جيبوتي... لمحة تاريخية

جيبوتي... لمحة تاريخية
TT
20

جيبوتي... لمحة تاريخية

جيبوتي... لمحة تاريخية

> جيبوتي دولة عربية تقع في منطقة القرن الأفريقي كانت تسمى بـ«بلاد الصومال الفرنسي»، وهي عضو في جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي. تقع جيبوتي على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب، وتحدها إريتريا من الشمال وإثيوبيا من الغرب والجنوب والصومال من الجنوب الشرقي فيما تطل شرقاً على البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى الجانب المقابل لها عبر البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية أمامها اليمن التي تبعد سواحلها نحو 20 كيلومتراً فقط عن جيبوتي.
> تقدر مساحة جيبوتي بنحو 23.200 كيلومتر مربع فقط، بينما يقدر عدد سكانها بأقل من مليون نسمة، وعاصمتها هي مدينة جيبوتي. ويعيش نحو خمس سكان البلد تقريباً تحت الخط العالمي للفقر بنحو 1.25 دولار يومياً.
> تتشكل التركيبة السكانية الأصلية من قبائل من العفر (أو الدناقل) والعيسى، الأولى أصلها من إثيوبيا، والثانية من الصومال، وقد دخل الإسلام البلاد عام 825 مع قدوم التجار العرب من شبه الجزيرة العربية.
> حكمت فرنسا جيبوتي بين 1862 و1977 وأسموها «أرض الصومال الفرنسية». وشيدوا ميناء جيبوتي على الشاطئ الجنوبي من خليج تاجورا. وعام 1917 أنهى الفرنسيون الخط الحديدي بين جيبوتي وأديس أبابا. وما يزال هذا الخط يشكل العمود الفقري لأعمال النقل المتمركزة في جيبوتي.
> أدى نمو الوعي القومي في البلاد إلى إجبار الفرنسيين على السماح بقيام مجلس تشريعي عام 1950، نصف أعضائه من الصوماليين والنصف الآخر من المستوطنين الأجانب. وعام 1958 تولى الرئيس الفرنسي شارل ديغول السلطة في فرنسا، ووضع دستوره الجديد الذي أعلن فيه أن من حق أي مستعمرة فرنسية ترفض هذا الدستور الحصول على الاستقلال.
وأثناء زيارة ديغول إلى الصومال عام 1966، سارت مظاهرات عامة مطالبة باستقلال الصومال، فأعلنت الحكومة الفرنسية إجراء استفتاء لتحديد بقاء جيبوتي ضمن الجمهورية الفرنسية أو منحها استقلالها. وفي مارس (آذار) 1967 اختار 60 في المائة بقاء الإقليم مرتبطاً بفرنسا. ومن ثم، قررت فرنسا عام 1967 تغيير اسم الإقليم ليصبح إقليم العفر والعيسى الفرنسي. ولكن في عام 1975 بدأت الحكومة الفرنسية، تتلقى عدة مطالبات باستقلال الإقليم. وأجري التصويت على الاستقلال في مايو (أيار) 1977، وأعلنت دولة جيبوتي يوم 27 يونيو (حزيران) 1977.
> بجانب العفر والعيسى، فإن بقية السكان يتكونون من الأوروبيين (معظمهم فرنسيون وإيطاليون) والعرب والإثيوبيين.
> مع أن الفرنسية لغة رسمية، فإن اللغة الصومالية هي المنتشرة انتشاراً واسعاً، تليها لغة العفر، ويتحدث البعض العربية. ثم إن معظم الجيبوتيين يعيشون في المدن، فعلياً العاصمة، أما الباقون فيعتمدون على الزراعة والرعي.
> جيبوتي هي مقر القيادة الأفريقية التابعة للقوات المسلحة الأميركية، ويعد «كامب لمونييه» أكبر معسكر أميركي في القارة الأفريقية، وهو يقع بمنطقة مطار جيبوتي الدولي. كذلك يتمركز في جيبوتي بعيداً عن العاصمة لواء تابعة لـ«الفيلق الأجنبي» الفرنسي بشكل دائم، وتنظم في جيبوتي مناورات عسكرية كبيرة.
> تمثل الفواكه والخضراوات أهم المنتجات الزراعية. وتوجد فيها ثروة حيوانية من الأغنام والماعز والإبل. وتمثل عوائد الزراعة نحو 4 في المائة من الناتج القومي.


مقالات ذات صلة

سارة الزعفراني... مهندسة مخضرمة تترأس حكومة تونسية أولوياتها اقتصادية

حصاد الأسبوع الزعفراني

سارة الزعفراني... مهندسة مخضرمة تترأس حكومة تونسية أولوياتها اقتصادية

بعد نحو ستة أشهر من تعديل حكومي واسع شمل 22 حقيبة وزارية ورئاسة الحكومة، أعلنت رئاسة الجمهورية في تونس عن إقالة رئيس الحكومة كمال المدوري، الخبير الدولي في المفاوضات الاجتماعية والاقتصادية، وتعويضه بوزيرة التجهيز والإسكان في حكومته سارة الزعفراني الزنزري. جاء هذا التعديل، وهو السادس من نوعه منذ يناير (كانون الثاني) 2020، في مرحلة شهدت تعقد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي تمر بها تونس والمنطقة، وخلال فترة عرفت تزايد انتقادات الرئيس التونسي قيس سعيّد لـ«لوبيات» اتهمها بعرقلة مشاريع الإصلاح التي أراد أن يفتتح بها عهدته الرئاسية الثانية. هذه الانتقادات أعادت إلى الأذهان تصريحات وبلاغات إعلامية رئاسية عديدة صدرت خلال الأشهر الماضية عن الرئيس سعيّد ومقرّبين منه تتهم مسؤولين كباراً في الحكومة وفي الإدارة بالسلبية والفشل وسوء التصرف في الأملاك العمومية، وأيضاً في ملفات التضخم وارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للطبقات الشعبية، بجانب ملفات أمنية عديدة، بينها تدفق آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء وتمركزهم في تونس بطريقة غير قانونية.

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع رئيس الدولة قيس سعيّد (رويترز)

صلاحيات رئيسَي الدولة والحكومة في دستور تونس الجديد

فتح التغيير الرابع لرئيس الحكومة التونسية في ظرف ثلاث سنوات ونصف السنة والسادس في ظرف خمس سنوات نقاط استفهام وسط المراقبين داخل البلاد وخارجها. وبرزت مواقف.

«الشرق الأوسط» (تونس)
حصاد الأسبوع ممارسات إسرائيل في الضغة الغربية مصدر قلق بالغ للأردن (آ ب)

الأردن يعيش شهوراً فاصلة بمواجهة الهموم الداخلية والإقليمية

لا يخلو تاريخ الأردن القريب من تحديات مصيرية هدّدت أمنه واستقراره، وسعت للتشويش على استقرار نظامه السياسي. فجملة التحديات التي فرضتها جغرافيا المملكة وتاريخها معاً صارت العناوين ذات الأولوية في مناقشة المصالح الأردنية في المدى المنظور. جولة على هذه التحديات تُمكّن المراقبين من تقدير الموقف الأردني وتعقيداته؛ فعلى جبهة الأردن الغربية عانت البلاد من حالة الطوارئ العسكرية على مدى السنوات والعقود الماضية بفعل الاحتلال الإسرائيلي، والتعامل مع نكبة هجرة الفلسطينيين عام 1948، ونكسة حزيران من عام 1967 التي تسبّبت بهجرة الفلسطينيين الثانية. والحال ليست بأفضل على الجبهة الشمالية مع سوريا، فخلال سنوات الحرب الماضية كانت الجبهة الشمالية ملفاً أمنياً - عسكرياً ساخناً، كما استقبل عبرها نحو مليون لاجئ سوري. وتستمر محاولات عصابات تجارة المخدّرات والسلاح في تهديد الأمن على الحدود في مشهد متكرّر دفع الأردن للقصف بالطائرات عدداً من مصانع المخدرات في الجنوب السوري، التي كانت تابعة لميليشيات محسوبة على «حزب الله» اللبناني وإيران و«الفرقة الرابعة» في الجيش السوري بقيادة ماهر الأسد. وأخيراً لا آخراً، على الشرق هناك الحدود البرية الطويلة مع العراق، وفي آخر 22 سنة ظلت هذه الحدود عنوان تهديد لأمن الأردن، كما حصل في أحداث تفجير الفنادق في العاصمة عمّان عام 2005، بالإضافة إلى محاولات أخرى أُحبطت قبل استكمال أهدافها.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
حصاد الأسبوع العاهل الاردني عبدالله الثاني مستقبلاً الرئيس السوري أحمدوالشرع في مطار ماركا بعمّان (سانا)

حرب غزة وفّرت على حكومة حسّان مواجهات قاسية

على مدى شهور العدوان الإسرائيلي على غزة تراجعت أولوية الشأن الداخلي؛ ما أعفى الحكومة الأردنية من مواجهات قاسية مع الشارع والبرلمان. وسمح ذلك لشخص رئيس الوزراء.

حصاد الأسبوع الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)

ترسيم حدود لبنان وسوريا يشكّل الاختبار الأول لعلاقاتهما

شكّلت الاشتباكات التي شهدتها الحدود الشرقية للبنان منتصف شهر مارس (آذار) الحالي أول اختبار للدولتين اللبنانية والسورية الجديدتين،

بولا أسطيح (بيروت)

إسرائيل تتوسع في عدوانها... «الحل العسكري لكل المشاكل»

إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا (رويترز)
إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا (رويترز)
TT
20

إسرائيل تتوسع في عدوانها... «الحل العسكري لكل المشاكل»

إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا (رويترز)
إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا (رويترز)

«في الجبهة الشمالية، على الرغم من أن التهديد قلّ، يجب أن نستعد للتطورات المحتملة: تقوية الجيش السوري مجدداً، إنشاء (محور مقاومة) سني أو إعادة إحياء المحور الإيراني. لذا؛ على إسرائيل إنشاء ممرّ في جنوب سوريا من هضبة الجولان إلى المناطق الكردية. إلى الشرق من هضبة الجولان، على طول حدود سوريا - الأردن، توجد نقطة استراتيجية حرجة – التنف. rnهذه الكلمات الواضحة والصريحة،نُشرت أخيراً في موقع «ميدا» الإسرائيلي اليميني، الذي يُعدّ واحداً من مواقع وقنوات عدة أنشأها أنصار بنيامين نتنياهو لمواجهة الإعلام العبري الليبرالي... الذي يعدّونه «يسارياً».nيضيف الموقع: «التنف» وموقعها الفريد عند تقاطع الطرق بين سوريا والأردن والعراق، وعلى الطريق من بغداد إلى دمشق، يجعلها جزءاً أساسياً من أي استراتيجية إقليمية. لهذا السبب أسست الولايات المتحدة قاعدة عسكرية هناك، وأنشأت منطقة منزوعة السلاح في دائرة نصف قطرها 55 كم بدعم من المتمردين المحليين الذين يخضعون لسلطتها. ومع تغير النظام في سوريا، والتهديد المتناقص من (داعش)، وعزوف إدارة ترمب عن التدخل العالمي، ثمة احتمال كبير للانسحاب الأميركي من التنف. في هذه الحالة، ستحتلها الميليشيات الموالية لإيران، أو قوات (داعش) أو قوات المتشدّدين التابعة للنظام السوري الجديد. وهذا سيعرّض خطط إنشاء الممر البرّي من الجولان إلى الأكراد للخطر، ويتيح إعادة بناء الممر البري بين إيران ولبنان أو ممر سني مشابه.

ويتابع الموقع: «من ناحية أخرى، سيسمح الوجود الإسرائيلي في المنطقة، سواء بشكل منفرد أو بالتعاون مع الولايات المتحدة، بربط جبل الدروز بالأكراد، وتوفير قدرة استجابة سريعة ضد التهديدات تجاه الحلفاء – حتى من شرق جبل الدروز – والسيطرة على المحور بين بغداد ودمشق. علاوة على ذلك، فإن نشر سرب طائرات إسرائيلي هناك سيكون عامل ردع فعالاً ضد الميليشيات الموالية لإيران في العراق، ويقصّر المسافات اللازمة للهجوم ضد إيران» حتى لو كان كلّ ما كتب في الموقع يعبر عن رأيه الشخصي، إلا أنه يثبت أنه «بوق» لحزب الليكود الحاكم ولنتنياهو شخصياً. النغمة التي تصدر من بين السطور، هي الأنغام التي يردّدها قادة اليمين باستمرار، وبينهم عدد من الجنرالات السابقين.

بالطبع، لا أحد يصدّق أن إسرائيل مستعدة لخوض حرب في سوريا لأجل الأكراد أو الموحّدين الدروز. فهذه مجرد تقوّلات جاءت لتغطي على الأهداف التوسّعية، وفي بعض الأحيان تُطلَق لغرض التهديد والوعيد. بيد أنها تعكس صورة لمرض الغرور المتغطرس الذي يتحكّم في العقيدة الإسرائيلية منذ عام 1967. فالقيادات الإسرائيلية التي تعيش عقدة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لا تريد أن تتعلم الدرس، بل تصرّ على المضي قدماً في عقلية «الحل العسكري لكل المشاكل».

أزمة خالدة

يوم 7 أكتوبر تلقت عقلية الحل العسكري هذه ضربة قاصمة. فإسرائيل، بكل جبروتها العسكري فشلت في رصد هجوم «حماس»، التي تُعدّ تنظيماً مسلحاً صغيراً ومحدوداً، واحتاجت إلى ساعات طويلة حتى تمكّنت من وقفه. ثم دخلت حرباً شرسة، غير مسبوقة للانتقام.

«حماس»، من جهتها، نفذت هجوماً عسكرياً فوجئت هي نفسها بنتائجه. إذ تمكنت في غضون ساعات قليلة من تحطيم الحواجز الحدودية «المحصّنة»، واحتلت 11 موقعاً عسكرياً و22 بلدة مدنية. كذلك خطفت 251 جندياً وضابطاً ومدنياً، وراحت تقاوم الهجوم الإسرائيلي بشبكة أنفاق ضخمة وعمليات عسكرية نوعية.

لكن «حماس» لم تجرِ حسابات صحيحة لهجومها. فقد ترافق أولاً بعمليات قتل وإبادة لعائلات يهودية بأكملها، وخُطف أطفال ونساء. ثم إنها لم تتوقع هجوماً إسرائيلياً بهذه الفظاعة، ولم تُحسن الدفاع عن مواطني قطاع غزة، ولم تأخذ في حسابها ما سيحصل للقضية الفلسطينية من جراء هجومها. بل لم تحسب ما سيجري لمصير معسكرها برمته، الذي يسمى «محور المقاومة».

لم تُحسن قراءة لا الخريطة الإسرائيلية ولا الإقليمية ولا العالمية.

لم تدرك أن في إسرائيل حكومة يمين متطرف تخوض حرباً وجودية، وتواجه أكبر عملية مواجهة لإسقاطها جماهيرياً. بل إن هذه الحكومة كانت تفتّش عن وسيلة تتيح لها إشعال حرب لكي تفلت من قبضة الجمهور المعارض لها. ولم تدرك «حماس» أن الجيش الإسرائيلي، وكل الأجهزة الأمنية، كانوا شركاء في المعركة ضد حكومة نتنياهو. ولذا؛ فإن توجيه ضربة قاسية لها كما حدث 7 أكتوبر، سيُخرج القيادات العسكرية عن طورها ويجعلها تتصرف بمنتهى الجنون والوحشية.

وحتى عندما خاضت «حماس» مفاوضات تبادل الأسرى، لم تقرأ الخريطة الإسرائيلية والعالمية جيداً، فرفضت التوصل إلى صفقة شاملة اقترحها الأميركيون والوسطاء المصريون والقطريون لإنهاء الحرب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وراهنت على محكمة لاهاي ومؤسسات الأمم المتحدة وغيرها من الإجراءات الدولية ضد حرب الإبادة والتدمير. وراهنت على مشاركة «حزب الله» في لبنان والعراق والحوثيين في اليمن، وبالطبع، على إيران. وبالنتيجة، استفاد القادة الإسرائيليون من هذا الأداء ليديروا حرباً عدُّوها «وجودية»، وعبَّر عن ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما بشَّر شعبه بأنه «سيعيش على الحراب أبد الدهر».

خطط إسرائيل وأطماعها

كان أهم هدف للقيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية استعادة الهيبة أمام جيوش العالم. فالجيش الإسرائيلي يعدّ واحداً من أقوى عشرة جيوش في العالم، ويساهم بتدريب 34 جيشاً لمختلف دول العالم ويشارك جيوش الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بتطوير الأسلحة والتكنولوجيا الحربية. وهؤلاء جميعاً لم يستوعبوا كيف يمكن لهذا الجيش أن يسقط في امتحان بسيط مثل هجوم «حماس».

كيف يستعيد الهيبة؟

أولاً، عبر الانتقام بلا رحمة من غزة كلها، بقضها وقضيضها. وحقاً قتلت إسرائيل أكثر من 50 ألفاً، معظمهم أطفال ونساء ومرضى ومسنون. ودمّرت جميع الجامعات ونصف المدارس وثلث المساجد وألحقت أضراراً بالكنائس الثلاث وشلّت كل المستشفيات وهدمت أكثر من ثلثي البيوت والعمارات. وحطمت الاقتصاد، ومارست التجويع والتعطيش واستخدمت في ذلك أفتك أنواع الأسلحة... وأدت خدمات هائلة لشركات إنتاج السلاح في الولايات المتحدة وغيرها، عندما جرّبت أسلحتهم الحديثة على أهل غزة. أيضاً أظهرت إسرائيل قدرات خارقة في التجسّس على «حزب الله» اللبناني وعلى إيران وسوريا، فتمكنت من اغتيال أبرز القيادات على أراضي هذه الدول، ونفّذت عملية تفجير «البيجرز» بعد تمكّنها من بيعها لـ«حزب الله» وقبض ثمنها بالدولارات، ودمرت جزءاً كبيراً من القدرات العسكرية لـ«محور المقاومة» برمته.

ثم إنها مع كل تقدّم في عملياتها، ازداد نهمها فراحت تحتل الأرض وتقيم المواقع العسكرية في الأراضي العربية. وحتى بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، احتلت الأرض ودكّت القدرات الهجومية والدفاعية للجيش السوري، كما نفذت غارات على الأراضي الإيرانية وفي اليمن.

وهي، بينما تحاول الآن إقناع واشنطن بأن الفرصة مواتية لتنفيذ هجوم على إيران يشلّ مشروعها النووي، بدأت تتكلّم عن «الإمبريالية التركية الجديدة» و«تهديد الجيش المصري».

المشكلة الكبرى في هذه الأطماع كونها نابعة من قناعات بأن قادة إسرائيل، يقولون صراحة إنهم يريدون أن يدفع العرب ثمن هجوم «حماس» بخسارة الأرض. وفعلاً، طرح بعضهم مشروع التهجير «الطوعي»، ووضعوا مخطّطات عملية، وشكّلوا لجنة حكومية لتنفيذ المشروع. وقسم جدّي منهم يتكلّم عن «الانتصار الكامل» و«تغيير وجه الشرق الأوسط» لصالح إسرائيل.

إنهم يفعلون ذلك بسياسة عربدة لا تعرف الحدود في جبهات عدة. ويقولون إنهم «استخلصوا العبر» من إخفاقات «حماس»، والآن لا يكتفون بسياسة الدفاع والردع والاحتواء، بل ينتقلون إلى المبادرة و«العمليات الاستباقية» والهجوم المباغت.

في كل هذا، هؤلاء القادة يوحون بأنهم لا يحسنون قراءة خريطة المنطقة ولا منطق التاريخ. بل إنهم يعودون لتكرار الأخطاء الجسيمة التي أدت بهم إلى إخفاقات أكتوبر، ليس فقط في 2023، بل أيضاً في 1973، وإلى ما حصل بينهما. وهذه الأخطاء تتمثل في ذلك الجهل البدائي في تلك القراءة. حتى الجنرالات، الذين تعلّموا في المدارس العسكرية الابتدائية بأنه لا بد للحرب من هدف سياسي، ومَن ينهِ الحرب بلا هدف سياسي يحوّل إنجازاته خسارة، نسوا الدرس... فبنوا حربهم على حفر أخاديد جارحة لا تُنسى وبنوا جيشاً من كارهيهم، ليس فقط بين الفلسطينيين والعرب، بل في العالم أجمع. والكراهية وقود حارق لإشعال الحروب القادمة.

هذه الحروب قد لا تنتهي بانتصار، فكيف عندما يكون هؤلاء القادة يفوّتون مرة أخرى الفرصة السانحة لإنهاء الحرب وفتح آفاق سياسية جديدة تغير الشرق الأوسط فعلاً.

آفاق باتجاه تسوية الصراع وتحقيق السلام مع كل الدول العربية والإسلامية، كما يقترح القادة العرب ومعهم عديد من قادة دول الغرب والمجتمع الدولي. بينما تحاول تل أبيب إقناع واشنطن بأن الفرصة مواتية للهجوم على إيران بدأت تتكلّم عن «الإمبريالية التركية» و«تهديد الجيش المصري» القدس: نظير مجلي