هل يمكننا الإبطاء من عملية الشيخوخة؟

هل يمكننا الإبطاء من عملية الشيخوخة؟
TT

هل يمكننا الإبطاء من عملية الشيخوخة؟

هل يمكننا الإبطاء من عملية الشيخوخة؟


> هل من الممكن أن يتمكن العلماء يوما ما من إبطاء عملية الشيخوخة في أجسامنا؟
- ربما يثير الأمر قدرا من الشكوك لديك، ولكن أجل، فقد صار هذا الأمر ممكنا الآن. أعلم تماما أنه يبدو أن كل كائن حي من حولنا تصيبه الشيخوخة بصورة من الصور - الزهور في الحدائق، والحيوانات الأليفة في المنازل، وحتى نحن البشر.

- إبطاء الشيخوخة
ومع ذلك، أخبرني البروفسور ديفيد سينكلير، أستاذ علم الوراثة في جامعة هارفارد الذي يدرس طبيعة الشيخوخة، أن هناك نوعا من أسماك المياه الباردة التي ربما لا تموت أبدا بأساليب الوفاة الطبيعية. بل إنها تموت جراء الإصابة أو ربما الافتراس من حيوان أكبر منها، ولكن من غير الواضح أن تلك الأسماك تموت بصورة طبيعية معهودة. ويصل عمر بعض هذه الأسماك إلى مئات السنوات، ولا تزال تتمتع بصحة جيدة للغاية في المياه.
بدأ العلماء المعنيون بالأمر في فهم وإدراك العمليات البيولوجية الطبيعية التي تتحكم في الشيخوخة، بما في ذلك الوقوف على نوعية الجينات المحددة المسؤولة عن الشيخوخة.
وقد توصل العلماء إلى بعض الاكتشافات المهمة وربما الرائعة حقا في هذا المجال. على سبيل المثال، في تجارب المختبرات، يمكن أن يسفر إدخال جينات معينة في الخلايا البشرية البالغة عن تحويلها إلى خلايا أولية على غرار الخلايا المبكرة في تكوين الجنين البشري. ومن ثم، يمكن تحويل الخلايا المصابة بالشيخوخة والتقدم في العمر إلى خلايا شابة مرة أخرى. إذ يمكن للعلماء إرجاع عقارب الساعة لدى الخلايا إلى الوراء - وصولا إلى نقطة البداية الأولى.

- إطالة الحياة
وهذا من الأمور غير الاعتيادية، ولكنها تُجرى على الخلايا من عينات المختبرات وليست على الحيوانات الحية. فهل من الممكن إبطاء عملية الشيخوخة فعليا لدى الحيوانات الحية؟ عندما قام العلماء بإدخال حفنة من الجينات إلى بعض الديدان، تضاعف عمر تلك الديدان خمس مرات كاملة. وكانت تلك الديدان تنعم بنشاط واضح للغاية مع اقتراب فترة حياتها الافتراضية تماما كما كانت خلال فترة شبابها، حتى أنها كانت قادرة في آخر حياتها على ممارسة التزاوج. ومن ثم، أسفرت إطالة العمر الافتراضي لتلك الديدان عن إطالة فترة صحتها ونشاطها، ولم تسفر عن زيادة في فترة الشيخوخة وما يصاحبها من تراجع في النشاط أو تدهور في الحالة الصحية.
شرع أستاذ آخر من أساتذة علم الوراثة لدى جامعة هارفارد، وهو البروفسور جورج تشيرش، في إدخال ثلاثة جينات ذات صلة بإطالة العمر إلى بعض فئران التجارب. والفئران، كما هو معروف علميا، من الحيوانات الأكثر تعقيدا في تكوينها من الديدان البسيطة، إذ إنها من الثدييات (اللبائن) كمثل البشر. وهناك العديد من الأمور، عند فحصها، تبين أنها صحيحة لدى الفئران كمثل مدى صحتها لدى الإنسان. وأسفرت نتيجة إدخال جينات إطالة العمر في أجسام الفئران إلى حمايتها من الإصابة بالسمنة، ومن مرض السكري، ومن الفشل الكلوي، ومن فشل عضلة القلب. كما أسفرت الجينات المسؤولة عن إطالة العمر عن حماية الفئران من الشيخوخة.

- استعادة البصر
استعان الدكتور سنكلير، في الآونة الأخيرة، بتقنيات العلاج الجيني المماثلة من حيث إدخال مزيج من ثلاثة جينات في خلايا عيون الفئران التي يصيبها كفاف البصر بسبب الشيخوخة. ولقد أسفرت هذه التجربة عن استعادة كفاءة البصر بصورة كاملة لدى الفئران المتقدمة في العمر مع انعدام وجود آثار الاعتلال السيئة. كما تمكن فريق الباحثين برئاسة الدكتور سنكلير من الوصول إلى أحد الأعضاء التي فشلت جراء التقدم في السن، وتمكنوا من تجديد عمل هذا العضو لدى الفئران. فهل من شأن استحداث مثل تلك الأساليب لدى البشر أن تساعد على تجديد الأعضاء التي أصابها الفشل أو التوقف بسبب التقدم في العمر والشيخوخة؟ نحن على يقين من وجود عدد من العلماء يهتمون كثيرا بالإجابة عن هذا التساؤل. وإذا ما قُدر لي يوما ما أن أكون طبيبا، وسألتني إذا ما كان بإمكان العلماء الإبطاء من عملية الشيخوخة لدى البشر، فسوف تكون إجابتي المباشرة: «كلا بكل تأكيد، إذ إن الشيخوخة هي جزء لا يتجزأ ولا محيد عنه أثناء الحياة على سطح الأرض». ولكنني أجد نفسي مذهولا الآن بما توصلت إليه نتائج المختبرات في هذا المجال. لقد أثمرت الاستثمارات في الأبحاث البيولوجية وخرجت لنا بالعديد من المفاجآت العلمية المهمة والمثيرة في آن واحد.

- رئيس تحرير رسالة هارفارد الصحية
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

«فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

عالم الاعمال «فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

«فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

اختتمت مجموعة «فقيه» للرعاية الصحية، الأربعاء، أعمال مؤتمرها السنوي الثالث، الذي عقد بمشاركة نخبة من الخبراء السعوديين والدوليين المتخصصين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك النوم خلال اليوم قد يشير إلى أنك معرّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف (أرشيفية - رويترز)

النوم خلال اليوم قد يشير إلى ارتفاع خطر إصابتك بالخرف

إذا وجدت نفسك تشعر بالنعاس خلال اليوم، أثناء أداء أنشطتك اليومية، فقد يشير ذلك إلى أنك معرَّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف، وفقاً لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جانب من «مؤتمر الطبّ التجميلي» الذي استضافته الرياض (الشرق الأوسط)

جراحات التجميل للرجال في السعودية... إقبالٌ لافت لغايات صحّية

احتلّت السعودية عام 2023 المركز الثاني عربياً في عدد اختصاصيي التجميل، والـ29 عالمياً، في حين بلغ حجم قطاع الطبّ التجميلي فيها أكثر من 5 مليارات دولار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
صحتك بعض الأطعمة يسهم في تسريع عملية الشيخوخة (رويترز)

أطعمة تسرع عملية الشيخوخة... تعرف عليها

أكدت دراسة جديدة أن هناك بعض الأطعمة التي تسهم في تسريع عملية الشيخوخة لدى الأشخاص بشكل ملحوظ، داعية إلى تجنبها تماماً.

«الشرق الأوسط» (روما)
الخليج النسخة السابقة من القمة شهدت توقيع 11 اتفاقية تعاون مع جهات عالمية (وزارة الحرس الوطني)

انطلاق «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» الثلاثاء

يرعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان النسخة الثالثة من «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» التي تنطلق أعمالها يوم الثلاثاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مستشار الرعاية الصحية البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: مهتمون بالشراكة مع السعودية

يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)
يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)
TT

مستشار الرعاية الصحية البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: مهتمون بالشراكة مع السعودية

يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)
يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)

كشف مستشار الرعاية الصحية في بريطانيا المبعوث إلى السعودية، البروفسور ستيف هيلد، عن أن لديهم برنامجاً لبناء المستشفيات، ويتم النقاش حول إمكانية الاستثمار المشترك بين المملكة المتحدة والسعودية، وهذه الأعمال والمشروعات مرتبطة بالسير معاً في شراكة حقيقية، والاستثمار في كلا البلدين.

وقال هيلد، في حديث مع «الشرق الأوسط»: «نحن مهتمون بإقامة شراكات بين المملكتين»، السعودية، وبريطانيا، لافتاً إلى أن وفداً يتقدمه المدير التجاري لـ«هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)»، زار السعودية خلال الأيام الماضية، وذلك بهدف استكشاف فرص تطوير أعمالنا الرقمية في المملكة المتحدة.

البروفسور ستيف هيلد مستشار الصحة البريطاني

وشمل الوفد البريطاني الذي زار السعودية، أعضاء من جامعة أكسفورد، التي وصفها هيلد، بأنها من أفضل الجامعات في العالم، وذلك للعمل مع الجانب السعودي في المجال الرقمي الطبي، والرعاية الوقائية، والقيادة، متوقعاً أن يكون المستقبل مشرقاً جداً مع هذا التعاون الوثيق، بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، في شراكة متينة.

يعيش القطاع طفرة نوعية تعتمد على التقنية والتحديث (واس)

وتأتي هذه الزيارة وفقاً لهيلد، في أعقاب زيارة سابقة قبل بضعة أشهر، بحثت فرص التعاون المشترك بين البلدين والابتكار في المجال الرقمي، وكيفية استخدام القوى العاملة لتحقيق النتائج التي يحتاج إليها القطاع الصحي في السعودية.

وتحدَّث هيلد عن المشروعات المرتقبة، قائلاً: «إن (مستشفى كينغز كوليدج)، الذي سيُفتح خلال الشهرين المقبلين في مدينة جدة غرب السعودية، سيكون من أحدث المستشفيات العالمية، وسيتم تشغيله بالتعاون مع شركة سعودية محلية، في حين سيقدم (مستشفى كينغز كوليدج) خبراته؛ لضمان أن تكون جميع الخدمات السريرية وفق أعلى المعايير العالمية»، لافتاً إلى أن «مستشفى كينغز كوليدج»، يعد جزءاً من نظام «هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)»، وجرى توسيع نشاطاته بشكل كبير على المستوى الدولي.

وعرج هيلد، على آخر المشروعات في العاصمة السعودية، الرياض، المتمثل في «عيادة ذا برايوري» التي أُنشئت قبل 18 شهراً، وهي مثال حي وممتاز على الاستثمار البريطاني في السعودية، مشدداً في حديثه على ضرورة زيادة هذه الشراكات في المستشفيات، بما في ذلك مجال الرعاية الصحية النفسية، كما أن هناك رغبة لدى الجانب البريطاني لتقديم الدعم في خدمات الرعاية الأولية.

المستشفى التخصصي لصحة المرأة أحد الصروح الطبية في الرياض (واس)

وتحقق الدول التي استثمرت في الرعاية الأولية نتائج صحية أفضل، وتقلل في تكاليف الرعاية في المستشفيات على حد قول هيلد، الذي قال إن «(رؤية 2030) تركز على تقديم مزيد من الرعاية في المجتمع، وخارج المستشفيات، وهي خطوة بالغة الأهمية».

وتترقب السوق المحلية دخول عدد من الشركات المتخصصة في القطاع الصحي خلال الفترة المقبلة، من الدول كافة، خصوصاً المملكة المتحدة التي لديها شركات متنوعة في مختلف المجالات؛ ما عزز حجم التبادل بين السعودية وبريطانيا، إذ تخطّت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 17 مليار جنيه إسترليني (21 مليار دولار)، في حين تستهدف المملكتان زيادة حجم التجارة الثنائية إلى 37.5 مليار دولار بحلول 2030.

وتحدَّث هيلد عن النظام الصحي السعودي، قائلاً: «أفهم جيداً وضع نظامكم الصحي في الوقت الحالي، بحكم زياراتي المتكررة، والرؤية العظيمة 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو بالضبط ما كنت سأقترحه لتطوير أي نظام صحي، كما أن الرؤية تشبه إلى حد كبير ما نقوم به في المملكة المتحدة، ونعمل باستمرار على تطويره رغم الخبرة التي تزيد على 76 عاماً من تاريخ هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، التي تتغير باستمرار، كما سيتغير نظامكم الصحي عند تحقيق أهداف (رؤية 2030)».

وأثار إعجاب هيلد، التركيزُ على الرعاية الوقائية في النظام الصحي السعودي، موضحاً أن «70 في المائة من الوفيات في مختلف الدول نتيجة أمراض غير معدية تتعلق بارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، ومشكلات التدخين، كما يشكِّل مرض السكري معضلة كبرى في جميع الاقتصادات الغربية»، موضحاً أن «السعودية تواجه هذا التحدي، لذلك فإن الوقاية دائماً هي الأفضل، وستوفر المال على المدى الطويل، مع علاج المرضى جميعاً، الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري، وأفضل طريقة لتحقيق ذلك تكون عبر نظام تقوده الرعاية الأولية».

البروفسور ستيف هيلد متحدثاً لـ«الشرق الأوسط»

وأضاف، أنه في أثناء تطوير الرعاية الأولية والمجتمعية، يجب التأكد من أن خدمات المستشفيات تستمر في العمل بكفاءة، وألا تؤدي هذه التحولات إلى زيادة فترات الانتظار في المستشفيات، مشدداً على أنه لا ينبغي النظر إلى الصحة النفسية بشكل منفصل، بل يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من كل هذا الحراك.

ووصف هيلد، استراتيجية السعودية في مجال الصحة النفسية بـ«الطَموحة، التي تسير في الاتجاه الصحيح»، من خلال الكشف المبكر، وتقديم الرعاية في المجتمع، والحفاظ على الناس خارج المستشفيات، وهي أمور ضرورية، وستحتاج هذه العمليات إلى تحول في القوى العاملة، إلى جانب تعزيز وعي المرضى بمسؤوليتهم تجاه صحتهم النفسية، ودعمهم من خلال التطبيقات التكنولوجية وغيرها.

ويعتقد بأن التركيزَ على الصحة الجسدية والنفسية ضمن «رؤية 2030» في محله تماماً، والنموذج الذي تبنَّته المملكة للرعاية الصحية ممتاز، والتعاون مع المملكة المتحدة يمكن أن يسهم في تحقيق الأهداف بسرعة وكفاءة.

وقال: «إن المملكة المتحدة ومن خلال هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، لم تشارك عالمياً بالقدر الذي أعتقد بأنه كان ينبغي أن تشارك به، وناقشتُ خلال اجتماعات سابقة مع وزرائنا، ضرورة الانخراط بشكل أكبر في الرعاية الصحية على الصعيد العالمي، وتُعدّ المملكة العربية السعودية من أهم حلفائنا وشركائنا الرئيسيين، لذلك لدينا الرغبة في تقديم كل الدعم والمساعدة لتحقيق (رؤية 2030)».