تحالفات ومؤامرات خيّمت على «رسائل الغزل» بين الأسد وصدام

نائب الرئيس العراقي وقتذاك صدام حسين (يسار) والرئيس السوري حافظ الأسد ووزيرا خارجية سوريا عبد الحليم خدام والجزائر عبد العزيز بوتفليقة في قمة بغداد في نوفمبر 1978 (غيتي)
نائب الرئيس العراقي وقتذاك صدام حسين (يسار) والرئيس السوري حافظ الأسد ووزيرا خارجية سوريا عبد الحليم خدام والجزائر عبد العزيز بوتفليقة في قمة بغداد في نوفمبر 1978 (غيتي)
TT

تحالفات ومؤامرات خيّمت على «رسائل الغزل» بين الأسد وصدام

نائب الرئيس العراقي وقتذاك صدام حسين (يسار) والرئيس السوري حافظ الأسد ووزيرا خارجية سوريا عبد الحليم خدام والجزائر عبد العزيز بوتفليقة في قمة بغداد في نوفمبر 1978 (غيتي)
نائب الرئيس العراقي وقتذاك صدام حسين (يسار) والرئيس السوري حافظ الأسد ووزيرا خارجية سوريا عبد الحليم خدام والجزائر عبد العزيز بوتفليقة في قمة بغداد في نوفمبر 1978 (غيتي)

العلاقة معقدة ومتداخلة بين الرئيسين حافظ الأسد وصدام حسين، كما هي الحال بين سوريا والعراق وبين دمشق وبغداد. ففيها كثير من العوامل الحزبية والطائفية والآيديولوجية والجغرافية، وكذلك التنافسية على الزعامة في الإقليم.
جذر التنافس يعود في أحد جوانبه إلى الترابط بين مصيري العاصمتين. فـ«البعث» وصل إلى السلطة في دمشق في مارس (آذار) 1963، لكنه فقدها في بغداد نهاية ذلك العام. وبعد تغيير اتجاه الحكم في سوريا في عام 1966. عاد «البعث» إلى سدة العراق بعد سنتين. وفي سوريا، حسم الأسد الصراع في 1970.
جرت محاولات عدة للمصالحة بين نظامي «البعث». وبالفعل، ساهم العراق في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، لكن سرعان ما عادت العلاقة إلى مسار التدهور. وقتذاك، كان صدام «يحلق» بجناح الرئيس أحمد حسن البكر، وكان حافظ الأسد يعزز موقعه في دمشق ولبنان في عام 1976. اختراقات المفاوضات المصرية - الإسرائيلية وإرهاصات «الثورة» في إيران، حتمت على البلدين النوم في «سرير الأشواك»، فوقّع أحمد حسن البكر وحافظ الأسد «ميثاق العمل الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) 1978، وتُوِّج هذا بـ«دولة الاتحاد» بداية العام اللاحق، قبل أسبوعين من إعلان «الثورة» في طهران.
أكثر المعارضين لهذا الجهد، شخصان كانا يطمحان للسلطة: صدام حسين في بغداد ورفعت الأسد في دمشق. ضبط الأسد شقيقه، لكن صدام انقلب على البكر، واتهم منافسه المجاور بـ«التآمر»، وأمر بإعدام «المتحمسين» للوحدة، ووصل إلى قمة الهرم في يوليو (تموز) 1979.
سعي الأسد إلى تعزيز «الجبهة الجنوبية» مع إسرائيل، بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد، واكبه جهد عراقي لتحصين «البوابة الشرقية» مع إيران. وما إن بدأت الحرب العراقية - الإيرانية بعد «الثورة» في طهران، حتى وقف الأسد مع عدو صدام، فدخل مسار دمشق - بغداد في وادٍ سحيق آخر، وردّت بغداد بقطع العلاقات مع دمشق في أكتوبر (تشرين الأول) 1980 ودعم «الإخوان المسلمين» في سوريا. في المقابل، أغلقت سوريا، المنغمسة في لبنان، حدودها مع العراق في 1982، مما أدى إلى قطع أنبوب النفط العراقي إلى البحر المتوسط، الذي عوضته إيران بنفطها.
- لقاء سري
وفي منتصف الثمانينات ومشارف نهايات حرب إيران، توسط العاهل الأردني الملك حسين، وجمع الأسد وصدام في اجتماع «ماراثوني عاصف»، وعقدت لقاءات سرية «اختبارية» بين فاروق الشرع وعبد الحليم خدام وطارق عزيز.
وبعد غزو صدام للكويت عام 1990. دخل الأسد في التحالف الدولي لتحريرها، وعزز وضعه الاقتصادي الداخلي ونفوذه في لبنان، بينما كان خصمه العراقي يغرق في مستنقع العزلة والعقوبات. وفي منتصف التسعينات، مرة أخرى، عاد «الرفيقان» لجس نبض العلاقات. كان الأسد مدفوعاً بالبحث عن تحالفات تحميه من تأرجح مفاوضات السلام مع إسرائيل وتحل الأزمة الاقتصادية، فيما كان صدام مدفوعاً بمحاولات لفك الحصار. وكان الاثنان قلقين من الضغوط التركية، وهروب حسين كامل، صهر صدام، إلى عمان، و«تغيير نظام» عمه، وحديث الأردن عن «الفيدرالية».
اختار كل منهما أقرب «رفيق» كي يتولى القناة السرية: صدام كلف مدير مكتبه السابق بين 1972 و1976 عندما كان نائباً للرئيس، سفيره في الدوحة أنور صبري عبد الرزاق القيسي، والأسد كلف خدام، نائبه و«شريكه» أثناء صراعه مع الرفاق «البعثيين» في الستينات. عاين صدام - القائد، واستفسر عن الخلفيات والإعدامات و«المؤامرة السورية»، كما جدد المحاولة بلقاءات سرية مع عزيز. ولم يكن هناك داعٍ كي يؤكد «المرسِلان»، الأسد وصدام، لـ«ساعيي البريد»، خدام والقيسي، على السرية. فهما «رفيقان مخلصان» للنظام، ويعرفان ثمن الكلمة.
وحسب محاضر حصلت «الشرق الأوسط» عليها من أوراق خدام، التي أخذها معه إلى باريس 2005، وحديث السفير القيسي مع الصحيفة، هناك اختلاف حول من بدأ المبادرة. خدام يقول إن صدام كسر الجليد في أغسطس (آب) 1995، وإن الأسد قابل ذلك بـ«شكوك» في ضوء تجارب الماضي ودور صدام في إحباط «ميثاق العمل» في 1979. وإنه رغم ذلك، قرر الأسد المضي في فتح الحوار، وأخضع رفيقه «البعثي»، لاختبارات قبل طي صفحة القطيعة. أما القيسي، فيرى أن المبادرة جاءت من الأسد لدى قوله علناً إن مشروع الأردن للفيدرالية يهدد سوريا والعراق، وتلقيه إشارة من خدام بفتح قناة بين «السيدين الرئيسين».
- استعجال... وتمهل
وبدا صدام في رسائله إلى الأسد مستعجلاً إعادة فتح السفارتين اللتين أُغلقتا في 1982، وعقد لقاءات سياسية وفتح الحدود. ورد عليه الأسد بداية 1996 بالتريث والحرص عدم دق إسفين بين دمشق ودول عربية. وأبلغه أنه ينوي «إجراء اتصالات مع عدد من الدول العربية لعدم زيادة تعقيد الوضع العربي».
ويقول القيسي لـ«الشرق الأوسط» إنه زار دمشق بشكل سري ست مرات، بينها أربع مرات عبر السودان، مشيراً إلى أن صدام «كان جدياً بفتح صفحة جديدة مع الأسد لاستعادة العلاقات». وقال: «كلفني الرئيس بأن أُبلغ السوريين أنه إذا تقدم الأسد خطوة سأتقدم 10 خطوات». والسبب المباشر لفتح القناة، بحسب القيسي، كان «إقناع الأخوة السوريين بعدم استقبال حسين كامل. وبالفعل، لم يتم استقباله بسبب القلق المشترك من مشروع أردني لطرح فيدرالية»، لافتاً إلى أن صدام اقترح عقد قمة سرية مع الأسد على الحدود، وتشكيل «قيادة سياسية مشتركة»، وبحث ثنائي بإحياء «ميثاق العمل»، إضافة إلى تداول اقتراح قمة عربية في دمشق لمصالحة عراقية - عربية. وكتب صدام للأسد في مارس (آذار) 1996: «التصريحات الأخيرة للملك حسين قبل زيارته لواشنطن، تؤكد أنه يسرع الخطى لدفع الولايات المتحدة لإبرام اتفاق عسكري وتشكيل حلف إقليمي تكون إسرائيل وتركيا عموده الفقري، وهذا بالتأكيد موجّه ضد العراق وسوريا». هنا يكشف مانع رشيد، رئيس جهاز الأمن الخاص بصدام، عن اجتماعات أمنية سوريا - عراقية سرية، للتنسيق ومنع «الأردن وتركيا من وضع بلدينا بين فكي كماشة». ويضيف القيسى أن صدام «تلقى برحابة صدر» انتقادات الأسد لمشروع الفيدرالية.
- «أبو عدي»
ويظهر من خلال مسار محاضر الاجتماعات والرسائل السرية، تطور الحوار بين الأسد وصدام إلى حد أن خدام بدأ بنقل «تحيات» الأسد إلى «أبي عدي» (صدام) الذي خاطب غريمه بـ«الأخ الرئيس»، مع استمرار التأرجح بين المطالب والإمكانات.
وواكب الأسد اتصالاته العربية بإطلاع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، إذ بعث له رسالة للتحذير من أن «الوضع في العراق مقلق، بات قنبلة قابلة للانفجار». شيراك، الذي أراد أن يبقى مضمون اللقاء سرياً، فاجأ الأسد بفتح ملف آخر يخص الوجود السوري في لبنان، وتقديم عرض للأسد بالمساهمة في نزع سلاح «حزب الله» (مقابل) انسحاب (إسرائيل) من الجولان، وأن تضمن سوريا وجودها العسكري في لبنان.
وفي النصف الثاني من عام 1996، بات هدف الأسد «وقف إسقاط النظام العراقي» عبر فتح الحدود المغلقة، بعدما كان يسعى لـ«إسقاطه». صحيح أنه لم يكن مرتاحاً لتسمية صدام طارق عزيز مسؤولاً عن تطوير العلاقات، لأن جولات سابقة معه كانت «دون جدوى»، لكن عزيز جاء إلى دمشق في نوفمبر (تشرين الثاني) 1997. كما استقبل الأسد وزير الخارجية محمد سعيد الصحاف في فبراير (شباط) 1998.
قناعة الأسد كانت، وقتذاك، أن صدام «لا يزيل الذرائع» لتجنب الضربة العسكرية في خضم الأزمة مع المفتشين الدوليين، فاتفق مع الرئيس المصري حسني مبارك على ضرورة أن «يُقال لصدام حسين صراحة إن الضربة ستأتيك وتستهدفك بالذات، كنظام وكبلد، وإن تغيير النظام هو المطلوب، ولا يتغيّر إلا بضربك».
مرة ثانية، كان هناك تداخل في الملفات الإقليمية. فبعد «مقايضة» شيراك بين العراق ولبنان، ربط الرئيس الأميركي بيل كلنتون بين العراق واستئناف مفاوضات السلام السورية - الإسرائيلية. ففي 21 فبراير(شباط) 1998. كتب للأسد: «إذا ما أجبرَنا صدام على اتخاذ إجراء عسكري، سيكون من المهم لسوريا أن تبقى ملتزمة الحياد، بأن يمتثل العراق كلياً لقرارات الأمم المتحدة... إنني واعٍ تماماً لجهودنا السابقة (في المفاوضات) ولست مستعداً للعودة إلى نقطة الصفر». الأسد رد في 13 مارس (آذار) 1998 متحدثاً عن «مدى القلق والتوتر بسبب احتمال قيام عمل عسكري ضد العراق»، مؤكداً الرغبة بـ«استئناف المفاوضات (مع إسرائيل) من النقطة التي توقفت عندها» لدى خسارة شيمعون بيريس وفوز بنيامين نتنياهو 1996.
فتحت الحدود ومكتب لرعاية المصالحة في العاصمتين، وحصل «الانتقال» في دمشق و«أسقط النظام» في بغداد. ومع اقتراب الهجوم الأميركي على العراق في 2003. طار الرئيس بشار الأسد إلى إيران، والتقى «المرشد» علي خامنئي، واتفقا على «مقاومة» الأميركيين في البلد العازل بينهما. وأصبح العراق الجديد، الذي كان «البوابة الشرقية» مع إيران، على ما هو عليه بعد 18 سنة من التغيير، ووصلت سوريا وأهلها، وهي «الجبهة الجنوبية»، إلى هنا بعد 10 سنوات من «الربيع» والحرب.
لم يكن مضمون الرسائل بين صدام والأسد، معروفاً. والكشف عنها، وتأكيد السفير القيسي صحتها، وإضافة تفاصيل إليها، ترمي إلى تسليط الضوء على جانب في تاريخ سوريا والعراق وامتداداته الإقليمية، لا تزال جوانب كثير منه غير مكتملة.

الحلقة (1): حافظ الأسد تلقى بحذر أول رسالة من صدام حسين... واختبره قبل الرد

الحلقة (2): صدام عرض على الأسد «قمة سرية» في 1996... ومواجهة «عدوان إسرائيل» على لبنان
الحلقة (3): شيراك عرض على الأسد نزع سلاح «حزب الله» مقابل البقاء في لبنان
الحلقة (4): الأسد فتح الحدود مع العراق ونصح صدام بـ«إسقاط الذرائع» لتجنب ضربة أميركية
الحلقة الخامسة والأخيرة: كلينتون حاول «تحييد» الأسد إزاء قصف العراق باستئناف المفاوضات مع إسرائيل



«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.