أشار الرئيس المصري إلى أن «مصر لم تهدد أحداً على مر التاريخ، رغم ما تملكه من قوة عسكرية ظهر منها جزء بسيط في مناورة قادر 2021»، التي جرت السبت الماضي، موجهاً الشكر للدول الصديقة والدول التي تبذل جهوداً للوساطة في أزمة سد النهضة.
وتخطط إثيوبيا لتنفيذ المرحلة الثانية من ملء خزان السد، الأيام المقبلة، بصرف النظر عن التوصل إلى اتفاق مع السودان ومصر.
واعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري أن الملء الثاني لسد النهضة سيكون «مخالفة جديدة من الجانب الإثيوبي، وستكون لها ردود فعل ملائمة». وقال شكري، خلال تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، إن «الموقف المصري يتجه دائماً للسلم ويتطلع لاتفاق قانوني ملزم يتضمن المساواة لكل الأطراف ويلبي احتياجات الجميع». وذكر أن الملء الثاني للسد يجب أن يُوضع في نصابه الصحيح، مشيراً إلى أن الجانب الإثيوبي لم يُكمِل البناء كما كان مخططاً له. وأضاف أن «هناك ضرراً حقيقياً في بناء السد، لكنه ضرر يمكن التعامل معه واحتواؤه»، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتم رصده من خلال أجهزة فنية تجري متابعة للملف على مدار الساعة.
وأوضح شكري أن مصر تسعى لتجنب الصدام والصراع الذي قد ينتج في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، مؤكداً أن مصر لديها العزيمة والقدرة على الدفاع عن مصالحها المائية ولن تدخر أي جهد في إطار حماية أمنها القومي. وتابع: «كل الوسائل متاحة أمام مصر لحماية أمنها القومي ومصالحها». وشدد وزير الخارجية على أن مصر تركز جهودها حالياً على الجلسة التي سيعقدها مجلس الأمن يوم الخميس المقبل، وما يمكن أن تؤول إليه، مشيراً إلى التواصل مع الشركاء الدوليين والاستراتيجيين، بما يضمن حماية المصالح المصرية. وأشار إلى أن العديد من دول الأعضاء في مجلس الأمن «تتردد بشكل واضح في تناول قضايا المياه في المجلس». وأضاف أن بلاده ليست متفاجئة من قول رئيس المجلس الأمن نيكولا دو ريفيير وسفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، إن «المجلس ليس لديه الكثير الذي يمكنه القيام به». وقال شكري إن «تصريحات دو ريفيير بشأن استكمال مفاوضات مصر والسودان وإثيوبيا هي تعبير عن موقف للمندوب الدائم الفرنسي، وإن هذا التعليق لم يأخذ في الاعتبار التنسيق الكامل مع فرنسا». وأكد شكري أنه كان من المتوقع أن يكون هناك موقف أكبر من المجلس، في إطار دفع الأطراف لاستئناف المفاوضات. وتبني أديس أبابا «سد النهضة»، منذ عام 2011، ووصلت العمليات الإنشائية به لنحو 80 في المائة. ووفق وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، أمس، فإن عملية إنشاء السد النهضة تسير وفق الجدول المخطط لها. وقال بيكيلي في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر» إن «وزارة الزراعة والري الإثيوبية وشركة إثيوبيا للطاقة الكهربائية، قامت مع المقاولين بإجراء تقييم لموقع سد النهضة، وإن عملية تشييد سد النهضة تسير في موعدها المحدد.
وكما هو مخطط له، بفضل الآلاف من عمال البناء والاستشاريين وأنواع الدعم الأخرى التي تم حشدها حول المشروع.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».