الحلقة (1): حافظ الأسد تلقى بحذر أول رسالة من صدام حسين... واختبره قبل الرد

«الشرق الأوسط» تنشر رسائل سرية بين الرئيسين السوري والعراقي في منتصف التسعينات

الرئيس صدام حسين (أ.ف.ب)  -  الرئيس حافظ الأسد (أ.ف.ب)
الرئيس صدام حسين (أ.ف.ب) - الرئيس حافظ الأسد (أ.ف.ب)
TT

الحلقة (1): حافظ الأسد تلقى بحذر أول رسالة من صدام حسين... واختبره قبل الرد

الرئيس صدام حسين (أ.ف.ب)  -  الرئيس حافظ الأسد (أ.ف.ب)
الرئيس صدام حسين (أ.ف.ب) - الرئيس حافظ الأسد (أ.ف.ب)

في منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي، بادر الرئيس صدام حسين إلى فتح قناتي تواصل سريتين مع الرئيس حافظ الأسد. لكن الأسد قابل ذلك بـ«شكوك» في نوايا صدام، في ضوء تجارب الماضي، ودوره في إحباط تنفيذ «ميثاق العمل الوطني المشترك» بين سوريا والعراق عام 1979. قرر المضي في فتح الحوار، لكنه أخضع صدام لاختبارات عدة لتمهيد الأرضية مع الدول العربية والمعارضة العراقية، قبل الوصول إلى خطوات علنية تنهي القطيعة بين نظامي «البعث» في بغداد ودمشق، عبر تبادل رسائل سرية، تكشف «الشرق الأوسط» عنها للمرة الأولى.
هذه الرسائل جزء من الوثائق الكثيرة التي حملها نائب الرئيس السوري الراحل عبد الحليم خدام من مكتبه إلى باريس، لدى مغادرته سوريا في عام 2005 وإعلان انشقاقه في نهاية ذاك العام. واتصلت «الشرق الأوسط» بالمبعوث العراقي السفير أنور صبري عبد الرزاق القيسي، الذي أكد صحة الوثائق.
وبدا صدام في أولى رسائله في أغسطس (آب) 1995، إلى الأسد مستعجلاً بإعادة فتح السفارتين اللتين أغلقتا في 1982، وعقد لقاءات سياسية رفيعة وعلنية، وفتح الحدود. لكن الأسد قرر إجراء مشاورات عربية قبل الاستجابة الملموسة لمقترحات الرئيس العراقي، لـضمان «تحقيق مصلحة الأمة العربية والقطرين الشقيقين»، حسب خدام.
في أغسطس (آب) 1995، طلب السفير العراقي رافع التكريتي لقاءً مع السفير السوري عبد العزيز المصري، والتقاه في اليوم ذاته، وأبلغه أنه تلقى رسالة شخصية من رئيسه صدام لنقلها إلى الأسد، جاء فيها: «أؤكد أن الخطوة التي نتقدم بها نحو سوريا بهدف بناء الثقة والتقارب بين البلدين هي خطوة جدية جداً، وبأن أي حساسية من حساسيات الماضي لن تعاد. إن تجارب الماضي لها ظروفها وملابساتها، وعلينا أن ننساها وأن نبدأ بانفتاح حقيقي وجدي وبقلوب مفتوحة حيال هذه المرحلة الخطيرة».
وفي أواخر أغسطس من العام 1995، اتصل أنور صبري عبد الرزاق القيسي، السفير العراقي في قطر، بالمدير العام لـ«المنظمة العربية للتنمية الزراعية» يحيى بكور، طالباً منه إبلاغ دمشق برغبته في القيام بزيارة حاملاً رسالة من صدام.
ناقش الأسد الرسالتين معي ووزير الخارجية فاروق الشرع، وقرر الموافقة على حضور السفير العراقي بصورة سرية وحصر اتصالاته معي. وكان الحرص على أن تتم الاتصالات مع السفير العراقي في قطر وليس في أنقرة، لأسباب كثيرة بينها أمن المعلومات، لاحتمال أن تكون السفارتان (السورية والعراقية) في أنقرة مخترقتين بوسائل الاستماع من أجهزة مخابرات عديدة، ذلك لعدم قناعتنا بجدية النظام العراقي في تغيير جوهري في سياساته، وفي بناء علاقات جدية معنا، لأن مخزون العلاقات مليء بالسلبيات والأذى والأضرار الكبيرة التي لحقت بسوريا وبالأمة العربية، إضافة إلى حرصنا على استمرار علاقاتنا مع المعارضة العراقية... وعلاقاتنا العربية التي تقوم بينها وبين النظام العراقي حالة من العداء العميق.
في 5 سبتمبر (أيلول) 1995، استقبلت مساءً أنور صبري عبد الرزاق، وكان لقاءً ودياً جرى خلاله استعراض العلاقات بين البلدين ودور بغداد في تعطيل هذه العلاقات، بما في ذلك المؤامرة المزعومة في يوليو (تموز) العام 1979. أبلغني ما يلي: «تحيات حارة من الرئيس العراقي إلى الرئيس حافظ ولي، وإن صدام يؤكد أن رغبة العراق في إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع سوريا لم يكن حدثاً طارئاً أو مرتكزاً آنياً بسبب ما يتعرض له العراق من ضغوط أميركية وإصرار مقصود لاستمرار الحصار، بل إن هذه الرغبة تنطلق من اعتبارات تتعلق بالأمن القومي العربي والمصالح العربية المصيرية».
وقال السفير: «يحيي الرئيس صدام والعراقيون جميعاً تصريحات الرئيس حافظ وتصريحاتك في إيران ويثمنونها تثميناً عالياً، والتي أكدت حرصه على وحدة العراق أرضاً وشعباً، ورافضاً أي تدخل أجنبي».
وأضاف أن صدام يقول إن المخطط الأميركي– الصهيوني واضح، وأصبح الأردن جزءاً منه، وهو يعد طبخة تهدف للإضرار ليس بالعراق فقط، وإنما بسوريا وبكل المصالح العربية، وليس الهدف إضعاف العراق وتقسيمه، وإنما استباحة المنطقة العربية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
كما نقل عن صدام قوله إن العراق يسعى بعقل مفتوح ونية صادقة إلى الحوار مع كل الأطراف العربية، وبدون استثناء، من أجل تصفية الأجواء وعقد المصالحات العربية على أسس موضوعية، تضع في اعتبارها المصلحة العربية العليا ومواجهة التحديات التي تتهددنا جميعاً، إضافة إلى إبعاد المنطقة عن دائرة التعقيد والابتزاز. و«لهذا فإن الرئيس يقترح أن يقوم محمد سعيد الصحاف، وزير الخارجية (العراقي) بزيارة دمشق لإجراء حوار سياسي واسع تتحدد فيه رؤى وتقييم الجانبين للأحداث، وهو مستعد للمجيء فوراً، بصورة سرية أو علنية».
وتابع: «يؤكد الرئيس صدام أن الأوضاع في الداخل لم تتأثر من قريب أو بعيد بالضجة الإعلامية التي أثارها الأردن بعد فرار المرتد حسين كامل، وهو الذي يقود الأوضاع في العراق والمؤسسات الرسمية والحزبية، وكل ما يثار من إشاعات هي من صنع خيال الأردن، وكان الرئيس حافظ مصيباً ودقيقاً عندما أكد ذلك. رفاقكم في العراق صامدون منذ خمس سنوات».

عرضت الرسالة على الرئيس حافظ، وناقشها معي مطولاً في ضوء صورة الماضي الأسود في العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، فقد رأى أن يكون الجواب إيجابياً وودياً، يطلب فيه لقاءً لمعرفة جدية الموقف العراقي.
وفي 13 سبتمبر (أيلول) 1995، استقبلت السفير العراقي وأمليت عليه الرسالة التالية: «تحيات الرئيس حافظ وتحياتي للرئيس صدام. يؤكد الرئيس حافظ أن المرحلة التي تمر بها الأمة العربية والتهديدات التي يتعرض لها كل من العراق وسوريا، تقتضي أن يبادر الطرفان، ومن دون تأخير، إلى ضرورة تجاوز العقبات وتجاوز الخلافات، لإيقاف حالة التدهور في الوضع العربي وانقسامه إلى شلل ومحاور، يحاول فيه كل محور أن يلعب على الآخر ضماناً لمصالح خاصة ومعروفة، تبتعد كلياً عن المصالح العليا للأمة العربية، إرضاءً لهذا الطرف الدولي أو ذاك. لذلك فإن قدر سوريا والعراق يفرض عليهما انتشال الوضع العربي من حالة الزيف والتردي، لأنهما يشكلان قوة هائلة في مواجهة الأخطار المحدقة بالوطن العربي. وأبرز هذه المخاطر الدور الأردني، الذي كما قلنا سابقاً، أصبح جزءاً مهماً من الاستراتيجية الأميركية - الصهيونية، والمحاولات المشبوهة التي يحاول التحرك بها سواء مع واشنطن أو تركيا أو مع الكيان الصهيوني، وما يتردد عن الأحلاف التي أخذت تتشكل وتظهر إلى العلن، وخطورتها ليست فقط على سوريا والعراق، وإنما على الأمة العربية. لذلك، فعودة العلاقات إلى طبيعتها في هذا الوقت بالذات بين البلدين الشقيقين، العراق وسوريا، التي هي بحد ذاتها قادرة على بناء موقف عربي موحد وفاعل وقادر على مواجهة التحديات التي بدأت تتفاعل يوماً بعد يوم، والتي من ضمنها التحدي الصهيوني الذي يحاول إلغاء الهوية العربية، وكذلك الخطر التركي بمشاريعه المائية والعسكرية التي تتمتع بغطاء أميركي - صهيوني».
وقلت إنه من المفيد قبل أن يحصل لقاء معرفة وجهة نظر الإخوان في العراق، حول كيفية استئناف العلاقات والتعاون، وفي ضوء ذلك يمكن تحديد مستوى اللقاء.
تلقى السفير العراقي بارتياح كبير الرسالة، وبدا شديد الحماس لعودة فورية إلى العراق.
وفي 19 سبتمبر (أيلول)، التقى السفير العراقي في أنقرة نظيره السوري، وأبلغه أن القيادة في بغداد تلقت استفسارات القيادة السورية هذه بكل الارتياح، وهي تترك للقيادة السورية تحديد طبيعة ومستوى ومدى الحوار والتعاون، فهي على استعداد للقاء سوري على الحدود السورية - العراقية، تحدد القيادة السورية درجة سريته والمستوى والتاريخ «كما ترغب القيادة العراقية في إعادة العلاقات الدبلوماسية، على مستوى رعاية مصالح أو قائم بالأعمال أو سفير».
كان الوضع بالنسبة لنا مقلقاً بسبب التحرك الأميركي والأردني من جهة، ومن جهة ثانية فإن تجارب الماضي مع القيادة العراقية وما عانيناه من مرارة وآلام، شكل عامل حذر. إضافة إلى أن التقارب السريع، دون تحضير عربي له، سيؤدي إلى تشويش علاقاتنا العربية وإلى قيام حالة من البرود مع التيار القومي في المعارضة العراقية، وشكوك بيننا وبين التيار الإسلامي والجبهة الكردية التي تربطنا بها علاقات جيدة.
وفي 2 فبراير (شباط) 1996 استقبلت أنور صبري، وأبلغني رسالة نصها: «الرئيس صدام حملني تحياته إلى أخيه الرئيس حافظ ولكم، وهو يكرر شكره وتقديره العالي لموقف الرئيس الأسد وموقفكم من الدعوة المشبوهة لإقامة الكونفدرالية أو أي فيدرالية يتبناها النظام الأردني ويحاول الترويح لها في إطار اللعب على حبال السياسة والمصالح الذاتية التي تتناغم مع المشروع الصهيوني الاستعماري القديم لتقسيم المنطقة والهيمنة عليها.
إن استمرار الحصار على العراق، تحت حجة عدم التزام العراق بالقرارات الدولية، أصبح يطرح أكثر من تحد، وتجاوز موضوع الكويت والضغط الذي يمارس على العراق سيصل إلى كل العرب لتنفيذ طلبات أميركية لتطويع العالم العربي، وذلك باستخدام الشرعية الدولية في إطار ما يسمى النظام الدولي الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. إن الوضع العربي الذي تمر به الأمة العربية حالياً، لا يشكل تهديداً للأمن القومي العربي فقط، وإنما هو تهديد لمواقع ومستقبل الهوية العربية، من خلال طروحات مفهوم الشرق أوسطية الذي أصبحت تتبناه وتعمل له أكثر من دولة عربية، ما زاد وكرس حالة التمزق العربي، وبالتالي قد فتح المجال أمام القوى الأجنبية لفرض الهيمنة الشاملة السياسية والاقتصادية، وهذا ما يحدث بالتحديد في منطقة الخليج العربي».
وأضاف السفير: «يؤكد الرئيس صدام أن المطلوب من العراق وسوريا، وهما جناحا الأمة العربية في هذه المرحلة، التحرك بسرعة وقبل فوات الأوان، لإيقاف حالة التدهور العربي، من خلال عودة العلاقات الأخوية والمبدئية، مهما كان عمق الخلافات. فالمسؤولية التاريخية تحتم عليهما رأب الصدع. العالم العربي مهدد بالتفكك والاختراق الشامل، خصوصاً إذا رصدنا التصريحات الأميركية الأخيرة، والتي وجدت صدى وحماساً من طرف عربي أصبح جزءاً من المخطط الأميركي - الصهيوني، ويعني بذلك الأردن الذي أخذ يتبنى فكرة إقامة حلف عسكري تقوده أميركا وتلعب الدور فيه إسرائيل والأردن وتركيا، تحت ذريعة حماية مكتسبات السلام، وكذلك الإعلان الأميركي عن تقديم المعدات العسكرية للأردن في هذا الوقت بالذات، دليل عملي لهذا التوجه الذي يقصدون به العراق وسوريا».
وحسب محضر الاجتماع، قال السفير: «رغم الإيجابيات التي تحققت في اللقاءات العراقية - السورية الأخيرة، فإن الرئيس صدام يعتقد أنها لا تستجيب لمستوى التحديات التي نواجهها في هذه المرحلة، والمتمثلة بالدور الأردني المشبوه، وطبيعة التحالف مع الكيان الصهيوني، في إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة، بما يتلاءم وظروف التحول السياسي المتسارع الذي تعيشه الأمة العربية منذ بداية المفاوضات مع إسرائيل».
وأضاف: «سيبقى العراق العمق العسكري والسياسي والاقتصادي لسوريا مهما كانت الظروف والتحديات، ويعتقد الرئيس صدام أن عودة العلاقات مع سوريا إلى سابق عهدها سيكون عامل قوة لموقفها التفاوضي مع إسرائيل، من أجل تحقيق الثوابت القومية فيما يتعلق بالصراع العربي - الصهيوني والعودة بالتضامن العربي إلى دائرة الفصل السياسي في مواجهة استحقاقات الوضع الجديد في المنطقة وحماية المصالح العربية. وإن السياسة التركية، بما يتعلق بالتحكم بالموارد المائية، تشكل خطراً حقيقياً على العراق وسوريا في الزمن المنظور، وتركيا تستفيد في سياستها هذه من الحالة الراهنة للعلاقات السورية - العراقية. ولمواجهة هذا التحدي، لا بد من التحرك بسرعة لتوحيد المواقف والضغط على بعض الأطراف العربية التي ساهمت وتسهم في الجهد التركي لبناء السدود، من خلال المساعدات التي قدمت وتقدم تحت غطاء تحديث الجيش التركي، والذي خصص له أكثر من أربعة مليارات دولار، تدفع دول الخليج معظمها. العراق سيقبل عرض الأمين العام للأمم المتحدة فيما يتعلق بتصدير النفط مقابل الغذاء والدواء، فيما لو ابتعدت آلية التنفيذ عن الإخلال بسيادة العراق ولفترة محددة لجهة تنفيذ الفقرة 22 من القرار 586».

وعليه، فإن الرئيس صدام، حسب الرسالة التي نقلها السفير العراقي في الدوحة، «يقترح على سوريا ضرورة فتح أنبوب النفط الذي يمر عبرها، واتخاذ الخطوات الفنية لتهيئة هذا الأنبوب ليكون من المنافذ الخمسة التي سوف يعتمد عليها العراق في تصدير النفط خلال تنفيذ عرض الأمم المتحدة، أو بعد رفع الحصار، وكذلك بالنسبة للموانئ السورية، لتكون المنفذ التجاري للعراق. وفي ضوء الأمور التي تم التعرض لها، فالرئيس صدام يقترح على وجه السرعة ما يلي:
1 - إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين، وسيبادر العراق للإعلان عن ذلك.
2 - بدء اتصالات سياسية على أعلى المستويات، لتحديد أولويات لبناء العلاقات بين البلدين.
3 - المباشرة في إجراء مباحثات أمنية بين البلدين الشقيقين على مستوى رئيسي الجهاز الأمني.
4 - فتح الحدود وفق إجراءات يتفق عليها الجانبان».
بعد أن اطلعت على الرسالة، شرحت للسفير موقفنا من المشروع الأردني الذي يشكل خطراً حقيقياً على الأمة العربية ويفتح الطريق أمام المكاسب الإسرائيلية، كما شرحت له الإجراءات والخطوات التي قمنا بها لتعطيل هذا المشروع، بما في ذلك اتصالاتنا مع أطراف المعارضة العراقية وعدد من الدول العربية وإيران، كما أننا سنجري اتصالات مع بعض الدول العربية، حتى لا تؤدي اتصالاتنا مع بعضنا إلى زيادة تعقيد الوضع العربي. وأبلغت السفير أني سأطلع الرئيس الأسد على رسالة الرئيس صدام.
عرضت الرسالة على الرئيس حافظ، وكان واضحاً أن ما تعرضه القيادة العراقية فيه نفع كبير لسوريا وسياستنا، وفي الوقت نفسه كان الخوف من التراجع العراقي، لأنه سيؤدي إلى خسارتين: خسارة كتلة عربية تقف إلى جانبنا وترفض السلام مع إسرائيل قبل أن يتحقق مع سوريا، وخسارة العراق ستكون مضاعفة بما يتحمله من انتكاسات كبرى.
اتفقت مع الرئيس حافظ على إعداد مشروع رد يبقي طريق الحوار مفتوحاً، لسبر إمكانية الوصول إلى اتفاق جدي من جهة، وتهيئة المناخ، لا سيما مع السعودية والكويت اللتين كانتا الأشد تضرراً من اجتياح الكويت والأكثر حساسية بين دول الخليج لهذه المسألة، من جهة ثانية.
في 4 فبراير (شباط) 1996، عرضت مشروع الرسالة على الرئيس فوافق عليه، ثم استدعيت السفير العراقي وأمليتها عليه، وهذا نصها: «السيد الرئيس يهدي تحياته إلى أخيه الرئيس صدام، ويعبر عن ارتياحه لمبادرته، ويشاركه القلق حول الوضع في المنطقة وحول المؤامرة الهادفة إلى تفكيك العرب وإلغاء الهوية العربية (...) والمشروع الأردني - الإسرائيلي هو جزء من هذه المؤامرة التي تستهدف العرب في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم... وقلقنا بدأ منذ فترة، وكنا نتوقع مثل هذه التطورات الجارية في الساحة العربية. لذلك، فإن الرئيس حافظ تحدث عن حول وجوب تحقيق المصالحة العربية وتجاوز أحداث الماضي، وأن الجميع مهدد من الخارج. وفي كل اتصالاتنا العربية التي أجريناها، كنا نركز على هذا الأمر وعلى معاناة العراق ووجوب إيجاد مخارج لإنهاء هذه المعاناة، وبالتالي استعادة التضامن العربي. وكذلك فعلنا في اتصالاتنا الدولية، وآخرها اتصالنا مع فرنسا».
وأضاف الأسد: «تشكلت لدينا، بعد إعلان الملك حسين عن مشروعه، توجهات نعتقد أنها في مصلحة الأمة العربية ومصلحة العراق وسوريا، وكنا بصدد إجراء اتصال مع عدد من الدول العربية من أجل أن نوسع شمولية هذه التوجهات، ثم جاءت مبادرتكم (صدام). ولذلك، خلال الأيام القادمة، ستجرى اتصالات مع هذه الدول على مستوى رفيع، بهدف إقناعهم بتوجهاتنا المشار إليها».

تحالفات ومؤامرات خيّمت على «رسائل الغزل» بين الأسد وصدام

الحلقة (2): صدام عرض على الأسد «قمة سرية» في 1996... ومواجهة «عدوان إسرائيل» على لبنان
الحلقة (3): شيراك عرض على الأسد نزع سلاح «حزب الله» مقابل البقاء في لبنان
الحلقة (4): الأسد فتح الحدود مع العراق ونصح صدام بـ«إسقاط الذرائع» لتجنب ضربة أميركية
الحلقة الخامسة والأخيرة: كلينتون حاول «تحييد» الأسد إزاء قصف العراق باستئناف المفاوضات مع إسرائيل

 



عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين قطريين، سبل دفع «الشراكة» بين مصر وقطر، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن المستجدات في المنطقة.

ويشارك عبد العاطي، في فعاليات النسخة رقم 23 من «منتدى الدوحة»، التي انطلقت، السبت، في العاصمة القطرية، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم.

ويعقد وزير الخارجية المصري سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه ومسؤولين مشاركين، لبحث تعزيز التعاون الثنائي، وتنسيق المواقف إزاء تطورات المنطقة، لا سيما ما يتعلق بجهود تثبيت الاستقرار، ودعم مسارات السلام والتنمية، حسب «الخارجية المصرية».

وأشاد عبد العاطي بالزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - القطرية على مختلف الأصعدة، وثمَّن خلال لقائه رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «التعاون بين بلاده والدوحة في المجالات المختلفة، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووقَّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر)، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار أميركي. (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية).

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري، «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وعلى صعيد تنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، شدد وزيرا خارجية مصر وقطر على أهمية «مواصلة جهود تنفيذ اتفاق (شرم الشيخ) للسلام بكافة مراحله، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع أي خروقات»، إلى جانب «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق».

وسبق محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره القطري، لقاؤه بمسؤولين قطريين، ضم وزير المالية، أحمد الكواري، ووزير التجارة والصناعة، الشيخ فيصل آل ثاني، ووزير المواصلات، الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد آل ثاني، لبحث «تعزيز التعاون المتنامي بين القاهرة والدوحة في المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية»، حسب «الخارجية المصرية».

وشدد عبد العاطي على «حرص بلاده على دفع الشراكة مع الدوحة، بما يحقق المصالح المشتركة، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون»، مؤكداً أهمية «تعزيز التواصل المؤسسي بين الوزارات والهيئات المختصة، بما يسهم في الارتقاء بجهود التنمية والاقتصادية في الدولتين».

وزير الخارجية المصري خلال لقائه وزراء المالية والتجارة والصناعة والمواصلات القطريين في الدوحة (الخارجية المصرية)

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، أن زيارة عبد العاطي للدوحة ولقاءاته مع مسؤولين قطريين «تعكس النمو المتزايد لمستوى العلاقات السياسية بين البلدين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حرصاً بين القاهرة والدوحة، على رفع مستوى التعاون، خصوصاً في المجالات التجارية والاستثمارية، ليرتقي إلى مستوى التنسيق السياسي القوي في هذه المرحلة».

ويتصدر الجانب الاقتصادي مسارات التعاون الثنائي بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، الذي أشار إلى أهمية «استفادة الدوحة من مناخ الاستثمار المشجع في مصر الفترة الحالية»، وقال إن هذا القطاع يمكن أن يشكل «قاطرة لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين».

وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت قطر عن «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة، بقيمة 7.5 مليار دولار».

وإلى جانب تعزيز «الشراكة المصرية - القطرية،» شدد الشرقاوي على أهمية «التنسيق المستمر بين الجانبين فيما يتعلق بقضايا المنطقة، خصوصاً الوضع في غزة»، وقال إن «القاهرة والدوحة، تعملان لحشد الجهود الدولية، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للسلام في غزة».

كما ناقش وزير الخارجية المصري، مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورج برانديه، خلال «منتدى الدوحة»، السبت، «التعاون المشترك، من خلال مبادرات وأفكار مبتكرة لدعم جهود التنمية»، كما بحث مع أمين عام منظمة التعاون الرقمي، ديما اليحيى، «تعزيز التعاون بين الدول النامية في قضايا التكنولوجيا والحوكمة الرقمية».


نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
TT

نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)

تشهد الساحة السياسية اليمنية تحوّلاً لافتاً في الوعي والتنظيم النسوي داخل الأحزاب والمكوّنات السياسية، بعد سنوات طويلة من التهميش والإقصاء؛ إذ أعلنت قيادات نسائية حزبية تبنّي خطة جديدة لتعزيز حضور المرأة في الحياة السياسية، وتمكينها من الوصول إلى مواقع القرار، بما في ذلك الحصول على حقائب وزارية، ورفع تمثيلها داخل الهياكل الحزبية إلى 30 في المائة كمرحلة أولى، ترتفع تدريجياً إلى 50 في المائة.

وجاءت هذه الخطوات عقب ثلاثة أيام من النقاشات الواسعة في لقاء نظّمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عدن، وشاركت فيه ممثلات ثمانية من أبرز الأحزاب والكيانات السياسية اليمنية. اللقاء كشف حجم الاحتقان داخل الأطر الحزبية نتيجة استمرار تغييب النساء عن المواقع القيادية، رغم الدور الواسع الذي لعبته اليمنيات خلال الحرب والأزمات المتتالية.

واتفقت المشاركات على وضع خطط داخلية واضحة لتمكين القيادات النسوية من حقائب وزارية وقيادة مؤسسات حكومية، إلى جانب إطلاق برامج تدريب وتأهيل متخصصة لإعداد كوادر نسائية قادرة على المنافسة.

اليمنيات يطمحن لرفع تمثيلهن داخل الهيئات الحزبية إلى 50% (إعلام محلي)

كما أقرت المشاركات اعتماد «كوتا نسائية» لا تقل عن 30 في المائة في التعيينات القيادية داخل الأحزاب، مع مراجعة اللوائح الداخلية التي تمثّل عائقاً أمام وصول النساء إلى مراكز صنع القرار.

وتجاوزت المشاركات التباينات السياسية بين أحزابهن، مؤكدات الحاجة إلى إعداد ميثاق أخلاقي يحمي المرأة داخل العمل الحزبي والسياسي، ويفرض التزامات واضحة على المكوّنات في ما يتعلق بترشيح النساء للمناصب، ودعم صعودهن في هياكل الأحزاب.

تحرير القرار الحزبي

ناقشت المشاركات اليمنيات بعمق الوضع المؤسسي للمرأة داخل أحزابهن، والعوائق البيروقراطية والتنظيمية التي تعوق مشاركتها الفاعلة، إضافة إلى التحديات العامة المرتبطة بالعمل السياسي في ظل الحرب التي أشعلها انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية قبل أحد عشر عاماً.

وأشارت المتحدثات إلى ضعف آليات التواصل والتنسيق بين الكوادر النسوية، وغياب السياسة الحزبية الواضحة لتمكين المرأة، إلى جانب محدودية حضور النساء في دوائر صنع القرار داخل الأحزاب.

دعم أممي لمشاركة المرأة في العملية السياسية وبناء السلام (إعلام محلي)

من جانبها، أكدت دينا زوربا، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن، خلال اللقاء، أن القيادات النسوية داخل الأحزاب يتحملن دوراً محورياً في دعم وصول النساء إلى مناصب القرار العليا، من خلال تقديم المرشحات للمناصب الحكومية والمشاركة النشطة في العملية السياسية وبناء السلام.

وحثّت زوربا المشاركات على مواجهة التحديات الهيكلية في مؤسساتهن الحزبية، والعمل على تحسين الوضع المؤسسي للمرأة باعتباره خطوة أساسية لضمان وصولها إلى القرار السياسي.

كما أوضحت أن رفع مشاركة المرأة في الأحزاب ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل ضرورة لحماية العملية السياسية نفسها، مؤكدة أن أي عملية بناء سلام لا تشمل النساء تظل ناقصة وغير قابلة للاستمرار.

ووفقاً للمنظمين، فقد هدفت الجلسات النقاشية إلى خلق منصة حوار سياسية تجمع النساء القياديات، وتتيح لهن فرصة صياغة حلول عملية قابلة للتطبيق على المدى القريب. وشملت الجلسات عروضاً تحليلية حول موقع المرأة داخل الهياكل الحزبية، ونقاشات جماعية لتحديد مقاربات فعّالة لتعزيز دور النساء في صياغة مستقبل البلاد.

موقف رئاسي داعم

قدّمت القيادات النسوية عدداً من التوصيات المتعلقة بتحسين الدور المؤسسي للنساء داخل الأحزاب اليمنية، والارتقاء بكفاءتهن في مواقع اتخاذ القرار، وتعزيز مسؤولية الأحزاب تجاه قضايا النساء داخل المكوّنات السياسية. وأكدت التوصيات ضرورة تفعيل دوائر تمكين المرأة داخل الأحزاب، وتبنّي آليات واضحة تضمن وصول أصوات النساء وأولوياتهن إلى مسارات صنع القرار.

وفي السياق ذاته، تماشياً مع المطالب النسوية، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى ضرورة إشراك المرأة في الحكومة وتمكينها من قيادة حقيبة وزارية، مؤكداً أن تغييب النساء عن مواقع القرار يمثل خللاً قانونياً ومؤسسياً يجب معالجته فوراً.

التزام حكومي يمني بتمثيل المرأة في موقع القرار السياسي (إعلام حكومي)

وشدد العليمي على أن المرأة اليمنية كانت وما تزال شريكاً أساسياً في الصمود والبناء، وأن مطالبتها بحقها في التمثيل السياسي ليست مِنّة من أحد، بل حق أصيل يجب الاعتراف به. وقال: «ليس من العدل أن تتحمل المرأة الأعباء كافة، في حين تغيب عن مواقع صنع القرار تماماً». وأضاف أن بقاء الحكومة بلا حقيبة وزارية نسائية أمر غير مقبول، خاصة في بلد تشكل النساء فيه أكثر من نصف عدد السكان.

ويبدو أن هذه التوجهات، إلى جانب الجهود الأممية، تمهد لمرحلة جديدة من المشاركة النسوية، قد تعيد رسم الخريطة السياسية المستقبلية، خصوصاً إذا التزمت الأحزاب بتنفيذ ما أعلنته من خطط ومراجعات داخلية.


تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.