يحتفل العالم اليوم (الاثنين)، 21 يونيو (حزيران)، باليوم العالمي للموسيقى. وهو الاحتفال الذي يُعنى بتشجيع المهرجانات والموسيقى، والذي بدأ الاحتفال به عام 1982. وبالتزامن مع الاحتفال، يحتفي المصريون بتاريخهم الموسيقي منذ عهد الفراعنة القدماء، حيث أظهرت النقوش الأثرية على جدران المعابد وداخل المقابر ولع المصري القديم بالموسيقى وتقديسه لها، بصفتها ركناً رئيسياً في الاحتفالات والمواكب الجنائزية.
«هناك 3 آلات موسيقية تثبت أحقية المصري القديم وريادته في مجال الموسيقى، وهي: الهارب والدف والناي»، حسب الدكتور بسام الشماع، الباحث في علم المصريات، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «النقوش داخل المقابر الملكية والخاصة، وعلى جدران المعابد، أظهرت بوضوح أن آلة الهارب الموسيقية آلة مصرية بامتياز، وأن المصري القديم كان له فضل في ابتكارها، وهو ما يظهر من الأغنية التاريخية الشهيرة المعروفة باسم العازف على الجنك (الهارب) التي تُرجمت من المصرية القديمة إلى عدة لغات. ويعرض متحف الحضارة القومي مجموعة من الآلات الموسيقية التي اشتهرت في مصر القديمة».
ومن بين الآلات الموسيقية التي عُرفت في مصر القديمة آلة شبيهة بالعود حالياً، وهناك منظر ملون في إحدى مقابر بني حسن، في محافظة المنيا (جنوب القاهرة)، لمجموعة من النساء والرجال وطفل وحيوانات، يعرفون بالآسيويين، واقفين أمام الملك أمنحتب ورئيس الإقليم يقدمون القرابين ويحملون آلة موسيقية شبيهة بالعود، وفقاً للشماع.
وبالتزامن مع احتفال العالم بيوم الموسيقى، يعرض المتحف المصري بالتحرير حالياً 22 قطعة أثرية تعبر عن أهمية الموسيقى في مصر القديمة، من بينها نموذج خشبي يصور فرقة موسيقية خلال عرض موسيقي من عصر الدولة الوسطى، اكتُشف في منطقة آثار سقارة، ولوحة جنائزية صغيرة مقبية، صُور عليها منظر لعازف هارب يدعى «حر سوا» يعزف أمام المعبود (رع حور آختي) من عصر الأسرة 25، اكتُشفت في منطقة شيخ عبد القرنة بالأقصر، إضافة إلى مجموعة من آلات الفلوت المفرد والمزدوج المصنع من البوص، وقطعتين من الجلد الملون، استخدمتا غطاءين لطبلة اكتُشفت في أخميم تعودان للعصر المتأخر.
واهتم المصري القديم بالموسيقى، وكان لها أهمية كبيرة في الحياة المدنية والدينية، وفي الأعياد والاحتفالات، وحتى ساحات المعابد وتقديم القرابين، فكانت الموسيقى فناً له أصوله وقواعده ومشرفوه. وارتبطت المعبودة «حتحور» ارتباطاً وثيقاً بالموسيقى، وكانت تلقب بسيدة الموسيقى في مصر القديمة، حسب صباح عبد الرازق، مدير عام المتحف المصري في التحرير.
وتظهر النقوش في معبد دندرة الأثري المعبودة «حتحور» وهي تحمل الدف وتعزف عليه، كما تظهر نقوش أخرى حتحور حاملة آلة «الشخشيخة» والدف في هذه المناظر، وهو الدف نفسه الذي نراه اليوم في النوبة، حتى أن حتحور تحمله بالطريقة ذاتها تقريباً، وفقاً للشماع الذي يوضح أن المعبود «بس» أيضاً ارتبط بالموسيقى، وهناك نقش في معبد فيلة يظهر «بس» وهو يحمل الدف.
وكانت فكرة الفرقة الموسيقية موجودة في مصر الفرعونية منذ الدولة القديمة، وهو ما تؤكده الرسومات والنقوش المعروضة في المتحف المصري، إضافة إلى أن المصري القديم برع في استخدام الناي، إذ يقول الشماع إن «هناك منظراً منحوتاً على شقافة أثرية، يُعرض حالياً في متحف الحضارة القومي، يظهر المصري القديم وهو يعزف الفلوت أو الناي المزدوج».
وتضم المتاحف المصرية مجموعة من الآلات الموسيقية والنقوش القديمة التي يؤكد الآثاريون أنها تدل على ولع المصريين واهتمامهم بالموسيقى منذ عصر بداية الأسرات. ومن بين الآلات المعروضة في المتحف المصري بالتحرير الطبول والدفوف، ومجموعة من المصفقات والشخاليل والصاجات والأجراس، المصنوعة من البرونز والخشب والعاج والخشب المذهب، وتعود إلى عصر الدولة الحديثة والعصر المتأخر، واكتُشفت في عدة مناطق، مثل سقارة وأبيدوس والأقصر وصان الحجر. ولم يكن اهتمام المصري القديم مقصوراً على الآلات والعازفين، بل أيضاً كان للمغنين مكانة كبيرة، حيث يوضح الشماع أن «الهرم الكهنوتي في مصر القديمة كان يضم وظيفة مهمة جداً، وهي وظيفة منشدة الإله التي كانت تبجل وتكرم، حتى أنها كانت تُحنّط عند الوفاة تحنيطاً ملكياً»، مشيراً إلى أن «الغناء والإنشاد كان من طقوس المعابد الفرعونية».
ويضم معرض الموسيقى القديمة في المتحف المصري بالتحرير مجموعة من تماثيل صغيرة لموسيقيين من الرجال والنساء يعزفون على الهارب والقيثارة، وتمثال لرجل يعزف على الفلوت، واكتُشفت هذه المجموعة في الأقصر وتل اليهودية، وهي مصنوعة من التراكوتا والفيانس والحجر الجيري، وترجع إلى عصور الدولة الوسطى والحديثة والعصر المتأخر.
المصريون القدماء عازفو ناي وهارب بارعون
القاهرة تحتفي بعرض بعض آلاتهم في «اليوم العالمي للموسيقى»
المصريون القدماء عازفو ناي وهارب بارعون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة